عبدالرحمن عبدالقادر فقيه

يشعر المواطن الذي بنيت دولته على تعاليم الإسلام الحنيف، يشعر بالفخر وهو يسمع صوتا سعوديا يحلق في سماء إحدى أعرق العواصم الأوروبية الغربية quot;باريسquot; ليقول للغرب إن إسلامنا قد حمل للعالم رسالة السلام التي أسست لقيم وأخلاقيات مثلى في التعايش السلمي بين بني البشر على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأصولهم وأفكارهم..
لقد شعرت بالفخر كمسلم وأنا أتابع الكلمة الضافية التي ألقاها الأمير خالد الفيصل الذي مثل quot;مكة المكرمةquot; مهبط الوحي ومهد الرسالة الإسلامية إلى الكون أجمع، حيث صدح الأمير بصوته من منبر كبير له وزنه في العالم الغربي وهو مجلس الشيوخ الفرنسي ليعيد ويرسخ في الأذهان حضارة الإسلام وقيمه وتعاليمه التي استفاد الغرب منها على نحو ما نراه ونسمعه وما تحقق له من تقدم علمي وثقافي وإنساني. لقد تحدث الأمير في مؤتمر quot;نظرات على المجتمع السعوديquot; الذي عقد مؤخرا في العاصمة الفرنسية، معتمدا على مخزون من المعرفة الحقيقية بقيم الإسلام فلفت أنظار النخبة الفرنسية التي تابعت كلمته إلى أن الإسلام قد وضع مبادئ إنسانية وأخلاقية قبل أربعة عشر قرنا وهي نفس القيم التي وضعها الفرنسيون بعد عدة قرون منطلقا لدستورهم، تلك القيم المعروفة بثلاثية الفكر الحقوقي الفرنسي وهي quot;الحرية، والإخاء، والمساواةquot;.
إن مثل هذا الظهور الإسلامي من أرض الرسالة المحمدية يعتبر ضرورة قصوى في زمن ألصقت فيه تهم العداء والعنف ورفض الآخر والإرهاب بدين الإسلام الذي هو ليس براء منها فحسب، بل يدعو إلى نبذها ومحاربتها ومواجهتها ،لأنه دين السلام والأخوة والتعاون في كل ما يعود على البشرية بالأمن والاستقرار.
لقد أعاد الأمير خالد الفيصل في باريس تأكيد دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحوار الأديان والحضارات والتي أطلقها بداية من أكبر تجمع إسلامي في quot;منىquot; حيث يلتقي ملايين المسلمين من كل بقاع الأرض، ثم تابع تفعيلها في أول مؤتمر لحوار الأديان في مدريد، وعمل على أن تأخذ طريقها للتنفيذ في quot;نيويوركquot; من مقر الأمم المتحدة والتي تبنت دعوة الملك عبدالله بضرورة قيام حوار هادف وبناء بين جميع الأديان التي تشترك في قيمها الأخلاقية والإنسانية لتكفل للإنسان في هذا العصر العيش في هدوء وراحة وسلامة وأمن وأمان إن هو تمسك بتلك القيم وتفاعل معها وعمل على نشرها لبث روح الأخوة والسلام بين بني البشر.
لقد أكدت كلمة الأمير خالد الفيصل في باريس ضرورة الحوار وفهم الآخر، وكم كان جميلا من سموه دعوته لقيامquot;تحالف للقيمquot; التي تجمع الإنسانية بكل أطيافها، وتحديدا حضارة الإسلام وحضارة أوروبا الغربية انطلاقا من فرنسا، وكذلك دعوته لإقامة مركز ثقافي فرنسي ـ سعودي يكون ميدانا للتفاعل والتعاون البناء بين البلدين. ونأمل أن تتبنى الوزارات المعنية في المملكة وفرنسا هاتين الدعوتين كجزء من برنامج كبير للحوار الذي تبنته بلادنا.