فيصل ملكاوي
رغم ان سياقات وتطورات الازمة السورية متسارعة ومفاجأة ولايمكن التنبؤ بها، احدثها واخطرها ما اعلنته واشنطن من رصدها تحضيرات لهجوم كيماوي جديد من قاعدة الشعيرات وما يمكن ان يتبع ذلك من تطورات وتداعيات، ومع ذلك فان الايام القليلة المقبلة، وبالتحديد الايام العشرة الاولى من تموز، ستضع هذه الازمة على راس اجندة احداث ومناسبات هامة ستشكل مخرجاتها مجسات مهمة لمالات وتطورات الازمة السورية خلال المرحلة المقبلة ان باتجاه مزيد من الاستقطاب والتصعيد ؟ام باتجاه مسارات التهدئة والبحث بجدية اكبر عن الحل السياسي ؟
ربما من الافضل قبل الخوض فيما يمكن ان يستجد من تطورات ميدانية او تحركات بشأن الازمة السورية التذكير بان السنوات الماضية كانت بمثابة علامة اخفاق للدبلوماسية الدولية بل وربما الاكثر دقة القول انه لم تكن لدى اللاعبين المؤثرين على ساحة الازمة الارادة والجدية للتقدم لتحقيق هدف الحل السياسي في ظل عوامل وظروف صراع النفوذ والاستقطاب والتدخل واللعب بكافة الاوراق وايضا بروز ظاهرتي الارهاب والتطرف بابشع صورهما.
الاسبوع المقبل ستنتقل الازمة الى اروقة القمم والمسارات الدولية والاقليمية ففي السابع والثامن من تموز ستعقد قمة العشرين في هامبورغ في المانيا التي من المتوقع ان يلتقي على هامشها الرئيس الاميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وستكون الازمة السورية من ابرز الموضوعات في القمة الاولى بين رئيسي القوتين العالميتين وقبل هذه القمة بايام في الرابع والخامس من تموز ستلتئم الجولة الخامسة من مسار استانا في كازاخستان الذي بات مسارا هاما لاتخاذ القرارات على الصعيدين الامني والعسكري بمشاركة الدول الضامنة روسيا وتركيا وايران وبغياب للولايات المتحدة الاميركية التي تنحصر مشاركتها بصفة مراقب.
و في العاشر من تموز ايضا ستعقد الجولة السابعة من مسار جنيف السياسي الخاص بالازمة السورية الذي ترعاه الامم المتحدة وكانت حصيلته (مكانك سر) خلال جولاته الست الماضية التي انتهت اخرها في التاسع عشر من ايار الماضي.
وفي الواقع فان الحدث الاكثر اثارة للاهتمام والترقب الاقليمي والدولي من هذه المناسبات الثلاث هي القمة التي يجري التخطيط لعقدها بين الرئيسين (ترمب بوتين) لاسباب عدة اولها انها القمة الاولى بين الزعيمين واول اختبار لشكل العلاقة الاميركية الروسية ومقارباتها السياسية والعسكرية والامنية وحتى الاقتصادية للقضايا والملفات والازمات على الساحة الاقليمية والدولية، وتأتي قضايا الشرق الاوسط المشتعلة في مركز التاثير والامتداد للاثر المباشر على السلم والامن الدوليين في ملفات وقضايا كثيرة (فلسطين سوريا العراق ليبيا اليمن) والقائمة تطول اضافة الى الحرب على الارهاب التي تشهد حواسم عسكرية فهي نهايتها في الموصل وذروتها في الرقة.
وبكل الاحوال فلم تعد بعيدة تلك اللحظة التي ستطوى فيها صفحة داعش الارهابي والتنظيمات الارهابية وبالتالي الدخول في اختبار مصداقية الحلول السياسية العادلة والشاملة في المنطقة وهذه الحلول غاية في الاهمية لعودة الامن والاستقرار والسلام الى المنطقة وانهاء اي بيئة يمكن من خلالها عودة الارهاب باي صورة او شكل في المستقبل لذلك فان التطورات المرتقبة خلال الاسبوع المقبل والاسابيع التي تليه هي غاية في الاهمية في تحديد وجهات ومسارات وتطورات الازمة السورية وهي واحدة من الازمات التي خلفت اذى للبشرية جمعاء الى جانب نزيف الدم والدمار الذي لحق بالشعب السوري وبنية الدولة السورية التي تقول الارقام انها بحاجة الى مئات الملايين من الدولارات لاعادة البناء فقط اذا ما افترضنا ان الازمة ماضية الى حل قريب وهو افتراض كان مصيره الفشل خلال سنوات الازمة السورية.
اسباب التشاؤم لاحصر لها في عدم توقع انفراج قريب على الازمة السورية، لكن هناك اسبابا يمكن ان تكون محفزة للقوى الدولية للتاثير في مسار الازمة السورية يطول شرحها لكن يمكن اختصارها وابرزها ان روسيا حققت مصالحها وجل اهدافها على الساحة السورية سياسيا وعسكريا بالتواجد الدائم على الساحل السوري وهي ايضا لا زالت اللاعب صاحب اليد العليا في ادارة الازمة وبالتالي فان روسيا في هذه المرحلة امام انعطافة لترتيب الحل والخروج من حالة التدخل في ظل اقتصاد روسي لا يستطيع المضي في مواجهة طويلة الامد وايضا انتخابات رئاسية العام المقبل يريد الرئيس بوتين الفوز بها على اساس سجل انجازات وليس سجل تورط وعزلة دولية.
وليس صحيحا او واقعيا ان الولايات المتحدة لا زالت خارج الملف السوري، بل عبر الحرب على الارهاب ومعركة الرقة تحديدا بات لها وجود يؤسس لقواعد عسكرية في شمال شرق سوريا ولديها ايضا حلفاء، وايضا امكاناتها التحشيدية واللوجستية الهائلة وقدرتها الفريدة على بناء التحالفات، وستكون استراتيجيتها ازاء سوريا اكثر وضوحا إزاء الازمة السورية خلال المرحلة القربية المقبلة وخصوصا مع حسم معركة الرقة ودحر داعش الارهابي اذ سيكون الاستحقاق التالي امام كافة القوى بما فيها الولايات المتحدة ايضا هو سؤال الخطوة التالية بالنسبة للازمة السورية وهو بالضررة الحل السياسي وسيناريوهاته المختلفة.
الازمة السورية برمتها وانعقاد مسار استانا في جولته الخامسة الذي يرجح ان تتضح فيه التفاصيل النهائية لمناطق خفض التصعيد في سوريا وحدودها وترتيباتها العسكرية والامنية والسياسية في المستقبل وايضا جولة جينف السابعة كلها برسم الانتظار لنتائج القمة الاميركية الروسية المرتقبة على هامش قمة العشرين في هامبورغ نهاية الاسبوع المقبل الا اذا فشلت الاتصالات لعقد مثل هذه القمة بما يحمله ذلك من ظلال قاتمة علي المشهدين الدولي والاقليمي في ظل وصف مسؤولي البلدين ان العلاقات بينهما في ادنى حالاتها.
التعليقات