فضاء الرأي

علمانية أم مدنية؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يطرح المتظاهرون في العراق مصطلح الدولة المدنية في شعاراتهم فيما يتهمهم البعض من رجال الدين بأنهم يريدون أن دولة علمانية. لقد سبق العراقيون في شعاراتهم المصريون ومن قبلهم التونسيون أيضا ً في طرح شعار الدولة المدنية إلا أن طرح فكرة الدولة المدنية في المجال العام لازال غامضا ً ومبهما ً وفيه خلط كبير مع فكرة العلمانية. لست هنا بصدد الشرح المفصل بين فكرة الدولة المدنية والعلمانية فيوجد هناك من المراجع الكثيرة التي توضح ذلك مع أن ذلك لاينفي القاء الضوء على الفرق بين الفكرتين من أجل توصيل فكرة المقال. في المقابل, على من يتصدى للعمل السياسي بطرح مشروع الدولة المدنية أن يوضح ذلك ويشرحه من أجل التداول والنقاش الخاضع للنقد والتحليل لسببين رئيسيين, الأول هو توضيح فكرة الدولة المدنية كمشروع لكل الذين يخرجون في المظاهرات إذا ما فهمنا بأن غالبيتهم خرج من أجل توفير الخدمات وليس لتأييد مشروع سياسي معين, والسبب الثاني هو كسب الأنصار أو الفئة الصامتة الذين لاينتمون لأي تيار سياسي من خلال تبديد المخاوف عن فكرة الدولة المدنية لايسيما أن هناك من يشيع بأن الدولة المدنية يقصد بها العلمانية وهي بالضرور متصلة بالثقافة الغربية التي تعتبر كافرة في نظر البعض. إذن, لابد من توضيح مامقصود بالمدنية من خلال إزالة الغبار عن الفكرة.

الدولة المدنية ليست هي العلمانية وإن كانت العلمانية شرط من شروطها. العلمانية بأنواعها المختلفة ترتكز بالعموم على فصل المؤسسة الدينية عن الدولة ومؤسساتها, فلاتعني العلمانية, بالخصوص الناعمة منها, فصل الدين عن المجتمع, فالمجتمع حر في تدينه لكن في العلمانية لادور للمؤسسة الدينية في عمل المؤسسات الرسمية وبهذا لايمكن للدين بمرجعيته الميتافيزيقية أن يهيمن في نفوذه على مؤسسات الدولة التي تعبر عن إرادة الجماهير والحد الأدنى من التوافق المجتمعي المستند على مرجعية تجريبية, ولايمكن أيضا ً للنفوذ السياسي أن يستخدم الدين من أجل الوصول إلى السلطة. أما المدنية فترتكز بإختصار على عدة أسس أولها أن لاحق فوق حق المواطنة, فالمواطنة هي القيمة المقدسة التي لاتعلو عليها التبعية العرقية أو الدينية أو الطائفية أو الطبقية أو الجنس, الكل متساوون في الحقوق والواجبات إضافة للإعتراف بالهوية الشخصية والاجتماعية مع روح المشاركة السياسية والمجتمعية. ومن ركائز المدنية هي التعددية والإعتراف بالهويات العرقية والثقافية ولكن بشرط أن لايصطدم ذلك مع مبدأ المساواة أمام القانون وحق المواطنة. أما الديمقراطية فهي آلية للتوافق المجتمعي على طريقة إدارة الدولة أو الممارسة السياسية. فليس كل دولة علمانية مدنية مئة بالمئة ولكن لابد للدولة المدنية أن تكون علمانية لأن مبدأ نفوذ المؤسسة الدينية سيقوض فكرة المواطنة التي تستند إلى القانون على اعتبار أن الدين له تصنيفاته الخاصة المستمدة من الإرث التاريخي والراسخة في كتب الفقه والعقيدة من أحكام وفتاوى والتي تتنافى مع فكرة المواطنة. فالدين يفصل بين المؤمن والملحد والكافر والمشرك والكتابي وغير ذلك وكل له أحكامه الخاصة فقهيا. ولابد من الإشارة أن هناك الكثير من الدول العلمانية والتي ترفض الحقوق المدنية لفئة من مواطنيها كالولايات المتحدة وجنوب أفريقيا في وقت ما واللتان كانتا تمارسان التمييز العنصري ضد السود وترفضان حقوقهم المدنية مع أنهما دولتين علمانيتين.

ولكن، هذا على المستوى المؤسساتي, أما على المستوى المجتمعي فلابد من ثقافة مدنية تندمج مع التجربة الذاتية والجمعية في الحياة اليومية لأفراد المجتمع من أجل الوصول وترسيخ فكرة المواطنة للفرد. تعتمد تلك الثقافة على عدة مبادء أولها, نشر ثقافة الديمقراطية والمساواة والتسامح والإعتراف بالآخر وغيرها. ثانيها, التوافق على الحد الأدنى من المبادء فيما مسموح وغير مسموح والقائم على الثقة المتبادلة بين المواطنين. ثالثها, نشر المعرفة التي تطور مهارات التواصل الاجتماعي بين المواطنين ليكونوا قادرين على المشاركة السياسية والمجتمعية. رابعا, إعداد برامج لتطبيق تلك القيم ودفع المواطن بإتجاه تطبيقها. خامسا، الحفاظ على الهويات الفرعية بالإعتراف بها ضمن أطار التعددية وقبول الآخر. وأخيرا, فتح المجال العام أمام الأفكار والممارسات الفردية والجمعية لترسيخ فكرة التداول والفعل التواصلي والتفاعل بين أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب والمؤسسات الثقافية وغيرها دون احتكار ذلك المجال من قبل الدولة أو بعض الفئات المهيمنة.

إذن, لابد من فتح باب الحوار والنقاش من قبل اللجان التنسيقية مع الجماهير لتوضيح فكرة الدولة المدنية ولابأس من فتح باب ذلك الحوار مع المؤسسات المختلفة ومنها المؤسسة الدينية لرفع الغبار عن الشكوك التي تحوم على الشعارات المطروحة. ولابد أيضا ً من مشاريع ثقافية تدعو إلى الثقافة المدنية مادام الذي يبدو أن طريق المظاهرات سيكون طويلاً جداً بوجود معوقات كثيرة قد تعيق عملية الاصلاحات لفترات طويلة جداً. أن طرح فكرة الدولة المدنية من قبل الناشطيين المدنيين والمجتمعيين والسياسيين كفكرة أصيلة, وليس كفكرة بديلة لمشاريع صاحبها الفشل سيعزز حظوظ فرص التغيير المجتمعي قبل أي فعل سياسي محتمل. أن فكرة الدولة المدنية هي أكثر الأفكار إنسجاما ً مع مبادئ الدستور العراقي وأكثر وضوحا ً في مايخص مستقبل العراق السياسي والثقافي والاجتماعي والذي يحفظ ذلك الموزائيك المتنوع في النسيج الاجتماعي الذي أصابه التصدع من تعدد الأزمات. لكن, لابد من توضيح تلك الفكرة التي يحاول الخطاب الديني المتشدد ربطها بالكفر والالحاد عن جهل أو بقصد لتفويت الفرصة على أي مشروع يسحب البساط من تحت قدميه.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العلمانيه هى الحل
باسم زنكنه -

اعتقد اننا نمر بما مرت به شعوب اوروبا قبل الثوره الفرنسيه من تصارع بين الدينيين والعلمانيين والنتيجه كانت لمنهج علمانى انسانى وضع مصالح الشعوب الاوروبيه فوق كل الاعتبارات---نحتاج لعشرات السنيين لاستئصال السرطان الطائفى الذى استشرى فى الجسد العربى من خلال وعى شعبي بضروره وضع الدين ومنظومته الفكريه داخل المسجد لاخارجه ومنع تدخل رجال الدين فى السياسه وازاله كل المسببات التى تبرر لهم التدخل فى الحياه العامه واداره الدوله -

الدولة المدنية في الاسلام
غسان -

الدولة المدنية مفهوم أقرب الى الاسلام من الدولة العلمانية الاشتراكية أو الغربية. هذا واضح من خلال عدة أبعاد: اولاها: ان السلطة أو العصمة لدى جمهور العلماء هي لمجموع الامة وليس لجماعة موحدة مغلقة، بعكس الحال مع الدولة الثيوقراطية أو الاشتراكية. ثانيهما، تركيز الاقتصاد الاسلامي على الحرية الاقتصادية والملكية الفردية والاسواق الحرة المنظمة والحد الأدنى للضرائب وعلى العدالة الاقتصادية في المجال الاقتصادي، بعكس الحال مع الاقتصاد الاشتراكي أو حتى الاقتصاد الغربي المختلط ذو العبء الضريبي والتدخل الحكومي العالي والنفوذ غير المتناسب والفاضح للأغنياء على السياسة الحكومية. ثالثهما، التركيز على مؤسسة الوقف المستقلة عن الدولة والخاضعة للمجتمع المدني، ورابعها توفر حقوق الاقليات دستورياً. وخامسها توفر الحرية والتعددية في الفروع الفقهية، كما هو الحال مع المدارس الفقهية الأربعة الرئيسية، وهذا مجال خصب وواسع، على عكس ما قد يعتقد البعض. أخيراً، فان الدولة المدنية تعتمد "قاعدة الاغلبية" لتوفير السياسات والبرامج والخدمات وهو مبدأ معمول به في الشريعة في القضايا التنفيذية والسياسة الشرعية، والا تحولت الدولة المدنية الى حالة الشلل والفوضى، فلا مواطنة ولا مساواة ولا خدمات ولا تنمية موعودة ولا حتى دولة مدنية!

100% علمانية
بوعبدالرحمن القطري -

للتخلص التفرقة المذهبية -لو تاخذون بهذه النصيحة.###1-التعليم وتقليل المنهج الديني بدرجة كبيرة###2-تطبيق القوانين المدنية بدون تردد###3-ابعاد رجال الدين المهوسين عن الافتاء كل يوم وكان الناس . سذج والعجب. ويقوم به مجموعة رجال دين غير متحضرين وكان لابد من تقنينه لمن يريد من الناس . واخيرا اقول###4-الدين لمن يرغب في وكل حسب دينه ومذهبه( اماكن العبادة-و-الاحوال الشخصية فقط) -المهم الفكر العلماني ودولة المواطنة وبث روح التسامح والتحرر لو طبقت القوانين المدنية من كل الحكومات دون استثناء انتهى كل شيء والا سنبقى مع المشعوذين الدجالين القتلة سفاكي الدماء الى الابد -ثم اهمية توافر عمل للشباب وهذا مهم جدا وتوفير وسائل الراحة حتى لا يصيبوا بالفراغ S

نقطة
نظام -

هذا ما فعلته علمانية أتاتورك وعلمانية الاتحاد السوفييتي، فماذا كانت النتيجة؟؟

cherry picking
ali -

إلى المعلق نظام, ولماذا لم تذكر علمانية أمريكا وعلمانية جميع دول أوروبا والصين واليابان إلخ.. مفهوم مضلل يروجة الأسلاميين حول أتاتورك, الدولة العثمانية كانت فى طريقها للأنهيار وسميت برجل أوروبا المريض قبل أن يولد أتاتورك بعشرات السنين... الأمبراطورية العثمانية أنهزمت فى الحرب العالمية الأولى هزيمة منكرة وسيطر الحلفاء على المواقع الأستراتيجية بما فيها أستانبول والمضايق قبل أن يسمع أحد عن أتاتورك, أتاتورك جاء لينقذ ما تبقى فى الأمبراطورية وأجبر قوات الحلفاء على الأنسحاب من أناتوليا وأقام دولة تركيا العلمانية عليها..

الى باسم زنكنة
عراقي ونص -

انا اؤيدك..ولكن تطبيقا لما ذكرته عليك ان تتخلص من لقبك الديني والذي تذيل به اسمك دائما ..

نقطة
نظام -

الاجابة سهلة. لأن العرب، والسيد علي يبدو أحدهم، متحيزون بشدة نحو العلمانية الخشنة دون العلمانية الغربية اللينة، مع انهم يستندون الى جدار الغرب وتقدم الغرب عند الترويج للعلمانية. تناقض صارخ في موقف العلمانيين العرب، لكن هذا هو الواقع المؤلم.

دولة المواطنة
في اقتصاد فاشل؟! -

عندما يدرك المرء حجم المآسي الناجمة عن ارتفاع معدلات البطالة الهيكلية والفقر المدقع وغياب تكافؤ فرص التعليم والتوظيف والترقية وكذاك ضعف الخدمات العامة في الوطن العربي، يخيل لهذا المرء ان مفهوم المواطنة يحتاج الى مراجعة جذرية، لأنه ليس فقط وهمي من منظور المساواة المطلقة، وانما أيضاً لانه لا يطعم جائعاً ولا يوفر عدالة ولا يمنح فرصة عمل في الاقتصاد العربي الكئيب، خصوصاً بعد الأزمات العالمية والاقليمية المستمرة.

رقم 6
امرأة -

رقم 6: اي لقب ديني ؟؟!! زنكنة لقب كوردي لا علاقة للدين به. لا افهم من اين تأتون بهذه السخافات!!!!!!!!!!

فيلم فجر الاسلام، فيلم ال
Rizgar -

فيلم فجر الاسلام، فيلم الرسالة، فيلم هجرة الرسول، فيلم خالد بن الوليد، مسلسل خالد بن الوليد، مسلسل عمر بن الخطاب، مسلسل رايات الحق، مسلسل قمر بني هشام، مسلسل صدق وعده، مسلسل القعقاع، مسلسل رجل الاقدار، مسلسل تحت ظلال السيوف، مسلسل محمد رسول الله، مسلسل صقر قريش، مسلسل الزير سالم، مسلسل خيبر....... مسلسل السنة والشيعة !!!! مسلسل الانفال والتعريب والذبح والسرقة . علمانية ام مدنية ؟استفاد العرب استفادة قصوى في الدين للنجاة من الموت المحقق والفناء من الجوع ,ظاهرة الدين بلنسبة للمجتمع العربي Aurum اي -الذهب الخالص ا للا تين - . عن طريق الدين نجح العرب في اغتصاب وغزو القوميات والاديان وفرض العنصر العربي وسرقة الاخرين وفرض نظام عنصري صارم على الشعوب والا قوام الغير العربية . النظام العربي Apartheid التعريب والانفال نظام عنصري فريد في التاريخ البشري حيث التفرقة العنصرية مبنية بين العرب العاربة والعرب المستعربة .فكل هذه المزايا الايجابية ادى الى لصق العربي بالدين العربي مثل النازي الالماني الذي استفاد ماديا من ابدة اليهود . اليس من خلا ل ابادة وانفال الكورد حصل ٤١ الف عربي على مزارع ومساكن مجانا ؟ كيف حصل العرب العراقيين على نفط كركوك -بالانتخابات - ام بالتعريب ؟ كيف تحول -شيرناو- الى الحويجة ؟ فكيف بامكان الفرد العربي من رفض -منجم الذهب- الممثل بالدين في سبيل التعريب والسرقة ؟

الى رقم 9
عراقي ونص -

جماعة الزنكنة كلهم يعيشون في باب الشيخ وهم من مريدي الحضرة الكيلانية المقدسة ..

لا يمكن الجمع بين الاسلام و العلمانية
ال بديهية الببسيطة -

السيد عماد رسن يريد تجاهل او القفز على حقيقة مفروغ منها و هي ان الاسلام هو دين و دولة و لا يقتصر دوره و هدفه على الجانب الروحي اي العلاقة بين الانسان و ربه ( مثلما هو موجود في بقية الاديان ) بل الاسلام هو ايضا حزب شمولي ( حزب الله ) هدفه اقامة الدولة الاسلامية و الاسلام مثل الأحزاب الشمولية يتدخل في كل صغيرة و كبيرة في حياة الفرد و الشخص الذي يدخل الاسلام عليه ان يلتزم بتعاليم و مباديء حزبه( و دينه ) و في الاسلام الحكم هو لله ولا مجال للأحزاب و الدستور هو الشريعة الاسلامية ومن هذه المعادلة البديهية البسيطه يمكن ان نستنج ان لا يمكن للمسلم الحقيقي و الحزب الاسلامي لا يمكن ان يقبل بالعلمانية و لا بالمدنية ( اللهم الا اذا كان ذلك كمرحلة وقتية لحين وصوله الى السلطة) مثلما يفعل اردوغان

العلمانية و الداعشية نقيضان
لا يمكن الجمع بينهم -

ان تكون مسلما حقيقيا ( ليس مسلما بالاسم فقط ) يعني انه لا يمكنك ان نكون علمانيا بل يعني ان تكون داعشيا اي ان تؤمن بإقامة الدولة الاسلامية و هذه بديهية قد يرفضها الكثيرين ( ر لكنها هذه هي الحقيقة سواء شئتم ام ابيتم - بالعراقي تريدون لو ما تريدون -) و منذ الدعوة الاسلامية كان نشر الاسلام و تأسيس الدولة الاسلامية هو الهدف الذي مارسه النبي محمد و من بعده الخلفاء المسلمون و لم يوجد في دولة الخلافة الاسلامية احزاب مدنية و لا عسكرية و لا بطيخ هناك فقط الاسلام الذي ينسخ كل فكر او حزب اخر و الاسلام يصادر اي فكر اخر لا بل يعطي لنفسه الحق في تجاوز حدود الدول وغزوها( نظريا لنشر الدين و عمليا للنهب و السرقة من الدول المفتوحة ) ، فالذي يعتز بإسلامه و يريد يبقى مسلم فعليه ان يقبل بما تطبقه داعش ، لا يمكن ان تقول لا داعش ليست اسلام او هي مؤامرة فهذا محض ضحك على النفس ! لا يوجد شيء تفعله داعش لم يفعله الخلفاء المسلمين ،