&&عمر عدس وصباح كنعان
في الآونة الأخيرة، أخذت الهيئات الاقتصادية الدولية والمنظمات الإنسانية تطلق تحذيرات من عواقب اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء في عالم يعاني أزمات اقتصادية، وتنبه إلى أن استمرار هذه الأوضاع يهدد بتفجير اضطرابات في كثير من البلدان . وقد ناقش هذا الموضوع المؤرخ الهندي فيجاي براشاد، بروفيسور الدراسات الدولية في جامعة ترينيتي بالولايات المتحدة، في مقال نشره موقع "زي نت" وجاء فيه:
بينما كان أثرياء العالم ومثقفوه مجتمعين في دافوس (سويسرا) للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، كانت الأنباء الاقتصادية الواردة من الوكالات الدولية تثير القلق . فقد أعلن صندوق النقد الدولي أن معدلات النمو في الاتحاد الأوروبي تتباطأ . وعلى الرغم من التحسن المتوقع للاقتصاد الأمريكي، إلا أن التراجع الاقتصادي الأوروبي سيؤثر في دول الجنوب في جميع القطاعات . وفي الواقع، تؤكد الأرقام الرسمية للصين صحة تحليل صندوق النقد الدولي: النمو الاقتصادي الصيني سيكون الأدنى خلال فترة ربع القرن الأخير .
ويشير تقرير "الاستشراف الاجتماعي للبطالة العالمية" للعام ،2015 الذي أصدرته منظمة العمل الدولية، إلى أن وضع البطالة سيكون قاتماً جداً خلال السنة الحالية (2015) . وفي العام ،2014 بلغ عدد العاطلين عن العمل في العالم 201 مليون شخص . وتتوقع منظمة العمل الدولية ارتفاع هذا الرقم بواقع 3 ملايين في العام ،2015 ثم بواقع 8 ملايين إضافية في السنوات الأربع التالية .
وقال التقرير: "معدل البطالة بين الشبان أكبر بثلاث مرات منه بين الراشدين" .
ومن جهتها، أصدرت منظمة "أوكسفام" الخيرية الدولية تقريراً جديداً أفاد أن أغنى 1% بين سكان العالم باتوا يملكون الآن نصف ثروة العالم . وهذا ما سبق أن لاحظه تقرير لمجموعة "كريدي سويس" المالية، وما أصبح موضوع كتاب "رأس المال" لمؤلفه الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، الذي وجد أن الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً . وقوبل الكتاب بإشادات عبر العالم .
وأظهر تقرير "أوكسفام" بصورة درامية أن ثروة أغنى ثمانين شخصاً في العالم تضاعفت في الفترة بين 2009 و،2014 وأصبحت تساوي الآن مجموع ثروة النصف الأكثر فقراً من سكان العالم .
لقد أصبحنا نعيش في عالم يتعاظم فيه التفاوت الاقتصادي، وتتراجع معدلات النمو، وتتضاءل فرص إيجاد وظائف بالنسبة للعاطلين عن العمل .
ومنظمة العمل الدولية تعي تماماً العواقب الاجتماعية ل "الانقسامات الكبرى" في عالمنا، إذ قالت في تقريرها: "الاضطراب الاجتماعي شديد بصورة خاصة في البلدان التي تسجل فيها بطالة الشبان الذكور معدلات عالية أو ارتفاعاً متزايداً . وهذه الاتجاهات تتضاعف في البلدان التي لا يستطيع الشبان المتعلمون فيها أن يجدوا فرصاً مرضية - كما هي الحال في كثير من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" .
ومعدل البطالة في العالم العربي الآن مرتفع أكثر مما كان في 2010 - ،2011 حين كانت البطالة أحد العوامل المحركة لانتفاضات الربيع العربي، التي ترددت خلالها صرخات مدوية، من مثل "خبز - حرية - عدالة - كرامة إنسانية" . والربيع العربي تفجر نتيجة الأوضاع الاجتماعية البائسة - ومن السيطرة الخانقة، المحلية والدولية معاً، التي حالت دون أي تقدم إلى الأمام . وتلك الأصوات أسكتت . والأوضاع الاجتماعية التي كانت قد حركتها لاتزال قائمة .
قبل بضعة أشهر، وعلى الحدود بين سوريا ولبنان، التقيت مجموعة من مقاتلي "جبهة النصرة"، وقد أثار أحدهم اهتمامي - إذ كان رجلاً شاباً من طرابس - لبنان درس الهندسة . وسألته لماذا انضم إلى هؤلاء المقاتلين، فأجاب أنه "لو كانت لدي وظيفة لما عملت جهادياً" .
وأنا شهدت هذا النوع ذاته من رد الفعل في محافظة الأنبار في العراق، حيث لايزال مزيج من البطالة والاستلاب يدفع الناس إلى أحضان المجموعات السياسية الأكثر شراسة وخطراً .
&
&
التعليقات