أخبار

لتحديد مقياس الهزيمة والنصر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ايران تدعم لبنانبالمقاتلين والسعودية بالقوت
نحو تحديد مقياس للهزيمة والنصر

بلال خبيز: استطاع لبنان حتى اليوم ان يصمد في مواجهة آلة العدوان الإسرائيلية الهائلة التي تدك الجغرافيا والديموغرافيا، وتغير في البيئة والمحيط، وتضع

اقرأ أيضا

الظواهري: لن نصمت امام ما يحدث في لبنان

إنذار إسرائيلي لإخلاء عين إبل اللبنانية

متطوعون إيرانيون يتوجهون للقتال بلبنان

سورية ليست متفاجئة من فشل مؤتمر روما

مهاجمة حزب الله لإسرائيل تستجيب لمصالح إيران

ميركل: الأولوية لكيان إسرائيل

لبنان لا يحظى باهتمام الصحافة المغربية

حصيلة التبرعات السعودية للبنان

عمق مآسي النزوح اللبناني

شعباً كاملاً في الملاجئ والعراء. لبنان البلد الصغير استطاع بتضامن اهله ان يمتص الصدمة الأولى ونجح في تخفيف اثار العدوان الكارثية. بطبيعة الحال ستمتد هذه الآثار زمناً إلى ما بعد انتهاء الأعمال العسكرية فما جرى في لبنان تحت آلة التدمير الهائجة يفوق كل وصف. بل ويمكن القول ان الحملة العسكرية الإسرائيلية تستهدف فك لحمة الإجتماع اللبناني وتذرير مكونات البلد في المنافي والمهاجر وفي الخيم والمدارس والعراء. وفي هذا السياق فإن الخسائر الناجمة عن هذا الغزو الهائج لا تتلخص بعدد الجسور المدمرة والأحياء التي سويت بالأرض، ولا تتلخص ايضاً بالأرواح التي أزهقت بالحديد والنار، رغم ان تعويض الأرواح مستحيل وليس في مكنة الجهد البشري في أي حال من الاحوال. الخسائر تتجاوز ذلك كله إلى ضرب مقومات المجتمع اللبناني وتغيير طبيعته التي كان عليها تغييراً جذرياً ولا يمكن لأحد ان يتكهن بمسارات هذا الإجتماع بعد انتهاء الأعمال العسكرية.

وبصرف النظر عن الصمود الذي تبديه مقاومة حزب الله لمحاولات التقدم البري، وقدرة مقاتلي الحزب على إلحاق الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، إلا ان الجيش الإسرائيلي يحتل لبنان من الجو، ويهيمن على فضاء البلد ويمعن في اوصاله تفكيكاً وتخريباً. والحال فإن المقاومة، وهذا لم يكن في مكنتها اصلاً، خسرت معركتها الأولى ولم تستطع منع احتلال الجو والبحر، رغم انها ما زالت تمنع الجيش الإسرائيلي من التقدم براً. لكن التغييرات التي يحدثها احتلال الجو والبحر وتركيز النار على البر اللبناني ستترك اثاراً لن نستطيع لملمتها كلبنانيين في القريب العاجل.

تهدف اسرائيل في ما يبدو، من خلال تأخير هجومها البري واحتلال الجو والبحر، اي كل الفضاء الذي يتنفس منه لبنان، إلى إعادة البلد إلى ما يشبه القرون الوسطى، ومنذ اليوم الأول بدا واضحاً ان ازمات كثيرة على المستوى المعيشي بدأت تأخذ طريقها إلى التفشي في البلد، بدءاً من الكهرباء التي تستهدف اسرائيل منشآتها، مروراً بالحصار البحري والبري والجوي الذي يمنع استيراد المواد الضرورية مما يجعل الأزمات تتفاقم على نحو سريع وعاجل وبطريقة لا يمكن السيطرة عليها. خصوصاً ان ما يقرب من ثلث الشعب اللبناني بات في العراء، مع ما يعنيه ذلك من شلل في الانتاج الزراعي والصناعي فضلاً عن صعوبة تأمين المواد الغذاء والكساء للنازحين في المدارس والذين يتجاوز عددهم المئتي الف نفس. فهؤلاء يعيشون ساعة بساعة ويعتمدون اعتماداً كلياً على توافر المساعدات وعلى تأمينها لهم يوماً بيوم.

في ظل هذه المفارقات المفجعة يبدو ان اتجاهاً حكومياً بدأ يبرز إلى العلن يرى انه من الضروري بالنسبة للبنان تحديد مقياس الهزيمة والنصر. بافتراض انه لو قدر للبلد ان يهزم في هذه الحرب فمن المفروض ان يبقى بلداً، بلد مهزوم لكنه بلد. وتحديد مقياس الهزيمة والنصر يضع نصب عينه قدرة البلد على الإحتمال وقدرته من جهة ثانية على استدرار الدعم الخارجي لإنقاذ ما تبقى من البلد الذي تقوم اسرائيل بتدميره. في هذا المجال يكتسب امر تأمين المساعدات الضرورية والعاجلة والملحة اهمية استثنائية في هذه الظروف. وهي بالطبع اكثر اهمية واشد الحاحاً من الدعم اللعسكري للمقاتلين بالمتطوعين والذخائر والصواريخ.

في هذا السياق ظهرت مفارقتان كبيرتان في سبل الدعم الممكنة. ففي وقت تؤمن المملكة العربية السعودية للبنان مبلغاً يتجاوز المليار ونصف الميار من الدولارات في صورة مساعدات عاجلة، وفي وقت تحاول فرق الهندسة الاردنية اصلاح الاعطال التي اصبت مطار بيروت، لا تجد ايران الداعمة للبنان انسب من ارسال مئتي مقاتل متطوع لدعم صمود البلد. بين الدعم الإيراني والدعم السعودي والأردني والعربي عموماً، ثمة فارق هائل لا يمكن ردم هوته. بين ان تدعم بلداً ليبقى وينتصر او ان تدعم بلداً ليفنى وينتحر. ليس لبنان في حاجة للمقاتلين فلبنان في النهاية بلد صغير وليس مؤملاً له ان يهزم اسرائيل او يردها على اعقابها. المقاومة في هذا المعنى معنوية ورمزية حتى لو كبدت العدو خسائر فادحة. واللبنانيون يعرفون ومالعالم كله يعرف ان خسائر لبنان في هذه الحرب ستكون افدح من خسائر اسرائيل، وان المهم تعويض لبنان في ما يخسره لا في ما يزيد خسارته.

المعادلة صعبة في طبيعة الحال، ففي القوت نفسه الذي يقاوم المقاومون فيه محاولات التقدم البري، لا بد من تحصين الداخل اللبناني وتمكينه من الصمود واعادة البناء. ذلك ان تدمير البلد وبقاء المقاومين لا يمنح اللبنانيين والإيرانيين انتصاراً على اسرائيل بل يجعل الهزيمة ماحقة إلى حد انها قد تزيل بلداً من الوجود.

الصور بعدسة وائل اللادقي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف