quot;إيلافquot; ترصدها من واقع رؤية الخبراء
مستقبل الحركات الاجتماعية فى مصر بعد إضراب 6 ابريل

محمد حميدة من القاهرة: بعد اضراب 6 نيسان/ابريل الجاري بدأ الحديث عن مستقبل الحركات الاجتماعية والقوى السياسية يفرض نفسه مرة اخرى، فقد شهدت مصر يوم أمس إضرابا غير محسوسا او غير مؤثرا،مقارنة بإضراب العام الماضي 2008، حيث بدت الحياة طبيعية ولم يشارك فيه سوى عدد قليل من شباب الجامعات ورموز القوى السياسية، نظموا تظاهرات صغيرة فى الجامعات والميادين الرئيسية، لم يتجاوز تاثيرها حدود الأماكن التي أقيمت فيها بسبب الإجراءات الأمنية المشددة والفعاليات التي نظمها الحزب الوطني على الجانب الموازي للتشويش على الإضراب.

فشل الإضراب سلط الضوء على حجم وقوة الحركات الاجتماعية والقوى السياسية الموجودة على الساحة، ومدى قدراتها على إحداث التغيير، وهو ما يثير شكوكا حول مستقبل هذه الحركات. الدكتور كمال حبيب أستاذ العلوم السياسية يرى ان الإضراب فشل ولم يأت بجديد وارجع ذلك لعدة أسباب، على رأسها غياب شيوع الفكرة بين الناس مقارنة بإضراب العام الماضي 2008، ويؤكد الدكتور كمال حبيب الخبير بشؤون الجماعات الإسلامية ل quot;ايلافquot;، ان عموم الناس لم تعرف ان هناك إضرابا كما لم يعرفوا شباب 6 ابريل الذين دعوا للإضراب.

وأضاف ان القوى الاجتماعية في مصر تعمل بشكل موسمي، لا تعمل طوال العام، يظهرون في يوم أطلقوا عليه quot;يوم الغضب ويقوموا بأعمال رمزية،لا ترق لأعمال احتجاجية، مشيرا الى ان مصر تعاني من تمزق في القوى الاجتماعية، لا تملك قاعدة كافية من الجماهير تعمل كدعم او سند لها، كما ان ثقافة الاحتجاج لا تزال مبكرة والناس منقسمة بين علمانيين وإسلاميين ويساريين وغيره، ولم تتبلور حتى الآن فكرة او خطة مشتركة قادرة على جمع والتفاف الناس حولها من اجل هدف التغيير.

ويرى الدكتور كمال حبيب ان quot;الحركات الاجتماعية الموجودة على الساحة، ليست حركات احتجاج حقيقية كما هو معلوم فى العلوم الاجتماعية، بل يمكن ان تسمى نبضا معارضا quot;، لا تصل الى مستوى تحدي النظام او ان تخلق حركة قوية معروفة مثلما هو الحال فى الغرب مثل التضامن ببولندا او المبشرين بأوروبا او حركات الخضر وغيرها. quot;انها حركات للتعبير عن الرفض او الغضب وكلها أشياء ادنى من حركات حقيقية تقود المجتمع نحو التغيير quot;، كما يضيف حبيب معللا تراجع الحركات الى التحول من المطالب السياسية الى المطالب الاقتصادية، quot;عندما يتحدث زعيم سياسي مثل عبد الحليم قنديل عن الأجور فهذا كلاما فارغاquot;،المفروض انه يطالب بتغيير سياسي - اقتصادي شامل، والمعروف ان الطبقة الوسطى تطالب بأشياء ذات طابع سياسي ثقافي عام شامل، بينما العمال يطالبون بهذه الأشياء التي تأخذ الطابع الاقتصادي.

quot;ويبدو ان هذه الحركات انتهت الى ذلك، فحركة كفاية على سبيل المثال بدأت سياسية ثم شيئا فشيئا بدأت تطالب بمطالب اقتصادية، فحصل تراجع فى الحركة وليس تقدما الى الأمام، بالإضافة الى اختفاء وتراجع وجوه كانت تناضل في فترات سابقة ثم اختفت الآن وتراجع دورها مثل احمد بهاء شعبان وجورج اسحق وغيرهم quot;.

استجابة ضعيفة لدعوة يوم الغضب في مصر

السادس من أبريل يوم غضب في مصر

الأمن يعتقل ناشطاً في مصر يدعو للإضراب غداً

إضراب 6 أبريل: استجابة نخبوية وعدم اكتراث الشارع المصري

وحول مستقبل تلك الحركات يرى الدكتور حبيب انها حركات عشوائية تفتقد الى قاعدة صلبة بحيث تمكنها من الانتقال لمرحلة اعلى، مؤكدا ان الحركات الاجتماعية الموجودة تفتقد الى قدرة خلق تيار quot;mainstreamquot; يخترق الجماهير ويتغلغل بأفكارها وسط العوام، وتقودهم للوقوف خلفها. ولا يتوقع الدكتور حبيب ان تتوقف الحركات الاجتماعية وان كان يتنبأ باحتلال حركات الاحتجاج المطلبيهquot; المبنية على مطالبquot; مثل أساتذة الجامعات والأطباء والصحافيين، للمشهد السياسي المصري فى الأمد المنظور، بينما حركات التغيير لا يتوقع لها مستقبلا مبشرا، إلا إذا امتلكت القدرة والإرادة والفرصة على حد قوله.


أما الدكتور ضياء رشوان الباحث المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية يقول ان ظاهرة الاحتجاجات الاجتماعية جديدة على مصر، وجدت بعد ان وجد المصريون أنفسهم فى وضع لم يعتادو عليه، الدولة تريد الاستمرار فى احتكار السياسة وفي نفس الوقت تتخلى عن التزاماتها بتامين مصادر الحياة الأساسية للمصريين، فما كان من فئات الشعب الا التحول الى ممارسة ضغوط غير سياسية على الدولة كى يحصلوا على الحدود الدنيا لمعيشتهم.

ويشير الدكتور رشوان الى ان التعبير عن الغضب من مختلف القطاعات الفئوية والمهنية والاجتماعية كان يدور فى حلقة المطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية وليس المطالبة بالحقوق السياسية التي طالما احتكرتها الدولة، لكن مع تراجع الدولة عن أداء دورها فى توفير الحاجات الأساسية للمواطنين، بدأ يدفع البعض الى الاحتجاج على احتكار الدولة للسياسة والتي ظهرت فى مطالبة قطاعات مختلفة بأدوار رئيسية فى الحياة السياسية.

وبنظر الدكتور رشوان لم يرتق بعد هذا الدور الى مرحلة التأثير ويحتاج ذلك الى واحد من بديلين على حد قوله، اما ان تطور القوى السياسية الموجودة الان من أفكارها ونماذجها التنظيمية والحركية بحيث تقودها بما يضمن تحولا تاريخيا فى التقاليد السياسية المصرية. او ان تفرز قوى سياسية أخرى غير الموجودة أكثر تطورا ومرونة بما يمكنها من انجاز مهمة التحول السياسي.