شرطة بريطانيا... بين الولاء للقسم أم المعتقد

رفض مسلم من أفرادها حماية سفارة إسرائيل يفجر جدلاً
شرطة بريطانيا... بين الولاء للقسم أم المعتقد

مقر السفارة الإسرائيلية في لندن

إيلاف، لندن: حراسة السفارة الإسرائيلية في لندن مهمةتقع ضمن اختصاص قسم الحماية الدبلوماسية لشرطة لندن (ميت). هذه هي القاعدة، لكن لكل قاعدةاستثناء،إذ طلب هذا الصيف خلال الحرب التي دارت بين القوات الإسرائيلية وحزب الله في لبنان خلال شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس)، طلب أحد أفراد القوة الشرطي الكسندر عمر باشا - وهو متزوج من إمرأة لبنانية ووالده سوري - نقله إلى مهام أخرى. الطلب حصل على موافقة من رؤسائه تحتبند الرعاية الشخصية. إلا أن هذه الحادثة التي سلطتصحيفة الـquot;صنquot; البريطانية الضوء عليهافجرت جدلاً واسعاً في بريطانيا، وأثارت مخاوف من أن يصبح نشر عناصر الشرطة في المستقبل بناءً على ضمائرهم الفردية، فيما ذهب البعض الى اعتبارها quot;بداية النهاية للشرطة البريطانيةquot; ووصفها آخرون بإنها quot;انزلاق في طريق صعبquot;.

إيان بلير

وسارع قائد الشرطة البريطانية إيان بلير اليوم إلى الإعلان عن فتح تحقيق في القضيةموضحاً quot;بعد اطلاعي على الأمر طلبت إجراء تحقيق عاجل عن المسألة و(إعداد) تقرير حول ملابساتهاquot;.

وكان الشرطي الكسندر عمر باشا طلب عدم تولي حراسة السفارة الإسرائيلية متذرعاً بأسباب quot;أخلاقيةquot; ترتبط بمعارضته للعمليات الإسرائيلية في لبنان خلال فترة الحرب. ودافع رئيس رابطة رجال الشرطة المسلمين عن طلب عمر باشا مشيراً إلى أن طلبه quot;لم يكن بدوافع أخلاقية وإنما لدواعي رعايته، فزوجته من لبنان ووالده من سورياquot;.

توضيح ألكسندر بأن طلبه اقتصر على مدة القصف فقط، معلنا انه لايمانع العودة إلى حماية السفارة الإسرائيلية في لندن الآن بعد خروج القوات الإسرائيلية من لبنان، صعّد الجدل اكثر، إذ طلبت شرطة العاصمة المخولة برصد آداء رجالها بتزويدها بتقرير عن الحادث وأكدت ان الشرطي يقسم قسم الولاء وعليه بتأدية واجبه سواء تعارض ذلك مع قناعاته الخاصة ام لا، فيما اعتبر جون أوكونور المسؤول السابق في الشرطة البريطانية ان نقل الشرطي على أساس أخلاقي يعني quot;نهاية الشرطة البريطانيةquot;، معتبراً أنه quot;عندما يلتحق أي كان بالشرطة فإنه يفعل ذلك لخدمة الشعب. وإذا ما تعذر عليه القيام بواجبه يغادرquot;.

انزلاق في الصعوبات
ورأى دال بابو رئيس جمعية الشرطة المسلمة ان هذه القضية كان يفترض ان quot;تبقى في نطاق الشأن الخاصquot;. واكد ان قرار نقل الشرطي عمر باشا لا تقف وراءه اسباب سياسية ودينية بل ليكون quot;في وضع افضلquot;. وقال quot;انها مسألة تتعلق بشرطي محدد (..) هذا الشرطي من الشرق الأوسط ولديه اقارب مسلمين ومسيحيين ومن أجل أن يكون في وضع أفضل، طلب تعيينه في موقع آخر لفترة قصيرةquot;. وأضاف أن عمر باشا طلب نقله لأنه quot;لم يكن يشعر بالأمانquot; عند حراسة السفارة خلال فترة النزاع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، مؤكداً أن الامر لا يتعلق quot;بسبب أخلاقيquot;. وتابع quot;اعتقد اننا ننزلق في طريق صعب إذا ما بدأنا نشر عناصر الشرطة بناء على ضمائرهم الفرديةquot;.

وقال بابو إن الشرطي باشا عاد الآن إلى وحدة حراسة الدبلوماسيين وإنه quot;إذا وقع حادث في السفارة الإسرائيلية فسيتعامل معهquot;. وأقر بابو بأن إعفاء رجال شرطة من مهام بعينها بسبب معتقداتهم الأخلاقية أمر لا يمكن القبول بهquot;. وأضاف quot;كرجال شرطة يتعين علينا التعامل مع مواقف في غاية الصعوبة ولا بد أن نكون موضوعيين ونضمن القيام بالمهام الشرطية لخدمة كافة أفراد المجتمع على قدم المساواةquot;. وتابع قائلا quot;لا يسع المرء أن يختار هذه المهمة ويرفض تلك المهمةquot;.

شرطي بريطاني يحرس الباب الخلفي للسفارة الإسرائيلية

واجب الوفاء بالقسم
وقال لورد ماينزي الرئيس السابق لرابطة مدراء شرطة إنكلترا وويلز إن خطوة إعفاء الشرطي المسلم من تلك المهمة تبدو quot;خطوة قد ذهبت أبعد من اللازمquot;. وأضاف quot;طبعا ثمة حالات يمكن فيها منح إجازة من منطلق اعتبارات إنسانية في بعض الظروفquot;. quot;غير أنه إذا كان لدى رجال الشرطة آراء سياسية أو دينية أو عقائدية أو أخلاقية إزاء الأمور فعليهم أن يضعوا واجب الوفاء بالمهام المنوطة بهم فوق تلك الاعتبارات لأنهم يخدمون الجمهورquot;.
quot;إننا لا نريد وضعا يتم فيه منح قسم بعينه من المجتمع أسبابا خاصة لعدم القيام بالواجبات لأن هذا ببساطة سيؤدي إلى رفض من بقية المجتمعquot;.

ومن جانبها أشارت رابطة شرطة العاصمة البريطانية إلى أن رجال الشرطة تحت قسم بالولاء. وأضافت الرابطة، التي طالبت كذلك برفع تقرير إزاء تلك الحالة، إن رجال الشرطة يتعين عليهم كثيرا القيام بمهام تخالف معتقداتهم الشخصية.

بداية النهاية
وقال جون اوكونور وهو ضابط سابق في شرطة العاصمة البريطانية لصحيفة صن تعليقا على هذا الأمر: quot;هذه بداية النهاية للشرطة البريطانيةquot;. وأضاف قوله quot;اذا سمحوا بهذا فعليهم ان يقبلوا ان يرفض ضابط يهودي العمل في سفارة بلد اسلامي. وهل سيسمح لشرطة كاثوليك بترك العمل في كنائس بروتستانتية؟ والي أين سيفضي هذا؟ هذا القرار سيسمح للضباط بالعمل بطريقة تنطوي على تفرقة في المعاملة وتمييز عنصريquot;.