فاتح عبد السلام

ماذا‭ ‬بقي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬؟‭ .‬هما‭ ‬معركتان‭ ‬كبيرتان‭ ‬،‭ ‬الأولى‭ ‬طرد‭ ‬المعارضة‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬درعا‭ ‬والقنيطرة‭ ‬وبسط‭ ‬نفوذ‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭ ‬الرسمي‭ ‬،‭ ‬وهذه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسمى‭ ‬معركة‭ ‬المحاذير‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬إنّ‭ ‬ايران‭ ‬الرقم‭ ‬البارز‭ ‬فيها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬به‭ ‬اسرائيل‭ ‬مطلقاً‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المعركة‭ ‬سورية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اقتراب‭ ‬الايرانيين‭ ‬من‭ ‬حدودها‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬إنّ‭ ‬الأردن‭ ‬يعيش‭ ‬القلق‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬وصول‭ ‬مليشيات‭ ‬شيعية‭ ‬وايرانية‭ ‬الى‭ ‬حدوده‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬درعا‭ .‬

وايران‭ ‬هنا‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تفهم‭ ‬الاشارات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الرفض‭ ‬والقبول‭ ‬،‭ ‬لأنّ‭ ‬اسرائيل‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬ترد‭ ‬على‭ ‬ايران‭ ‬أو‭ ‬سواها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتلقى‭ ‬رداً‭ ‬أو‭ ‬اعتراضاً‭ ‬دولياً‭ ‬على‭ ‬سلوكها‭ . ‬ورسالة‭ ‬نتانياهو‭ ‬الاخيرة‭ ‬بأنّه‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬تعني‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬المحاذي‭ ‬للمصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬العليا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭ ‬قديم‭ ‬تدركه‭ ‬ايران‭ ‬جيداً‭ ‬وستلتزم‭ ‬به‭ ‬حرفياً‭ . ‬

إيران‭ ‬التي‭ ‬تتحاشى‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬حيث‭ ‬تمتلك‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬الجغرافية‭ ‬والبشرية‭ ‬والعسكرية‭ ‬خشية‭ ‬ضياع‭ ‬هيبتها‭ ‬وانكسارها،‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬للعراق‭ ‬سابقاً،‭ ‬لن‭ ‬تغامر‭ ‬لتكون‭ ‬لحرب‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬تمتلك‭ ‬فيها‭ ‬اسرائيل‭ ‬كل‭ ‬عوامل‭ ‬التفوق‭ ‬لسحق‭ ‬الايرانيين‭ ‬هناك‭.‬

أمّا‭ ‬المعركة‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬إدلب‭ ‬التي‭ ‬تتجمع‭ ‬فيها‭ ‬الفصائل‭ ‬المنسحبة‭ ‬من‭ ‬الغوطة‭ ‬الشرقية‭ ‬ودمشق‭ ‬وداريا‭ ‬وسواها‭. ‬غير‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬ذات‭ ‬مفتاح‭ ‬تركي‭ ‬روسي‭ ‬،‭ ‬ولن‭ ‬تخوضها‭ ‬القوات‭ ‬السورية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬انقرة‭ ‬وموسكو‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬التسوية‭ ‬النهائي‭ ‬لوضع‭ ‬سوري‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬مسار‭ ‬مرتبط‭ ‬بالوضع‭ ‬السياسي‭ ‬المستقبلي‭ ‬الذي‭ ‬تضغط‭ ‬روسيا‭ ‬لتشكيله‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬دعمها‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬الحسم‭ ‬العسكري‭ .‬

أمّا‭ ‬مناطق‭ ‬دير‭ ‬الزور‭ ‬وألبو‭ ‬كمال‭ ‬فهي‭ ‬الامكنة‭ ‬الرخوة‭ ‬التي‭ ‬ستظل‭ ‬على‭ ‬حالها‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬ومتداخلة‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬الامني‭ ‬العراقي‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬تجف‭ ‬مع‭ ‬التسويات‭ ‬الكبرى‭ ‬المقبلة‭ .‬