رغم تكرر الاجتماعات واللقاءات مازالت الأطراف العراقية متمسكة بطموحاتها في تشكيل الحكومة التي طال انتظارها ولا يبدوا بالأفق أي انفراج في الأزمة أو تقليص بحجم الأطروحات الخاصة بكل طرف من الأطراف العراقية فهذه الأطراف تجاوزت حتى المهلة المحددة لتشكيل الحكومة في الدستور وهو ما يعني تباعد المسافات وتفاقم الخلافات بين أطراف الوسط السياسي العراقي.

وبالتأكيد فان اخطر ما في المشكلة الحالية أنها ليست محض مشكلة سياسية إنما هي مشكلة دستورية وتشريعية بالدرجة الأساس الأمر الذي يطرح إمكانية تكرر هذه المشكلة بالمستقبل لتعيش البلاد أوضاعا كالتي نعيشها الآن أو ربما أسوا.

وبالتالي فان الحلول التي توضع لهذه الأزمة يجب أن تكون حلولا دائمة لا مؤقتة وكان الهدف منها تحريك العملية السياسية لا أكثر.
فالحلول المؤقتة علاوة على عدم دوامها فإنها أيضا تتيح للمساومات أن تلعب دورها بما يخل بأهداف المجموع أو المصالح العليا للبلاد الأمر الذي يعرض البلاد أو مكتسباتها الديمقراطية للخطر.

فالحلول المطلوبة يجب أن تؤسس لمنهج عملي يجنب العملية الديمقراطية مخاطر الانحراف أو التوقف بحيث يمكن لتلك الحلول أن تساهم في بناء ديمقراطية صحيحة خالية من أي علل أو أمراض وهذا الأمر لا يبدوا ممكنا في ظل التعقيدات الحالية والظروف العامة التي تمر بها البلاد.

ولان الإرادة السياسية العراقية تكاد تكون مشلولة في ظل انقسام الكتل السياسية وعدم ارتباطها بمشروع وطني موحد فان الخيارات الممكنة تكاد تكون قاصرة عن وضع حد نهائي للازمة العراقية ولعل الدستور والعملية السياسية القائمة عليه هما أساس المشكلة وسبب جوهري للازمات المتتالية التي يشهدها الواقع العراقي.
فبدون وجود قواعد صارمة لإدارة دفة البلاد وتوجيه العملية السياسية الوجهة الصحيحة لا يمكن الاتكال على الخيار الشعبي المكبل بسلطة الجهل والتخلف بحيث يغدوا هذا الخيار في الأعم الأغلب غائبا وأحيانا ذو اثر سلبي في مسار الأحداث.

.ومن ابرز الأدلة على عقم هذا الخيار غير المدعم بأطر تشريعية عودة الكثير من النواب والمسؤولين المقصرين أو غير الفاعلين إلى المؤسسات التشريعية والحكومية والقضائية فيما أن من أسس العملية الديمقراطية الصحيحة هو بقاء الأصلح القادر على تقديم الأفضل.

لذلك وفي ظل التعقيدات الحالية لم يعد هناك مناص من الحل الدولي الذي يجنب البلاد الوقوع في حبائل الفوضى من جديد ولابد لمجلس الأمن من تحمل مسؤولياته القانونية لإخراج العراق من واقعه البائس بحكم كونه خاضع لسلطة البند السابع على أن تحدد في هذا القرار العناصر الأساسية لإنشاء حكومة مدنية قادرة على البقاء.
واهم شيء يجب فعله قبل كل شيء تشكيل لجنة دولية ذات خبرة عالية لكتابة دستور جديد للبلاد يتجاوز الأخطاء التي يتضمنها الدستور الحالي على أن تصاغ مواده على وفق أفضل الدساتير المعمول بها عالميا.

ولعل أفضل الخيارات الممكنة لمجلس الأمن تشكيل حكومة من التكنوقراط يقع على عاتقها إقرار الدستور وإصدار قوانين مستوحاة من أفضل التجارب العالمية في هذا المجال قبل إعطاء الحكم لحكومة منتخبة.

فالعراق بحاجة لمجلس الأمن لان الأمن العالمي بحاجة لعراق امن مستقر.