في روايتها "آريا"، ترسم الإيرانية نازانين هوزار فسيفساء الحياة في إيران قبل ثورة الخميني في عام 1979 من خلال تفاصيل حياة بطلتها، وما عاشته من هوان وهيام. قدران متلازمان، تعبث بهما السياسة والفوارق الاجتماعية.

تبدأ رواية نازانين هوزار "آريا" Aria (منشورات فايكينغ، 18 جنيهًا استرلينيًا) في طهران خلال الخمسينات وتنتهي بعد ثورة الخميني بعامين. وتشبه هذه الرواية رواية بوريس باسترناك الكلاسيكية، فهي قصة حب ومحاولة لفحص العنف السياسي. تقول هوزار في روايتها: "اعتقد أن كتاب الرواية يختلقون قصصًا كي يفهموا العالم من حولهم أو يفهموا نفسهم. في حالتي، الاثنين معًا. كتبت رواية آريا لان الحياة منذ الطفولة تعنى لي الفوضى".

قدر طفلة

تبدأ حوادث الرواية في أوائل خمسينيات القرن الماضي في إيران. في إحدى الليالي، وفي أثناء تجوال أحد جنود الجيش الإيراني في أحد أحياء طهران، انتبه إلى بكاء طفل صغير. بدافع الفضول توجه صوب الصوت ليُفاجأ بأنه بكاء طفلة حديثة الولادة متروكة على حافة الطريق ومحاطة بكلاب.

أنقذ الطفلة وسمّاها "آريا"، فغير مسار حياته وحياة الطفلة إلى الأبد. على الرغم من أن الاسم هو للذكور ويعني ”العرق الآري“، فالجندي اختاره لمعناه الموسيقي وهو ”بكاء في الليل“.

هذا التناقض يستمر طوال الرواية، حيث تنتقل آريا بين الفقر والثراء، بين التعلم والأمية، بين التشيّع وشيء آخر، ليصفها الجندي لاحقًا في الرواية: ”انها تمكنت بطريقة ما أن تكون شخصيتين في شخص واحد“.

من خلال مسيرة حياة آريا نتعرف على ثلاثة نساء كتب لهم القدر أن يكنّ أمهات لهذه الطفلة. بداية بزهراء، زوجة الجندي الأنانية، ثم فرشتيه القنية وصاحبة القلب الرؤوف التي رحبت بآريا في عائلتها وجعلتها وريثتها، وأخيرًا الشخصية الغامضة والفقيرة ميهري التي مثلت علاقتها بآريا نعمة وعبئًا في الوقت نفسه.

حب وفوارق اقتصادية

غالبًا ما تعرضت آريا للضرب من زهراء التي أهملتها وحبستها في الشرفة. مع ذلك، تتمكن آريا من التواصل مع كارمان ابن العائلة الجارة الذي يتسلق شجرة ليوصل إلى آريا الحلويات. حب هذا الصبي يتطور خلال الرواية ليتحول إلى مرارة بعد رفضها له.

تتمكن آريا من الهروب من زهراء لترتقي بنفسها إلى طبقة أخرى عندما تتبناها فرشتيه التي هي وريثة عائلة غنية من أصول زردشتية تزود عائلة الشاه بالفضة. وهنا تتعرف آريا على شخصيات ثانوية متنوعة منها الخادمة معصومة، وزوج فرشتيه، والعم جعفر.

في هذه المرحلة من طفولتها، استمتعت آريا بحياة شمال طهران المريحة، فهناك المنتزهات، والمدارس الحديثة. تعرفت على هملت ابن رجل الأعمال الأرمني الغني، وكذلك ميترا التي انحرمت من أبيها بعد اعتقاله بسبب نشاطه اليساري.

هوزار تبين للقارىء الفوارق الاقتصادية والاستياء المتفاقم الذي عجل من التغيير. فالتوتر الاجتماعي يتزايد مع تقدم الرواية وهنا تتمكن هوزار من تقديم وصف للجو السياسي من وجهة نظر الأطفال والمراهقين بطريقة مؤثرة.

يبقى الجندي بهروز الشخصية المؤثرة الأكبر. فحكاياته التاريخية تعكس الثروة الثقافية الغزيرة لإيران في سبعة آلاف سنة. لكنه يقول: ”عندما يكون الشيء بهذا القدم، لا بد من أن يتصدع يومًا“.

في نهاية السبعينيات، تغمر مختلف طبقات المجتمع في اجتماعات سياسية، من الطلبة إلى تجار البازار، من شمال طهران إلى جنوبها، حيث يتنافس اليسار مع الإسلاميين، لتنتهي الصفحات الأخيرة من الرواية بمنع التجوال والتظاهرات، وأزمة المواد الغذائية، وعودة آية الله الخميني إلى إيران ليعلن أنه لا يرغب بالسلطة لنفسه.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور هنا.