زيّان

في هذا الوقت الضائع والذي قد يطول أمده من تأجيل الى تأجيل، ماذا يفعل اللبنانيون؟
ماذا تفعل القيادات والمرجعيات المهيمنة على الساحة السياسيَّة، وماذا يفعل الافرقاء المتواجهون في المعارضة والموالاة؟
أيبقى كل فريق على موقفه، ليبقى التعطيل والفراغ مخيمين فوق البلد؟
أيبقى المعطلون متمسِّكين بشروط المسكوب والمطالب التعجيزية نكاية بالاكثرية، وليغرق البلد وليكن ما يكون؟
أم أن ثمة من يراهن على استمرار الأزمة طويلاً والى أشهر أخرى وسنين ربما، مما يسهّل الطريق أمام عملية التفكيك والانهيار، وسقوط الدولة ودستور الطائف، وميثاق الوحدة الوطنيّة، وصيغة العيش المشترك؟
كل الاحتمالات واردة.
إذاً، هل يبقى اللبنانيون مكتوفين، يتفرجون على لبنانهم، على وطنهم، على بيتهم، وهو يتمزَّق اجزاء وحصصاً وترضيات، مما يمكّن الطامعين والحاقدين من وضع اليد عليه مجدَّداً؟
أم تراهم لا يزالون يراهنون على حوار لارجاء منه ولا أمل، وعلى مبادرة تحوّلت وسيلة لتقطيع الوقت وإبقاء الناس رهن الانتظار، وعلى زيارات تفقديَّة لبعض المسؤولين العرب والأجانب يعرفون سلفاً انها لن تشيل الزير من البير؟
كل المتعاطين الأزمة اللبنانيَّة يجمعون على القول ان لا حلّ في المدى المنظور، ولا تغيير في المواقف المحليَّة والاقليميَّة في القريب، وربما في البعيد كذلك.
الا اذا...
وهذه الـquot;اذاquot; الشرطيَّة تعني اللبنانيين وحدهم دون سائر العالمين. وتعني تالياً: الا اذا تخلَّى المعطلون والمعقدون والمعرقلون عن الشروط التعجيزية، وفتحوا صفحة جديدة للتفاهم والتوافق وانقاذ البلد قبل فوات الأوان، وعض الأصابع ندماً.
الا اذا قال فريق الثامن من آذار وفريق الرابع عشر منه: لبنان أولاً.
الا اذا سلَّم الجميع بان مصلحة لبنان هي التي تؤمِّن لهم مصالحهم، وهي التي تعطي كل ذي حق حقَّه.
الا اذا أيقن الفريقان، والفريق المعطل قبل سواه، ان سقوط الهيكل لن يوفّر أحداً، وان السفينة اذا ما ثقبت فستغرق بمن وما فيها.
هذا هو الجواب الواقعي الصادق الصريح. فالبلد يحتاج الى انتفاضة وطنية من مختلف الطوائف والأحزاب والانتماءات، تضع حدا لهذه المأساة ndash; المهزلة.
... إني اذا جنَّت رياح سفينتي، ذهب الجنون بحكمة الملاح.