&تركي الدخيل
&
حاول القنصل الإيراني لدى بلجيكا العبث بالتاريخ، أراد ذرّ الرماد في العيون حين تحدّث عن تورّط السعودية بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بينما لم يجد برهانًا على ذلك إلا كون بن لادن من السعوديين، وهو هنا كأنه يتّهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأميركا بدعم «داعش»، على اعتبار وجود من هم من الجنسيات تلك بين صفوف التنظيم.

الرد جاء صاعقًا من وزير الخارجية عادل الجبير الذي بادر بسردٍ مختصر لتاريخ إيران مع الإرهاب، وإيواء قيادات التنظيم، والدعم المطلق المثبت لمسؤوليتها عن دعم أسامة بن لادن ومعاونيه، والتغطية الأمنية لهم، مما جعل المفجّرين بأحداث 11 سبتمبر يمرون بسلامٍ على الأراضي الإيرانية، وفرق بين دولةٍ تضع قوائم للإرهابيين كل فينةٍ وأخرى، وبين إيران التي تؤوي أولئك المطلوبين، وتساعدهم على الفرار.

الجبير يعيد العالم إلى حقائق تاريخية بأسئلته: «ألم تهاجم إيران أكثر من 12 سفارة داخل إيران في انتهاك لكل القوانين الدولية؟ نحن لم نهاجمهم، إيران هي التي فعلت.. ألم تدبر إيران وتخطط وتنفذ هجمات سنة 1996 في مدينة الخبر ضد سكن القوات الأميركية؟ نعم فعلوا، ضابط مراقبة العملية كان آمر اللواء شريفي، ملحقكم العسكري في البحرين. وصانع القنبلة كان من حزب الله اللبناني، والمتفجرات جاءت من وادي البقاع اللبناني. القادة الثلاثة الأساسيون للعملية هربوا، وعاشوا في إيران منذ ذلك الوقت».

إيران تؤوي سيف العدل، وفي رسالة نشرت في 26 مايو (أيار) 2005، فإن سيف العدل - الذي سكن إيران، ومنها أعطى الأمر بتنفيذ تفجيرات الحمراء في الرياض، في 12 مايو 2003 - في شرحه لعلاقته بالقيادي القاعدي أبو مصعب الزرقاوي، سرد قصّة الهروب من أفغانستان عبر إيران، بما عرف بمشروع «الانسياح». يقول سيف العدل: «بدأنا بالتوافد تباعًا إلى إيران، وكان الإخوة في جزيرة العرب والكويت والإمارات، من الذين كانوا خارج أفغانستان، سبقونا إلى هناك، وكان بحوزتهم مبالغ جيدة ووفيرة من المال، شكلنا حلقة قيادة مركزية وحلقات فرعية، وبدأنا باستئجار الشقق لإسكان الإخوة وبعض عائلاتهم. قام الإخوة في (الحزب الإسلامي) من جماعة قلب الدين حكمتيار بتقديم المساعدة الجيدة لنا في هذا المجال، فقاموا بتوفير الشقق وبعض المزارع التي يمتلكونها، ووضعوها تحت تصرفنا».

بينما نجد في رسالةٍ نشرتها الولايات المتحدة، كتبها أيمن الظواهري للزرقاوي، في يونيو (حزيران) 2005، ونشرت في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2005، قال فيها أيمن الظواهري لأبي مصعب الزرقاوي على سبيل التهدئة، وذكر محاسن حكومة طهران: «إن إيران الشيعية تؤوي لديها قرابة مائة من أعضاء تنظيم القاعدة».

ردود الفعل الإيرانية على كلمة الجبير المبادرة والمرتجلة، غير أنها المكتنزة بالمعلومات، كانت قاسية، فالمساعد السياسي لمكتب الرئيس الإيراني حميد أبو طالبي خرج عن طوره، فصرخ: «الوقت كفيل بإخضاعكم، ونفاد عوائدكم النفطية، والضغوط المالية، ستنفع بوقف دعمكم المالي للإرهاب والتطرف وعمليات الإبادة».

إيران لا تفهم لغة الدول، فالركوع والخضوع ليسا مفاهيم تطرح للعلاقة بين الدول.. ثمة اتفاقيات، ومبادرات، وأسس حوار، وطاولات تفاوض، هكذا تحلّ الأزمات، لكن حين تتغلب لغة الميليشيا على لغة الدولة، وتنعدم القيم السياسية الأساسية، تتحوّل الدولة إلى ثورة، وهنا يصعب على العالم فهم هذا الكيان، أو السبيل نحو إيجاد تفاهم، أو طرح للمشكلات وطرق حلّها.
غياب الحكمة عن السياسة الإيرانية جعل المشكلات الإقليمية تتفاقم، وهي تستخدم دعاية إرهابية على الطريقة الهتلرية: «اكذب واكذب حتى يصدّقك الناس». هكذا تفعل إيران، وإلا الإبادة يقوم بها الحرس الثوري ضد السوريين، الإبادة تقوم بها أربعون ميليشيا تدعمها إيران في العراق وسوريا.

ويصحّ على حكومة إيران الآن قول الشاعر الفارسي سعدي الشيرازي:
عيب علي وعدوان على الناسِ
إذا وعظتُ وقلبي جلمد قاس
&

&