كتَّاب إيلاف

العرب وجزمة الدمار الشامل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أتعجب ممن يتعجبون من فرحة العرب الغامرة، بضربة الحذاء الطائر المباركة، بيد مجاهد بطل، ممن لبثوا عقوداً تحت نعال صدام تحيا الجزمة العربيةتصحيح الأحوال في سيرة النعال ثقافة النعال ضربة حذاء عراقى لوداع بوشمحنة الديمقراطية في مواجهة الأحذية العربيةمكافأة نهاية خدمة!ماذا بعد حذاء منتظر الزيدي؟!! وزبانية بعثه.. الأمر منطقي تماماً، ولا يستدعي دهشة أو تعجب، أو حتى اشمئزاز من افتضاح عقولنا وثقافتنا، فنحن مفتضحون بأوضاعنا المزرية أمام العالم كله، وليس من المتوقع أن تزيده تلك الحادثة أو الموقعة افتضاحاً.. أمة عربية واحدة، خالدة في البؤس والتخلف، ولا تملك من أمر نفسها، إلا أن توغل في الارتداد نحو ماض، أشد بؤساً وتخلفاً، جاعلة منه غايتها ومنتهى آمالها.. وهذا أيضاً ليس بغريب أو عجيب، فهذا البؤس والتخلف هو أقصى ما تستطيع، وأبعد ما يمكن لعقولها وأيديولوجياتها أن تذهب إليه.. أبعد ما تسمح به نظمها الاجتماعية وعاداتها وتقاليدها العربية الأصيلة.
ماذا ترانا نتوقع من شعوب تستكين طوال دهور، للحياة تحت نعال حكامها، وتجمد عقولها لتستجدي الإرشاد والفتوى في كل صغيرة وكبيرة من أصحاب العمائم، التي تحوي تحتها رؤوساً تبيض فيها الديدان وتفقس.. شعوب همَّشت أو جهلت وتجاهلت كرامتها الشخصية، في مواجهة من يقودونها بالرفس بالنعال، مخدرة بمقولات دينية مفارقة لأبسط مبادئ العقل، بقدر ما هي مفارقة لكل حقائق الواقع المعاش؟
هل من الغريب أو المدهش أن تحتفي شعوب العروبة بضربة حذاء، إذا كانت هي ذاتها تساس بالأحذية، وبالتالي لم تعرف غير الحذاء وسيلة وأداة للتعامل؟
مادام لم يسبق لنا استخدام العقل والمنطق في الحوار بيننا وبين بعضنا البعض، أو في العلاقة بيننا وبين حكامنا، أو مع سادتنا رجال الدين، الذين يحقنوننا ليل نهار بالخرافات، وبكل عقاقير تغييب العقل، فمن المنطقي تماماً أن تتعطل وتضمر كل ملكاتنا العقلية، وأن تتركز وتتساقط رؤانا إلى مستوى ما ننتعل.. الأمر هنا ليس أمر انحدار أخلاق وتدهور قيم، بقدر ما هو لجوء طبيعي لأقصى ما نملك من إمكانيات، وبالتالي لا لوم علينا هنا.. فالصحفي المُرسل لمؤتمر صحفي من قبل مؤسسة إعلامية، لم يسبق لأحد من منتسبيها أن أعمل عقله، أو بالأحرى لم يمتلك أحد منهم عقلاً سبق تنميته وتهذيبه من الأساس، بل تُرك على طبيعته وفطرته، كثور غير مدجن، فماذا يمكن أن يفعل مثل هذا الثور إذا متى تواجد في ساحة نزال، إلا أن يستخدم حافره في الرفس؟
إذا كان هناك بيننا من أصحاب الصوت العالي من يناهضون تحريم ضرب الأطفال في معرض تربيتهم وتعليمهم بالمدارس أو في البيوت، ومن يؤكدون على أن ضرب الزوجات له أولوية في طرق تعامل الأزواج معهن.. إذا كنا إلى هذا الحد نجهل ونفتقد لآلية الحوار في حياتنا الاجتماعية والأسرية، فكيف يمكن أن نتوقع أن يكون لدينا صحفي يقف في مؤتمر رئاسي، ويمتلك ناصية التعبير عن نفسه وعن مجتمعه بالحوار، وليس بما تربى وتعلم من صدام حتمي مع الأخر، قد يستخدم فيه قبضة يده، وقد لا يسعفه سوى قدمه، أو حتى كما حدث حذاؤه.
محور الإشكالية هنا ليس شخص الصحفي (لقباً) منتظر الزيدي، سواء اعتبرناه بطلاً ومناضلاً إسلامياً أو عروبياً، أو اعتبرنا تجسيداً لمأساة الثقافة العربية.. المحاكمة هنا، إدانة أو تثميناً، ليست لهذا الفرد بالتحديد، الذي هو مجرد نتاج لمجتمعه.. كما أن الأمر ليس أمر البحث عن مدى حبنا أو كراهيتنا للسيد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ولا هو أمر تقييم لسياساته تجاه الشرق الأوسط.. المسألة هي ما كشفته موقعة الحذاء التاريخية من طبيعة ثقافتنا، التي ننعم أو نتضرر نحن منها، قبل أن تطال برذاذها الآخر.
هي مناسبة مثلى إذن، لكي نعيد تدبر أحوالنا، فنفرح ونقيم المهرجانات الاحتفالية، كما فعلت أكبر قنوات ترويج الإرهاب التليفزيونية، إذا أعجبتنا ثمار ثقافتنا ونهجها، أو ما تستطيعه تجاه الآخر.. أو أن ينكب علماؤنا على دراسة أسباب ما وصلنا إليه من تدهور، وتقرير إذا ما كنا نتملك ما يمكن تطويره، ليكون لدينا أسلحة أخرى، نحاور بها أنفسنا أو الآخر، غير أحذية الدمار الشامل هذه.
فلنقارن حال العرب وثقافتهم، بحال الفرس في إيران، فنحن وهم في حالة عداء مع الغرب وحضارته، ونود أن نغلق عيوننا ونفتحها، فنجد المحيطين الأطلنطي والهادي قد ابتلعا في جوفهما كل أثر لتلك الحضارة، التي تقض مضاجعنا، وتهدد هويتنا الثقافية والقومية والدينية، رغم أنها تمدنا أيضاً بمقومات الحياة.. ليس أسباب هذا العداء ومبرراته موضوعنا في هذه السطور.. المهم هو نهج الثقافتين في إدارة الصراع في حالة العداء، نهج الثقافة الفارسية، في مواجهة نهج الثقافة العربية.. الفرس يعدون الصواريخ والقنابل الذرية، ليتمكنوا يوماً من إزالة إسرائيل وأمريكا من على خريطة العالم.. أيضاً رغم الديكتاتورية الممسكة برقاب الشعب الإيراني، نجد لديهم أجنحة معارضة قوية، وتيارات سياسية وثقافية، تقاوم سقوط العربة الإيرانية إلى أسفل سافلين.. أما الثقافة العربية فلم تنجب من يحاولون امتلاك صواريح وقنابل ذرية يبيدون بها أعداءهم، كما لم تنجب تيارات معارضة تمتلك رؤى سياسية وثقافية مغايرة عن تلك التي يتبناها الحكام، وإنما تعرف تلك التيارات المعارضة فقط نهج اللعنات والشتائم وحتى ضرب الأحذية داخل البرلمانات، تتناطح بها مع الحكام، ومع بعضها البعض، حتى داخل تلك المجموعات المعارضة ذاتها، لمجرد الأمل في إزاحت الآخرين، ليجلسوا هم بدلاً منهم، سواء على منصات القش والهشيم المعارضة، أو على كراسي الحكم الوثيرة، ليأخذوا دورهم في الإيغال في ذات ما سبق وأن أوغل فيه حكامهم.
السؤال الذي فرضته علينا موقعة الجزمة العربية إذن، ليس أن نضرب الرئيس الأمريكي بالجزمة أم لا، لكنه أن نحيا في ظلال الحوار بما تمثله الأحذية، سواء كان الحوار بيننا وبعضنا البعض، أو بيننا وبين الآخر الذي نكرهه كراهيتنا للحياة والحضارة، أو أن نبحث كيف نخرج مما نعتبره مأساة ثقافية وحضارية، لنمتلك يوماً أجيالاً، تكون قادرة على الحوار بغير أحذية الدمار الشامل!!
kghobrial@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أرفع الحذاء
DR PHILIP HARDO MRCP -

أرفع الحذاء راية في كل صباحإنما الأعلام قماش تمزقها الرياح جلد حذائي من جسد التمساحقويا ومهيبا ويطير بلا جناح

إنهم أسياد
أوس الأسدي -

مهما حاول الكاتب أن يتشبث بعبارات الثقافة والحضارة والفكر فإن الرجل ممتعض جدا ليس لما ىلت إليه حالنا وإنما لتلك الإهانة التي وجهها إليه الزيدي بعد أن تبجح ذلك الجاهل الغبي بأنه جلب الحضارة والديموقراطية إلى العراق. لقد جلبها على جثث الأرامل والأطفال لينهب خيرات العراق وعروبتها ويفتتها لتنعم إسرائيل بالقوة والسلام والسيطرةكفاك

مكافأة نهاية خدمة!
ياسين -

مكافأة نهاية خدمة!

ضربة حذاء عراقى
MUFEED AL WASITY -

ضربة حذاء عراقى لوداع بوش

أمة فى التاريخ
فؤاد شباكا -

لم نرى أمة فى التاريخ بهذه الظلمة، أمة تتساقط كأوراق شجرة في فصل الخريف في تلك الظلمة العظيمة ... أمة تدفع ناسها دفعا لتخرج من التاريـخ .. ياليتها تدري من أي تاريخ ؟!. حقا أمة مقهورة ... مريضة . سؤال: كيف نعيد الروح لهذه الامة التعبانة، والمتهافتة صوب النفق المظلم ؟ / فؤاد شباكا

تحيا الجزمة العربية
أيمن رمزي نخلة -

شكرا يا بشمهندس كمال غبريال. عجبتني جدا هذه الفقرة: أمة عربية واحدة، خالدة في البؤس والتخلف، ولا تملك من أمر نفسها، إلا أن توغل في الارتداد نحو ماض، أشد بؤساً وتخلفاً، جاعلة منه غايتها ومنتهى آمالها. تحيا الجزمة العربية؟؟؟؟؟

امريكا
احمد حسن -

ادخلوا مواقع الانترنت التي تتحدث عن حادثة ضربة الحذاء والتي هي باللغة الانكليزية والتي بلغ عدد مشاهديها في بضعة ايام بلغ عدد المشاهدين 8 ملايين وهذا العدد هو اكبر عدد لمتصفحي احد المواقع والتي هي اكبر بكثير من الرقم القياسي السابق وهو لحظة اعلان فوز اوباما والتي بلغ عدد مشاهديها 3 مليون ومعظم ال8 ملايين ومعظمهم من امريكا تشاهدون تعليقاتهم مؤيدة للزيدي والعدد القليل هم مؤيدين لبوش ومع الاسف من مقاطع اسماءهم يتبين ان معظم المؤيدين لبوش هم عراقيون

arabic''s misrab Mind
vic -

Excellen analysis for our misrable arabic''s mind.

الأمة العربية
!!!!!!! -

الأمة العربية لاتوجد إلا في قلوب محبيها. على الورق هناك دول متفرقة تدعي أنها موحدة نوعاً ما. الوحدة الحقيقية هي بين الأفراد الذين ليس لديهم شك في إنتمائهم. عن من يتكلم هذا الكاتب والأخر صاحب التعليق رقم 6 الذان لاينتميان للأمة العربية؟ لمعلومات هؤلاء المشككون هناك الآلاف المؤلفة من أبناء الأمة العربية من المبدعين والمخترعين والأدباء والعلماء والأطباء والمهندسون وسيدات الأعمال ورجال المال، واللائحة طويلة. وبالطبع هناك أيضاً الفقر والأمية اللذان لاعلاقة لهما بالعروبة وإنما بالإستعمار والدكتاتورية والتمييز العنصري الذي نرى وجهاً له عبر أمثال المعلق رقم 6 الذي ينشر في هذه الجريدة الإلكترونية. مللت كقارئ من تفكيركم المعاد في مقالات تهافت ماقدتهافتم من قبل. هل من المعقول أن يكتب السيد غبريال مقالين عن الحذاء في إسبوع واحد مكرراً نفس الكلام العنصري. أما عن الحذاء ورميه ورمزية ذلك فقد إستطاع ذلك الصحفي العراقي القفز إلى عقول البشر من كل عرق ولون، ماعدا البعض القلة القليلة. البارحة في أمريكا حاول بعض الموظفين الغير راضين عن سياسة إحدى الشركات رمي المسؤول عن المشاكل بالأحذية فما رأيكم ...والسلام لصحيفة إيلاف والسلام...