مشاري الذايدي

أول منصب رسمي تقلده خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو إمارة منطقة الرياض، 1954 كان يبلغ من العمر 19 عامًا؛ إذ إنه- حسب البوابة الرسمية للديوان الملكي- ولد عام 1935.

واليوم يتقلد نجله الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد وهو يبحر نحو الثالثة والثلاثين؛ إذ إنه من مواليد 1985. والد الملك سلمان، وجّد الأمير محمد بن سلمان، المؤسس الملك عبد العزيز دخل الرياض، مدشنًا مشروع الدولة السعودية الثالثة، عام 1902 وهو يبلغ من العمر 26 أو 27 سنة تقريبًا، طبقًا لاختلافات طفيفة في تحديد سنة ميلاده.

إذن، فالدولة السعودية كانت دومًا على ميعاد مع همم الشباب وعناق التحديات والسفر للمستحيل في المستقبل، بل رسم هذا المستقبل باليد قبل انتظار رسمه من الآخرين.

القرار الأخير الذي اتخذه الملك سلمان بن عبد العزيز، بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولّيًا للعهد، بعد إعفاء الأمير محمد بن نايف، الرجل النبيل حارس الأمن الأول، وظهور محمد بن نايف شخصيًا يبارك لخلفه ويبايعه، هو قرار كبير سيؤثر في مستقبل السعودية والمنطقة كلها.

محمد بن سلمان، ليس غريبًا على المتابعين للمشهد السياسي المحلي والإقليمي والعالمي، حتى قبل أن يتولى منصبه الأخير.

نقطة انطلاقة كانت من دراسة القانون والأنظمة، متخرجًا من جامعة الملك سعود، أعرق جامعات العاصمة، ثم عمل بشعبة الخبراء بمجلس الوزراء، مطبخ القوانين في البلد، ثم عمل مستشارًا لوالده بإمارة الرياض، وتدرج العمل حتى صار وزيرًا للدولة في عهد الملك عبد الله، ثم وزيرًا للدفاع في عهد الملك سلمان، ورئيسًا للديوان الملكي، ثم ولّيًا لولي العهد، ثم ولّيًا للعهد.

في مقابلته مع الصحافي الأميركي ديفيد إغناتيوس، قال الأمير محمد بن سلمان: «أنا شاّب، والشباب في السعودية مّلوا من حقبة ما بعد 1979، وتلك الدوامة التي غرقنا بها، نريد المستقبل».

الرجل، لمن تابع عمله وعروضه، سواء المعلنة للإعلام أو التي قالها لزّواره، يعرف ماذا يفعل، وهو عراب نقل السعودية من حال إلى حال، تحت عنوان «الرؤية الوطنية 2030».

لا وقت يضاع، والسعودية اليوم هي رمانة الميزان بمنطقة الشرق الأوسط كلها، وبخاصة للعرب، وهي فوق واجباتها السياسية تجاه العرب والمسلمين والعالم كله، بوصفها عضوًا فاعلاً في تكريس السلم العالمي.

فوق ذلك، فهي الدولة الشاّبة التي تعرف ماذا عليها أن تفعل لتحّرر كل الطاقات السعودية، المعنوية قبل المادية.
لقد أتى ابن سلمان الزمان في شبيبته.. فسّره.. كما قال المتنبي.