quot;إيلافquot; تنشر تقريره عن المعطيات فائقة الأهمية
براميرتز يربط بين اغتيال الحريري وبقية الجرائم

دعم أميركي و أممي لحكومة السنيورة

أنان يطرح في مجلس الأمن رؤيته لحل أزمة الشرق الاوسط

تحقيق حول تعذيب ثلاثة كنديين في سوريا

الياس يوسف من بيروت: بيّن التقرير الذي قدمه رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي البلجيكي سيرج براميرتز في تقريره الثالث عن عمل اللجنة الذي قدمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ، تمهيداً لمناقشته أمام ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن أن اللجنة تمكنت في تحقيقاتها من إنجاز تقدم كبير في ثلاثة مستويات على الأقل ، الأول هو اقترابها من تحديد هوية الشخص الذي فجر الشاحنة المفخخة التي اغتيل بها رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري ، وشخص آخر كان بقرب مكان الإنفجار في مكان محمي لكنه قتل بتساقط الحجارة والردم عليه، وأوضح أن سائق السيارة والمفجّر على الأرجح لم يكن لبنانياً، لكنه عاش في لبنان مدة شهرين أو ثلاثة أشهر قبل موته. كما تمكنت اللجنة من تحديد مسار شاحنة quot;الميتسوبيشي quot; التي استخدمها الجناة للتفجير وهذه نقطة مهمة جداً، كما توصلت قيمة في تحليل الإتصالات الهاتفية التي جرت بين المنفذين .

ولوحظ أن براميرتز حرص عند كل نقطة من هذه النقاط على عدم كشف ما لديه موضحاً أنه سيكشف المعلومات للمحكمة ذات الطابع الدولي والخاصة بهذه القضية كي تتمكن من القيام بعملها بسلاسة . وربط براميرتز بين جريمة اغتيال الحريري التي وصل التحقيق فيها إلى مرحلة quot;حرجة ومعقدةquot; ، وبين الجرائم السياسية ال14 الأخرى التي ارتكبت على الأراضي اللبنانية.

وأضاف ان اللجنة ما تزال تتلقى الدعم من سورية في تقديم المعلومات وتسهيل المقابلات مع أشخاص على أراضيها،لكنه شدد على ان اللجنة ستواصل طلب التعاون الكامل من دمشق الذي يظل حاسما لإنهاء عملها بشكل سريع وناجح .وأشار الى ان اللجنة قدمت 12 طلبا رسميا للمساعدة من سورية للحصول على معلومات ووثائق عن أفراد ومجموعات معينة. كما ان اللجنة أجرت عددا من التحقيقات والمقابلات مع أشخاص في سورية من بينها ست مقابلات وخمس اجتماعات مع مسؤولين سوريين معنيين ،وان سورية قدمت للجنة المعلومات المطلوبة وبخاصة حول أشخاص ومجموعات محددة ،كما انها قدمت للجنة بيانات حصلت عليها في إطار التحقيقات التي أجرتها.

واستمرت اللجنة بالتحقيق خلال الشهور الثلاثة الماضية quot;مركزة على دوافع اغتيال الرئيس الحريري ،ومسائل مرتبطة بأحمد ابو عدس الذي سجل شريط فيديو تبنت فيه الجريمة منظمة مجهولة ، وأشار التقرير الى ان اللجنة أجرت 60 مقابلة خلال تلك الفترة. وإنها ستواصل تقديم الدعم في قضية اغتيال الوزير بيار الجميل ،وستركز على تقديم المساعدة لتحديد منفذي الجريمة وفي فحص ما اذا كانت هناك روابط مع حالات أخرى.

وقال ان اللجنة تعلق أهمية كبيرة على الوصول الى السياسيين الذين كانوا على صلة مباشرة مع الحريري في الأشهر الأخيرة من حياته ،ومع الأشخاص المشاركين في الحركات السياسية ذات العلاقة في لبنان ،وفي المنطقة والعالم. وأشار الى ان الجو العام الذي أجرت فيه اللجنة عملها يمكنquot;توصيفه بانه غير متوقع بشكل كبير.فالوضع الأمني ،والبيئة السياسية ،والصراعات السابقة ،واحتمالات العنف المتواصل والمواضيع المتعلقة بمستقبل المحكمة الخاصة قد تساهم في دفع الشهود إلى التحفظ عن العمل مع اللجنة، كما تجعل من الصعب عليها تجنيد الموظفين والاحتفاظ بهمquot;.

وأكد التقرير انه quot;كان هناك انفجار واحد استخدمت فيه شاحنة الميتسوبيشي الصغيرة في حمل العبوة الناسفة ،وان التفجير نشأquot; من داخلها. وأشار الى ان التقديرات تدعم فرضية استخدام كميات كبيرة من مادة RDX ذات القدرة التفجيرية العالية.

وتحدث عن احتمالين عن الشحنة الناسفة:اما انها كانت مكونة من خليط من ال RDX وال TNT تم ربطهما بشريط تفجير ،أو انها كانت مركبة من ال TNT و السمتكس وهي متفجرات قوية تم استخدامها بشكل واسع في تفجيرات إرهابية داخل المنطقة وخارجها . وأشار التقرير الى وجود ثلاثة أجهزة لكشف المتفجرات وتعطيلها في موكب الحريري وجد ان اثنين منها كانت تعمل عندما وقع الانفجار. وقال ان quot;السيناريو الأكثر احتمالا لتفعيل التفجير هو ان شخصا فجر الشحنة مباشرة من الداخل أو مباشرة من أمام شاحنة الميتسوبيشيquot;.

وقال ان اللجنة تفحص مزاعم بان الهجوم على رفيق الحريري جرى من خلال وسائل جوية.

وأضاف ان اللجنة وسعت تحقيقها لتشمل quot;الشهور ال 15 الأخيرة من حياةquot; الحريري. كما جمعت معلومات تتعلق بارتفاع مستوى التهديد والضغوط الممارسة عليه خلال الشهور ال 13 الأخيرة من حياته. و توصلت الى مؤشرات إلى انه تلقى تأكيدات من مؤيديه وحلفائه السياسيين بانه لن يكون هدفا لهجوم،وانه quot;حتى الأيام الأخيرة من حياته ظل واثقا من انه لن يتعرض لهجومquot;.

وحول دوافع الاغتيال قالت اللجنة انها حققت في فرضيات مختلفة منها انه قد يكون ضحية مجموعة متطرفة قامت باغتياله بسبب ارتباطاته مع دول أخرى في المنطقة وفي الغرب، او موقفه من قرار مجلس الأمن 1559 ،او ارتباطه مع جريدة quot;النهارquot; ،او انه سيعرض علانية مزاعم حول سوء استخدام مالي في بنك المدينة.

وجمعت اللجنة أدلة من خلال مقابلاتها عن عدد كبير من الروابط بين ست حالات (اغتيال) وبين هذه الحالات وقضية الحريري. وقالت اللجنة انها quot;تعتقد ان ستا من الهجمات المستهدفة كانت محاولات مدروسة لقتل الشخص المستهدف .وصممت كل محاولة لقتل الشخص المستهدف ،وان حقيقة نجاة ثلاث من الضحايا كانت بالصدفةquot;.

وأضاف التقرير ان بعض الضحايا الذين استهدفتهم الهجمات كانوا مرتبطين مباشرة او غير مباشرة مع التحالف السياسي المعروف بقوى 14 مارس/آذار. ولاحظ رابطا آخر بين محاولة اغتيال (الوزير) مروان حمادة ورفيق الحريري وسمير قصير وجبران تويني هو quot;ارتباطهم بجريدة quot;النهارquot;.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في التقرير:

موجز
في القرار 1644 (2005) تاريخ 15 كانون الأوّل 2005، طلب مجلس الأمن من لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتّحدة أن ترفع تقارير إلى المجلس حول سير عملها بما في ذلك التعاون الذي تحصل عليه من السلطات السورية، كلّ ثلاثة أشهر.

يوجز هذا التقرير التقدّم الذي أحرزته اللجنة في التحقيق بين 25 أيلول و10 كانون الأول 2006. في هذه الفترة، عادت اللجنة إلى لبنان من قبرص التي انتقلت إليها موقتاً في الفترة الممتدّة بين 22 تموز و13 تشرين الأول 2006.

منذ عودة اللجنة إلى لبنان، عملت في جوّ سياسي مشحون تخلّله اغتيال وزير الصناعة بيار الجميّل في 21 تشرين الثاني 2006، والاهتمام المحلّي والدولي بإنشاء محكمة خاصّة لبنان.
ظلّ اتّجاه التحقيق الذي تجريه اللجنة في قضية الحريري مركّزاً على ثلاثة مجالات: تطوير أدلّة عن مسرح الجريمة انطلاقاً من التحقيق والتحاليل الجنائية، والتحرّي عن الجناة المحتملين، وجمع أدلّة تتعلّق بنواحي القضية الخاصّة بالرابط والسياق. واستمرّت اللجنة أيضاً، في إطار تعاون وثيق مع القضاء اللبناني، بالاضطلاع بدور استباقي في القضايا الأربع عشرة الأخرى.
بعد اغتيال بيار الجميّل، طلب مجلس الأمن من اللجنة في رسالة تاريخ 22 تشرين الثاني 2006 أن توسّع المساعدة التقنية التي تقدّمها للسلطات اللبنانية كي تشمل قضيّة الجميل. شكّل هذا توسيعاً للتفويض المنصوص عنه في القرار 1644 (2005) والموسَّع في القرار 1686 (2005) المتعلّق بالتحقيق في الهجمات الإرهابية الأخرى المرتكبة في لبنان منذ الأوّل من تشرين الأول 2004. وردّت اللجنة بتأمين مساعدة تقنية بما في ذلك دعم جنائي ومقابلات مع شهود وجمع أدلّة وتحليلها، بناءً على الطلب.

تفاعل اللجنة الوثيق مع السلطات اللبنانية في كلّ المسائل المتعلّقة بتفويض اللجنة، مستمرّ. ما زالت اللجنة تتلقّى دعماً من سوريا في تأمين المعلومات وتسهيل المقابلات مع أفراد في الأراضي السورية. بالإضافة إلى ذلك، تلحظ اللجنة الدعم الذي تحصل عليه من دول أعضاء أخرى رداً على طلباتها، وتشدّد على ضرورة تقديم هذا الدعم في الوقت المناسب لأنّ هذا أساسيّ لتقدّم التحقيق.

I. مقدّمة
1. يُرفَع هذا التقرير بموجب قرار مجلس الأمن 1644 (2005) الصادر في 15 كانون الأول 2005، الذي طلب فيه المجلس من لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتّحدة (quot;اللجنةquot;) أن ترفع تقريراً كلّ ثلاثة أشهر إلى المجلس حول تقدّم التحقيق، ومسائل التعاون بما في ذلك تعاون السلطات السورية. يقدّم هذا التقرير، وهو الرابع في عام 2006، لمحة عامة عن المسائل الموصوفة في التقارير السابقة ويلحظ تقدّماً مهماً في عمل اللجنة وكذلك عناصر جديدة برزت إلى الواجهة منذ تقريرها الأخير في 25 أيلول 2006 (S/2006/760).
2. في فترة إعداد التقرير، عادت اللجنة من قبرص التي انتقلت إليها موقتاً لفترة شهرين ونصف الشهر لأسباب أمنية، لمتابعة عمليّاتها في لبنان. مع استمرار العمل في المقرّ الموقّت، لم يكن للانتقال تأثير كبير على زخم التحقيق الذي تجريه اللجنة.
3. كان المناخ السياسي الأوسع في لبنان هشاً. كان لحدثين كبيرين تأثير على أنشطة التحقيق التي تضطلع بها اللجنة ومقتضياتها الأمنية، لا سيّما اغتيال وزير الصناعة بيار الجميل في بيروت في 21 تشرين الثاني 2006، والنقاش الوطني والدولي الذي يحيط بإنشاء المحكمة الخاصة بلبنان.
4. ظلّ اتّجاه التحقيق الذي تجريه اللجنة في قضية الحريري مركّزاً على ثلاثة مجالات: تطوير أدلّة عن مسرح الجريمة انطلاقاً من التحقيق والتحاليل الجنائية، والتحرّي عن الجناة المحتملين، وجمع أدلّة تتعلّق بنواحي القضية الخاصّة بالرابط والسياق. في الأشهر الثلاثة الماضية، واصلت اللجنة كلّ مشاريع التحقيق المحدَّدة في التقارير السابقة، مع التركيز على الدوافع وراء اغتيال الحريري، والمسائل المتعلّقة بأحمد أبو عدس، والرابط بين القضايا الأربع عشرة الأخرى والتحاليل الجنائية. ودعماً لهذه الأهداف، أجرت اللجنة 60 مقابلة في فترة إعداد التقرير.
5. في ما يتعلّق بالقضايا ال14 التي تؤمّن فيها اللجنة مساعدة تقنية للسلطات اللبنانية انسجاماً مع التفويض المعدَّل المنصوص عنه في قرار مجلس الأمن 1686 (2006)، ركّزت اللجنة في فترة الإعداد لهذا التقرير على الهجمات الستّ التي استهدفت أشخاصاً محدّدين.
6. بعد الطلب الصادر عن مجلس الأمن في 22 تشرين الثاني 2006، كلّفت اللجنة على الفور موظّفين لديها في الإدارة والعمليّات تقديم مساعدة تقنية للسلطات اللبنانية في اغتيال الوزير بيار الجميل.
7. ما زالت اللجنة تحافظ على علاقة عمل وثيقة مع السلطات اللبنانية في كلّ المسائل المتعلّقة بتفويضها. والمساعدة من الدول الأخرى ضرورية أيضاً لنجاحها، وفي شكل عام، حصلت اللجنة على المساعدة من عدد من الدول في مجموعة واسعة من مجالات التحقيق والتحليل. لكنّها واجهت أيضاً تأخيراً وعدم استجابة من بعض الدول. ما زالت اللجنة تتلقّى مساعدة من الجمهورية العربية السورية في تأمين المعاملات وتسهيل المقابلات مع أفراد في الأراضي السورية. يبقى هذا التعاون مكوّناً مهماً من عمل اللجنة الجاري.
8. تقوِّم اللجنة عملها على ضوء إنشاء محكمة خاصة بلبنان، وتفكّر في أنشطة تخطيط مستقبلية لتسهيل الانتقال إلى محكمة من هذا النوع. تنظّم اللجنة نتائج التحقيق والأدلّة والبيانات والملفّات بطريقة تؤمّن الاستمرارية وتمكِّن المحكمة من الاستناد إلى هذه الموارد وبدء عملها بأعلى درجة ممكنة من السلاسة، إذا أُنشئت ولدى إنشائها.
9. الجهود المتجدِّدة التي بُذِلت في فترة إعداد التقرير لزيادة إمكانات اللجنة ومواردها من أجل السماح لها بمواجهة التحدّيات المهمّة المتمثّلة بالتحقيق والتحليل والأمن والترجمة الخطية والفورية، وتحدّيات أخرى على صلة بتوسيع تفويضها، حقّقت حتّى الآن نتائج إيجابية. على سبيل المثال، بذلت اللجنة جهوداً كبيراً لاستخدام موظّفين جدد لملء مناصب دولية، ما أدّى إلى تراجع معدّل الشغور من 29 في المئة في آب إلى 19 في المئة في كانون الأوّل.
10. بلغت اللجنة مرحلة حسّاسة في تحقيقاتها، ومع أخذ هذا في الاعتبار، تعتبر اللجنة والمدّعي العام اللبناني أنّ إطلاع الرأي العام على المعلومات المتعلّقة بالشهود والمشتبه بهم يتعارض مع مبادئ الإنصاف والعدالة، ويفسد الغاية من أيّ قضية تُرفَع أمام محكمة ويسيء إليها. تعتبر اللجنة أنّ هذا الموقف هو مقاربة نموذجية في التحقيق تخلق أيضاً ظروفاً مفيدة تسمح للشهود، لا سيّما أولئك الذين يُعتبَرون حسّاسين نظراً إلى مكانتهم و/أو معلوماتهم، بأن يتعاونوا مع اللجنة في إطار من السرّية.
II. التقدّم في التحقيقات
11. في مرحلة الإعداد للتقرير، استمرّ اتّجاه التحقيق الذي تجريه اللجنة في اغتيال رفيق الحريري و22 آخرين في التركيز على ثلاثة أهداف أساسية. أولاً، تطوير أدلّة عن مسرح الجريمة انطلاقاً من التحقيقات والتحاليل الجنائية، ثانياً التحرّي عن الجناة المحتملين، وثالثاً جمع أدلّة تتعلّق بنواحي القضية الخاصّة بالرابط والسياق. دعماً لهذه الأهداف ومن بين أنشطة عملانية أخرى اضطلعت بها، أجرت اللجنة 46 مقابلة أثناء فترة إعداد التقرير.
12. في ما يتعلق بالقضايا ال14 التي تُقدَّم فيها مساعدة تقنية إلى السلطات اللبنانية، أجرت اللجنة 14 مقابلة إضافية تتعلّق بالهجمات الستّ التي استهدفت أشخاصاً محدّدين مركِّزة على هدفين أساسيين: التحقيق في كلّ قضيّة على حدة وفي شكل متزامن لتحديد روابط بين كلّ هذه القضايا أو بينها وبين قضيّة الحريري. ويجري تدريجاً إدراج القضايا الثماني المتبقّية في أنشطة التحقيق، مع التركيز على طريقة التنفيذ والروابط بين القضايا من حيث الجناة.
13. في مرحلة الإعداد للتقرير، تابعت اللجنة المشاريع العشرين التي تشكّل إطار التحقيقات. وركزّت اللجنة في شكل خاص على، ووسعّت عملها حول دوافع اغتيال الحريري والروابط بين ستّة من القضايا ال14، والتحقيق المتعلّق بأحمد أبو عدس وأفراد على صلة به، والتحاليل الجنائية للمساعدة في التعرّف على الجناة.
14. يسمح هذا التوزيع للأولويات بتطوّر منطقي للقضايا وبإدارة كمّية العمل المتزايدة. مثلاً في مرحلة الإعداد لهذا التقرير، تضاعفت البيانات الإلكترونية ما خلق مزيداً من المهمّات الإدارية والتحليلية التي ترافق هذه الكمية الكبيرة من المعلومات المكتسبة حديثاً.
15. كما أنّ كمية العمل المترتّبة عن المقابلات الستين التي أجريت في قضية الحريري والقضايا الأخرى في مرحلة الإعداد لهذا التقرير كبيرة. استغرقت كلّ مقابلة ما معدّله يوم ونصف اليوم لإتمامها، مع تدوين أكثر من خمسين صفحة في بعض المقابلات. ويستغرق إعداد المقابلات وقتاً طويلاً، كذلك الأمر بالنسبة إلى تحليل المحتوى ودمج المعلومات في القضيّة الأوسع بعد جمعها. في هذا السياق، استمرّت اللجنة في الإفادة من الفرق المتعدّدة الاختصاص التي تعمل في كلّ مشاريع التحقيق. أمّنت هذه المقاربة مرونة للاهتمام بالأولويات بدون تأخير أو تراجع في نوعيّة النتائج.
16. بعد طلب مجلس الأمن في 22 تشرين الثاني 2006، بدأت اللجنة أيضاً تقديم مساعدة تقنية للسلطات اللبنانية في اغتيال بيار الجميل في 21 تشرين الثاني 2006. يشمل العمل الذي جرى الاضطلاع به حتّى الآن المساعدة المكثّفة في المجال الجنائي وإجراء 13 مقابلة.
أ. التحقيق في قضيّة الحريري
1. مسرح الجريمة ومسائل ذات صلة
المعاينة الجنائية لمسرح الجريمة
17. بعد جمع الأدلة الجنائية من مسرح الجريمة الذي انتهى في حزيران 2006، حصلت اللجنة على التقرير الأخير من الخبراء الجنائيين الذين شاركوا في ذلك المشروع. يعرض التقرير المفصَّل العديد من الاستنتاجات التي تنسجم مع العمل الجنائي السابق، ويؤكّد الفرضيات الأساسية عن طريقة عمل الجناة، ويؤمّن معلومات جديدة لم تكن تعرفها اللجنة.
18. من بين استنتاجات التقرير، تأكّد أنّ انفجاراً واحداً حصل، وأنّ شاحنة الميتسوبيشي كانت تنقل العبوة البدائية، وأنّ مصدر الانفجار كان من داخل منصّة التحميل في الشاحنة.
19. أظهرت التحقيقات داخل الفوهة وجود منخفض مستطيل بعمق 40 سنتيمتراً إضافياً في منطقة معيَّنة. كانت التربة الصخرية في تلك المنطقة مسحونة وقد اسودّ لونها، ما يعني أنّها تعرّضت لضغط مرتفع ودرجات حرارة مرتفعة. دلّت هذه المعلومة على أنّ الوضعيّة الأخرة للشاحنة كانت مائلة قليلاً بالنسبة إلى السيّارات المركونة الأخرى. ويقدّم التقرير أيضاً معلومات جديدة حول النواحي الأخرى للمتفجّرات والشاحنة، ستستمرّ اللجنة في التحقيق فيها في مرحلة التقرير المقبل.
الاستنتاجات التي جرى التوصّل إليها حتّى الآن بشأن المتفجّرات
20. في آذار 2005، أشارت عيّنات عدّة مأخوذة من جدار الفوهة إلى وجود المادّة المتفجّرة quot;تي إن تيquot;. في تشرين الثاني، أظهرت العيّنات الممسوحة عن المحور الخلفي وحافة الإطار والعمود المرفقي في الquot;ميتسوبيشي كانترquot; وجود كميات كبيرة من مادّة RDX المتفجّرة. في التحاليل الجنائية الأخيرة، وإلى جانب الRDX على حافة الإطار الخلفي، تمّ العثور على الموادّ المتفجّرة PETN وTNT وDNT بنسب أقلّ، مع مؤشّرات عن وجود TNP (حامض البكريك).
21. جرى تقدير معدّلات تركّز الموادّ المتفجّرة، حيث إنّ معدّل الRDX إلى الPETN والRDX إلى TNT/DNT قُدِّر بحوالى 10 إلى واحد. وجود هذه الكمّيات الكبيرة من الRDX وهذه المعدّلات تدعم بقوّة فرضيّة أنّ متفجّرة قويّة مستندة إلى الRDX استُخدِمت في الهجوم. والRDX مادّة متفجّرة قويّة جداً يمكن استخدامها لوحدها أو ممزوجة بموادّ أخرى ما يجعلها مفيدة جداً في المعدّات العسكرية مثلاً.
22. بحسب التحاليل التي أجريت لحساب اللجنة حتّى الآن، برزت فرضيّتان تتعلقّان بالمتفجّرات. الأولى هي أنّ الشحنة الأساسية تكوّنت من RDX وTNT مع حبل مفجِّر (PETN) يربط بين الشحنات المتفجّرة. ثانياً، تكوّنت الشحنة المتفجرة من TNT وSEMTEX (RDX وPETN)، وهي متفجّرة استُخدمت على نطاق واسع في السابق في تفجيرات إرهابية داخل المنطقة وخارجها.
الاستنتاجات التي جرى إليها حتّى الآن بشأن جهاز التفجير
23. رأي اللجنة في ما يتعلّق بجهاز التفجير هو أنّ تشغيل متفجّرة لاستهداف آليّة متحرّكة يتطلّب دقّة عالية في التوقيت. يقصي هذا احتمال أن تكون آلية لضبط الوقت قد استُخدِمت. فآليات ضبط الوقت تتضمّن أجهزة ميكانيكية أو كهربائية أو كيميائية لا تعمل إلاّ بعد مرور فترة معيّنة من الوقت. في هذه الحالة، ونظراً إلى الحاجة إلى الدقّة في التوقيت، استخدام آليّة تحكّم عن بعد أو جهاز تفجير مباشر (ربما quot;انتحاريquot;) هو الأكثر ترجيحاً. لكنّ اللجنة تعتبر أنّ احتمال استخدام آليّة تحكّم عن بعد ضئيل جداً في هذه الحال لعدد من الأسباب.
24. أولاً، كلّ الأجزاء الإلكترونية التي جُمِعت من مسرح الجريمة أُخضِعت لتحليل من الخبراء، وقد وجدت اللجنة أنّ أياً من هذه الأجزاء لا يعود لآلية تحكّم عن بعد بعبوة بدائية.
25. ثانياً، من بين أجهزة التشويش الإلكتروني الثلاثة في موكب الحريري، تبيّن أنّ اثنين كانا يعملان على الأرجح عند حصول الانفجار. هذه الأجهزة تشوّش عادةً على الإشارات الصادرة عن آليّة تحكّم عن بعد مستخدَمة لتفجير عبوة بدائية. جهاز التشويش في سيارة المرسيدس 500 الأخيرة، المركبة الأقرب إلى الانفجار، دُمِّر بالكامل. والجهاز الموجود في سيّارة المرسيدس 600 التي كان يقودها الحريري احترق إلى درجة كبيرة، لكنّ معاينة أجراها خبير كشفت أنّ الجهاز كان على الأرجح يعمل كما يجب عند حصول الانفجار. أخيراً، الجهاز في المرسيدس 500 الأولى بقي سليماً إلى حد كبير ويعمل كما يجب.
26. ثالثاً، البقايا البشرية ال33 للرجل المجهول الهويّة التي جُمِعت من مسرح الجريمة صغيرة جداً. يشير الوضع الحسي لهذه البقايا البشرية وحجمها، وواقع أنّها وُجدت كلها في الجزء نفسه غرب الفوهة، إلى أنّ هذا الرجل كان قريباً جداً من العبوة البدائية. ويظهر عدد صغير من هذه الأجزاء أيضاً وجود مواد بلاستيكية مصدرها على الأرجح الأسلاك الكهربائية الموصولة بالمتفجرة.
27. نظراً إلى العوامل الآنفة الذكر، تعتبر اللجنة أنّ السيناريو الأكثر ترجيحاً بشأن تفجير العبوة البدائية هو أنّ شخصاً شغّل العبوة مباشرةً من داخل شاحنة الميتسوبيشي أو من أمامها.
الأصل الجغرافي للمفجِّر
28. يجري تحليل السنّ الكاملة والأجزاء البيولوجية الأخرى التي تعود للرجل نفسه ووجدت في مسرح الجريمة أثناء التحقيقات التي أجريت في حزيران 2006 وقبل ذلك، من أجل تحديد الأصل الجغرافي للشخص، إذا أمكن. تعتبر اللجنة أنّ هذا الشخص هو على الأرجح من فجّر العبوة.
29. المنهجية العامة هي دراسة نسبة النظائر في عناصر موجودة في أجزاء مختلفة من جسم الشخص. ليست النسب مستقرّة بل تختلف بحسب الموقع الجغرافي للشخص ومن خلال العمليات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية في جسم الشخص. تكشف الأجزاء المختلفة في الجسم البشري نوافذ زمنية مختلفة تتعلّق بالتاريخ الذي تشكّلت فيه أعضاء الجسم أو أنسجته، مع تركيبة النظائر والبئية الجغرافية. تتراوح النوافذ الزمنية التي يجب تحليلها من الطفولة بالنسبة إلى العظام الكثيفة وطلاء الأسنان إلى فترة أسبوعين قبل موت الشخص بالنسبة إلى الجزء من الشعر الأقرب إلى البشرة.
30. جرى تحليل عدد من العيّنات في هذا المشروع لمعرفة تركيبة النظائر فيها. وتشمل عيّنات من شعر الرجل المجهول الهوية وعظم صدره وسنّه، وعيّنات من شعر مرجعي وعيّنات من أسنان مرجعية عائدة لعمر الرجل التقريبي، وعيّنات من التربات وغبار الشارع والمياه.
31. تظهر نتائج تقرير الخبراء في هذه المرحلة الأولى من التحاليل أنّ الشخص لم يمضِ فترة شبابه في لبنان، لكنّه كان هناك في الشهرين أو الأشهر الثلاثة التي سبقت موته. يناقش التقرير نوع المنطقة التي عاش فيها الفرد في السنوات العشر الأخيرة من حياته تقريباً، على الرغم من أنّه لا يمكن في هذه المرحلة استنتاج منطقة معيّنة من التحاليل. وتلقّت اللجنة أيضاً معلومات أخرى تتعلّق بالأصل الجغرافي لا تستطيع كشفها الآن. ستستمرّ هذه العملية الجنائية في مرحلة التقرير المقبل.
32. ستجري مرحلة ثانية من التحاليل في مرحلة التقرير المقبل، مع تحليل أوسع لعيّنات من الشعر وعيّنات جيوكيميائية وعيّنات أخرى من بلدان ذات صلة ومناطق أخرى. نتيجة لذلك، يمكن أن يسمح تحليل النظائر بالتعرّف على أصل جغرافي محدّد للرجل الذي يُرجَّح أنّه شغّل المتفجّرة.
الأصل الإتني ووصف المفجِّر
33. في سياق مشابه، تجري اللجنة تحاليل جنائية لمحاولة تحديد الأصل الإتني للرجل الذي يُرجَّح أنّه شغّل المتفجّرة. يجري ذلك من خلال تحليل صبغيّات الحمض النووي للأجزاء البشرية ال33 ومقارنتها مع نقاط تشابه أو اختلاف أخرى في توزيع تواتر الصبغيات في دول ومناطق أخرى. تسمح الاستنتاجات في موضوع التواترات المقارَنة بوضع تحليل ترجيحي إحصائي عن أصل الشخص.
34. تظهر القاطعة الوسطى في اليمين الأعلى من الفم التي عُثِر عليها في مسرح الجريمة في شباط 2005 والتي تعود للرجل المجهول الهويّة علامة فارقة في سطح التاج لها شكل مجراف. نادراً ما نرى هذه العلامة لدى اللبنانيين. والسنّ الذي تمّ العثور عليها في مسرح الجريمة في أثناء التحقيقات في حزيران 2006 هي قاطعة وسطى في أسفل اليمين. نظراً إلى الوقت الذي انقضى منذ الاغتيال، لا يمكن التعرّف على الحمض النووي من هذه السن. غير أنّ المعاينة المستندة إلى علم الأسنان تظهر أنّ القاطعة في أسفل اليمين هي لذكر، وتظهر الأشعّة السينية أنّ عمر هذا الرجل مشابه لعمر الرجل المجهول الهويّة. نظراً إلى أنّه تمّ العثور على هذه السنّ في جوار الأجزاء البشرية ال33، تظنّ اللجنة أنّ هذه القاطعة في أسفل اليمين عائدة على الأرجح إلى الشخص نفسه.
35. علاوةً على ذلك، تجري اللجنة تحليلاً أنتروبولوجياً لبعض من البقايا البيولوجية ال33 العائدة للشخص، لإعداد وصف جزئي عن الشخص الذي سيساعد في خطوات التحقيق المقبلة.
36. المنهجيات المعتمدة في تحديد الأصل الجغرافي والإتني لشخص ما معقَّدة وتستغرق وقتاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى إعادة بناء ملامح وجه المفجِّر. ولا يمكن تالياً ضمان دقّة النتائج. تدرك اللجنة أنّه يجب تفسير النتائج بعناية وفهم حدودها بوضوح. ستتعامل اللجنة مع النتائج التي سيجري التوصّل إليها في المستقبل باعتبارها معلومات جنائية يمكن استخدامها لغايات أساسية في التحقيق.
التعرّف على شاحنة الميتسوبيشي
37. سمحت الوثائق والمعلومات التقنية التي حصلت عليها اللجنة من اليابان، بالإضافة إلى الكتيّبات والوثائق الأساسية المتوافرة لديها ndash; سمحت إذاً للجنة بأن تقيم ربطاً أوّلياً بين بعض أجزاء المركبة التي عُثِر عليها في الفوهة في مسرح الجريمة وأجزاء من شاحنة quot;ميتسوبيشيquot;. سيجري استقدام خبير خارجي للتثبّت من تلك الأجزاء، وسيقدّم المساعدة في نواحٍ تقنيّة أخرى من التعرّف على المركبة، مع استخدام جداول معارض لدعم العمل.
حلّ مسائل على صلة بالتحقيقات في مسرح الجريمة
38. حلّت اللجنة بعض النواحي المتعلّقة بتحقيقاتها في مسرح الجريمة بطريقة ترضيها حتّى الآن. وتشمل مسألة شريط الفيديو المفقود الذي صوّرته كاميرا المراقبة في فندق فينيسيا، والذي تمّ التعرّف عليه ويجري تحليله، ومعرفة السبب الذي جعل شخصاً يصل في اللحظة الأخيرة في شاحنة مستأجرة إلى مكان قريب من مسرح الجريمة قبل ثوانٍ من الانفجار، والتحقيق في خفض الحماية الأمنية الحكومية الممنوحة للحريري بعدما ترك رئاسة الوزراء، ومسائل تتعلّق بوضعية الحريري في سيارته ووضعية سيارته في الموكب.
تحقيقات جارية
39. ثمّة عدد من الخيوط يتواصل التحقيق فيها مثل اتّهامات بالتلاعب بمسرح الجريمة وعرقلة التحقيق، وتطوير معلومات حول أنشطة سابقة مزعومة ضدّ الحريري مارسها فريق التفجير المفترض وأفراد آخرون.
40. ما زالت اللجنة تحقّق أيضاً في العثور في مكان الانفجار في حزيران 2006 على بعض الأغراض الشخصية لإحدى ضحايا الانفجار، ومسائل تتعلّق بضحية أخرى في مسرح الجريمة وُجِدت في وضعيّة محميّة من الانفجار لكنّها قُتِلت بسقوط موادّ بناء عليها. علاوةً على ذلك، تتابع اللجنة عملها في مجال الارتجاجات وتحليل المسار وإعادة البناء الثلاثية الأبعاد لمسرح الجريمة، وأصوات الانفجار.
41. كذلك، وفي ما يتعلّق بشاحنة الميتسوبيشي، تستمرّ التحقيقات بشأن الحصول على الشاحنة وتجهيزها بالمتفجّرات. حصلت اللجنة على معلومات جديدة تتعلّق بتفاصيل تجهيز الشاحنة والمسار الذي سلكته إذا إنّها أُحضِرت إلى منطقة فندق السان جورج قبل الهجوم. طوّرت اللجنة فرضيّات عمل بالاستناد إلى المعلومات المكتسبة حديثاً.
42. ثمة حاجة إلى مزيد من المقابلات مع شهود في مسرح الجريمة. ولدى الحصول على التقرير البيولوجي الجنائي الأخير، ستؤدّي أبحاث إضافية حول الحمض النووي وتحاليل مقارَنة حول مواصفات مستمدّة من معاينة مسرح الجريمة في حزيران 2006، إلى إجراء مزيد من التحقيقات.
2. الأفراد المتورّطون في ارتكاب الجريمة
الاتصالات
43. أجرت اللجنة سبع مقابلات على صلة بفريق التفجير المزعوم واستخدامه لستّة هواتف للتواصل في يوم الهجوم والأيام التي سبقته. أمّنت هذه المقابلات خيوطاً جديدة تجري متابعتها حالياً وستؤدّي إلى مزيد من المقابلات في مرحلة التقرير المقبل. ويجري أيضاً تحليل استخدام بطاقات هواتف خلوية أخرى ذات صلة.
44. كشفت أماكن وجود الهواتف عند استخدامها والغايات من استخدام بعض الأرقام درجة عالية من السلوك الحذر من الأفراد الذين يجري التقصّي بشأنهم. استخدم بعض الأشخاص هواتف خلوية متعدّدة في فترة قصيرة أو سجّلوا هواتف بأسماء مستعارة. في حين أنّ هذا الاستخدام المجزّأ للهواتف يجعل التحليل أكثر تعقيداً، ويساعد في فهم طريقة عمل الجناة.
45. في مرحلة إعداد التقرير، استمرّ تحليل حركة الاتصالات دعماً لمشاريع التحقيق الأخرى. يتضمّن هذا العمل تجهيز مقابلات مع أشخاص أساسيين وإعداد تقارير محدّدة حول الاتصالات بين أفراد مختارين. من أجل إعداد المقابلات، يجري جمع البيانات المتعلّقة بالهواتف المختلفة المستعملة من الشخص الذي تجرى المقابلة معه، وتنظيمها في صيغة إلكترونية يمكن الإفادة منها. ثم يركّز التحليل على المعارف الشخصية للفرد الذي تجرى المقابلة معه واتصالاته واستخدام وسطاء وتواتر الاتصالات وتوقيتها ونوعها ومدّتها وموقعها، وكذلك الاتصالات الدولية.
أحمد أبو عدس وأفراد ذوو صلة
46. استمرّت التحقيقات في موضوع أحمد أبو عدس في مرحلة إعداد هذا التقرير، مع التركيز على عدد من المجالات بما فيها اختيار أبو عدس للقيام بالدور الذي أدّاه، وكما فهمته اللجنة حتّى الآن. تعمل اللجنة من أجل معرفة كيف جرى اختيار أبو عدس، أين ومتى حصل هذا، من أشركه في العملية، وما الذي حلّ به بعد ذلك.
47. للتعمّق أكثر في تحقيقاتها في هذا الإطار، فكّكت اللجنة الفترة المعروفة الواقعة بين تورّط أحمد أبو عدس المزعوم مع بعض الأفراد في أواخر 2004 مروراً باختفائه في كانون الثاني 2006 وصولاً إلى العثور على الشريط المصوّر في 14 شباط 2005.
48. هناك ثغر مهمّة في المعلومات بين الأحداث المعروفة في هذه الفترة ، وتعمل اللجنة على ملء هذه الثغر من أجل التوصّل إلى الوقائع بشأن تورّط أحمد أبو عدس في الجريمة. أجرت اللجنة مقابلات وأبحاثاً جنائية بما فيها تحليل الحمض النووي والبصمات، وتحاليل جنائية خاصة بالكمبيوتر. وعاينت أيضاً أنواعاً عدّة من الوثائق بما فيها دفاتر ملاحظات وكتيّبات ومذكرات وكتب ووثائق شخصية، وزارت أماكن في لبنان وبلدان أخرى. وسيستمرّ هذا العمل في مرحلة التقرير المقبل.
49. أجرت اللجنة أيضاً تحقيقات حول أشخاص على صلة بأبو عدس في لبنان والخارج. ألقت هذه الناحية من القضية الضوء على بعض المعلومات المفيدة، واللجنة ملتزمة كلياً تعقّب أيّ خيوط جديدة.
50. في هذا الصدد، أجرت اللجنة حتى الآن 17 مقابلة في سوريا ولبنان وعقدت عدداً من الاجتماعات مع مسؤولين سوريين ولبنانيين. جمعت كمّيات كبيرة من المعلومات والوثائق الإلكترونية والمتعلّقة بالكمبيوتر، وزارت عدداً من الأماكن في سوريا.
51. دعماً لهذا العمل، بحثت اللجنة في أكثر من مئتَي جيغابايت من البيانات الإلكترونية وعاينت مئات الصفحات من الوثائق والمذكّرات ودفاتر الملاحظات، وحلّلت عدداً من الهواتف الخلوية والسجلاّت المضمّنة فيها ودرست مجموعات كبيرة من الاتّصالات.
52. أُرسِل أكثر من مئة غرض، بعضها ذو أهمية أساسية على الأرجح، إلى مختبر جنائي لدرس البصمات والحمض النووي وتحليل الصور ولإجراء تحاليل مقارنة مع أغراض سابقة. تنتظر اللجنة نتائج التحاليل الجنائية الحالية لتحديد أهمّية هذه الأغراض أو علاقتها بالنواحي المتعلّقة بأبو عدس في هذه القضيّة.
53. يتطلّب البحث في الكميات الكبيرة من البيانات التي جمعت حتى الآن حول هذه الناحية بالذات وتحليلها، موارد بشرية كبيرة وقدرة تخزين عالية وإمكانات معالجة إلكترونية. وما يزيد من تعقيدات هذا العمل التحليلي الشاق هو أنّ بعض البيانات الإلكترونية التي حصلت عليها اللجنة مشفّرة، وبعضها مرمَّز وبعضها جرى محوه. وكان من الضروري أيضاً موالفة البيانات مع حركة اتصالات الهواتف الخلوية عندما يكون ذلك مناسباً.
54. عملية تحليل حركة الاتصالات لتحضير المقابلات دقيقة جداً وتتطلّب وقتاً. لكنّها تمثّل أداة توكيدية مهمّة للتثبّت من معلومات متعلّقة بالشخص الذي تجرى المقابلة معه أو دحضها، وكذلك كشف معلومات جديدة وتحديد اتّجاه لمسار التحقيق.
فرضيات أخرى
55. تعتبر اللجنة أنّ دورها هو التحقيق في كلّ الفرضيات المحتملة التي تنبثق من التحقيق في اغتيال الحريري وتحليله. لهذه الغاية، تتحرّى عن مجموعات وأفراد داخل لبنان وخارجه، بما في ذلك المجموعة التي تبنّت الهجوم في شريط أبو عدس.
56. تنظر اللجنة في مزاعم بأنّ الهجوم على رفيق الحريري تمّ من خلال وسائل جويّة. يجري مزيد من أعمال الجمع، بما في ذلك من خلال الأنشطة الجنائية واكتساب مزيد من البيانات التقنية، وذلك لمعرفة إذا كان استخدام هذه الوسيلة خياراً وارداً، قبل اتّخاذ مزيد من الخطوات في التحقيق. من المتوقّع أن تكون اللجنة قد تمكّنت من تحديد ذلك في فترة التقرير المقبل.
3. الدوافع وراء اغتيال رفيق الحريري
المرحلة الأخيرة من حياة الحريري
57. لا تقتصر تحقيقات اللجنة على الأيام الأخيرة في حياة رفيق الحريري، بل تتوسّع لتشمل الأشهر الخمسة عشر الأخيرة من حياته بدرجة عالية من التفصيل. أجرت اللجنة 17 مقابلة إضافية في مرحلة الإعداد لهذا التقرير، بما في ذلك مع أشخاص في الساحة السياسية الدولية. هذه المقابلات وافية وحسّاسة وتمّت مع أشخاص التقاهم الحريري وكان يتفاعل معهم.
58. جمعت اللجنة معلومات تتعلّق بزيادة مستوى التهديد والضغوط على رفيق الحريري في الأشهر ال15 الأخيرة من حياته. ولمست مؤشّرات بأنّه حصل على تطمينات من مؤيّديه وحلفائه السياسيين ومساعديه بأنّه لن يتعرّض لهجوم. يقال إنّه حتّى في آخر أيامه، كان لا يزال واثقاً من أنّه لا يمكن أن يتعرّض لهجوم. تركّز هذه الناحية من عمل اللجنة، وهي حسّاسة جداً ومستمرّة، ليس فقط على تحديد الجوانب السياقية لحياة الحريري وبيئة عمله، إنّما أيضاً على خيوط هي بمثابة أدلّة عند التحقيق في النيّات والإمكانات الإجرامية.
الدوافع
59. ما زالت اللجنة تعمل على فرضيات بديلة عدّة في النظر في الدوافع وراء قتل رفيق الحريري. ومن بين هذه الفرضيات: كان الحريري ضحية مجموعة أصولية اغتالته بسبب صلاته بدول أخرى في المنطقة والغرب؛ موقف الحريري من قرار مجلس الأمن 1559؛ ربّما أدّى تمديد ولاية الرئيس اللبناني دوراً في ذلك؛ كان يجب قتل الحريري قبل نجاحه المحتمل في انتخابات أيار 2005؛ علاقة الحريري بصحيفة quot;النهارquot;؛ أو أنّ الحريري كان على الأرجح سيكشف على الملأ اختلاس أموال مزعوماً واسع النطاق في بنك المدينة. والفرضية الأخرى التي يجري النظر فيها هي أنّ الجناة استخدموا دوافع واضحة كغطاء مناسب، مع نيّة حقيقية بدفع أشخاص آخرين إلى دائرة الاتّهام.
60. ليست الفرضيات المعدّدة أعلاه كاملة، وتشير إلى تعقيدات جمع الأدلّة في كل فرضية، مع الإشارة إلى أنّه يمكن المزج بين كلّ هذه الفرضيات. في هذه المرحلة من تحقيقات اللجنة، يبدو عدد أقلّ من الدوافع لاغتيال الحريري أكثر منطقية. في حين ستعمل اللجنة على كلّ الفرضيات إلى أن تدحضها، ستركّز في مرحلة التقرير المقبل على جمع مزيد من الأدلّة لتوضيح الدوافع الأكثر ترجيحاً لاغتياله.
ب. المساعدة التقنية في القضايا الأخرى
1. القضايا ال14 الأخرى
61. في مرحلة إعداد التقرير، قدّمت اللجنة مزيداً من المساعدة التقنية للسلطات اللبنانية في القضايا ال14، ولا تزال تعمل عن كثب مع المدّعي العام اللبناني وقضاة التحقيق في كلّ قضية. حتى الآن، ترجمت اللجنة أيضاً أكثر من 2500 صفحة من الوثائق المتعلّقة بالقضايا، وتلقّت بيانات إلكترونية تجري مراجعتها.
62. في مراحل التقارير السابقة، قدّمت اللجنة مساعدة تقنية في التحاليل الجنائية وتحليل الاتّصالات وإجراء المقابلات. في هذه المرحلة، ركزّت اللجنة في شكل خاص على إجراء مقابلات مع شهود على صلة بطريقة ما بضحايا الهجمات الستّ التي استهدفت أشخاصاً محدّدين. أجرت 14 مقابلة حتّى الآن، ومن المقرّر إجراء عدد آخر من المقابلات في مرحلة إعداد التقرير المقبل.
63. هدف اللجنة من هذه المقابلات تطوير معارف عن كلّ هجوم على حدة، وإقامة روابط بين الهجمات. جمعت اللجنة من المقابلات التي أجرتها حتّى الآن أجلّة عن وجود عدد كبير من الروابط بين القضايا الستّ، وبين هذه القضايا وقضيّة رفيق الحريري، من نواحٍ مختلفة. تدعم هذه الأدلّة الفرضيات التحليلية الواردة في تقرير اللجنة في حزيران 2006.
أ. طبيعة الهجمات
64. تعتبر اللجنة أنّ الهجمات الستّ المحدّدة الهدف كانت محاولات متعمَّدة لاغتيال الضحايا. كان الهدف من كلّ هجوم قتل الشخص، ونجاة ثلاثة أشخاص كان بفعل الصدفة وليس عن سابق تصميم.
65. كانت الهجمات الثمانية الأخرى ذات طبيعة محدَّدة وخطيرة بالدرجة نفسها، على الرغم من الاختلاف في تنفيذها. ربما كانت أكثر عشوائية في طبيعتها بمعنى أنّها لم تستهدف شخصاً في ذاته. لكنّ احتمال موت أشخاص نتيجة الهجمات كان عالياً جداً. في الواقع، قُتل أربعة أشخاص وأصيب نحو ستّين بجروح.
ب. الدوافع وراء الهجمات
66. في القضايا الستّ، هناك روابط واقعية بين عدد من الضحايا، ما يضع هذه القضايا في سلّة واحدة ذات أهداف ونيّات مشتركة. تعتبر اللجنة أنّ الدافع وراء قتل بعض الضحايا على الأقلّ مرتبط بهذه الأهداف والنيّات المشتركة، وأنّ الهجمات ربّما تندرج في إطار أهداف أوسع نطاقاً.
67. في الهجمات الثماني، ربما كانت النية قتل أفراد أو إصابتهم بجروح من أجل نشر الذعر في أوساط السكّان، وزعزعة الأمن، وإلحاق الأضرار بالبنى التحتية. ويدعم هذه الفرضية عدم الإخطار المسبق بأيّ من هذه الهجمات.
ج. طبيعة الضحايا المستهدفين
68. في القضايا الستّ، كان سمير قصير ومي شدياق شخصيّتَين إعلاميتين بارزتين. وكان جبران تويني شخصية إعلامية بارزة ونائباً. كان مروان حماده والياس المرّ آنذاك ولا يزالان وزيرين، وكان جورج حاوي الأمين العام السابق للحزب الشيوعي في لبنان. كانت كلّ ضحية معروفة في حياتها المهنية، ولديها توجّه سياسي معروف.
69. كان بعض ضحايا الهجمات التي استهدفت أشخاصاً محددين على صلة مباشرة أو غير مباشرة بالائتلاف السياسي المعروف بquot;حركة 14 آذارquot;. كان سمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي على صلة بها بسياق أو بآخر. كان جورج حاوي وسمير قصير من مناصري quot;حركة اليسار الديموقراطيquot;، وهو من الأحزاب السياسية التي تقع تحت مظلّة quot;14 آذارquot;. وكان مروان حماده يشارك في quot;تجمّع البريستولquot; الذي مهّد لحركة 14 آذار، وما زال على صلة وثيقة بحركة quot;14 آذارquot; اليوم.
70. رابط آخر بين مروان حماده ورفيق الحريري وسمير قصير وجبران تويني هو صلتهم بصحيفة quot;النهارquot;. كان بعض الضحايا على صلة أيضاً بعضهم ببعض أو برفيق الحريري من خلال روابط عائلية أو صداقة أو علاقات شخصية أخرى.
71. في الهجمات الثماني، لم يكن الضحايا شخصيات معروفة ذات آراء سياسية معروفة على نطاق واسع من الشعب اللبناني. أفضل وصف لهم هو أنّهم من عامة الناس.
د. نموذج الهجمات وطريقة التنفيذ والجناة
72. كما ورد في تقرير اللجنة في حزيران 2006، الأشخاص الثلاثة الذين استُهدفوا وكانت لديهم حماية شخصية محدودة جداً هم سمير قصير وجورج حاوي ومي شدياق. هناط تشابه في طريقة تنفيذ هذه الهجمات حيث زُرِعت عبوة بدائية تحت السيارة.
73. في هذه الحالات، كانت الإمكانات والقدرات العملانية لتنفيذ هذه الهجمات مرتفعة، غير أنّ الأسلوب الذي جرى اختياره كان مبسَّطاً لزيادة فرص النجاح إلى أقصى حدّ مع أدنى حد من التعقيدات. يشير كلّ من الهجمات الثلاثة إلى الجناة راقبوا الضحيّة مسبقاً لتحديد مستوى التدابير الأمنية الشخصية المحيطة بها، بما في ذلك الإجراءات الروتينية والحمائية، ولتحديد السيارة والمقعد التي ستوضع العبوة تحته.
74. في الهجمات الثلاثة الأخرى التي استهدفت أشخاصاً محدّدين، أي مروان حماده والياس المرّ وجبران تويني، كانت لدى الثلاثة تدابير أمنية شخصية. بناءً عليه، من المحتمل أنّ السبب وراء الطبيعة المختلفة للهجمات التي استهدفت هؤلاء الأشخاص، أي قنبلة موضوعة في سيّارة مركونة على جانب الطريق التي يسلكونها، كان تخطّي الاحتياطات الأمنية الشخصية التي يتّخذونها. هناك تشابه في طريقة تنفيذ هذه الهجمات، بحيث كان هناك مستوى عالٍ من الإمكانات والقدرات العمليّة. وفي شكل خاص، تطلّبت هذه الهجمات معلومات استخبارية جيّدة وعمليات استطلاع ومراقبة أكثر تعقيداً لزيادة فرص النجاح إلى أقصى حد.
75. تبنّت الهجومين اللين استهدفا قصير وتويني منظّمة غير معروفة سابقاً quot;مناضلون من أجل وحدة وحرية بلاد الشامquot;. تجري اللجنة تحاليل حول هذه المجموعة، وطلبت معلومات من دول لمساعدتها في هذه المسألة.
76. في القضايا الثمانية الأخرى، يمكن أن تشير طريقة التنفيذ المتشابهة في كلّ الهجمات إلى مجموعة واحدة من الجناة لشنّ سلسلة من الهجمات المتكرّرة مع حدّ أدنى من التعقيدات. كانت القدرة العملانية على تنفيذ هذه الهجمات مرتفعة، غير أنّ الأسلوب الذي جرى اختياره كان أبسط ما يكون لتحقيق الهدف.
77. كانت المتفجّرات في كل قضية صغيرة وخفيفة بما يكفي ليحملها شخص واحد إنّما كبيرة بما يكفي لتوليد تأثير قويّ. وقد فُجِّرت إما باستخدام موقِّت وإمّا عن بعد. يمكن أن يُعتبر اختيار توقيت الهجمات ومكانها متعمَّداً من الجناة، ما يعكس توازناً مدروساً بدقّة بين التأثير المنشود ووسائل الهروب في كلّ هجوم.
هـ. مساعدة إضافية
تحاليل جنائية
78. ما زالت اللجنة تجري تحليلاً للاتصّالات دعماً للمقابلات مع الشهود ومن أجل الحصول على خيوط جديدة في التحقيق. أقيم رابط أوّلي بين شخص يستخدم أرقاماً متعدّدة وعدد من الهجمات، وأجرت اللجنة عدداً من المقابلات حول هذه المسألة. والهدف هو التحقّق من الموقع الجغرافي وتوقيت وجود بعض الأشخاص في مسرح الجريمة حيث كان الضحايا أو أفراد ذوو صلة موجودين.