نهاية النظام العربي القديم وبزوغ معسكرين على الساحة
quot;إيلافquot; ترصد ملامح المشهد الإقليمي بعد قمة دمشق
ملامح المرحلة المقبلة في صورة بعيدة عن التفاؤل |
كتب ـ نبيل شرف الدين: توقع مراقبون ومحللون سياسيون في القاهرة ـ وهم مجموعة مرموقة من أساتذة العلوم السياسية، وخبراء التحليل في مركز الدراسات السياسية المصرية إستطلعت (إيلاف) آراءهم حول مرحلة ما بعد قمة دمشق ـ توقعوا أن تشهد هذه المرحلة مزيدًا من التشدد السوري تجاه الأزمة اللبنانية، ورأوا أن دمشق ستطالب بضرورة تعديل المبادرة العربية، أو تقدم تفسيرًا وحيدًا لها يستبعد كافة القراءات الأخرى،rlm; بل ويحاصر جهود الجامعة العربية في هذا المضمار، حتى يصل بها إلى طريق مسدود، في مسعى لترحيل الأزمة حتى نهاية ما تبقى من فترة حكم الرئيس الأميركي جورج بوش، درءًا لأي تصعيد محتمل ضد دمشق يتعلق بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري.
ورأى المحللون الذين تحدثت معهم quot;إيلافquot; أن الملابسات التي أحاطت هذه القمة، قد دشنت لخروج الصراعات العربية ـ العربية من دوائر السرية إلى العلانية، ورسموا ملامح المرحلة المقبلة في صورة بعيدة عن التفاؤل قائلين إنها تقود إلى المواقف التصادمية، ونهاية النظام الإقليمي وفق معطياته الراهنة، وبداية قواعد جديدة تقسم العرب إلى فريقين على الأقل، أحدهما هو معسكر التوافق مع المجتمع الدولي، وهو ما يطلق عليه quot;معسكر الاعتدالquot;، والآخر هو الممانع الذي يصر على التصادم مع القوى الدولية، وهو المعسكر السوري ـ الإيراني.
وفي ظل غياب أبرز اللاعبين الإقليميين عن قمة دمشق، فقد توقع المحللون أن تأتي قرارات القمة متواضعة، وألا تحدث اختراقًا يذكر في أي من الملفات الأساسية المطروحة على جدول أعمالها، لا سيما الأزمة السياسية في لبنان، بل أبدى بعضهم توجسًا من أن تزيد هذه القمة المشهد العربي تعقيدًا كما يرى الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز quot;الأهرامquot; للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذي أعرب عن قلقه من أن تسفر القمة عن مزيد من الانقسام العربي عمومًا، وتدفع في اتجاه تعقيد الأزمة السياسية في لبنان على نحو خاص.
رسائل لدمشق
ويقول محللون إن خفض مستوى التمثيل المصري والسعودي في القمة العربية بدمشق يشكل رسالة واضحة لدمشق، ويعكس مدى خيبة الأمل لدى البلدين الأقوى تأثيرًا في المنطقة إزاء سورية باعتبار أنها لم تبذل أي جهد جاد لإقناع حلفائها في لبنان بتخفيف شروطهم لقبول المبادرة العربية، وهو ما يراه الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مركز quot;الأهرامquot; للدراسات السياسية بقوله إن سورية التي تتحدث كثيرًا عن لمّ الشمل العربي، والدعوة إلى اصطفاف في مواجهة التحديات الراهنة، غير أنها ومنذ أعوام تؤدي دورًا يصب في اتجاه عكس ذلك تمامًا، على ثلاثة أصعدة، الأول هو لبنان بموقفها الذي بات معروفًا على نحو مفصل لكافة المعنيين بالشأن الإقليمي العربي.
أما الثاني فهو دعم دمشق للقوى والحركات الفلسطينية الراديكالية، وتشجيع حماس على اللجوء إلى قوة السلاح لتحسم به خلافها مع فتح والسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، ويبقى الثالث ممثلاً في دورها الذي يشوبه الغموض في العراق، من خلال الاتهامات العراقية لها بأنها سمحت لمقاتلين عرب وأجانب بدخول أراضيها عبر الحدود المشتركة، بما يشيع الفوضى ويؤجج أعمال العنف في العراق.
وبينما تحدّث مصدر دبلوماسي مصري عن اتجاه للاستجابة لطلب رئيس الحكومة اللبنانية بالدعوة إلى عقد اجتماع وزاري عربي في القاهرة، بهدف بحث العلاقات السورية ـ اللبنانية على أرضية من المكاشفة والمصارحة، وبعيدًا عن كل الحساسيات التي يمكن أن تشهدها مؤتمرات القمة، فقد أوضح ذات المصدر أن القاهرة بتكليفها وزير دولة دون حقيبة لرئاسة وفدها للقمة العربية، فهذا يعني أن القرار المصري جاء في منتصف الطريق بين الموقف اللبناني الذي قاطع القمة تمامًا والموقفين السعودي والأردني الذين شكلا حضورًا رمزيًا بتكليف سفيريهما لدى الجامعة العربية برئاسة وفديهما لدى قمة دمشق.
لبنان وفلسطين
وفي ما تتهم دوائر سياسية عربية دمشق بالارتماء تمامًا في أحضان إيران التي تسعى لتعظيم نفوذها الإقليمي، والعمل على عرقلة انتخاب رئيس للبنان، فإن المسؤولين السوريين يرفضون هذه الاتهامات قائلين إن دمشق أيدت العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي للبنان، وأنها عملت من خلال صلاتها مع quot;حزب اللهquot; على إقناع زعيم المعارضة ميشال عون، وهو ليس حليفًا لدمشق بالتنازل عن ترشحه للرئاسة.
أما في الملف الفلسطيني، فقد كشف دبلوماسي فلسطيني عن رفض رئيس السلطة محمود عباس، تحول المبادرة اليمنية للمصالحة بين فتح وحماس إلى مبادرة عربية، مشيرًا إلى الخلاف الذي نشب بعد توقيعها، ما بين رأي حماس القائل بأنها وقعت للتنفيذ، وليس لإجراء الحوار حولها، ورأي فتح ورئاسة السلطة الفلسطينية التي تعتبر التوقيع على المبادرة مدخلاً لحوارات معمقة ترسم آليات محددة للتنفيذ.
أما في القاهرة فقد بدا الغضب مكتومًا، إلا أن تسريبات نقلت عن مسؤولين كبار قولهم إن مصر ابتلعت الكثير من أخطاء الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرة إلى أن أجهزته دفعت بطلاب جامعة دمشق للهجوم على السفارة المصرية وتحطيمها وكذلك الإيعاز لحماس بالسيطرة على قطاع غزة بالقوة، فضلاً عن إهانة القادة العرب في خطبة سابقة له ووصفهم بتعبير غير لائق quot;أشباه الرجالquot;.
هذا المعنى ذاته بلغة أكثر دبلوماسية عبرت عنه افتتاحية صحيفة (الأهرام) شبه الرسمية في مصر، والتي تعبر عادة عن الرؤى الحكومية خاصة في ما يتعلق بالشؤون الخارجية، وقد ورد فيها quot;إن من يقرأ تصريحات وزير الخارجية السورية ـ الذي اعتدنا منه الحنكة والخبرة الدبلوماسية والانضباط في التصريحات والألفاظ ـ سيدور في ذهنه على الفور أن القادة والزعماء العرب الذين لم يحضروا قمة دمشق، قد خضعوا لضغوط أميركية،rlm; وسيدور في ذهنه أيضًا أن القمم السابقة كانت تعمل حسب أجندات أميركية، بينما قمة دمشق هي القمة الوحيدة الشريفة العفيفة التي ستنجو من الهيمنة الأميركية، فهل هذه اللغة ـ التي تحمل رائحة الاتهام ـ تليق ؟quot;.
القمّة العربيّة في صور |
التعليقات