منذ وعيت، في بداية الستينيات، وأنا أسمع بحزب التحرير، وعلاقته بالقضية الفلسطينية، ودفعتني التطورات الأخيرة، وحظر بريطانيا لنشاطه في المملكة، للبحث عن هذا الحزب الغريب، والكتابة عنه، فتبين أنه تكتل سياسي، إسلامي، يسعى للعودة إلى الحياة على الطريقة الإسلامية، التي لا يبدو أن أحداً يعرف ملامحها، وأنهم بصدد إحداث إنقلاب شامل وجذري في حياة هذه الأمة، بعد خلع أنظمة الحكم القائمة على غير الإسلام، وإقامة الدولة الإسلامية، وتوحيد مليار ونصف المليار مسلم في دولة واحدة، بأمرة «الخليفة»، وطبعاً سيكون أميرهم!

تأسس حزب التحرير في القدس، عندما كانت المدينة تحت سلطة الأردن، على يد رجل الدين والكاتب الفلسطيني تقي الدين النبهاني (1909 - 1977) في عام 1953، وأصبح أميره تالياً.

وورد في المطبوعة البريطانية «نيوستيتمان» أن عدد أعضاء الحزب يقدر في آسيا الوسطى بالملايين. كما إن له وجود قوي في الضفة الغربية، ومليون عضو في أندونيسيا، بخلاف انتشارهم في 50 دولة أخرى.

تصنف الجهات التابعة لوزارة الخارجية الأميركية حزب التحرير بأنه إسلامي أصولي، رافض للديموقراطية، وأنه يحرّم الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية، ويعتبر نفسه خصماً سياسياً لكل هذه الأنظمة، ولا يعترف إلا بالشريعة نظاماً.

تعرّض الحزب للمنع في كل الدول العربية، وقضى الكثير من أعضائه في السجون العربية، الجميلة، وكان نصيبهم من القمع في عهد صدام كبيراً، لكنه قرّبهم عندما غزا الكويت، لكن الحزب تمتع ببعض الحرية في لبنان وتونس. كما كان، وربما لا يزال له وجود غير معلن في الكويت، وسبق أن أعلن، في تحقيق صحافي أجرته صحيفة محلية مع ممثلها في الكويت، بتاريخ 2014/8/5، عن رفضهم تنظيم داعش، أو الدولة الإسلامية، وأن ما يقوم به يعتبر لغواً. وأضاف ممثلهم أنهم يرفضون كل أفعال ومزاعم «داعش»! وبعدها ببضعة اشهر اغتال «داعش»، في نوفمبر 2014، مصطفى خيال (أبوبكر)، أحد أبرز قيادات حزب التحرير، بسبب مواقف الحزب المعارضة لهم.

* * *

نظّم حزب التحرير مؤخراً مسيرات في شوارع لندن مؤيدة للفلسطينيين، مع هتافات تدعو إلى الجهاد، أو الحرب المقدسة ضد إسرائيل. فقررت الحكومة البريطانية حظر نشاطه، وهو الأمر الذي طال انتظاره. والسؤال: لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت لحظر هذا التنظيم بأيديولوجيته المليئة بالكراهية، واستغلاله المتكرر لـ«تسامح» بريطانيا مع حرية التعبير والاحتجاج السياسي؟ والسؤال الثاني: لماذا أبتليت هذه الأمة بكل هذا العدد من التنظيمات الإرهابية المتطرفة؟

* * *

ملاحظة: جار «ثقيل طينة»، وصاحب «خيمة مشبوهة»، يتعمّد دسّ أنفه في شؤوني لأعطيه بعض ما هو بحاجه إليه من أهمية.

يصر على إيقاف مركبته أمام بيتي، ليدفعني، بسبب عقدة لديه، لأن «أتحدّث معه وأطلب» إزالتها!