مصر تعيش بأطراف صناعية والحكومة تبارك هواة جمع المليارات على حساب الفقراء من الشعب

حسام عبد البصير

بعد غياب الإخوان عن سدة المشهد قبل ثلاثة أعوام، ظنت الجماعة الصحافية و«بعض الظن إثم»، أنها ستكون الفئة المدللة في بلاط السلطة، حيث أدت دورها في تحويلهم إلى «شياطين» في نظر الأغلبية بمهارة فائقة، غير أن الحلم الذي داعب «صاحبة الجلالة « وأبناؤها تمخض عن كابوس مخيف ينتاب السواد الأعظم من العاملين في مهنة البحث عن المتاعب، الذين باتوا على موعد مع خطر داهم، إثر الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، التي ساهمت في اشتعال أسعار الورق، ما يضع الصحافيين أمام تهديد غير مسبوق بفقد مهنتهم.. بمن فيهم أبناء الصحف الحكومية، تلك المؤسسات التي ظلت بمنأى عن أي تهديد من قبل، بسبب دعم حكومي لا ينقطع لما تقدمه من خدمات جليلة في الترويج للسلطة ووقوفها في وجه خصومها، فيما رصيف البطالة ينتظر الصحف المستقلة والمعارضة.

 وبالأمس انتابت المخاوف قطاعا عريضا من الكتاب والعاملين في تلك الصناعة على مستقبلهم المحفوف بمخاطر لم تكن في الحسبان، وقد كانت تلك المخاوف حاضرة بقوة في تقارير أمس الثلاثاء 6 ديسمبر/كانون الأول، ومن بين ما اهتمت به الصحف المصرية أمس تقرير «مفوضى الدولة» الذي أقر بأن تيران وصنافير مصرية.. ولا يجوز لأي سلطة المساس بجزء من الوطن، تعديلات موسعة في قانون التظاهر، وصول أول شحنة من أدوية مشتقات الدم غداً، توافق مصري سلوفيني على التوصل لحلول سياسية لقضايا المنطقة، استقالة رينزى بعد رفض الإيطاليين توسيع صلاحياته، إلغاء قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك، لا زيادة في أسعار الخبز والزيت.. ومخزون 9 شهور لألبان الأطفال، «النواب» يفتح النار على الحكومة: قرارات اقتصادية فيها شبهة فساد، ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى 23 مليار دولار، «مفوضو الدستورية» توصي بتطبيق أحكام القضاء الإداري ببطلان قرارات لجنة أموال الإخوان. واهتمت الصحف بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أكد فيها أن مباحثاته خلال لقاء القمة مع الرئيس السلوفيني بوروت باهور أمس تطرقت إلى سبل تطوير جميع جوانب العلاقات الثنائية، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، موضحا أن مصر ستسعى خلال الفترة المقبلة إلى متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بما يحقق النتائج المرجوة منه لصالح شعبي الدولتين الصديقتين.

التفريط في الأرض خيانة

البداية مع الأزمة المعقدة بين مصر والسعودية، حيث يرى محمود خليل في «الوطن»: «العشم الزائد عن الحد يكاد يكون العامل المفسّر للأزمة الحالية بين كل من مصر والسعودية، مصر تعشمت في المملكة بعد 30 يونيو/حزيران 2013 بصورة كبيرة. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن المملكة كانت عند حسن ظن السلطة في مصر بها فأعطت بسخاء، ومنحت مصر عدة مليارات من الدولارات مكّنتها من ترميم أوضاعها، في وقت توقفت فيه المصادر التقليدية التي نعتمد عليها في الحصول على العملة الصعبة. ومن بعد جاء دور العشم السعودي في مصر، ظهر مرة فيما يتعلق بمساندة الدخول البري في حرب المملكة في اليمن، ومرة في الملف السوري، لكنني أجد أنه تجلى بصورة صارخة في موضوع جزيرتي تيران وصنافير. المملكة في تقديري تجاوزت عن موقف السلطة من مساندتها برياً في اليمن، وظني أنها لم تكترث كثيراً بالموقف المصري من الأحداث في سوريا، لأنها تعلم أن الملف السوري أصبح يدار من خارج الإقليم العربي. موضوع تيران وصنافير يمثل السبب الرئيسي للغضب السعودي على مصر. ويرى الكاتب أن أخطاء عديدة ظهرت في تقدير الطرفين لحجم خطورة هذا الموضوع، وأن هناك قدراً لا بأس به من عدم الدقة سيطر على أسلوب إدارتهما له. يعلم كل من صانعي القرار المصري والسعودي مدى حساسية المصريين في أي موضوع يتعلق بالأرض، ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن هذا الموضوع انفجر كثيرون بالغضب، وتظاهر شباب في الشوارع، ودفعوا من حريتهم ثمناً للتمسك بمصرية الجزيرتين ويؤكد الكاتب أنه كان من الواجب أن يستوعب الطرفان أن المسألة ليست سهلة، وأن أراضي الدول لا يصح التعامل معها بمنطق العشم».

في انتظار السكر الصومالي

«بعد نحو 50 عاماً متصلة من الحرمان والشقاء والعناء، واربطوا الحزام، تخيّل المواطن، في لحظة ما، كما يقول عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» أنه قد ودّع جزءاً كبيراً من هذه الحالة، بفضل ذلك الانفتاح الكبير على العالم، وتلك الاستثمارات الواسعة التي شهدتها مصر خلال العشرين عاماً التي سبقت تاريخ الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، إلا أنه يوماً بعد يوم، وخلال العامين الأخيرين تحديداً، نكتشف أن الأمر أصبح سراباً أو وهماً، بفضل القرارات المتلاحقة التي تعيدنا إلى الماضي في أبشع صوره. جديد الهدايا، هذه المرة، سوف يكون كيلو سكر من الصومال، أو كيلو أرز من اليمن، وهما من السلع الأوفر هناك، رغم ظروف البلدين، بعد أن أصبح سعر السلعة الأولى لدينا 18 جنيهاً، والثانية 12 جنيهاً، ولن يكون بمقدور أحد بالتأكيد التطلع إلى ما هو أبعد من ذلك، من نوع اللحوم أو حتى الأناناس. فقد جاءت القرارات الأخيرة بزيادة الجمارك على 364 سلعة، بما بين 50٪ و500٪‏ لتؤكد أننا مقبلون على سنوات عجاف، سوف يكون الكساد أهم سماتها، ذلك أننا نجد أنفسنا، يوماً بعد يوم، أمام قرارات ليست حمائية، بقدر ما هي قرارات حرمانية، وهو التعبير الذي أطلقه الدكتور محمود عمارة، الخبير الاقتصادي، خلال مناقشة مستفيضة معه حول هذه الأوضاع، مؤكداً أنه كان يجب أن تسبقها قرارات أخرى أكثر أهمية، تتعلق بتشجيع الإنتاج المحلي، كبديل لذلك الذي تم وضع عقبات أمام استيراده، حتى لا يفاجأ المواطن أن الدولة تحرمه ليس إلا».

عار على السلطة

تحقيق أمن مصر، وتعزيز استقرارها لا يناقض في كثير أو في قليل مسؤوليتها عن ضرورة بذل المزيد من الجهد لتحسين سجل تعاملها مع حقوق الإنسان المصري، وذلك ما يدين به مكرم محمد أحمد النظام في «الأهرام»: «القضاء على بعض الممارسات لدوائر عديدة في السلطة تتسم بالغلظة والتعسف، لا تنتج أي أثر إيجابي على مستوى حماية الوطن من تآمر أعدائه، أو تعزز تماثله وترابطه، على العكس تعطي دون مسوغ ذرائع لا لزوم لها لمن يريدون تشويه صورة مصر، في إطار خطط تآمرية تروج لاسطوانة كاذبة لا تزال تدعي أن ما حدث يوم 30 يونيو/ حزيران كان مجرد انقلاب عسكري على أول رئيس منتخب، وهي فرية ظالمة يعرف المصريون فسادها. وإذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسي يصر على أن يودع فتاة الإسكندرية العاملة حتى باب قصر الرئاسة، ويفتح لها باب السيارة احتراما لإصرارها على أن تعمل وتشقى لتحسين أحوال أسرتها، في مثال رائع لاحترام حقوق الإنسان المصري، يصبح من مسؤولية كل مسؤول تنفيذي أن يلتزم احترام إنسانية المواطن المصري وحقوقه، ويمتنع عن أن يفتئت على كرامته وحقوقه الإنسانية والقانونية. وإذا كان التعذيب قد أصبح جريمة لا تسقط بالتقادم، فمن الضروري أن يصبح امتهان كرامة الإنسان المصري سلوكا مرفوضا يعاقب عليه القانون. وذلك مجرد مثال لتصرفات عديدة ربما يكون القصد الأول منها امتهان المواطن بأكثر من عقابه. لقد كنا نشكو من سوء معاملة المصريين في الخارج، ونعزو بعض الأسباب إلى سوء معاملتهم في الداخل، وعندما أصبحت حماية حقوق المواطن المصري أول واجبات سفاراتنا في الخارج، تحسنت معاملة المصريين في معظم بقاع العالم».

مصر تعرضت للسرقة

أزمة تاريخية معقدة يعيشها محصول القطن في مصر، لذا فمحمد أمين في «المصري اليوم» يقول: «إن مؤتمر زراعة القطن الذي حضره رئيس الوزراء يشبه مؤتمرات زراعة الأعضاء عند الأطباء.. مرة أخرى نحاول أن نستعيد مجد القطن.. نحاول أن نزرع كبداً للاقتصاد القومي.. مصر تعرضت لسرقة أعضائها في السنوات السابقة.. الاقتصاد «وقع في الأرض» فقد الكبد والقلب، وكاد يفقد القلب ويتوقف عن النبض. الاقتصاد مثل الإنسان، تعرض لسرقة أعضائه. اليوم نزرع أعضاء جديدة. للأسف أصبح الاقتصاد «هوبليس كيس» كما يقول الأطباء.. تقريباً في غرفة العناية المركزة، لا نفع فيه ولا علاج، ولا مسكنات ولا صندوق نقد.. الآن نرى أن الأعضاء تيبست أو تعرضت للسرقة.. الكبد والكلى والقلب، نعيش بقلب صناعي، عاوزين نرجّع كل شيء كما كان لكن هل تحل المؤتمرات هذه المعضلة؟ هل نحن جادون فعلاً؟ هل نطبق الروشتة بصدق؟ لا مفر من العودة لمجد القطن، وبالفعل الاقتصاد القومي يحتاج لزراعة أعضاء، القطن مهم لاقتصاد مصر. كنا رقم واحد في العالم، عندما كانت هناك إدارة لمرفق الزراعة، عندما كان الإنكليز يعرفون قيمة ما عندنا، ذهب الإنكليز وذهب القطن. الإدارة المصرية للزراعة فاشلة ومتخبطة، تركنا القطن وسقطت صناعة النسيج. فضلنا الاستيراد لأنه أرخص، جاءت منه كل الأمراض لأنهم يستوردون لنا «زبالة المصانع» من الخارج. يتابع امين: زراعة الأعضاء تأخرت جداً، يا ترى هل سيقبلها جسد الاقتصاد المريض؟ يا ترى عندنا صبر لتنفيذ المهمة؟ هل يتحول «مؤتمر القطن» إلى شيء واقعي على الأرض؟ أم سنعيش هبّات حكومية، تشبه هبة أي مشروع قومي، مثل مشروع المليون فدان؟ ماذا جرى له؟ هل سيلحق به مشروع القطن ومؤتمر القطن؟».

إعلام النكبة

نتحول نحو المعركة ضد الإعلام غير الواعي ويقودها فاروق جويدة في «الأهرام»: «أصبح الإعلام مصدرا من مصادر الفتنة والخلافات بين أبناء المجتمع الواحد، بل إنه أصبح سببا في الكثير من الأزمات التي تواجهها الدولة في علاقاتها الخارجية، وعندى عشرات الأدلة، خاصة أن الدولة رفعت يدها تماما واكتفت بأن تنظر إليه من بعيد. هناك قضايا كثيرة على درجة من الحساسية يناقشها أشخاص لا علاقة لهم بها ابتداء بالقضايا الدينية وتوابعها من الشتائم والبذاءات والاتهامات ورفع الأحذية. وهناك تيار يشكك في عقائد الناس وثوابتهم تحت شعار التجديد وحرية الفكر وهذه مؤامرة مشبوهة فيها أطراف خارجية. هناك أخبار كاذبة تتسرب كل يوم عن علاقات مصر الخارجية، وقد أساءت كثيرا لعدد من الدول الشقيقة، وكان الإعلام المصري سببا في تشويه العلاقات بين مصر والدول العربية الشقيقة. وهناك قائمة طويلة من الأزمات التي صنعها الإعلام أمام غياب المعلومات من مصادرها المسؤولة، هناك تجاوزات في متابعة الأحداث وما حدث في فيلم «العساكر» أكبر دليل على ذلك، فقد كان الإعلام المصري سببا في مشاهدة الفيلم، ولولا هذا ما شاهده أحد. والفيلم لا يستحق كل هذه الضجة وقناة «الجزيرة» لا تستحق كل هذا الاهتمام أمام مئة فضائية مصرية لا تعي مسؤولياتها المهنية والوطنية».

الإعلام في خدمة داعش وأخواتها

أما الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية في «اليوم السابع» فقال: «نعرف جميعًا أن الإعلام السلطة الرابعة في الدولة، ولكنه الآن أصبح صانع السلطة في كافة المجالات، وهذا يجبر القائمين عليه برعاية الصالح العام والخاص والتكفل باحتواء كافة أبناء الوطن وتوحيدهم تحت رأي واحد. وحسب «الوفد» أشار مفتي الجمهورية، خلال كلمته في الحوار المجتمعي المُنعقد في قاعة الإمام محمد عبده في فرع جامعة الأزهر في الدراسة، إلى أن الجماعات الإرهابية وعلى رأسها «داعش» تستخدم وسائل الاتصال المعاصرة من أجل الانقضاض على فكر الشباب، وهم يبثون 30 ألف رسالة بلغات مختلفة لتغيير فكر الشباب وتفتيت عقله. وأضاف علام، نحن في وقت فارق في عمر الأمة الإسلامية، حيث إننا نحارب الإرهاب في ربوع العالم كله، داخل الوطن العربي وخارجه، ونحن نحتاج من وسائل الإعلام تحري الصدق في ما ينشر، لأن ذلك يساعدنا على أداء دورنا على أكمل وجه، معلقًا: «الكلمة أمانة فاحفظوا أمانات الله حتى إيصالها إلى من يحتاجها وحافظوا على عقول البشر بالصدق». وأضاف مفتي الجمهورية، الحرية مطلوبة ولكن ليست الحرية المطلقة التي لا رابط فيها ولا قيد عليها، بل الحرية مع المسؤولية التي يعي فيها الإنسان ما له من حقوق وما عليه من واجبات يؤديها تجاه مجتمعه، خاصة أننا في سفينة واحدة، ودون وعي ستغرق بنا السفينة وعلى الإعلام الحفاظ علينا حتى لا نغرق».

الأطفال يموتون في مستشفى الأطفال

«مستشفى الأطفال لا يمت للإنسانية بصلة، حيث أن الحكومة اليابانية عندما أنشأت المستشفى قام بتصميمه مهندسون يابانيون، وزودوه بأحدث الأجهزه والمعدات الطبية، لتناسب الأطفال المرضى، ولكن بعد سنوات، وفق ما يؤكد مدني صالح في «التحرير» أصبح المستشفى خرابة، بعد أن تجاهلت الحكومة المصرية إجراءات الصيانة اللازمة لخطوط الكهرباء وشبكات المياه والصرف الصحي والمصاعد والتكييف المركزي ودورات المياه والمطبخ والمغسلة، حتى وصلت مياه المجاري لتغرق بدروم المستشفى، ووقف المسؤولون في المستشفى حائرين لا يستطيعون إيقاف هذا التدمير الذي يحدث داخله، بحجة عدم وجود موارد مالية للصرف على أعمال الصيانة، على الرغم من التبرعات الهائلة التي تنهال على هذا المستشفى من الخارج والداخل، إلا أن البيروقراطية والتعقيدات الإدارية من المسؤولين عن الشؤون المالية في جامعة القاهرة، تقف حجر عثرة أمام صرف الأموال المطلوبة لصيانة المستشفى، بحجة إجراء مناقصات ومزايدات بين الشركات التي تتولى أعمال الصيانة والإحلال والتجديد. وفي النهاية يدفع الأطفال المرضى الثمن حياتهم التي تذهب هباء بسبب فشل المسؤولين وعدم إحساسهم بمتاعب الأطفال. والغريب أن هناك أجهزة طبية حديثة ملقاة في المخازن، وأن كثيرا من المعدات الطبية الخاصة بجراحات القلب لا تعمل، على الرغم من أن هذا هو المستشفى الوحيد في مصر الذي يأتى إليه أكثر من 2000 طفل يوميا من عدة محافظات، والمستشفى ليس فيه سوى 450 سريرا منها 120 سريرا للعناية المركزة، ولذلك فهو غير قادر على استيعاب كثير من الأطفال الذين يحتاجون إلى جراحات في القلب ويتم وضعهم على قوائم الانتظار أكثر من ستة أشهر».

هل يعتزل السيسي

دعا الدكتور عمرو الشوبكي – عضو مجلس النواب «الحكام العرب» إلى أن يفعلوا مثل الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند بعدم الترشح لفترة رئاسية أخرى. وتساءل «الشوبكي» في «المصري اليوم» في مقاله الذي كان بعنوان «انسحاب رئيس»،عما إذا كان من الممكن أن تنتقل عدوى الرئيس الفرنسي إلى العالم العربي، بحيث يعلن أحد الرؤساء أنه سوف يكتفي بفترة واحدة مثل أولاند؟ وإلى نص المقال: «رؤساء النظم الشمولية يبقون أبدياً في السلطة، ولا يعنيهم كثيراً أو قليلاً رأي الشعب وتصويت الناس، على عكس النظم الديمقراطية التي يبقى فيها رئيس الجمهورية مدتين فقط غير قابلتين للتمديد. وعادة ما يقدم رئيس الجمهورية على الترشح لمدة ثانية طالما يسمح له الدستور بمدتين، إلا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الذي أقدم على ما هو نادر حين قرر عدم الترشح لولاية ثانية، بعد أن دلت مؤشرات كثيرة إلى أنه سيخرج من الجولة الأولى في الانتخابات، نظرا لتدنى شعبيته وفشله في إدارة كثير من الملفات. كان يمكن أن يكابر الرجل، خاصة أن لديه حقا دستوريا، بالترشح لمدة ثانية، وكان يمكن أن يتصرف مثلما يفعل حكام كثيرون في بلادنا بأن يهدم المعبد على من فيه، خاصة أن هناك كثيرا من رفاقه الاشتراكيين ناصبوه العداء وانتظروا تلك الفرصة لينقضوا على إرثه، ويترشحوا في انتخابات الرئاسة المقبلة دون أن تكون لديهم حظوظ حقيقية في الفوز. وكان يمكن لأولاند ونكاية في هؤلاء أن يترشح مرة أخرى ولكنه لم يفعل. لقد قدم الرئيس الفرنسي في خطابه (أمس الأول) درسا أخلاقيا وسياسيا لكل رؤساء العالم، وقال بتجرد يثير الإعجاب والاحترام إنه سيعمل على إعطاء الفرصة لمرشح اشتراكي».

الإصلاح السياسي أولى من الديني

«الإصلاح الديني مهم ولا غنى عنه، ولكن الإصلاح السياسي أهم، ذلك أن الإصلاح الأخير وفق رؤية فهمي هويدي في «الشروق» يفترض أن يوفر أجواء الحرية والتسامح في المجتمع، الأمر الذي من شأنه إشاعة حيوية تنعش الحوار الحر والتفاعل الخلاق بين الأفكار، وهو ما يحرك ركود حركة الاجتهاد والتجديد. إن الإصلاح الديني شأن يهم المتدينين والمؤمنين بالدرجة الأولى، أما الإصلاح السياسي فهو ما يهم الجميع، وبالتالي فإن خيره يعم جميع المواطنين باختلاف معتقداتهم.
إن الاستبداد بمختلف تجلياته كان أحد أهم المصادر التي فرضت العنف المستند إلى المرجعية الدينية، ذلك أن انسداد قنوات التعبير السلمي دفعت بعضا من الناشطين المتحمسين إلى محاولة التغيير باستخدام العنف. كما أن القمع والتعذيب الذي يمارس ضد الناشطين في السجون كان عنصرا مهما في شحن أعداد منهم بمشاعر النقمة والكراهية. وكان ذلك وراء انخراطهم في الجماعات الإرهابية. وهو ما يسوغ لي أن أقول بأن إرهاب السلطة كان عنصرا فاعلا في إرهاب الجماعات، ذلك أن ما تمارسه من قمع يزرع بذور النقمة والعنف في المجتمع، تماما كما أن التسامح الذي تتعامل به السلطة مع المخالفين بمثابة درس يعلم الناس الاعتدال واحترام الاختلاف.
هذا التمييز بين الإصلاح الديني والسياسي لم يخطر على بال فقهاء الأصول، الذين اعتبروا أن إصلاح السياسة من مقتضى التدين الصحيح. وأن غاية الرسالة هي إقامة العدل بين الناس، بشقيه السياسي والاجتماعي. وهو ما صرح به النص القرآني: «لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط» إلى آخر الآية 25 من (سورة الحديد). وفي موضع آخر اختزلت الرسالة في عبارة «إن الله يأمر بالعدل» (الآية 90 من سورة النحل). كما اختزلت في توجيه للمؤمنين يقول «إعدلوا هو أقرب للتقوى» (المائدة ــ 8)، وثمة توجيه آخر يحث بني الإسلام إلى القول «وأمرت لأعدل بينكم» (الشورى ــ 25) إلى آخر الآيات والإشارات المماثلة التي يحفل بها مرجع العقيدة الأول».

الصراع بين الحيتان

«ربما تفهم البعض القرارات «المؤلمة» التي جاءت، كما يشير طلعت إسماعيل في «الشروق» استجابة لتوفيق الأوضاع وتهيئة المناخ للحصول على قرض صندوق النقد الدولي، غير أن من اكتوت جيوبهم بنيران الأسعار التي فلتت من عقالها، لا أعتقد أن أحدا منهم يتفهم حديث الحكومة عن الرخاء المقبل. اليوم يتابع السواد الأعظم من المصريين التلاعب الدائر في الأسواق، ومباركة الحكومة لهواة جمع المليارات على حساب الفقراء من هذا الشعب، «الذي يكمل عشاه نوم»، ولعل قرار إلغاء الجمارك على الدواجن المجمدة المستوردة، ومحاولة كل طرف التنصل من مكاسبه، بما دفع رئيس الوزراء لتشكيل مجموعة عمل لمراجعة القرار، خير مثال على ما يدور في العلن قبل الخفاء، ولا تقل لي أن التراجع عن القرار سيكون للحفاظ على صناعة الدواجن الوطنية. نحن أمام معركة بين حيتان وديناصورات، يتصارع أطرافها على الاستفراد بالمواطنين الغلابة، لسلب ما تبقى لديهم من جلد على العظام، والتهام ما تبقى من الفريسة التي تنازع الموت جوعا. ولعل ما طفحت به بعض وسائل الإعلام من دفاع عن هذا الطرف أو ذاك خير برهان على أننا لسنا أمام قرارات غير مدروسة تحتاج إلى مراجعة، بل إزاء مراكز قوى اقتصادية، كل منها يدافع عن مصالحه. لم نجد من التجار وأصحاب المزارع أي شفقة أو رحمة بالمستهلكين في حديث الغلاء، لن يصدق أحد تاجرا مستفيدا ولا مسؤولا متواطئا مع رجال الأعمال، يترك الناس في العراء يواجهون مصيرهم المحتوم، كما أن محاولات الحكومة لتخفيف الضغط على محدودي الدخل بالتوسع في افتتاح المجمعات الاستهلاكية، أو بالعربات المتنقلة المحملة بالسلع المنخفضة الأسعار التي تجوب الشوارع والميادين بحثا عن الفقراء والمساكين، ستذهب أدراج الرياح أمام من يعيثون فسادا في الأسواق».

زمن ميزو وبحيري

ومن معارك أمس الثلاثاء تلك التي شنها عبد الفتاح عبد المنعم في «اليوم السابع»: «في زمن الانهيار لا تتعجب أن تظهر شخصيات من عينة المدعو محمد عبدالله، الشهير بالشيخ ميزو، وإسلام بحيري، الشهير بالمجدد، هؤلاء ابتلينا بهم والنتيجة مزيد من الخرافة والدجل، بالإضافة إلى فقه «قله الأدب»، وهو فقه جديد قدمه لأول مرة الأخ الطليق إسلام بحيري، الذي اعتقد أن نقد التراث يعني أن نتطاول على مفكرين وأئمة ومشايخ انتقلوا إلى رحمة الله، اجتهدوا فإذا أصابوا أو أخطأوا فإنه اجتهاد في الأول والآخر، ولكن لم يعجب هذا «الطليق» إسلام بحيري فاستخدم وصلة شتائم لو تعرض هو لها لانهار، وربما أصيب باكتئاب، ولكن تحت وهم اسمه «التنوير»، استمر الطليق إسلام بحيري في الهجوم على البخاري والشافعي وكل من اجتهد وقدم فكرا تنويريا حقيقيا لم يستخدم فيه هؤلاء الأئمة الألفاظ القذرة التي استخدمها بحيري الطليق وميزو شلاطة. ويبدو أن كلا من الطليق وشلاطة يتسابقان على أيهما يسخر أكثر، وأيهما يهاجم أئمة الإسلام من المجتهدين المجددين، حتى إن أخطأوا في اجتهادهم، فإنهم لم يفعلوا مثل شلاطة والطليق عندما احتكر كل منهما الحقيقة واعتبر نفسه هو الصواب وغيره الباطل، ولأن هناك تنافسا بين شلاطة والطليق فإنه لا يمر يوم إلا وكلاهما يواصل شتائمه وتخاريفه، فهذا يرى أنه سيواصل ما يراه اجتهادا، والثاني يزعم أنه سيؤسس لنظرية التجديد، وكلاهما استخدم وسائل إعلامية لنشر أفكاره القذرة، وللأسف هناك من يواصل فتح نوافذه الإعلامية لهما، وهو ما يجعلهما يواصلان سلسلة الهجوم على رموز الفكر والدين تحت ستار التنوير. لقد أساء الشيخ ميزو شلاطة استخدام المفهوم العلمي للنقد، وظل يستخدم وسائل شاذة، فتارة يزعم أنه «المهدي المنتظر»، وعندما تمت مواجهته زعم بأنه فعل ذلك لإثبات نظرية عدم وجود مهدي منتظر».

فيها فساد

من حق الشعب أن يحتار.. ويظن ظن السوء في ملابسات قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك ومن حقه أن يسأل: هل وراء هذا القرار «صفقة فاسدة»؟ أو «شحنة» دخلت لحساب «حوت» أو «جهة مستقوية»؟ أو «عبد صالح» ـ على حد وصف الصديق الدكتور محمد دياب ـ استطاع «بالصدفة البحتة» أن يمول صفقة استيراد دواجن بالدولار أبو 888 قرشا من أحد البنوك قبل يوم واحد من «التعويم» وبالصدفة أيضا صدر قرار الإعفاء الجمركي بمجرد وصول «شحنته» ويا محاسن الصدف؟ من حق الشعب أن يتصور هذا السيناريو «الخزعبلي» حتى لو لم يكن قد حدث بالفعل لأن ما حدث يفوق كل حدود المنطق والمعقول. بالله عليكم كيف يستقيم الأمر؟ وكيف نستطيع ابتلاع هذا «المرار الطافح»؟ ونحن نرى دولة تضع القوائم الطويلة العريضة لسلع تتضاعف عليها الرسوم الجمركية وتضع العراقيل أمام استيراد قوائم أخرى من السلع والبضائع والمنتجات، وبينها أدوية من أجل الحد من نزيف الاحتياطي النقدي الأجنبي، بينما تقرر الدولة في الوقت نفسه إلغاء الجمارك على الدواجن المستوردة وتخسر ملايين الدولارات التي ستنفق على استيرادها، وتتنازل عن الملايين من جماركها، رغم أنه لم تكن هناك شكوى أصلا من نقص الدواجن المحلية أو ارتفاع أسعارها؟».

الحكومة لا تعترف بالصحف الخاصة

«دخلت الصحافة المصرية منعطفا جديدا مع قرار تعويم الجنيه المصري، الأمر الذي يؤثر في قوة مصر الناعمة، المسألة ببساطة كما تشير افتتاحية «المصري اليوم» هي أن الصحافة المطبوعة لا يمكن مقارنتها بأي سلعة أخرى، حيث يستحيل في معظم الأحيان، كما هو الحال الآن، تحميل المستهلك جزئيا أو كليا الزيادة في أسعار التكلفة. ولما كان الورق هو عماد صناعة الصحف، فإن تضاعف سعر الطن نتيجة ارتفاع سعر الدولار من قرابة تسعة جنيهات إلى ما يتراوح بين 16 و18 جنيها- يجعل الحل البسيط هو رفع سعر نسخة الصحيفة من 2 جنيه حاليا إلى 3 أو 4 جنيهات، الأمر الذي سيؤدي وفقا للدراسات إلى انخفاض توزيع الصحف إلى ما قد يصل إلى 50٪ من توزيعها الحالي. هذا التراجع المتوقع يشكل خطرا بالغا على الوعي المصري العام، بدءا من الهوية الوطنية لدى الجماهير، ونـــــهاية بالمعرفة السياسية لدى النخب. وعلى الرغم من تراجع توزيع الصحف المطبــــوعة، بشكل عام خلال العقد الحالي، فإنها ظلت الحافظ الرئيسي للمرجعية التاريخـــــية للبلاد، ورغم ذلك فإن الدولة المصرية توفر الدعم الكبير لقطاع واحد من قطاعــــات الصحافة، وهو المعروف باسم «الصـــحف القومية» على الرغم من أن غالبية هذه الصحف تراجع توزيعها، وبالتـــالي تراجع تأثيـــرها بدرجة كبيرة جدا، خلال السنوات الماضية. وفي هذه الأوضاع، فالمطلوب من الدولة أن تعمل على دعم «الصناعة» بأكملها، وليس دعم مؤسسات الصحافة القومية».

لا عزاء للصحافيين

ونبقى مع القضية نفسها حيث يرى ناجح إبراهيم في «الوطن»: «صناعة الصحف في مرحلة الموت الإكلينيكي، بعد ارتفاع أسعار الورق الذي يُستورد من الخارج، فهناك خمسة مصانع فقط للورق في مصر، اثنان منها منذ الستينيات والثلاثة في التسعينيات، مع أن صناعة الورق والأخشاب في منتهى السهولة في بلد يملك صحارى ممتدة وصرفاً صحياً يصلح للغابات، وهذه الزيادة في أسعار الورق ستؤدي إلى زيادات بنسبة 77٪ في تكلفة الصحيفة تقريباً، لا تتحمّلها الصحافة المصرية، فضلاً عن صناعة الكتب، ويُعد ارتفاع سعر الورق بمثابة القشة التي قصمت ظهر الصحافة الورقية المقصوم ظهرها أصلاً. فهناك صحف مصرية توزع أقل من ألف نسخة، وهناك أخرى توزع أقل من 500 نسخة، وهناك مجلات نسبة المرتجع منها أكثر بكثير من المبيع، فإذا قسمت الألف نسخة المبيعة على مئة مليون مصري، فماذا سيكون نصيب المصري الواحد منها، في الوقت الذي توزع فيه بعض الصحف الأمريكية في طبعتها الأولى ملايين النسخ؟ تُرى ماذا سيكون سعر الجريدة في مصر لتغطية هذه الزيادات؟ فهذا القطاع يعمل فيه 50 ألف مصرى، منهم 20 ألف صحافي؟ أزمة الصحافة المصرية ليست اقتصادية فحسب، لكنها أزمة مهنية، فالصحافة المصرية الآن دون المستوى، وليس فيها كاتب واحد ينتظر المصريون أو العرب مقاله. لقد دخل التوريث في كل شيء، ومنها الصحافة، مما أدى إلى نقص الكفاءة بشكل لافت».