الرياض تنقل سفيرها من باكستان إلى تحدٍ جديد في لبنان
عسيري السعودية .. من حديقة القاعدة إلى مشاتل طهران !
سلطان القحطاني من لندن: لا أحد يعرف على وجه التحديد كيف تلقى السفير السعودي في باكستان علي عواض عسيري خبر تعيينه سفيراً لبلاده في لبنان بعد أن أمضى عدة سنوات مرهقة في منصبه الذي كان يطل منه على ملعب تنظيم القاعدة وحديقته الخلفية. إلا أنه بدا ودوداً وشاكراً وهو يرد على اتصالات مهنئيه وأغلبهم من موظفي وزارة الخارجية الذين بادروه بالاتصال فور سماعهم الخبر، مردداً عبارات مقتضبة لا تتعدى الشكر والامتنان للمشاعر الطيبة التي تلقاها منهم، حسب ما رواه أحد المقربين منه.
بيد أن السفير الجديد هو أول من يعرف أن مهمته في لبنان لن تكون نزهة أو مكافأة أخيرة قبيل حلول مرحلة التقاعد؛ بل إنها لا تقل صعوبة عن عمله السابق كسفير في بلد كانت تُسمع فيه أصوات القاعدة واحتفالات التطرف السني بصوت مرتفع رغم عشرات الألوف من الجنود القادمين من مختلف أنحاء العالم.
وغالباً ما يتذمر المسئولون الغربيون بعد كل اجتماع يعقدونه مع نظراءهم في باكستان من الطريقة المكشوفة التي تتجاهل فيها أجهزة الاستخبارات في إسلام أباد نشاط تنظيم القاعدة في بلدٍ لا مثيل له من ناحية أنه بقرة حلوب تغذي مقاتلي طالبان في أفغانستان وتمدهم بالعتاد البشري اللازم لتنفيذ أعمالهم الإرهابية.
والأمر ذاته يمكن أن ينسحب على دور إيران في لبنان عبر دعمها المكشوف لتنظيم حزب الله الشيعي الذي حصد شعبية كبيرة نتيجة لسنوات نضاله الطويلة في مواجهة إسرائيل بينما على المقلب الآخر كانت الدول العربية مشغولة بالبحث عنquot; سلام لن يتحققquot; مع الدولة العبرية حسب ما يقوله مؤيدوه.
وتبدو المسافة بين إسلام أباد وبيروت بعيدة نوعاً ما إن قيست بمسطرة الجغرافيا، إلا أن المشهد لن يتغير كثيراً، فبدلا من أن يشاهد السفير الذي تعود على التعامل مع أخطار القاعدة حفلات الرعب السنية المستمرة، فإنه سيغرق حتى النخاع في التفكير لحلول تمكن بلاده من مواجهة أخطار التهديد الفارسي.
وحسب محللين سياسيين فإن الرياض تريد بداية جديدة في الملف الشامي عبر تعيين سفيرين جديدين في كل دمشق وبيروت، ودليلهم على ذلك أنها عينت سفراء لم يسبق لهم التعامل مع ملفات الدول العربية عن قريب أبداً.
وهذا ما يقد يمنحهم الفرصة على التعاطي مع التوجه الجديد دون عوائق من ترسبات الماضي عقب أن أعلن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أنه لا مجال للعودة إلى ما كانت عليه الأمة العربية من خلافات.
وتريد الحكومة السعودية طي الصفحة القديمة والبدء في صفحة أخرى بغية رص الصفوف لمواجهة النفوذ الإيراني خصوصاً وأن طهران لا تزال محتلة لثلاث جزر عربية هي طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى التي تعتبرها الإمارات جزءاً لا يتجزأ من ترابها الوطني.
كما أنه قد ثبت وبشكل قاطع لدى مسئولين سعوديين كبار أن إيران تهدف إلى خلخلة السلم الداخلي في المملكة عبر تحريض أفراد من الأقلية الشيعية، إضافة إلى أن أصابع طهران ليست بعيدة عن حادثة تفجير الخبر عام 1998 حسب ما كشفت عنه أجهزت الاستخبارات الأميركية.
وكانت quot;إيلافquot; قد علمت من مصادر وثيقة الإطلاع أن الحكومة السعودية رشحت سفيرها في باكستان علي عواض عسيري كي يتولى سفارة المملكة في لبنان بعد أن شغرت برحيل سفيرها السابق عبد العزيز خوجة الذي تولى حقيبة الثقافة والإعلام في التعديل الوزاري الأخير.
وتخرج السفير علي عسيري، الذي يتقن الإنجليزية والفرنسية، برتبة ملازم في وزارة الداخلية السعودية. وفي عام 1981 نقلت خدماته إلى وزارة الخارجية السعودية لتولي مهام إدارة الأمن الدبلوماسي التي كانت معنية بأمن ممثليات المملكة في الخارج متدرجاً في الرتب الدبلوماسية حتى وصل إلى رتبة عميد.
وكان من خلال عملة السابق يتعامل مع مختلف الهيئات الدبلوماسية داخل المملكة والممثليات السعودية في الخارج لتوفير الأمن والحماية لها وكان يتنقل لأجل ذلك بين عواصم العالم للتنسيق مع سفراء المملكة في الخارج بهذا الشأن.
كما كان وبحكم طبيعة عمل إدارته السابقة يتعامل مع الإدارات السياسية والإدارية بوزارة الخارجية السعودية، إضافة إلى انه كان أحد أعضاء هيئة التدريس في معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية السعودية إذ كان يقوم بتدريس مادة الأمن الدبلوماسي .
وطوال فترة عمله، التي جاوزت سبع سنوات عجاف وسمان في آن، كان واحداً من أهم السفراء الذين يستطيعون مقابلة أي مسئول في الحكومة الباكستانية أي وقت يشاؤون، وهم قلة يعدون على أصابع اليد الواحدة وأولهم السفير الأميركي في إسلام أباد.
كما أنه كان أول دبلوماسي يلتقيه الرئيس الجديد بعد زوال الحقبة العسكرية التي استمرت عشر سنوات تحت قيادة الرئيس السابق برويز مشرف.
ومن المقرر أن يخلفه السفير عبد العزيز الغدير الذي كان يتولى سفارة بلاده في تركمانستان رغم أنه كان مرشحاً ليتولى سفارة كوريا الجنوبية. كما أن الرياض رشحت سفيرها الحالي في كوريا الجنوبية عبد الله العيفان كي تولى كرسي السفارة في دمشق بعد انتهاء سنوات الجفاء بين البلدين.
وعلمت quot;إيلافquot; أن السفير السعودي في طهران أسامة سوسي نقل إلى كندا ، ويظل منصب السفير في إيران شاغراً.
التعليقات