&«فيتو» من عمّان على إمكان التجاور مع «جبهة النصرة»
&
&
&
&
&بسام البدارين
زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الجديدة للمنطقة العسكرية الشمالية في بلاده، أمس الأول، تأكيد جديد على «ثابت قديم» في المعادلة الأردنية عندما يتعلق الأمر بسوريا، قوامه بقاء الحدود «نظيفة» قدر الإمكان من المجموعات الجهادية المسلحة بمحاذاة الشريط الحدودي الأردني.
مؤخرا يعتقد وعلى نطاق واسع في محيط أنصار جبهة النصرة السورية المقاتلة أن مشاركة الأردن في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» لم يعد يستثني جبهة النصرة نفسها، لا سياسيا ولا عملياتيا.
يسوق المتعاطفون مع جبهة النصرة «أدلة» على هذا الطرح، فعدد السلفيين الأردنيين الموقوف او المعتقل او المحاكم وصل لـ150 ناشطا، الجزء الأكبر منهم محسوب على جبهة النصرة والسلطات عمدت لاعتقال ثم محاكمة أقرب شخصية أردنية لجبهة النصرة وهو الشيخ أبو محمد المقدسي المنظر السلفي الشهير.
في المحاكم العسكرية يقول المحامي المتخصص بالجهاديين موسى العبداللات إن العقوبات ضد كل الشباب المسلم من الأردنيين المتعاطفين مع ثورة الشعب السوري قد «تغلظت»، في الوقت الذي بدأت فيه السلطات «لا تستثني» أنصار جبهة النصرة عندما يتعلق الأمر باتهامات التواصل مع «الإرهاب».
تحريك طائرات سلاح الجو الأردنية عدة مرات وبقوة لمواجهة سيارات كانت تحاول الاقتراب حدوديا من المناطق التي تسيطر عليها النصرة في درعا، كان أيضا رسالة محددة الملامح كما يؤكد مسؤول بارز لـ»القدس العربي».
أكثر من رسالة وجهت عبر موفدين أو وسطاء من عمان لنظام دمشق تعبر عن رغبة الأردن في عودة الجيش النظامي السوري لواجهة الحدود في منطقة شاسعة في درعا، آخر الرسائل قالت بوضوح: لا نريد أن تبقى قوات إرهابية على الجانب السوري من حدودنا.
تجاهلت دمشق هذه الرسائل وبالغت في اعتبار ما يجري في درعا «مشكلة أردنية» وفي آخر ردودها عبر مندوبها في الأمم المتحدة بشار الجعفري أعادت تكرار اسطوانة اتهام الأردن برعاية وتدريب وإدخال «إرهابيين» إلى سوريا.
وزير الاتصال الناطق الرسمي الأردني الدكتور محمد مومني أبلغ «القدس العربي» عدة مرات بأن عمان تريد أن ترى دولة صلبة متماسكة على الجانب الآخر من الحدود، ورئيس الوزراء شخصيا الدكتورعبد الله النسور اعتبر أمام «القدس العربي» ان «الإرهاب» في درعا مشكلة أردنية فعلا بكل الأحوال.
عمان اتبعت سياسة «عدم اليأس» من توجيه رسائل إيجابية لدمشق لها علاقة بتأكيد عدم وجود حماس أردني لوجود قوات جهادية نافذة شمال الأردن يمكن ان تدعمها حاضنة اجتماعية قوية في الأردن جنوبا.
آخر رسالة في هذا السياق كانت «عملياتية « بامتياز، فالتسريبات تحدثت عن «معلومات أردنية» أمنية الطابع قدمت للجانب السوري مؤخرا وساهمت في معركة مفصلية في عمق درعا تخللها قصف عنيف لقوات النصرة في مدينة «نصيب» تحديدا. حسب مصادر سلفية في عمان لا تريد التساهل أمام إمكانية سيطرة جبهة النصرة على معبر نصيب الذي لا يعمل بين البلدين بعدما غادرته قوات النظام السوري منذ ثلاثة أعوام، وامتنع بشار الأسد عن محاولة استعادته نكاية بالأردن وموقفه السياسي.
جبهة النصرة فيما يبدو تمترست وحاولت إعادة السيطرة على معبر نصيب، الأمر الذي شكل خطا أحمر بالنسبة للأردنيين ودعاهم حسب السيناريو المقترح الذي لم يتوثق بعد لتقديم معلومات ذات قيمة للجانب السوري انتهت بعملية القصف المكثفة في نصيب الأسبوع الماضي، وبالتالي إجهاض مشروع النصرة للتمترس مجددا في نصيب.
القرار العملياتي الأردني هنا تحديدا يعكس قرارا سياسيا بامتياز فكرته الأردنية «لا نريد أن نشاهد قوات جبهة النصرة على مواقعنا الحدودية بالطرف المقابل»، بالنسبة لغرفة القرار الأردنية فإن المجازفة بوجود قوات جهادية تابعة للنصرة أو لغيرها من القوى الجهادية غير ممكن.
والحل النموذجي أردنيا هو عودة الجيش النظامي، أما الأفضل واقعيا فهو وجود قوات الجيش الحر ما دام الرئيس بشار الأسد لا يريد العودة عسكريا للمنطقة الجنوبية لأغراض سياسية تتعلق بإحراج الأردنيين، الأمر الذي يفسر عمليا الاهتمام الشديد بما يجري في المنطقة الشمالية من الأردن والحرص على إظهار حسن النية تجاه دمشق ، حتى ان تطلب الأمر تعزيزها استخباريا بين الحين والآخر بمعلومات مفيدة، خصوصا بعدما أصبح «العدو» هو نفسه للنظام السوري ودول «التحالف».
&
التعليقات