فتحت وزارة الداخلية بتاريخ 26–‏5–‏2019 باب الالتحاق بأكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية أمام خريجي الجامعات من الذكور، ليصبحوا ضباط اختصاص مستقبلاً، كل في تخصصه.

تتطلب القواعد العسكرية، والمنطق، أن تقوم الجهة المعنية في الوزارة بتطبيق إجراءات ضرورية لفرز المتقدمين، واختيار الأصلح منهم، ومنها:

أولاً: إجراء الاختبارات التحريرية، لمعرفة قدرات المتقدم.

ثانياً: إجراء المقابلة الشخصية، لمعرفة شخصية المتقدم.

ثالثاً: إجراء الفحص الطبي المبدئي.

رابعاً: إجراء اختبارات اللياقة البدنية المطلوبة لتولي مهمة عسكرية.

***

ما حصل مع المتقدمين في «الدفعة الثلاثين» كان أمراً غريباً ومخالفاً لكل الأعراف والقواعد، حيث تقرر استثناء الجميع من الشروط والإجراءات أعلاه، وإدخال الصالح والطالح في قرعة، ليفوز من يفوز، وإن كان الأقل كفاءة، وليخسر، حتى الأكثر كفاءة!

ويقال إن سبب لجوء قيادات الوزارة في حينها إلى ذلك الإجراء رغبتها في التهرّب أو تجنّب تدخلات مختلف الجهات في التعيين، أو ربما لوجود أهواء غير معروفة، وهكذا تم إدخال أكثر من 1100 متقدّم للوظيفة في قرعة، اختير من بينهم 320 متقدماً بطريقة عشوائية، وبينهم حتماً عدد لا بأس به ممن لا تنطبق عليهم متطلبات تولي مهام ضابط اختصاص، بأي شكل من الأشكال، وما يعنيه ذلك من مسؤولية أمنية خطيرة. وانتهت الدورة، وتخرّج من تخرّج، وتمت ترقيتهم لرتبهم الجديدة كملازم أول، وتحديداً بتاريخ 14–2–2023.

***

لم يرض بعض من استبعدتهم القرعة بالمصير الذي لقوه، فلجأوا بتاريخ 16–‏3–‏2021 إلى المحاكم رافعين دعاوى قضائية، وصدرت لهم، بعد سنتين بالتمام، أحكام نصت على رفض قبول الدفعة الثلاثين من ضباط الاختصاص، وإلغائها، إلغاءً مجرداً، مع ما يترتب على ذلك من آثار! وبُني الحكم اعتماداً على بطلان إجراءات القبول، واشتمل على النفاذ الفوري، وسحب وإلغاء جميع المميزات الوظيفية لهؤلاء الضباط، واعتبارها كأنها لم تكن!

وهكذا أنهى الحكم خدمات، وربما كامل مستقبل، 300 ضابط تقريباً، ممن تخرجوا في تلك الدفعة، استناداً على مبدأ «ما بني على باطل فهو باطل». والمصيبة أن ما حصل مع هؤلاء الضباط، حصل ما يماثله قبل فترة في الإدارة العامة للخبراء، عندما أنهى حكم قضائي خدمات ما يقارب 500 خبير، بسبب بطلان إجراءات القبول، فأعاد التاريخ نفسه بخطأ من الإدارة المعنية في وزارة الداخلية.

***

من هذا المنطلق نتقدم برجاء لمعالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدفاع بالإنابة الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح، للتدخل ومحاولة احتواء هذه الكارثة الإدارية والأخلاقية والاجتماعية، قبل أن تتفاقم أكثر، وانتظار التمييز سيطول كثيراً.

لا أعلم حقيقة ما يمكن القيام به، ولكن معالي الوزير ومستشاريه أعلم مني بكيفية تلافي هذا الأمر، فالخطأ والمسؤولية تقع بكاملها على أجهزة وزارته، ويجب إعادة حقوق هؤلاء المتضررين المظلومين لهم، ومحاسبة من كان وراء هذه الفضيحة والإهمال المتعمد في تطبيق قواعد ونظم الوزارة، وبخلاف ذلك سيتكرر الأمر مستقبلاً!