جلال عامر

أقيم في مدينة الإسكندرية، لذلك فأنا حزين هذا الأسبوع وأقف مع قلمي حداداًَ على الضحايا، فقد سمعت صوت الانفجار ورأيت دماء الضحايا في كنيسة الإسكندرية، وقد مات فيها أصدقاء لي وزملاء لابني، فقد تغيرت المدينة وأصبح الهلال لا يعانق الصليب إلا في لافتات الصيدليات وبعد شعار laquo;يحيا الهلال مع الصليبraquo; أصبح الشعار laquo;يحيا الهلال مع الصليب في مشاكلraquo;، ويبدو أن التنظيم الإرهابي الجبان قد استجاب للمظاهرات التي خرجت في المدينة تطالب بعودة laquo;كاميلياraquo; لكنه لم يستجب للمظاهرات التي خرجت لتطالب بعودة laquo;القدسraquo;.
مع الأسف أصبحنا في كل عام نهنئ الجيران والمعارف والأصدقاء من المسيحيين laquo;بنجاتهمraquo; من عيد الميلاد، فقد أصبح عندنا laquo;نوةraquo; عيد الميلاد التي يصنعها الطقس و laquo;هجمةraquo; عيد الميلاد التي يصنعها الإرهاب.
قف في خندق الوحدة الوطنية ضد الإرهاب ثم تعال نبحث الأسباب، وأنا أعرف شخصاً اسمه laquo;أحمد عزraquo; أمين تنظيم الحزب الوطني أعداؤه اثنان: المواطن المصري والحديد التركي.. والموجة بتجري ورا الموجة عايزة تطولها.. وفي شهر واحد سمعنا عن laquo;مصنعraquo; الإسكندرية ثم laquo;مدرسةraquo; الإسكندرية ثم laquo;كنيسةraquo; الإسكندرية، المصنع الذي انهار والمدرسة التي ضاعت والكنيسة التي احترقت، لكن الحمد لله السيد اللواء محافظ الإسكندرية بخير ويشرب الشاي في الصباح، وإذا كانت الكنيسة قد احترقت فإن مولد أبي حصيرة المجاور لنا قد مر بسلام؛ إذ يبدو أن اليهود هم شعب الله المختار من الأمن أيضاً.
ولأنني سكندري أباً عن جد عن حفيد وأعرف أزقتها وحواريها أكثر من السيد المحافظ، فقد كتبت عشرات المرات عن مشكلات المدينة وعن أسباب تحولها من laquo;ماريةraquo; إلى laquo;وهابيةraquo; منذ أيام محرم بك حتى أيام سيدي بشر، ولم يكلف مسؤول واحد نفسه الاتصال بي اكتفاءً بمراقبة تليفوني، وقد قيل يوماً للدكتور laquo;عاطف عبيدraquo; عندما كان رئيساً للوزراء: إن فلاناً وفلاناً هما أفضل من يؤسس البرنامج النووي المصري وتستعين بهما أميركا، فرفض وقال: إنهما من المعارضة!.
ومن معالم الإسكندرية المتحف اليوناني والأحياء المائية وحدائق الشلالات ومصانع عز، فالرجل يكتسب شرعيته من دائرته الانتخابية في المنوفية وسلطته من حزبه في القاهرة وثروته من مصنعه في الإسكندرية، وهنا مربط الفرس فهو يعمل على إسقاط وإسكات أي صوت معارض في المدينة، وبعد نواب مثل laquo;محمود القاضيraquo; و laquo;عادل عيدraquo; و laquo;أبوالعز الحريريraquo; أصبحنا نسمع عن نواب من عينة laquo;زعبلة ومنص وحلبسةraquo; وتزامن ذلك مع زيادة الهجرة من الريف وانتشار الفقر وتحويلات المصريين من الخليج التي تتحول أحياناً من laquo;دولارraquo; إلى laquo;أفكارraquo; فتصاعد الإرهاب في المدينة مع صعود laquo;أحمد عزraquo; (راجع التواريخ). لذلك فإن أي تغيير أمني لا يكفي، بل المطلوب هو تغيير سياسي وفكري، ومحافظٌ للكورنيش وآخر للأحياء الشعبية، وأن يرفع laquo;أحمد عزraquo; يده عن المدينة بدلاً من رفع سعر الحديد، ورحم الله الضحايا الذين كانت آخر لحظاتهم في الدنيا في كنيسة laquo;القديسينraquo; وأول لحظاتهم في الآخرة مع laquo;القديسينraquo;.
أمين تنظيم الحزب يهيئ الجو في المدينة بسلوكه وأمين تنظيم الإرهاب ينفذ بقنابله.. وبين سيدي بشر وسيدي عز احتار السكندريون.