محمد الحمادي 

مثيرة القمة العالمية للحكومات هذا العام، فلا يزال المشاركون فيها يدهشوننا في كل مرة خلال جلساتها، وهم يقدمون صورة جديدة للعالم، تبدو صورة مخيفة للبعض لما فيها من أفكار غريبة وجديدة وغير معهودة، لأنه عالم لا يشبه العالم الذي نعيش فيه اليوم، يختلف كثيراً في تفاصيله وفي طريقة الحياة فيه، وهذا العالم نفسه الذي يخشاه أولئك يبدو لآخرين عالماً حالماً مليئاً بالإثارة والجمال والاختلاف، عالماً مليئاً بالفرص الجديدة وبالأفكار غير التقليدية، عالماً يتحدى الإنسان فيه نفسه، فينطق فيه الجماد ويتكلم ويتحرك، بل ويمتلك المشاعر والأحاسيس، ويسمى الروبوت، في العالم الجديد تبدو قوة الإنسان أكبر، وسيطرته على الحياة أكثر، وقدرته على معالجة المشكلات أسهل، فالأمراض أصبحت لها طرق جديدة للعلاج، والدواء أصبح مختلفاً والإعاقات ستصبح شيئاً من الماضي.

إن القمة العالمية للحكومات فرصة سنوية لاستثارة العقول، وتحفيز الخيال، وإطلاق الطموح لدى الجميع، ورسالة هذه القمة العريضة أن ليس هناك مستحيل، وأن الإنسان عندما يريد أن يفعل شيئاً، فإنه يستطيع أن يحققه ما دام يمتلك الرؤية والإرادة والأدوات، وفِي دولة الإمارات كل هذه الأمور متوافرة، والقيادة تدفع الجميع للانطلاق إلى المستقبل دون تردد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، هو الرجل الملهم للجميع في هذه الدولة، وهو القمة في الإبداع والتميز والابتكار والتفكير في المستقبل، فعلى الرغم من أن القمة الحكومية في دورتها السادسة، إلا أنها كانت تنبض بالحركة والحماس والأفكار الخلاقة التي تناولها المشاركون الذين أتوا من مختلف دول العالم، وهم شخصيات ذوو قيمة ومكانة علمية عالية جداً.

نحن بحاجة دائماً للتفكير في المستقبل لأن التفكير في المستقبل هو واجب الجيل الحالي تجاه أجيال المستقبل، فما سيعيشه أبناؤنا وإنسان المستقبل هو نتيجة ما نقوم بإعداده اليوم، وما نريده فعلاً أن يكون أبناؤنا، جيل المستقبل في حياة أفضل من الحياة التي نعيشها اليوم.. والفكرة التي طرحها معالي محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل خلال القمة بأن البيانات والذكاء الصناعي هي نفط المستقبل تبدو فكرة براقة تستحق العمل عليها بشكل أكبر، وخصوصاً إذا علمنا أن أحد عناصر قوة العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة هو بنك المعلومات الذي يمتلكه في مختلف المجالات والتي على أساسها يتحرك ويحرك العالم.

كل ما يهم وما هو مثير في هذه القمة العالمية للحكومات أنها تفتح أعيننا أكثر عاماً بعد عام على المستقبل وتجعلنا ننظر للسنوات والعقود المقبلة بشكل أوضح، أما الماضي فنتركه ليكون لنا محفّزاً لمزيد من التقدم وليس للتراجع والعودة إليه من جديد.