يحيى الضبيبي من صنعاء: أكدت دراسة إسكانية حديثة على ضرورة تبني إستراتيجية دقيقة وعملية لتحسين وإعادة تخطيط المناطق الحضرية الهامشية في اليمن، والعمل على تنمية حضرية مستدامة من خلال تطوير أحياء سكنية تسمح بالإستخدام المختلط والكثافات السكنية الحضرية.
وأشارت الدراسة التي أعدتها المهندسة التابعة للبنك الدولي (سونيا سبروت) حول مراجعة الوضع الراهن للإسكان في اليمن إلى ضرورة الإنتباه لمناطق الإنتشار الحضري التي تحتاج إلى إعادة الهيكلة والتكييف وتحسين أمور المجتمع الإستشارية، ومساعدة مالكي بناء القطاع الخاص بآلية تزويد تجمع بين كل من عوامل العرض والطلب والتغلب على عدم الإنسجام في المساكن المعروضة، وكذا ضرورة مراجعة وتأليف الأعمال
الجارية لاستئصال الفقر الحضري.
ولفتت الدراسة إلى أن سبب الإنتشار الحضري quot; المتوحشquot; يعود إلى الإقبال المتزايد للحصول على أراضي سكنية رخيصة، وكذا الإستثمار التخميني.
ونوهت بأن عملية النمو في المساكن العشوائية عملية مستمرة ومن غير المتوقع أن تتوقف قريباً الأمر الذي يضع الجهات الحكومية اليمنية أمام ضرورة ملحة للمزيد من البحث والدراسة من أجل التعرف على الآلية التي يمكن حل المشاكل الحاصلة حالياً وتفادي تكرارها في المستقبل،
بقدر الإمكان.
وأعتبرت الدراسة ( التي تشمل مجال الإسكان الحضري ) أن مشكلة السكن في اليمن ليست مسألة عدد الوحدات السكنية فقط ولكنها أيضا مسألة
تناسب عدد الوحدات السكنية والقدرة على الشراء، وصعوبة الحصول على الوحدات السكنية وعدم تناسب العرض مع الطلب.
وعرضت الدراسة وضع الإسكان الحالي بحسب نتائج تعداد 94م و2004م.. مشيرة إلى اختلاف نسب الإيجار من مدينة إلى أخرى حيث يستأجر 7ر47 في المائة من العوائل في صنعاء، بينما يستأجر 9ر16 في المائة من العوائل في عدن.. منوهة بعدم توفر أي معلومات جديدة يمكن الحصول عليها للمدن الأخرى.
وقالت الدراسة quot; هناك نسبة منخفضة نسبيا من الأكواخ والسكن العشوائي تقدر بـ 3ر2 في المائة، فيما توجد نسب كبيرة من العوائل الحضرية التي تفتقد إلى البنية التحتية الحضرية بموجب تعداد 2004 بنسبة 26 في المائة من المباني الحضرية الغير موصل بأي شبكة إمداد مياهquot;.. مشيرة إلى تشارك حوالي 6 الاف أسرة في صنعاء و9500 أسرة في عدن.
وتشير الدراسة مستندة إلى بيانات التعداد إلى أن 50 ـ 75 في المائة من العوائل المدن الرئيسية في الجمهورية يعيشون في ظروف سكن مزدحمة.
وحذرت الدراسة من عمليات التوسع الحضري الذي لايخضع للسيطرة، كون هذا التوسع يقود إلى الفوضى ويضع المدن وراء حدود الخدمات المجدية، ناهيك أن هذا التوسع يجعل التخطيط الحضري أمرا نظريا صرفا، ويكون التخطيط بعيد الأمد أمرا لا جدوى منه إذا لم يستند على حقائق على أرض الواقع.
وأشارت الدراسة إلى ان معدلات التخطيط الحالية غير واقعية ومخططات وحدات الأحياء الحالية غير كفؤة وتحتاج إلى مراجعة كبيرة لتأمين تقديم
مخططات الأحياء سياق أفضل لتطوير المساكن التي تكون في المقدور فيما يحتاج تطبيق التخطيط إلى التحرك من المكاتب إلى المواقع.
ونوهت الدراسة بأن جهات التخطيط الحضري تنقصها الموارد البشرية والمعدات والخرائط الحديثة وصور القمر الصناعي، فضلا عن الإهتمام بأمور اللامركزية.
وفيما يخص التجهيز السكني الحضري الحالي من نسبة التجهيز الكلي أشارت الدراسة الدولية إلى أن المساكن التجارية التي بنيت من اجل البيع تحتل نسبة 2 في المائة من إجمالي انتاج الإسكان، وواحد في المائة من إجمالي إنتاج الإسكان المستخدم وتشمل فيلات وإسكان من نوع الشقق الخاصة نفذها مشروع بنك عدن الإسلامي.
فيما تمثل استثمارات العقارات البديل لعائد الإستثمارات السيئة في النظام المصرفي نسبة 20 في المائة من إجمالي إنتاج الإسكان و4 في المائة من إجمالي الإسكان المستخدم وتشمل عمارات سكنية ذات طابق أرضي تجاري على طول الطرق الرئيسية، وتستخدم أسلوب البناء الشائع على طول الطرق الرئيسية في صنعاء وذمار وإب وتعز وعدن.
وأشارت الدراسة إلى أن الإستثمارات في ذات المستوى المتطور والتي تشمل بيوت بنيت بواسطة اليمنيين الذين يعيشون في الخارج تمثل نسبة 10 في المائة من إجمالي إنتاج الإسكان و 2 في المائة من إجمالي انتاج الإسكان المستخدم وتمثل فيلات وإسكان شقق من نوع الفيلات الحضرية مثل الفيلات السبعة التي بناها الأخوة السبعة في محافظة إب والذين يعملون في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفيما يخص بناء مالكي السكن للإستخدام الخاص أفادت الدراسة بأنها تمثل 50 في المائة من نسبة إنتاج الإسكان و 66 في المائة من نسبة إنتاج الإسكان المستخدم وتمثل المساكن الشائعة في المناطق الحضريةالحالية وفي أطراف معظم المدن وهي عبارة عن بيوت أسر مفردة غالبا ماتتوسع عبر الزمن.
وبينت الدراسة بأن بناء مالكي السكن للإيجار لتوليد دخل كجزء من دخل العائلة الإستراتيجي تمثل 13 في المائة من إجمالي إنتاج الإسكان و19 في المائة من إنتاج الإسكان المستخدم، وهي عبارة عن غرفة او شقة توسيع للمنزل أو منزل صغير إضافي.
وأشارت إلى أن بناء مالكي السكن للتأمين تمثل 5 في المائة من إجمالي إنتاج الإسكان و8 في المائة إجمالي إنتاج الإسكان المستخدم، وتشمل
منازل حرس قليلة التكلفة للحماية من الإستيلاء على قطعة أرض.
وأكدت الدراسة بأن بناء مالكي السكن للإستخدام الخاص وللإيجار وللتأمين لاتلبي الحاجة المطلوبة، ولاتدعم أغلبية المساكن الحضرية مما يؤدي إلى انعكاس ذلك على الوحدات الشاغرة.. منوهة بأنها تحتاج إلى تلبية حاجة الإسكان الفعلية خصوصا وأن منشات البناء المملوكة يقدر لها بأن تفي بنسبة 93 في المائة من جملة الموجود من المساكن الحضرية الجديدة غير المستعملة.
كما أكدت الدراسة أن معظم المنشات المملوكة تعاني من المخاطر وذلك بسبب عدم تخطيط المناطق الحضرية quot; الرخيصةquot; وقطع الأراضي المملوكة التي كثيرا ما ينشأ الصراع حولها.. وأضافت quot;: أنه قد يتم إنشاء المساكن في مواقع غير آمنة كما قد يشك البعض ما إذا كانت المخططات الجديدة ستراعي مسألة استثماراتهم، فضلا عن أن الإستثمارات الخاصة ذات الأهمية قد لاتكون آمنة لمن يرغبوا البناء من الملاك الذين تمت مقابلتهم مما يضطرهم إلى السعي بأنفسهم لبذل الجهود لإسكانهم quot;:.
ونوهت الدراسة بأن 20 في المائة على الأقل من الأسر التي هي في حاجة إلى مساعدة خاصة زيادة على دعم البناء التحتي للحصول على السكن الأكثر ضرورة.
وأشارت إلى أن غالبية المساكن الحضرية أي بما نسبته نحو 85 في المائة يمكن أن تفي بالتزامات امتدادات الأراضي ووحدات الإسكان من quot; 1 ـ 2 غرفة quot;.
فيما تحتاج 20 ـ 50 في المائة من المساكن الحضرية إلى مساعدات إضافية على أن تكون في شكل إمدادات بنية تحتية ومنح رأسمال إضافية لسد الفراغ بين إمكانية عملية السداد وتكاليف الأراضي والإنشاءات السكنية.
وقالت الدراسة إن مراعاة خيارات إسكان إلتزام الأراضي هي المفضلة كثيرا على نظام إسكان الشقق وأنها خيارات عملية لتزويدهم بالممارسات المفضلة والتي توضح بأن حاجة الإسكان الحضري المجملة تتطلب عملية وحدات الإسكان بالتزام الأراضي.
وأكدت الدراسة على ضرورة مواكبة الإمدادات مع الطلب ودعم البناءة المالكين من خلال تسهيل عملية الوصول إلى قطع الأراضي quot; المخدمة quot; أي التي تتوفر فيها الخدمات الضرورية، وتوفير مبالغ الإسكان من خلال القروض الفورية واعتمادات الضمان للسكان المحتاجين، وتوفير الأمن
للبناة الملاك والإنجازات المتطورة لخدمات البنية التحتية بمعايير مبدئية مبسطة.. لافتة إلى أن دعم البناة الملاك يزيد من إمكانية
المرافق السكنية.
وأشارت الدراسة إلى ضرورة التعريف بالمساكن التي تحتاج إلى مساعدات خاصة وإعداد نظام للوصول إلى المجموعات المستهدفة، وإعادة تخطيط وتطوير المناطق الجغرافية الصعبة، والتعريف بمعايير مشروع الإسكان للإستهداف الذاتي وتطبيق معايير تكلفة منخفضة فعلية لتخفيف مخطاطر الخيارات السكانية حتى تصبح جيدة وفعلية لجذب السكان.
وأكدت الدراسة على ضرورة الوضع في عين الإعتبار معايير وخيارات السكن الحالي من خلال برنامج الإسكان العام.
يذكر أن هذه الدراسة تأتي ضمن عدد من الدراسات نفذها فريق من البنك الدولي لإعداد تقارير أولية عن وضع الإسكان والمناطق العشوائية
في اليمن، والتي سيتم على ضوئها إعداد سياسة إسكانية ملائمة تغطي الاحتياج الإسكاني لجميع فئات المجتمع، وخاصة ذوي الدخل المحدود.
وعلى صعيد متصل عزت دراسات حديثة الأزمة الإسكانية في اليمن إلى تمركز أغلب السكان في المدن الرئيسة، وفي عواصم المحافظات، مما أفرز كثافة سكانية عالية رافقها زيادة الطلب على السكن والخدمات الاجتماعية.
وأشارت الدراسات التي نفذتها وزارة الأشغال العامة والطرق إلى أن الارتفاع المستمر في أسعار الأراضي والمضاربة العقارية، ونقص الموارد
الاقتصادية، والتدخل المتدني للفرد فاقمت من هذه الأزمة.
وقدرت حجم عجز المساكن في اليمن بحوالي 214 ألف و866 مسكناً، حيث بلغ إجمالي المساكن الحالية مليوني و619 ألف و571 مسكناً، تشمل 443 ألف و225 مسكناً من الخيام والعشش المساكن الخشبية والصفيح.
فيما يصل حجم الأسر إلى مليونين و 834 ألف و 37 أسرة وفقا لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن 2004م.
وأشارت إلى أن نسبة الإهلاك للمساكن القائمة تقدر بـ 5 % من إجمالي المساكن، وتعادل 130 ألف و978 مسكناً، ليصبح إجمالي الاحتياج السكني الفعلي 787 ألف و69 مسكن حتى العام 2010.
وأوردت الدراسات عدد من العوامل التي ساهمت في تفاقم أزمة الإسكان أبرزها الهجرة الداخلية، وعودة المغتربين اليمنيين من الخارج وخاصة بعد أحداث الخليج في بداية التسعينيات، وما ترتب على الحركة المستمرة للمواطنين بين جميع المحافظات خصوصا عقب الوحدة المباركة في الـ 22 من مايو 1990م، وكذا الزيادة الكبيرة والمستمرة في تكاليف تشييد المساكن نتيجة زيادة أسعار مواد البناء والمستورد أغلبها من الخارج.
وأوضحت أن زيادة الطلب على السكن ناتج عن عوامل اجتماعية، بسبب العادات اليمنية، حيث يميل معظم الناس إلى الحصول على سكن مستقل.
وعددت الدراسات أبرز العوامل والمؤثرات التي تعيق تنفيذ مشاريع الإسكان وأهمها ارتفاع كلفة الأراضي والمضاربة عليها، وظهور المناطق
العشوائية بالإضافة إلى غلاء مواد البناء وقلة مشاركة القطاع الخاص وعدم توفر عدد كاف من البنوك التي تقدم القروض الميسرة لصيانة المساكن المتهالكة أو البناء الذاتي وغيرها من المؤثرات الفنية والاقتصادية.
وأكدت الدراسات على أهمية جذب القطاع الخاص والمستثمرين في مجال الإسكان بجميع أنواعه سواء عالي الجودة أو متوسط الجودة وبما يتفق ودخل الفرد اليمني.. لافتة إلى أهمية القطاع الخاص في التخفيف من حدة الأزمة السكنية.
التعليقات