جرح اللفظ الذى إستعمله المرشد العام للإخوان المسلمين لوصف مصر كثيرين. المشكلة كما أراها وكما لمسها لمسا خفيفا الأستاذ صلاح عيسى فى البرنامج الفضائى quot; البيت بيتناquot; ليست فى اللفظ الذى إستعمله قائد الإخوان، لأن الألفاظ الساقطة قد تخرج فى العموم نتيجة إستفزاز أو غضب أو حتى عدم تهذيب. المشكلة الحقيقية أن المعنى الذى عناه اللفظ مقصود تماما، وهذه هى مشكلة الإعتذار عنه، إذ أن المعنى هو من أساسيات أدبيات وفقه الإخوان وكل المتأسلمين فكيف يتم الإعتذار عن منظومة الفكر لدى المتأسلمين كلها!؟
المتأسلمين يريدون مسح المحلية عن جميع الأوطان وليس فقط مصر. بمعنى آخر أن المرشد العام يقصد فى الحقيقة أنه quot;طظ فى مصر وفى سوريا وفى العراق وفى باكستان وفى أندونيسيا وفى كل ألأوطان عموماquot;. الأمة الإسلامية الجامعة أو الولايات المتحدة الإسلامية هى الوحيدة التى ليس طظ فيها. فى الحلقة التلفزيونية المذكورة تلجلج الأستاذ الزيات ولم يجرؤ على أن يجاهر بوجهة النظر تلك وعلى أن ينسبها لنفسه، وإنما حاور وداور ليفسر المعنى المقصود من تلك اللفظة منسوبا للمرشد وليس لنفسه مع أنه يؤمن تماما ndash;كما لم ينكر- بصحة الفكر والمنظومة!؟

معنى مماثل تماما وإن كان الظاهر إختلافه يمثل مأزق حماس فى فلسطين. مشكلة حماس وكل منظومة الفكر الإسلامى هى أنها لا تريد إطلاقا حل مشكلة فلسطين حلا تهائيا ولو طال الشعب الفلسطينى من وراء ذلك دولة المن والسلوى. سبب ذلك أن مشكلة فلسطين هى الرابط الوحيد الحالى المتاح لربط العالم الإسلامى وإستنفاره ليبقى فى نفق واحد. لذلك لم تقل حماس أبدا أو أى إسلامى أن المطلوب من إسرائيل هو الإنسحاب لحدود 67 مثلا! عادة يقولون بانسحاب إسرائيل ولكن لا يقولون إلى أين، السبب هو أنهم ndash;أيضا- لا يريدون تعريف حدود لدولتهم الإسلامية. عين حماس على أراض سبعة وستين مقابل quot;هدنة طويلةquot;! ثم بعد تكمنهم وإستقوائهم يأتى مطلب أراض فلسطين كلها وإلقاء إسرائيل فى البحر، ثم يأتى دور الأردن ولأن كل حادث حديث فالحديث وقتها سيتغير ليتبين أن الأردن هو فى الحقيقة اراض فلسطينية، ثم يدور الكأس على السعودية ودول الخليج والشام كله ومن بعد ذلك أو قبله مصر، وهلم جرا حتى يحكمون العالم الإسلامى كله، ويمتد بصر الإسلاميون من بعد ذلك إلى العالم كله فى 10 داوننج ستريت والبيت الأبيض وباقى أوروبا وأمريكا، بل وآسيا وأفريقيا! هذه هى أحلامهم وهذا هو هدفهم النهائى.

الهدف الذى يرغب فيه الإسلاميون سبق وحلم به كثير من العنصريين ممن إمتلكوا القوة على مر التاريخ. حلم به الإسكندر الأكبر الذى ظن أن باستطاعته تكوين إمبراطورية عالمية تدين بالفلسفة الهيلينية. حاول الرومان أيضا تكوين تلك الإمبراطورية المزعومة وقام أحد أباطرة الرومان فى أحد العصور بمنح الجنسية الرومانية لكافة رعايا الإمبراطورية أيا كانت أوطانهم. حاول المسلمون الأوائل أيضا إقامة ذلك الحلم وظلوا يحاولونه حتى سقوط الإمبراطورية العثمانية. حاول ذلك أيضا هتلر فى العصر الحيدث، مع تعديل بسيط هو أن الجنس الآرى هو خير جنس أخرج للناس...
يخبرنا التاريخ بتلك المحاولات التى يستهدفها الإسلاميون الآن مع تعديل بسيط ينفرد به الإسلاميون. التعديل هو أن جميع من حاول ذلك عبر التاريخ لم يكن فقط يظن أنه بأفكاره وجنسه أفضل من الآخرين، ولكن كان أيضا يملك قوة مسيطرة ومنظومة حضارية جذابة حتى أن الإنضمام لتلك الدولة العالمية يكاد يكون ميزة وشرف، ورغم ذلك تصادمت تلك الدعوات مع الشعور الوطنى لأقوام أقل فى سلم الحضارة بكثير. التعديل الذى أدخله الإسلاميون على تلك الفكرة التاريخية هو أنهم يدعون ويعملون ضد العالم كله لضمه لدولتهم المتخيلة وهم فى القاع الأسفل من حيث التقدم الحضارى وأيضا من حيث المنعة والقوة اللازمين لإجتذاب قطاعات عريضة أو دول لتبنى أفكارهم إقتناعا إبتداء، ثم يتم ضم الآخرين بالقوة كما يفترض.
يفسر لنا التحليل السابق فرحة الإسلامويين الغامرة بدخول فرد للإسلام، كما يفسر الغضب العارم الذى يصل لحد القتل ردا على خروج أحد المسلمين عما يظنونه نهاية التاريخ، إذ أن خروج أحدا من الإسلام يكون ndash;وبحق- طعنا فى أفضليتهم التى هى أساس دعوتهم للسيادة!!!

عادل حزين
نيويورك
[email protected]