فضاء الرأي

ثلاثية فرض التوطين

فلسطينيون في أحد مقرات الأونروا في رفح في 28 كانون الثاني (يناير) 2024
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

فرغ العدو الصهيوني أو قارب على الانتهاء من تدمير كل مقومات الحياة في قطاع غزة، فبعد أن قتل وأصاب بجراحٍ بالغةٍ في معظمها، ربما أكثر من مائة ألف فلسطيني من سكان القطاع، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، عمد إلى تدمير البيوت والمساكن وسَوَّى أغلبها بالتراب، وقصفها على رؤوس ساكنيها بالصواريخ المدمرة وبقذائف الدبابات الضخمة، وحطم السيارات والآليات بدباباته التي داستها وسحقتها، وأتلفت في طريقها كل ما تجده من ممتلكات وتجهيزاتٍ.

وقام عامداً وقاصداً بصورةٍ ممنهجةٍ ومنظمة، وفق خططٍ مرسومة وخرائط موضوعة، إلى تدمير المساجد والمدارس والمعاهد والجامعات، والأسواق والمحال التجارية، ومخازن الأغذية والأفران والمخابز، وخزانات المياه ومحطات التحلية، وأخرج عن الخدمة نسفاً وتدميراً المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الخاصة والصيدليات ومخازن الأدوية، وهئيات الدفاع المدني الصحية وسياراتها وطواقمها ومعداتها.

ودمر البنى التحتية كلها، فلا شوارع ولا طرقات، ولا مجاري ولا كهرباء، ولا مياه صالحة للشرب ولا أخرى مخصصة للخدمة، ولا قدرة على جمع النفايات والتخلص منها، حيث تراكمت في الشوارع والطرقات بصورةٍ مهولةٍ ومخيفة، مما تسبب في انتشار الروائح الكريهة والأمراض والأوبئة، فضلاً عن السيول التي أغرقت الشوارع ودخلت إلى الخيام ومناطق الإيواء، بسبب الأمطار الغزيرة وتعطل آليات الصرف الصحي.

إقرأ أيضاً: الرأس وليس أذرع الأخطبوط

تعمد العدو الإسرائيلي القيام بكل ما سبق ذكره وغيره مما لم آت على تفصيله لكثرته وتكراره كل يومٍ وفي كل مناطق القطاع، بالرغم من النداءات الدولية، ومساعي التهدئة ومحاولات فرض وقف الحرب وإنهاء العمليات العسكرية، إلا أنه لا يصغي للمواقف الدولية، ولا ينصاع للقانون الدولي، ولا تعنيه قرارات محكمة العدل الدولية، ولا يخشى أن يوصم بالإبادة الجماعية وبالجرائم ضد الإنسانية، ولا توقفه جرائمه البشعة وانتهاكاته الخطيرة في حق الفلسطينيين، وهي التي يشهد عليها العالم كله، ويراها بأم العين موثقةً مسجلةً، بالصوت والصورة والمكان والتاريخ، ورغم كثرتها وتكرارها، وتنديد المجتمع الدولي بها، إلا أنه يصر عليها ويواصل تنفيذها واقترافها بأبشع السبل وأسوأ الوسائل.

إقرأ أيضاً: شناعة المُندَلق

يعلم العدو الإسرائيلي ما يريده ويخطط له، ويسعى إليه حثيثاً ولا يتعب، ويصر عليه ولا ييأس، ضمن منهجيةٍ واضحةٍ لا تخفى على أحد، وسياسةٍ عنصريةٍ لا يعترض عليها أحد، فغايته التي يتطلع إليها ويخطط لها هي تهجير سكان قطاع غزة، وإخراجهم من أرضهم بكل الوسائل الممكنة، قسراً إن استطاع من خلال دفعهم خارج الحدود خوفاً من العمليات الحربية نحو مصر، وهي المهمة التي يبدو أنه فشل فيها وعجز عن تنفيذها، أمام إصرار الفلسطينيين الرافضين للهجرة والعازفين عن اللجوء الجديد، وبسبب الموقف القومي المصري الرافض لتهجير سكان القطاع إلى صحراء سيناء.

إقرأ أيضاً: بكل الطُرق الممكنة باقون

أمام عجزه عن تحقيق هدفه بالوسيلة الأولى، عمد بالتظافر مع الجهود الدولية برئاسة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، ومعهما عددٌ غير قليل من الدول الأوروبية المتوافقة معهما والملتزمة بسياساتهما، القائمة على حماية المشروع الصهيوني، وضمان أمن واستقرار "الدولة الإسرائيلية"، والدفاع عنها تجاه الأخطار المحدقة بها، والتي تهدد استقرارها ووجودها، إلى الوسيلة الثانية التي تحقق الغاية نفسها، وتحقق أهدافهم المنشودة، وهي التهجير الطوعي الإرادي.

ترتكز الوسيلة الثانية على سياسة التجويع المذل والمميت، والحصار الخانق القاتل، التي تخيره بين الموت قتلاً أو الفناء جوعاً، حيث عمد إلى حرمان المواطنين الفلسطينيين من مياه الشرب والخبز والغذاء وكل أشكال الطعام، إلى الدرجة التي باتوا فيها يأكلون نبات الأرض وأعشابها، وعلف الحيوانات وطعامها.

إقرأ أيضاً: إسرائيل وأميركا أفضل من إيران وحماس

كما حرمهم من الملبس والمأوى والفراش والغطاء، إذ أتلف موجوداتهم وحرق ثيابهم وملابسهم، وفراشهم وغطاءهم، وضيق عليهم في خيامهم، وقصفهم في أماكن إيوائهم، وتعمد ملاحقتهم إلى الأماكن التي أشار عليهم بالانتقال إليها والإقامة فيها، ليجعل حياتهم بؤساً وعيشهم في قطاعهم مستحيلاً.

وبهذه السياسات الجائرة، والممارسات العنصرية المدمرة، والتي أضيف إليها مؤخراً وقف الدعم المالي لمؤسسة الأونروا، وهي التي يستفيد من خدماتها مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في غزة خصوصاً، وفي عموم سوريا ولبنان والأردن ومصر، تكون إسرائيل وحلفاؤها قد أطبقوا على الشعب الفلسطيني خصوصاً في غزة، واستكملوا الحلقات الثلاث المطلوبة لتنفيذ مشروعهم واستكمال مخططهم، الجوع والحصار والحرمان، إلى جانب التدمير والخراب والقضاء على كل عوامل الصمود والبقاء، وثالثها القتل الممنهج والإبادة المقصودة والمجازر المتعمدة، التي من شأنها في حال تظافرها وتآمر الدول الكبرى على فرضها، أن تحقق للإسرائيليين حلمهم القديم، وتوصلهم إلى الغاية المنشودة، في الأرض الأكثر والسكان الأقل.

إقرأ أيضاً: حرب السيوف الحديدية واليوم الذي سيلي

لكن الذي يبدو في الأفق ويظهر، أن الشعب الفلسطيني ثابتٌ في أرضه وصامدٌ على حقه، وأن مقاومته شرسةٌ عنيدةٌ، وهي في الميدان قوية، وفي القتال شديدة، تكبد العدو خسائر فادحة، وتجبره على التراجع والانكفاء، والتنازل وتغيير الأهداف، ما يعني أن مشاريعهم ستفشل، وأن مخططاتهم ستحبط، وأن أحلامهم ستبدد، وربما تصبح أحلامهم كوابيس ترعبهم من الغد الآت، وتخيفهم من المستقبل القادم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سيفشل نتنياهو كما فشل من قبله معلمه شارون ،،
زياد -

لن ينجحَ نتنياهو فيما فشل به شارون ‏كل التهديدات والوعود التي يُطلقها نتنياهو وغالانت وبن غفير وسموتريش فارغة ولا قيمة لها، ويدركون أنها لن تتحقق .. عصرُ الانتصارات انتهى، وإسرائيل مفكَّكة من الداخل، وساساتها يتصارعون، وجيشُها أُهين، والأهداف تفتتت، والعالم يطارد الاحتلال على جرائمه، ولاهاي مجرد بداية، وصحوةُ ضمير العالم جزءٌ من تحالفٍ إنساني يتشكَّل. ‏في ٢٠٠٤ غزا شارون (وكان معه نتنياهو) قطاع غزة، والهدف كان وقفَ إطلاق صواريخ المقاومة من القطاع المحتل إلى إسرائيل! .. أخفق شارون وترك غزة "دون شروط"، وبعد ٢٠ عاماً حاول نتنياهو عبثاً تكرار ما عجز عنه مُعلمه.،،

نتنياهو يكذب ويعرف انه يكذب ،،
رياض -

رغم ما يجري من مفاوضات لإيجاد صيغة مناسبة لوقف إطلاق النار ووقف العدوان على غزة، ورغم أن مجرم الحرب نتنياهو هو من يرسل مدير الموساد للتفاوض مع كل الجهات المنغمسة في عملية التفاوض، إلا أنه يمارس هوايته المفضلة بالكذب وبيع الوهم وأنه مستمر في الحرب حتى القضاء على حماس وعودة المختطفين، المشكلة أنه يعرف نفسه انه كذاب والجميع يعرف ذلك ايضاً

....
حدوقه -

نيويورك تايمز تحذف حلقة من بودكاستها الشهير The Daily الذي تبنت فيه رواية الصهاينة بدون تدقيق أو اثبات عن حالات الاغتصاب في ٧ اكتوبر. ليس غريب على الصحافة الغربية أن تتبنى أي رواية تشيطن الآخر، و نيويورك تايمز لديها سوابق مخزية في هذا الشأن ،،

جيش العصابات الصهيوني طلع مقلب ،،
زياد -

‏جنرال (الاحتياط) الإسرائيلي المخضرم (اسحق باريك) يحذّر من معضلة كبرى.. "عدّاء بلا أرجل"!!‏كتب مقالا في "معاريف" قال فيه إن "كيانه" لا يملك ذخيرة تكفي لحرب إقليمية، هو الذي لم يكن يملك ما يكفي لحرب أسابيع في غزة، واضطر للدعم الأمريكي، في الوقت الذي تحتاج الحرب الإقليمية لأضعاف الذخائر التي احتاجتها حرب غزة.‏ختم بالقول:‏"كل الاستثمارات الضخمة التي بلغت مئات المليارات من الدولارات في العقود الماضية، في وسائل الحرب، وفي القوى البشرية والبنية التحتية، في الأسلحة الجوية والبحرية والبرية، لا معنى لها عندما لا تكون هناك ذخيرة لإطلاق النار. وهذا يشبه جيش نابليون الذي يخوض حربا ضد أعدائه بلا حراب ولا سيوف، أو عداء ماراثون يركض بلا أرجل".‏"طوفان الأقصى" كشف "هشاشة الكيان"، وتركه عاريا أمام العالم أجمع.

جيش مهزوم يعود من غزة بعاهات جسدية ونفسية مزمنة ،،
رياض -

اللعنة اصابت جيش الاحتلال النازي المجرم يديعوت احرونوت:‏اعداد كبيرة من جنود اسرائيل يعودون من غزة محملين باعراض نفسية وانفعالية ..

مات يوفال وعاش حذاء السنوار
زياد -

الرقيب يوفال نير وعد زوجتة ان لا يعود من غزة الا بعد ان يتصور مع جثة السنوار ، قتل يوم أمس قبل ان يفي بوعدة لزوجتة .

بركات السابع من اكتوبر
رياض -

النتائج السياسية الاستراتيجية للطوفان. لغاية. الانكسر خرافة الجيش الذي لا يقهر ، ‏وأد صفقة القرن‏اجهاض مخططات التطبيع‏استحضار القضية الفلسطينية ،ومسخ كل خطط تهميشها ؟بعد ان كاد النسيان يمسحها ويطويها. ‏تبخر مشروع الحرير الهندي ، ومشروع قناة بن غوريون الموازية لقناة السويس ،،

هؤلاء هم الشرفاء ،
رياض -

الممثل الأمريكى(جون كوزاك) تم اعتباره معاديا للسامية! ‏لأنه قال بضمير حى: ‏ ‏ "أشفق على هؤلاء الذين يعتقدون أنني أهتم بمشاريعي المستقبلية في هوليوود بينما ترتكب الإبادة الجماعية في غزة". ‏ "نحن نرفض الكذبة القائلة بأن أمن دولة ما يعتمد على تدمير شعب آخر".

فلسطين في قلوبنا وفي دمائنا
فاروق -

لتعلم أمريكا ‏أنها بإمكانها أن تنتزع قلوب المسلمين من أجسادهم ‏ لكن لا يمكنها أن تنتزع ٲرض فلسطين من قلوب المسلمين ‏سقطت الٳمبراطورية البريطانية التي أرادت أن تهب فلسطين لليهود ولا زالت فلسطين صامدة باقية‏ وستسقط أمريكا وجميع دول الظلم والعدوان نصيرة الظالم والمعتدي وستظل فلسطين أرض الرباط والصمود بٳذن الله

الحرب العدوانية على غزة ستغير كثيراً من البديهيات،،
فؤاد حديد -

يبدو لي ان انتصار غزة على الحرب الظالمة التي شنت عليها من جهة المعتدين و من شايعهم من الغرب والعرب ستغير كثيراً من البديهيات المستقرة ، انتصار غزة سوف يغير نظرة الغرب إلى قلعته المتقدمة في المشرق حتى لدى اولئك الذين يدعمونه على اساس الهوس الديني ، سيقلون له امددناك بالعتاد والرجال والتكنولوجيا والمال لسنوات والدعم الدبلوماسي على كافة الصُعد وهاي اخرتها على رأي القذافي ، لم تستطع على عصابة من المقاومين وعلى شعب غزة رغم التدمير و القتل والتجويع ، ان للحرب على غزة ما بعدها وستكون المسمار الأخير في نعش الكيان الصهيونى بإذن الله ،،

خطة إغراق الانفاق فشلت
رياض -

حسب موقع ويلا العبري. ‏خطة اغراق أنفاق غزة بمياه البحر فشلت بسبب وجود جدران و حوائط فولاذية سميكة منعت تدفق المياه. ‏بوركت سواعد المقاومة عن عبقرية هندسة الانفاق.اتحدث ،،

سؤال للسيد الكاتب
قول على طول -

يقول السيد الكاتب : الشعب الفلسطيني ثابتٌ في أرضه وصامدٌ على حقه، وأن مقاومته شرسةٌ عنيدةٌ، وهي في الميدان قوية، وفي القتال شديدة، تكبد العدو خسائر فادحة، ..انتهى الاقتباس ونحن نسأل السيد الكاتب - وحدوقه وزياد ورياض الخ الخ من مدعى النصر الالهى - هل الفقره السابقه تتناسب مع ما جاء فى المقال ومما فعله العدو الصهيونى فى غزه من تدمير وخراب وتشريد الخ الخ ؟ هل هذا يتناسب مع ذاك أو يتناسب مع العقل وما نراه على الشاشات ؟ على فكره أنا لا أدافع عن احد بل فقط عن العقل والمصداقيه . انتهى