عالم الأدب

محفوظ....المبدع يموت نصف موت

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كتّاب عرب: محفوظ ذاكرة الحارة المصرية شكّل ذاكرتنا

د سيّار الجميل: نجيب محفوظ: رائد الرواية العربية

بوش: كتابات محفوظ تقدم أعمق رؤية لحياة المصريين

الروائي المصري نجيب محفوظ في ذمة الله

أولاد حارتنا.. هل صارت لعنةمحفوظ؟

40 عاماً بصحبة نجيب محفوظ

رواية الطريق لنجيب محفوظ وكتاب هالة فؤاد ملف نجيب محفوظ كنز من الوثائق

الجريمة والعقاب: طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن

طالباني: سيبقى محفوظ مفخرة للبشرية


بشار دراغمه: نجيب محفوظ... حكاية لم تنهيها وفاته

سلوى اللوباني من القاهرة: رحل الاديب العالمي مساء أمس في مستشفى الشرطة بعد ان قضى هناك أكثر من شهر...وبعد أن عاني في اليومين الاخيرين من انخفاضا في نسبة الهموجلوبين في الدم حيث وصلت الى 7.1 مليجرام وارتفاع في درجة الحرارة اضافة الى أنيميا حادة، برحيل الأديب العالمي "نجيب محفوظ" نذكر مقولة الكاتب الروسي أنطون شيخوف "أن المبدع يموت نصف موت، لأن روحه الحية تظل من بعده في أعماله"..مات محفوظ الذي صنع تاريخه الادبي على مدى 70 عاماً..مات ليبقى اسمه حياً بابداعه.... محفوظ الذي بدأت رحلته مع الحياة في 11 ديسمبر 1911 من حي الجمالية..و الذي بدأ في سن التاسعة عشر بنشر مقالات وأبحاث فلسفية لمدة 15 عاماً...وبدأ بكتابة القصة القصيرة عام 1935.. كما تنقل بين مناصب وظيفية عديدة الى أن أحيل الى التقاعد عام 1971 وتخللت هذه السنوات كتابة عدد من السيناريوهات للسينما... محفوظ الذي تزوج في سن متأخرة(43 عاماً) سراً من "عطية الله ابراهيم" في 27 سبتمبر 1954 وأخفى زواجه لمدة 10 سنوات أنجب خلالهما بنتين هما أم كلثوم وفاطمة... والذي أقام في شقته المتواضعة بالعجوزة سنوات طويلة ولم يغيرها حتى بعد أن اشتهر عالمياً... محفوظ صاحب الثلاثية والحرافيش وأولاد حارتنا.. وصاحب نوبل عام 1988، الذي ترجمت أعماله الى 28 لغة كان آخرها الاندونيسية والالبانية...رحل محفوظ بعد أن جسد هموم الناس وأحلامهم من خلال كتاباته الواقعية التي بلغت 35 رواية و15 مجموعة قصصية..خط فيها حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة التي كان يعتبرها الحجر الاساس للمجتمع المصري، فقال "رجاء النقاش" أن مصر الحديثة لا يمكن فهمها فهماً صحيحاً بدون قراءة نجيب محفوظ، لذلك سيظل محفوظ مصدراً من المصادر الاساسية لدراسة مصر وفهمها وتذوقها خلال هذه المرحلة بكل مشاكلها الاجتماعية والنفسية والروحية..

محطة فارقة:
رحل نجيب محفوظ بعد أن تعرض الى محطة فارقة في حياته منذ عام 1994 على يد شاب متطرف..منذ ذلك العام لم يعد يتنقل محفوظ بين شوارع القاهرة ومقاهيها..لم تطأ قدماه الحي الذي ولد فيه..حي الجمالية..بعد هذه المحطة الفارقة في حياته أصبح اتصاله بالعالم من خلال لقائه الاسبوعي مع الاصدقاء وملازمته لحارسه الشخصي... ومساعده "الحاج صبري" الذي يقرأ له الجرائد والمجلات..ستبقى الامة فارقة في تاريخ الادب المصري والعربي بأن نجيب محفوظ استطاع أن يتعلم الكتابة للمرة الثانية في حياته بعد 4 سنوات من حادثة الاغتيال... ليصدر آخر كتبه عام 2006 بعنوان "أحلام فترة النقاهة"... 146 حلم عبر عنها بكلمات بسيطة عميقة مؤثرة.. تجسد رؤيته لما يحدث حولنا...محفوظ الذي لم تثنيه هذه العلامة الفارقة في حياته عن حبه للكتابة قائلاً "لو عاد بي الزمان الى بداياتي لاخترت أيضاً أن أكون كاتباً".

عامه الاخير:
رحل محفوظ تاركاً إرثاً إبداعياً خاض من أجله في عامه الاخير معركة قضائية في 6 سبتمبر 2005 مع أحد ورثة مكتبة مصر "أمير سعيد السحار" عندما رفع عليه قضية على أثر إنهاء محفوظ العقد مع مكتبة مصر واختياره دار الشروق لنشر مؤلفاته، مطالباً إياه المثول أمام المحكمة وبتعويض مالي قدره 5 ملايين جنيه، لتنتهي المعركة لصالح محفوظ في 7 ابريل 2006 حيث رفضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى القضائية بناء على حق محفوظ في التعامل مع دار النشر التي يختارها ويراها الافضل حسب بنود العقد المبرم بينهما...كما أصر في المحافظة على إرثه الابداعي في عامه الأخير عندما تجنب الخوض في مشكلة جديدة مع الأزهر لطبع ونشر روايته "اولاد حارتنا" حيث اشترط ووافقة الازهر قبل طبع الرواية كما اشترط أن يقوم أحد المقربين من جماعة الاخوان المسلمين بكتابة مقدمة له، ليواجه انتقادات عديدة من الادباء والمثقفين، في عامه الأخير شهد محفوظ توثيق سيرته الذاتية ومشواره الأدبي من خلال الاحتفال بعيد ميلاده 94، فأطلقت دار الشروق أول موقع الكتروني لمحفوظ
www.shorouk.com/naguibmahfouz كما صدرت العديد من الكتب التي تناولت سيرته وأعماله وحواراته..فقد رحل محفوظ دون أن يكتب سيرته الذاتية..كان يعتبر أن كتابته لسيرته الذاتية أمر غير مجدي، بينما السياسين أو القادة العسكريين هم الذين يتركون بصمة في التاريخ ومن الاجدى أن يكتبوا سيرتهم... كان يرى أن حياته روتينية عادية لا تستحق كتابة سيرة ذاتية... فانشغل الادباء بتوثيق هذه السيرة فكتب رجاء النقاش "في حب نجيب محفوظ"، وجمال الغيطاني "المجالس لمحفوظية" ود. مصطفى محمد موسى "نجيب محفوظ نوبل"، وابراهيم عبد العزيز "أنا..نجيب محفوظ" إضافة الى العدد الخاص من مجلة الهلال بعنوان "عش ألف عام"، والاعلان عن صدور "موسوعة نجيب محفوظ والسينما" في مجلدين و1500 صفحة....كما قررت من أجله مجلة "نصف الدنيا" تخصيص جائزة سنوية باسمه لافضل قصة قصيرة نشرت خلال العام، وهي الجائزة الثانية التي تحمل اسمه بعد جائزة "نجيب محفوظ للادب الروائي" التي يمنحها قسم النشر في الجامعة الامريكية بالقاهرة.

في عامه الاخير خاض آخر معاركه الصحية...عندما سقط في منزله صباح 16 يوليو مما أدى الى نقله الى مستشفى الشرطة..حيث أجريت له عملية جراحية بمقدمة رأسه ومعالجة الكدمات التي أصابت وجهه وذراعيه، وبعد نحو شهر من مكوثه في المستشفى تعرض لزيادة في معدل التنفس وانخفاض في الضغط وزيادة في حموضة الدم ونزيف دموي من الشرج..في أيامه الاخيرة لازم غرفة العناية المركزة في شبه غيبوبة...ورحل محفوظ.. بجسده..رحل بعد أن شهد له من حوله بتواضعه وسماحته وصبره...رحل محفوظ المتزن بمواقفه...رحل محفوظ الذي أمتعنا بابداعه..إبداعه الذي تحيا من خلاله روحه...

salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف