لنبدأ بهذه المعادلة الصعبة التي تبدو كطريق مسدود أمام إمكانية الوصول إلى توافق بين أمريكا وإيران فيا يخص برنامج الأخيرة النووي.

هذه المعادلة السياسية لو حولناها إلى معادلة رياضية فستكون متغيراتها كما يلي: رفع العقوبات عن إيران - مقسومة على - عدم ثقة أمريكا بإيران - يساوي إعادة الاتفاق النووي بأكمله عبر الضغط الدولي على إيران.

الخيار الثاني ضرب إيران من قبل إسرائيل، هكذا تبدو المهمة المستحيلة، إيران تتطلع إلى أهداف ليس من بينها تعطيل برنامجها النووي، لذلك سوف تبحث عن وسائل دبلوماسية ومناورات سياسية لكي تقترب أكثر وأكثر من تخصيب اليورانيوم بنسب تمكنها من صناعة سلاح نووي، إذن الحقيقة الأكثر وضوحاً والتي تدركها أمريكا أن نوايا إيران تجاه برنامجها النووي مختلفة تماماً عما تبحث عنه أمريكا.

ما يقلق إيران أنها جربت القسوة الأمريكية عندما قتلت أمريكا قاسم سليماني في يناير من العام الماضي، ولم تستطع إيران أن تقدم رداً فعلياً على هذه الحادثة، بل حاولت أن تناور بها من خلال تهديدات لم يتحقق منها سوى إطلاق صواريخ، وهي تحاول أن تقول للعالم إن مقتل سليمان هو سلوك خاص بالرئيس السابق ترامب، ولكن السياسيين الإيرانيين يدركون أن من قتل قاسم سليمان هي الاستراتيجية الأمريكية وليس ترامب، وهذا يعني أن الخطوط الحمراء في السياسة الأمريكية لا يمكن أن يغيرها رئيس مهما كان!

رغبة أمريكا جادة في إذابة الأهداف الإيرانية نحو امتلاك سلاح نووي من خلال اللعب على ورقة الاتفاق بشقها الزمني، ولكن على الجانب الأخر تدرك إيران هذه الحقيقة، وفي الوقت ذاته تكرر عليها أمريكا حقيقة أن إسرائيل يمكن أن ينفد صبرها وتتخذ إجراء أحادياً، وهذا هو الاحتمال الأكثر قلقاً لدى الجانب الإيراني، وإذا افترضنا جدلاً مع أنه بعيد المنال أن تعلن إيران امتلاكها لسلاح نووي، فإن ذلك سوف يفتح باب التسلح في الخليج، وهنا تأتي الأزمة الأكثر إقلاقاً لأمريكا فهي تخشى من أن تلجأ دول الخليج إلى روسيا والصين من أجل تطوير برامجها النووية، وهنا سوف تتعرض الاستراتيجية السياسية الأمريكية إلى هزيمة يصعب على أمريكا تحمل نتائجها، وخاصة أنها لن تكون قادرة فعليّاً على منع مثل هذا التوجه، وهذا ما يجعلنا نعتقد أن أمريكا في إيران لديها مهمة مستحيلة تتطلب حلولاً فعلية.