&صحف عراقية: الرياضة توحّد العراقيين والسياسة تفرّقهم… وتراجع دعوات مكافحة الفساد… ومقاييس مختلفة للعدالة

مصطفى العبيدي&

& تنوعت اهتمامات الصحف العراقية هذه الأيام منها اهتماما في الرياضة ودورها في توحيد العراقيين الذي فرقتهم السياسة، وخفوت الدعوات لمواجهة رؤوس الفساد واستغراب حسم القضاء لقضية اتهام رئيس البرلمان سليم الجبوري بالفساد خلال ساعات مع وجود مئات القضايا النائمة لدى القضاء منذ سنوات، وانتقاد آليات اختيار النواب وغيرها من القضايا.&

قتلتنا السياسة&

ونشرت صحيفة «العدالة»، المقربة من المجلس الأعلى الإسلامي، مقالا افتتاحيا جاء فيه: «الرياضة توحدنا، فكم هو رائع فريقنا مستظلاً بالعلم وينشد بصوت واحد نشيده الوطني، وحيث تلعب الكفاءة والقابلية، وحيث تتراجع للوراء الطائفية والانتماءات الإثنية، ليس بين اللاعبين فقط، بل بين المشجعين والجمهور أيضاً.. وقد كتبنا مراراً بأن السياسة قتلتنا، ليس لأن السياسة ليست ضرورة، بل لأنها تحتل أكثر من حجمها، بين السياسيين من جهة وبين الجمهور من جهة أخرى. فهناك الكثير من المنجزات في الحقول الأخرى والتي لو روج لها، كما يروج لخصومات السياسة وإحباطاتها، لتغيرت النفسيات والمعنويات، وهذا أمر مهم لقلب المزاج العام، الذي هو أمر أساس يحتاجه أي بلد يمر بالمصاعب التي نمر بها. وفي جلسات كانت تجمعنا بقيادات وطنية من مختلف الجهات والتيارات طرحنا في يومها ورقة ضمت سلسلة من الموضوعات التي توحدنا والتي اقترحنا التركيز عليها كالاقتصاد والرياضة والفنون والآداب والمعمار والعلوم والأطفال والشباب والمدارس الابتدائية والمتوسطة ومحاربة الإرهاب والطعام والتاريخ المشترك وسلسلة من الموضوعات الأخرى التي قد لا يختلف عليها اثنان.

الآن نواجه مشكلة وهي سيطرة السياسة.. لأسباب منها الهيكلية العالمية للاقتصاد ومصادر القوة.. واعتمادنا على النفط.. والاندفاع لبناء الجيوش للدفاع عن مخاوف قادت إليها الخريطة السياسية الإقليمية والداخلية، بعد حربين عالميتين.. مما جعل أعداءنا – الحقيقيين أو الوهميين – أكثر من أصدقائنا.

لاشك أن تقدم السياسة على حساب الاقتصاد والاجتماع (بكل فعالياته) هو أحد أهم مشاكلنا. ولعل دورة التخلف والعنف التي تتجدد لدينا تعود للأولوية ـ وأحياناً الاحتكار- التي احتلتها السياسة.. فتقدمت الدولة وتراجع المجتمع.. وتقدمت السياسة والأحزاب والمؤامرات والانقلابات، وتراجع المواطن والجماعة والأرض والمصالح والشركات والأسواق وتراكم المكاسب ورأس المال وخبرات العمل.. فنحن مجتمع يقف بدون قاعدة، أو نحن هرم يقف مقلوباً على رأسه.. وهو ما يسبب الاهتزازات المتكررة.. ويجعل السياسة غاية الجميع يستولون على جاهها وقدراتها دون اهتمام بواجباتها ودورها ومكانتها.. وما لم نعد الأمور لنصاباتها ومواقعها، فلا نحلمن بإصلاح اقتصادي واجتماعي، بل وسياسي أيضا».

&رؤوس الفساد&

ونشرت صحيفة «الصباح الجديد» مقالا جاء فيه «اعتبر العام الأول من ولاية رئيس الوزراء حيدر العبادي بمنزلة اختبار لجدية «حكومة المحاصصة» في مكافحة الفساد، في حين بلغت مناسيب التعدي على المال العام ونهب الثروات والعقارات ومظاهر الرشوة والمتاجرة بالعقود والمناصب والوظائف ما لا يمكن تحمله في دولة تعاني من الحرب والخراب وتدني الخدمات وانتشار البطالة. وبحسب الموثقات فقد استكمل الرجل كل ما يلزم من أسماء ومخالفات وأوليات وصلاحيات لكي يوجه الضربة الأولى لشبكة الفساد النافذة، بدءا بالرؤوس الكبيرة في الدولة وفي الطبقة السياسية. وكانت أزمة الموارد المالية الناتجة عن انهيار أسعار النفط في السوق العالمية واندلاع التظاهرات الاحتجاجية في حزيران/يونيو 2015 مبررًا وضاغطاً وفرصة لوضع تلك الرؤوس في الأكياس السود.

لكن العبادي بقي بعيداً عن الإجراءات مكتفياً بالعزم، ولم يتحرك إلى نقطة التماس مع «الرؤوس الكبيرة» التي لا يجهل مكانها بالرغم من الدعم الذي جاءه من الشارع باستمرار الحركة المناهضة للفساد. أما مرجعية النجف فقد عبرت عن القلق حيال تردد رئيس الوزراء فأكد على مسؤولية «أحزاب السلطة» عن استشراء الفساد، وشدد على ضرورة أن يكون العبادي «أكثر جرأة وشجاعة» وهي إشارة لا يخطئها التحليل بأن رئيس الوزراء يتلكأ في حملة مكافحة الفساد لجهة الرؤوس النافذة، وأن «على أصحاب المواقع الأساسية في الدولة مهمة ملاحقة رؤوس الفساد الكبيرة».

وفي غضون أسابيع من مطلع العام 2016 كانت الضربة المُفترضة نحو الفساد قد تحولت من الرؤوس إلى موظفين ثانويين (لا ظهور حزبية لهم) ثم إلى تلويحات بلاغية عن مخالفات، مع التذكير، هذه المرة بالقضاء والسياق القانوني للحملة. وكان واضحاً أن زخم التهديدات بقلع رؤوس الفساد بدأ في الانحسار، وأن ثمة عقدة، أو لغزًا، أو صفقة كانت تقوم بدور العصا السحرية التي تتولى لملمة الأوراق والقناني الفارغة.. فلا فساد ولا رؤوس.. و»لا من شاف ولا من دري!».

&بين عدالة وعدالة&

وكتب علي فاهم مقالا في «شبكة نون» الإخبارية ذكر فيه « لم يخطر ببالي يوماً أن اعيش حتى أرى القضاء العراقي بهذه النجومية، فمن كان يشكك في القضاء العراقي فاليضرب راسه بأقرب حائط، فهو أثبت أنه أسرع قضاء في العالم في اتمام القضايا المتعلقة بالتهم الباطلة على الناس الأبرياء وبكل سلاسة ويسر كما يسير الماء من تحت رجلين العراقيين، والدليل هذا أمامكم محاكمة رئيس البرلمان سليم الجبوري حيث سمعت خبر طلبه رفع الحصانة عنه بينما وضع طعام الغداء أمامي (في مبادرة لم يسبقه إليها أحد من السادة النواب وله السبق فيها وتحسب له) وسمعت خبر براءته والطعام مازال أمامي. فأي قضاء في العالم أسرع منه؟ فهنيئاً لكم هذا القضاء يا عراقيين، فالرجل كانت براءته من التهم المنسوبة إليه أوضح من الشمس في رابعة النهار ولم يحتاج إلى رفع الحصانة أصلا ويتعب نفسه ويذهب إلى القضاء.

تذكرت وأنا أسمع الخبر المفاجأة بعض السجناء الذين قضوا سبع سنوات وست سنوات وهم أبرياء والقضاء أثبت براءتهم لكنهم مازالوا يقضون حياتهم في السجون ولا يجرؤ أحد من قضاتنا أن يتعب نفسه ويخرجهم من سجونهم، فأين هذه السرعة الفائقة التي فاقت سرعة الضوء في أتمام القضايا المركونة في رفوف القضاء والتي نسيت فقط لأن أصحابها ليسوا من صنف السادة المسؤولين وليس وراءهم حزب قوي مؤثر أو عشيرة قوية تعقد مؤتمراً صحافياً لتهدد بقلب الطاولة المستديرة على رؤوس اللاعبين؟!

نعم هناك الكثير من السجناء الأبرياء المركونين في زوايا السجون لسنوات عديدة ينتظرون رحمة قاض يحدد مصيرهم ويفرج عنهم، فأين أنتم من هؤلاء الأبرياء».

&الربيع العربي وبرلمانات العشائر&

وكتب كفاح محمود في صحيفة «الزمان» المستقلة مقالا جاء في جانب منه ما يلي: «على ضوء الهرج والمرج الذي يحصل في برلمانات ما بعد الدكتاتوريات التي أسقطتها الولايات المتحدة والتحالف الدولي، والتي تحبو باتجاه تأسيس دول للمواطنة تقوم على أعمدة الديمقراطية الغربية في مجتمعات شرقية تؤمن أساسا في بنيتها التربوية والاجتماعية بحكم الفرد وسلطته.

وعلى هذه الأسس تم تكوين برلماناتهم وآلية انتخاب أعضاء تلك المجالس، حيث يتذكر العراقيون والسوريون والليبيون واليمنيون والمصريون، وحتى إخواننا في الجيرة أهل إيران وتركيا، كيفية ترشيح ودعم أي عضو لكي يجلس على كرسي (اموافج) «موافق» في البرلمان، وبهذه الطريقة يصل هؤلاء الأصنام إلى كراسي المغفلين في ما يسمى بالبرلمان.

واليوم بعد أن أزالت الولايات المتحدة وحلفاؤها هياكل تلك الأنظمة الشمولية مدعية أنها تعمل من أجل إقامة نظم ديمقراطية على أنقاض تلك الهياكل، دونما إدراك للكم الهائل من الموروثات التربوية والاجتماعية والعقائدية والسياسية في مجتمعات تعاني من الأمية بشطريها الأبجدي والحضاري، وما تزال تعتبر القبيلة والعشيرة ورموزها أهم ألف مرة من الشعب والدولة. وكذا الحال بالنسبة للدين والمذهب اللذين لا ينافسهما أي انتماء، كيف ستكون مؤسساتها الدستورية والديمقراطية وآلية انتخاب أعضائها؟

واليوم يجلس على كراسي ( اموافج ) مجاميع تمثل واحدة من أفشل دول العالم وأكثرها بؤسا وتعاسة وفقدانا للأمن والسلم وأي مظاهر للتقدم والازدهار، حيث أصبحت برلماناتنا مسارح لتمثيليات بائسة وسيركا غجريا ساذجا»!

رسالة من موصلي&

ونشرت صحيفة «المشرق» المستقلة رسالة من موصلي جاء فيها «هذه رسالة مقتضبة جدا إلى كل العراقيين، وبشكل خاص إلى أولئك الذين لما يدركوا حقيقة الصراع بعد، وهم الطائفيون سنة وشيعة والعرقيون عربا وكردا وتركماناً، والدينيون مسلمين ومسيحيين، وأقصد منهم جميعا أولئك الذين وضعوا الدين أعلى سقف للتفاهم، وبينما هم يتركون المشتركات راحوا يبحثون عمّا يزيد الخلاف حدة. إلى أولئك اقول أما آن لكم أن ترفعوا من عقلكم شأنه وتعطوا الحكمة بابا لتدخل نفوسكم؟ وتسكتوا صوت الحداء الذي يقودكم وانتم عمي لا تبصرون؟

يا أهل العراق تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ألا نتبع إلا العقل، ولا نكيل العداء لبعضنا.

ألا من ملبٍّ لهذا النداء؟

عام ونصف انقضى ونحن تحت سلطة أعتى مسوخ الأرض تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) نعاني ما نعانيه، وما يفوق الوصف، ولا يزال الكثيرون يكيلون لنا التهم بالخيانة والردة عن العراق، حتى إذا رفع موصلّي رأسه داعيا قومه يا قوم ما خذلتكم ولكن حيلتي قلت، وهنت على الناس، فما عاد في الكفين ما يطرب، قتل منا ما قتل منكم ويزيد، شُرِّدَ منّا ما شُرِدّ منكم ويزيد، وكلنا في خندق واحد.

نشط سكّان الموصل دفاعا عن عراقيتهم، وهم يسعون بجهود حثيثة لايصال فكرة «أننا في طريق واحد، ونهاية هذا النفق الكبير لا بد أن يكون النور، فتعالوا نصل إليه معا، وقودوا بعضكم، قودوا الموصليين، ما ضل صاحبكم وما غوى».

&العراق والنظام الديمقراطي&

وتطرق مقال لجلال شيخ علي في جريدة «التآخي»، المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى النظام الديمقراطي في العراق جاء فيه: «بعد تحرير العراق من النظام الديكتاتوري ودخول البلاد في مرحلة جديدة وعهد جديد تمثل بتطبيق نظام الحكم الديمقراطي نجد أن هذا العهد الجديد لم يؤت للعراقيين سوى بالمزيد من البؤس والشقاء طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية. ونتيجة لذلك تجد الغالبية العظمى من العراقيين أن البلاد سارت من سيء إلى الأسوأ خاصة من الناحية الاقتصادية وانعدام الأمان وقلة الخدمات وانتشار الفساد فما هو السبب ؟

يعزو الكثير من العراقيين سبب ذلك إلى سوء اختيار النظام الديمقراطي الذي يناسب مجتمعهم من جهة، ومن جهة أخرى استغلال بعضهم للديمقراطية لتحقيق مصالحهم الشخصية.

نعلم جميعا أن هناك العديد من النظم الديمقراطية في العالم إذ تختار كل دولة النظام المناسب لها بحسب طبيعة التركيبة السكانية للدولة أو تركيبة مجتمعها مع الأخذ بنظر الاعتبار نقاطا خاصة بكل دولة وظروفها مثل الجانب الديني أو العادات والتقاليد المجتمعية أو درجة الوعي الثقافي والسياسي في المجتمع.

ما حدث في العراق أنهم اختاروا نظام الحكم البرلماني من دون الأخذ بنظر الاعتبار نوع وطبيعة المجتمع العراقي، إذ كما نعلم هناك اختلاف كبير بين مكونات هذا المجتمع من حيث الدين والمذهب والقومية ودرجة الوعي الثقافي والسياسي وما إلى ذلك.

لذا صوتت فئة كبيرة من المواطنين العراقيين للشخصيات الدينية أو لأقربائهم دون الأخذ بنظر الاعتبار مدى كفاءة هذا أو ذاك من المرشحين. وهذا ما أدى إلى فوز أشخاص غير أكفاء وغير مهنيين وقد أصبحوا، فيما بعد، عبئا علينا وعلى العملية السياسية طوال دورات الثلاث الانتخابية الماضية.

لذا تحولت هذه الديمقراطية إلى ديمقراطية خاصة بالسياسيين تدر عليهم الكثير من الامتيازات الشخصية التي أدت إلى المزيد من التمزق في نسيج المجتمع العراقي طوال الثلاثة عشر عاما الماضية من تطبيقها. أما بالنسبة للمواطن فقد كانت الديمقراطية في أنك تستطيع أن تقول ما تشاء وأينما تشاء، ولكن من دون أن يكترث بك أحد».

&كيف تصبح سفيرا للعراق؟&

وكتب العراقي المقيم في هولندا قاسم حول مقالا في صحيفة «العالم» المستقلة جاء فيه: «لسنا أحسن حالاً منكم نحن ـ المقيمين خارج العراق ـ ولسنا أسوأ حالا منكم أيها المواطنون المقيمون قسراً في العراق.

فصورة ما يجري عندنا في السفارات العراقية الممثلة لبلدنا يشبه ما يجري عندكم في مؤسسات الدولة العراقية ووزاراتها أيها المواطنون المقيمون قسراً في العراق. فالسفير، حتى يصبح سفيراً عليه أن يتمتع بمواصفات لصوص البلاد، فهو مثلاً يمتنع عن القيام بنشاط ثقافي يعكس وجه العراق الحضاري بادعاء عدم وجود تخصيصات لمثل هذه النشاطات في ميزانية السفارة. ولكن عندما يحل شهر رمضان «المبارك» فإنه يقيم مأدبة للإفطار في حدائق بيته أو في صالة يستأجرها لهذه المناسبة ويدعو لتلك المأدبة كل أبناء الجالية العراقية المقيمة في ذلك البلد، وكل السفارات المسلمة ومكوناتها كي يحشون كروشهم الفارغة فيما يمتنع السفير عن إقامة أمسية ثقافية لعرض أفلام عراقية أو تقديم مسرحية عراقية.

هذا هو الشرط الأول في مواصفات الشخص العراقي الذي يؤهل لكي يصبح سفيراً لبلاده، ويعكس قيمة الحضارة العراقية وأصالتها.

وبدلاً من أن يمر المؤهل ثقافيا وأكاديمياً بدورة دراسية كي يصبح سفيراً ويتعلم تقاليد الدبلوماسية، ويتعلم كيف يكون صورة لتاريخ بلاده وحاضرها، فإنه يمر بتجربة ثانية مختلفة تماماً، أن يتم تعيينه في موقع إداري في إحدى مؤسسات الدولة أو في مقرات وزاراتها، فيمنح العقود مقابل رشاوى يتلقاها من الشركات المتعاقدة، ويظل ينهب المال، حتى إذا ما بلغت السرقات ذروتها، أطيح به وتم نقله لوزارة الخارجية كي يصبح سفيرا!

لا يمكن للسفير إلا أن يصبح صورة لبلاده، فطالما صورة العراق هي الفساد فلا بد وأن يكون السفير فاسداً بالضرورة. ولذلك فالجاليات العراقية في واد والسفارات في واد آخر. والجاليات العراقية خارج وطنها، يحمل أفرادها من الغيظ ما يكفي لإغراق السفارات بآهات الغربة».

&