حذر وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان الأربعاء الماضي من استمرار السحب من الاحتياطي الاستراتيجي النفطي، والذي يعتبر تلاعباً بالأسواق ويحمل معه تداعيات خطيرة في ظل الظروف المعقدة بين الركود الاقتصادي والازمة الجيوسياسية، التي خلقت نقصاً في امدادات الطاقة وارتفاعاً في أسعارها عند مستويات مرتفعة جدا. وهذا مضاد لما تسعى إليه أويك+ بقيادة المملكة للمحافظة على توازن أسواق النفط واستمرار إمدادات النفط، وقد واصلت إدارة بايدن السحب من مخزونها الاستراتيجي بشكل متكرر وبكميات من أجل التأثير على أسعار النفط التي تشهد تقلبات حادة في ظل أزمة طاقة قاتلة للاقتصاد العالمي ومهددة لأمنها. ورغم ذلك واصلت الأسعار ارتفاعها، حيث وصل برنت الى 95.77 دولاراً وغرب تكساس الى 87.90 دولاراً الجمعة الماضية. إنه استنزافاً لهذه المخزونات ومؤشراً على وقوع الخطر في المستقبل القريب، حيث ان لمخزونات لا تستخدم إلا أوقات الطوارئ من حروب وتوقف مفاجئ للإمدادات بكميات كبيرة ولفترة محدودة جدا.

وقد تم إنشاء الاحتياطي النفطي الأميركي في 1975 لتخفيف مخاطر توقف إمدادات النفط الطارئة في اعقاب الحظر النفطي في 1973. ولكن بايدن هو أول رئيس يسحب مرارا وتكرارا وبكميات كبيرة من المخزون الاستراتيجي خلال 6 أشهر الماضية، في محاولة صريحة للتأثير على الأسعار وخفضها لدواعٍ انتخابية، بينما الرؤساء السابقون سحبوا من الاحتياطي ثلاث مرات بكميات أقل بكثير مما أطلقه بايدن. وكان أكبرها في 2011، حيث أطلقت 31 مليون برميل في أعقاب الربيع العربي والحرب في ليبيا، و21 مليون برميل بعد إعصار كاترينا و17 مليون برميل بعد حرب الخليج (EIA).

وفي 21 أكتوبر 2022، انخفض المخزون النفطي بـ212.5 مليون برميل إلى 401.7 مليون برميل على مدى عام واحد، والذي يكفي 20 يوماً من النفط عند متوسط ​​ 20.35 مليون برميل يوميا من الاستهلاك أو 67 يوما عند مستويات 6 مليون برميل يوميا من الواردات. كما أنه سيتم سحب 15 مليون برميل في ديسمبر المقبل، وبهذا سيفقد المخزون الاستراتيجي 227.5 مليون برميل عن العام الماضي، ليتبقى 386.7 مليون برميل من 614.2 مليون برميل، بالإضافة إلى ذلك، أذن الكونغرس ببيع 26 مليون برميل أخرى من الاحتياطي خلال السنة المالية 2023 التي بدأت في أكتوبر. وهذا سيخفض المخزون إلى 360.7 مليون برميل ولذي يمثل 59 % من إجمالي المخزون وهو الأقل منذ 1984، مما سيعرض أمن الطاقة الأميركية للخطر مستقبلاً.

لقد أصبح السحب من المخزون الاستراتيجي الأميركي شريان حياة السياسة للديمقراطيين، رغم أن استطلاعات الرأي أظهرت أن التضخم والاقتصاد هما أهم مخاوف الناخبين. إن الذي يحدد استقرار الأسعار على المدى الطويل هو التوازن بين العرض والطلب، وهو ما تقوم به أوبك+، وليس السحب من المخزون للإخلال بهذا التوازن بقصد التلاعب بأسعار النفط. إن محاولة إدارة بايدن لخفض الأسعار بشكل مصطنع على المدى القصير، بينما بلاده تصدر أكثر من 5 ملايين برميل يوميا من النفط، سيكون على حساب إمدادات النفط على المدى الطويل، ليتبدد حلمه بإعادة ملء المخزون الاحتياطي عند سعر 70 دولاراً للبرميل.