في يونيو 2021 عقد «معهد الذاكرة الوطنية» في بولندا مؤتمراً بمناسبة الذكرى الثمانين للغزو الألماني النازي للاتحاد السوفييتي.

وقال بعض المؤرخين - في جلسات المؤتمر - إن النزاع السوفييتي - الألماني كان مفيداً لبولندا، كما أن سكان أوكرانيا وغرب روسيا البيضاء اعتبروا أن الزحف الألماني باتجاه الاتحاد السوفييتي كان بمثابة الخلاص بالنسبة لهم، وردّت وزارة الخارجية الروسية بالقول: إن السلطات البولندية تعاني من «الروسوفوبيا»، ولا حدود لمساعيها المعادية لروسيا، والتي لم تمنعها من التبرير الجزئي للنازية وتزوير التاريخ، ولم يكن ذلك هو الاستخدام الأول لمصطلح «الروسوفوبيا»، فقد استخدمه الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف عدة مرات، كما أن متحدثي الكرملين والخارجية الروسية اعتادوا استخدام المصطلح في الرد المتكرر على السياسات الغربية.

وفي نوفمبر 2020 شرح مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية «سيرغي ناريشكين» جذور ما يعتبره «الروسوفوبيا» في حديث له بعنوان: «دروس من محاكمة نورمبرغ»، وفي هذا الحديث ذهب إلى أن العداء لروسيا كان واصلاً إلى حدّ التعاون مع النازيين القدامى في سبيل مواجهة الروس.

يقول ناريشكين: «بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت العلاقات بين الحلفاء الأربعة: الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في التدهور بسرعة، لا سيما بعد الأزمة الإيرانية 1946، وخطاب تشرشل الشهير في العام ذاته (خطاب فولتون) والذي أسّس لبداية الحرب الباردة، ومنذ ذلك الحين أصبحت الروسوفوبيا (معاداة روسيا) مطلباً مهماً في الغرب».. يواصل ناريشكين: لقد استغل بعض المجرمين النازيين ذلك، وقاموا بعرض خدماتهم على النخب الغربية، على سبيل المثال فقد تعاون ضابط المخابرات النازي السابق «أوتو سكورزيني» مع العديد من أجهزة مخابرات الغرب، كما أن كبار الصناعيين في النظام النازي مثل «غوستاف جروب» و«فردريك فليك» صاروا من أغنى الناس وأكثرهم احتراماً في ألمانيا».

حسب الكرملين فإن «الروسوفوبيا» تزداد قبل وبعد الانتخابات الأمريكية، وأنه قد جرى استخدامها من قبل الديمقراطيين للضغط على الرئيس السابق دونالد ترامب، كما أنها ازدادت مع جائحة كورونا، مع تصاعد اتهامات الاتحاد الأوروبي لروسيا ببث حملات تضليل ضد الغرب، وبث الرعب بشأن حالة الجائحة في الغرب.

يقدِّر وزير الخارجية سيرغي لافروف أن «كراهية روسيا» قد أصبحت جامحة في الغرب، ويفسِّر الرئيس بوتين صعود الروسوفوبيا بأنها بسبب «ترسُّخ العالم متعدد الأقطاب»، وهو ما لا يقبله الاحتكاريون.

ثمّة مصطلح آخر نقيض «الروسوفوبيا» وهو«الروسوفيليا» ويعني «حب روسيا»، وكلمة «فيليا» اليونانية تعني الحب أو الصداقة، وفي فبراير 2021 أسست أثينا «منتدى فيليا الأول»، والذي شاركت فيه مصر والسعودية والإمارات.

تسعى روسيا لتعزيز قوتها الناعمة: حب روسيا، والإعجاب بتاريخها وآدابها وفنونها، ويسعى الغرب لتوضيح حجم الخلاف مع روسيا في القرم والسيل الشمالي وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وما بين «الروسوفيليا» و«الروسوفوبيا» تدور معظم السياسة الخارجية الروسية، ويتحدّد المستقبل.