سلطان عبدالعزيز العنقري

تحدثت في مقالي يوم الجمعة السابق عن سيئ الذكر الفاشي ليبرمان الذي يتبجح بالشرعية وحقوق الإنسان وها نحن اليوم أمام انتهاك صارخ للشرعية وحقوق الإنسان عندما هاجم الكوماندوز الإسرائيلي سفن مساعدات لغزة المحاصرة من كل صوب وقتل وجرح العديد من المشاركين في هذه الحملة الإنسانية في المياه الدولية... ؟!!.
سيئ الذكر ليبرمان يتحدث أننا في بلدنا السعودية نريد نزع شرعية إسرائيل ؟!! وهذه إسرائيل بفعلتها تجسد ما قلته في مقالي: laquo;إن إسرائيل ترفض ولا تريد هي إضفاء الشرعية على كيانهاraquo;، وها نحن مرة أخرى نؤكد مصداقية ما قلناه ولو أننا لا نحتاج إلى تأكيد ذلك لان الجميع يعرف ويخبر هذه الدويلة العنصرية المتغطرسة المدللة التي تتحدى أي دولة في العالم أو مجلس امن يعنى بتحقيق الأمن والسلام العالميين وقديما قيل laquo;من أمن العقوبة أساء الأدبraquo; .
دولة الإرهاب والغطرسة التي تعتبر نفسها laquo;دائماraquo; فوق القانون تعي جيدا أن لا احد يجرؤ في أوروبا أو أمريكا الشمالية وروسيا ، أي ( الغرب) أن يفتح فمه على أعمالها البلطجية بل أن التصريحات الغربية والأمريكية تساعد هذا الكيان المغتصب على التمادي بأفعاله، ومحرقة غزة شاخصة أمام أبصارنا ولا تحتاج إلى تعليق أو تفسير لان تقرير اللجنة المعني بمحرقة غزة وضع في الرفوف الخلفية في الأمم المتحدة ، بل إن الغرب يرسل المناديل المعطرة للكوماندز الإسرائيلي لمسح عرقهم على الجهود الجبارة التي بذلوها في قتل مدنيين عزل في عرض البحر الدولي، وخوفا عليهم من انتشار أنفلونزا الخنازير بين الجنود الإسرائيليين! .
ولننظر للبعض من العبارات التشجيعية لإسرائيل على شكل تصاريح ، كما أوردتها جريدتنا الموقرة المدينة ، في عددها يوم الثلاثاء الماضي: ldquo;الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي: laquo;الاستخدام غير المتكافئ للقوةraquo;، laquo;المتحدث باسم الحكومة الألمانية اولريش فيلهلم: أن الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية laquo;يبدو غير متكافئraquo; ، laquo; أعربت الولايات المتحدة عن laquo;أسفها لخسارة أرواح بشريةraquo; بعد الهجوم الإسرائيلي على الأسطول الإنساني المؤيد للفلسطينيين. وقالت إنها تريد معرفة ظروف laquo;المأساةraquo; كما جاء في بيان صادر عن البيت الأبيض نشر أمسraquo; ....!!!. انتهت النصوص المقتبسة .
بالطبع كباحثين نعتبر تلك التصريحات مضحكة بل إنها في واقع الأمر مخجلة وعار على من صرح بها ، فالذي يسمع تلك التصريحات يعتقد أن هناك حربا بين إسرائيل وجزيرة في الكاريبي لا يوجد تكافؤ في القوة ولكن الواقع يقول لنا أننا لسنا أمام حرب بل قوة غاشمة ، أحادية الجانب ، مدججة بأحدث التقنية والأسلحة الأمريكية والغربية استخدمت في انتهاك القانون الدولي في المياه الدولية ، وانتهاك حقوق الإنسان مع أبرياء عزل هدفهم إنساني نبيل من اجل توصيل المساعدات إلى السجناء في غزة الذين دفعوا ثمن خلافات شخصية بين حكومة حماس في غزة وحكومة عباس في الضفة .
نحن هنا لا نقف مع حكومة إسماعيل هنية ولا مع حكومة عباس لان كلاً منهما يفترض أن يتعاونا ويشكلا حكومة وحدة وطنية بدون تهميش أو إقصاء للآخر والعمل مع بعضهما البعض ووضع أجندة واحدة للتعامل مع الملف الفلسطيني والمفاوضات بعيدا عن انفراد حماس أو السلطة بهذا الملف الشائك الذي يحتاج للعقول الفلسطينية المخلصة في غزة وفي الضفة لمواجهة هذه المحن والإهانات والتجويع التي يدفع ثمنها شعب فلسطيني أعزل وقع ضحية خلافات إخوة أعداء ما كان يفترض أن تحصل .
المنطق يقول لنا دائما انه ليس من المنطق أن يخطط كل فريق في غزة أو الضفة للإطاحة بالفريق الآخر أو الحصول على نصيب الأسد من هذه الكعكة الفلسطينية التي بقرت من وسطها وتم قضم بل التهام أجزائها . فو الله من العيب أن وساطات عربية بحجم وثقل المملكة العربية السعودية ومصر وغيرهما وتفشل في لم شمل قيادات تزعم أنها تمثل الفلسطينيين .
فما حصل في قطاع غزة من انقلاب على الشرعية وانفصال ، وما حصل من جانب السلطة في الضفة بعدم احترام صندوق الانتخابات هي التي أراحت إسرائيل بل تبحث عنه وشجعتها على التمادي في حصارها وجعل غزة والضفة سجنين يضافان إلى سجنها الكبير التي تحتجز فيه أكثر من عشرة آلاف مواطن فلسطيني داخل الخط الأخضر كرهائن بدون وجه حق.
بكل تأكيد وجزم نقول لولا الخلافات والتناحر بين الفصائل والحركات الفلسطينية لما حدث ما حدث بسبب تنفيذ كل فصيل أو حركة لأجندات خارجية لا تريد للشعب الفلسطيني أن يقيم دولته على حدود 67 على الأقل والقدس عاصمة لها وعودة اللاجئين لكي تكون دولة قابلة للحياة تنعم بالأمن والاستقرار .
مثقفون وإعلاميون وخبراء ومستشارون ومتعلمون تعليما راقيا ، عرب مستقلون ، لا ينتمون لحركة حماس أو فتح أو غيرها ، ولا ينتمون لأي حركات أو فصائل فلسطينية أخرى ، أو لأية دولة صغرت أم كبرت وليس لهم أية مصالح ، يناشدون ويشددون في الوقت ذاته على أهمية الوحدة الفلسطينية والتلاحم فيما بينها وحل الخلافات داخل البيت الفلسطيني ومع ذلك لا نسمع آذاناً صاغية بل التمادي في التناحر والضحية كما أسلفنا شعب بأكمله .
لذا علينا كإعلاميين وباحثين من الآن فصاعدا أن لا نؤجج الصراع بين تلك الفصائل وبخاصة حماس وفتح من خلال استضافتهم في وسائل إعلامنا العربية لكي يعبروا عن الاختلافات في وجهات نظرهم حيا على الهواء بل نتجاهلهم حتى يعرفوا أننا لسنا مع هذا الطرف أو ذاك الطرف وأننا لا نريد سماع ما يقولون بل إننا مستاءون ورافضون لتلك الخلافات التي تعبر عن مصالحهم الشخصية وبذلك عليهم حل خلافاتهم بأنفسهم على طاولتهم هم وليس على طاولاتنا الإعلامية السعودية ومصر ، وهذا مبدأ نفسي معروف والمسمى بـ laquo;المثير والاستجابةraquo; ، فعندما يكون هناك مثير وليست هناك استجابة ينطفي المثير.
نخلص إلى القول أننا كعرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص إذا لم نحل مشاكلنا فيما بيننا بدون تدخلات خارجية فانه لا أمم متحدة ولا مجلس امن ، يأخذ تعليماته من الغرب وتفصل فيه القرارات بما يخدم مصالح الدول الكبرى الأعضاء الدائمين فيه ، سوف ينصفنا.. بل إن ما سوف نجده من هذا المجلس ليس سوى قرارات هزيلة غامضة باهتة تستخف بنا ولا توقف الجلاد عند حده بل تشجعه على التمادي فيه . فإسرائيل زرعت في جسدنا العربي ولا تحتاج إلى أطباء من الغرب لاستئصاله بل أطباء عرب كلمتهم واحدة وثقتهم في بعضهم البعض ليس لها حدود وليس من مجلس امن نتسابق عليه ونحن نعرف انه هو الذي أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لنحرنا لأن قراراته باهتة هزيلة مشجعة لدولة تقود الإرهاب في العالم لكي تتمادى في غيها وطغيانها بدون حساب أو عقاب .