سمير عطا الله
تتحدث المسز مادلين اولبرايت في مذكراتها عن فيلم laquo;جرذ الارضraquo; (1993) الذي يقوم بدور البطولة فيه الممثل بيل موراي. ويحكي الفيلم قصة رجل حكم عليه بأن يعيش احداث يوم واحد. كل يوم. وكلما استيقظ صباح اليوم التالي وجد نفسه حيث كان بالأمس، امام الاشياء نفسها، والقضايا نفسها والرتابة ذاتها، والأحاديث اياها.
وهكذا يأخذ في التفكير في مخارج وحلول، تفيده وتفيد سواه. وتقول اولبرايت ان القصة تشبه تماماً الوضع في الشرق الاوسط، حيث تتكرر الاشياء عاماً بعد عام وعقداً بعد عقد. ولا حلول. وتروي، في نسخة مطابقة لما رواه بيل كلنتون في مذكراته، ان الحل في الجولان وفي الشأن الفلسطيني كاد يتم لولا خوف ايهود باراك من الضغوط الداخلية. فقد وافق على الانسحاب من الجولان الا واحداً في المئة. وعندما حمل كلنتون الخريطة المقترحة الى الرئيس الراحل حافظ الاسد، سأله قبل ان يتطلع فيها laquo;هل الانسحاب كلي ام لاraquo;. فأجابه laquo;لماذا لا ننظر معاً الى الخريطةraquo;، فأدرك الرئيس الراحل كل شيء وقال laquo;لا داعي لذلك. انهم لا يريدون السلامraquo;. ثم اضاف laquo;المسألة ليست مسألة امتار من هنا او هناك. انها مسألة شرف وكرامةraquo;.
عبثاً حاول كلنتون بعد ذلك اقناع الرئيس الاسد بأي شيء آخر. وتقول اولبرايت ان الادارة الاميركية اكتشفت بعد وفاة الرئيس حافظ الاسد بفترة وجيزة العام 2000، ان فرصة كبرى قد ضاعت على السلام في المنطقة.
كان باراك يشدد على انه يريد السلام بأي ثمن ثم يتراجع خائفاً على وضعه الانتخابي. وقد تكرر الموقف في كامب ديفيد خلال التفاوض مع الفلسطينيين. وهنا قرر ان يستبقي 5% بدل واحد في المائة. ومرة اخرى ذهل كلنتون ووزيرة خارجيته. وفي ما يتعلق بالمنطقة نرى تعاطفاً في مذكرات كلنتون واولبرايت معاً مع الجانب السوري والجانب الفلسطيني. وتروي اولبرايت كيف دعت الى مزرعتها الوزير فاروق الشرع حيث امضى النهار مع عائلتها وأحفادها. وابدى الشرع دبلوماسية فائقة لكنه رفض التنازل عن شيء. وكرر ان على باراك ان يتخذ الخطوة التالية اذا كان حقاً رجل سلام. لكن باراك المستعجل للانسحاب من جنوب لبنان فقد الفرصة التي اعطيت له. وكانت ولاية كلنتون موشكة على الانتهاء ويريد ان يرتبط اسمه في التاريخ بالسلام في الشرق الاوسط. لكن الولاية انتهت ولم يحقق امله. وعادت المسز اولبرايت تحضر مرة اخرى فيلم laquo;جرذ الارضraquo;.
التعليقات