أزمة سقف الدين، التي مرت بسلام على الولايات المتحدة والعالم، تثير العديد من الأسئلة. وأول ما يطرح في هذا الصدد، هو أن زيادة سقف الدين كل عام تعني أن أمريكا تنفق أكثر من إيراداتها، ولذلك فمن هي الجهة التي سوف تدفع هذا الفارق؟ الرئيس الأمريكي السابق ريغان، يرى «أنه عندما تنفق الشركة أكثر من إيراداتها فإنها تفلس، ولكن عندما تفعل الحكومة ذلك ترسل الفاتورة للمواطنين». وهذا صحيح، لو كان الاقتصاد الأمريكي مغلق مثل كوريا الشمالية.

ولكن، مثلما نرى، فإن الاقتصاد الأمريكي مفتوح ويرتبط بالاقتصادات في كل أنحاء العالم. ولذلك، فإن الذي يدفع الفرق ليس الشعب الأمريكي وحده، وإنما العالم كله، ونحن من ضمنهم. ولذلك، فمن حقنا طرح أسئلتنا على الأمريكيين الذين نعينهم في سداد الفرق بين ما ينفقون وبين ما يحصلون عليه. والمسألة لا تقتصر على ما قاله رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي، الذي حذر من خطورة التوسع في الاستدانة من الخارج، التي أدت إلى زيادة إجمالي ما تدين به الولايات المتحدة للدول الأخرى إلى 7.3 تريليونات دولار، وإنما أيضاً في السياسات الاقتصادية غير المسؤولة التي تلحق الضرر بالاقتصاد العالمي.

ومن يتابع مؤشرات اقتصادنا، يرى تأثر الكثير منها بالسياسات التي تتخذها السلطات النقدية في الولايات المتحدة- وخاصة بعد ارتفاع التضخم وإفلاس العديد من البنوك الأمريكية. وسوق الأسهم ليست الجهة الوحيدة المتضررة. فسوق العقار هو الآخر قد تراجع. فرفع سعر فائدة الاقتراض في الولايات المتحدة، انعكست على السوق العقارية في المملكة بالسالب، حيث يلاحظ انخفاض حاد للقروض العقارية، بنسبة كبيرة وصلت إلى 54% تقريباً، وهبوط ملحوظ للعقود التمويلية بنسبة 53% تقريباً. وهذا أدى إلى تراجع الرغبة في شراء المساكن من 80% إلى 40%، نتيجة ارتفاع تكلفة القروض.

ان الدول الأخرى في مثل الحالة التي هي عليها الولايات المتحدة تلجأ عادة إلى صندوق النقد الدولي للاستدانة. ومثلما نعرف، فإن صندوق النقد الدولي لا يقدم أموال للدول الأخرى، إلا بشروط معينة، وعلى رأسها ضبط الإنفاق. ولذلك، فمن حقنا، باعتبارنا مقرضين للولايات المتحدة، أن نطالبها بترشيد الإنفاق والكف عن استخدام الاقتصاد والدولار لأغراض سياسية، حتى لا يتقوض موقع الدولار في النظام المالي العالمي.

كذلك، فإن سياسة التيسير الكمي، تؤثر على اقتصادنا، من خلال تصدير التضخم الناجم عنها إلينا. والدليل هو ارتفاع أسعار الذهب مقابل الدولار، مع إمكانية وصوله، كما توقعت بعض المصادر، إلى 3000 دولار للأوقية. فنحن حاملي الدولارات الأميركية، مثلنا مثل صندوق النقد الدولي نرى أن على الولايات المتحدة، أن تخفض الإنفاق المبالغ فيه، وعلى رأسه العسكري، وأن تضع سياسة واضحة تمنع تآكل الدولار، حتى لا تتضرر عملات البلدان المرتبطة به.