خلف خلف من رام الله: قال الخبير الإسرائيلي روني شكيد أنه يتوجب تقديم الدعم للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) سراً لأجل الوقوف في وجه حركة حماس، وكما عبر شكيد عن اعتقاده بأن الحرب الدائرة في قطاع غزة بين حركتي فتح وحماس ليست حرب تحريرٍ من أجل فرض قواعد لعبةٍ جديدة ضد إسرائيل، وإنما هي حرب فلسطينية داخلية لإثبات الوجود وماهيته ولتحديد طبيعة المجتمع الفلسطيني وهويته وكيفية رؤية هذا المجتمع مستقبلاً.
وقال شكيد الذي يعمل مختصاً في الشؤون الإسرائيلية في صحيفة يديعوت: من جهة أخرى أنا أعتقد أن هذا الأمر ستكون له انعكاسات علينا أكثر في حال انتقال الاقتتال إلى الضفة الغربية، لكن فتح في الضفة الغربية أقوى من حماس، وعندما تحاول القيام برد فعلٍ ضد حماس في غزة فإن فتح تضرب وتخطف وتنفذ اعتداءاتٍ داخل مناطق الضفة الغربية، ومن خلال هذه العمليات تؤثر على أحداث القطاع، فعلى سبيل المثال في الأسبوع الماضي عندما تم اختطاف سبعة أشخاصٍ في قرية كفر كليل من جماعة حماس تم الإفراج عن ضابطٍ كبيرٍ في قطاع غزة، بعدما هدد الخاطفون بقتل الأشخاص المخطوفين في حال عدم الإفراج عن الضابط في غزة.
وتابع شكيد: ومن هنا أقول، إن فتح هي فتح سواءً أكانت في غزة أو في الضفة وكذلك حماس، وبالتالي فإن هذا الأمر سوف يتواصل بهذه الشكلية لكن المشكلة هي عدم رؤية نهايةٍ لهذا الصراع، بالإضافة إلى عدم التمكن من وقف القتال وحكومة وحدةٍ وطنية لن تُوقف ما يجري الآن، وفي حال تواصل quot;حرب أهليةquot; فإن الكراهية ستزداد، والأضرار الذاتية ستتعاظم، وهذا ما شاهدناه في غزة يوم السبت الماضي، وبالتحديد قضية تدمير الجامعات في غزة.
ورداً على سؤال حول المدى الذي من الممكن أن يدفع إسرائيل إلى القيام بعمليةٍ عسكريةٍ واسعة النطاق على غرار عملية السور الواقي في قطاع غزة لاسيما الآن في أعقاب تولي رئيس أركان جديد للجيش الإسرائيلي، أجاب شكيد: ما الذي بإمكانه أن يفعله رئيس الأركان الجديد، وما الذي تربحه إسرائيل جراء مثل هذه العملية؟ أنا أعتقد بأنه في حال تخاصم جيراننا معاً ينبغي علينا التصرف بحكمةٍ كبيرةٍ جداً؛ ففي نهاية الأمر نحن نرغب -وهذا في اعتقادي ليست مصلحةً إسرائيلية فقط وإنما مصلحة للمنطقة بأسرها- في أن تنتصر حركة فتح في هذه الحرب، ومصلحتنا تقتضي بوجوب عدم الدخول إلى غزة ووقف هذا الاقتتال؛ لأن هناك إمكانيةً في حدوث مفاجئة، حيث يتم تصويب الأسلحة الجديدة كافة ضد إسرائيل، عدا عن أنه ليس بإمكاننا فرض النظام والاستقرار هناك داخل القطاع كما حاولنا ذلك طيلة 40 عاماً، لكن الأمر الذي بإمكاننا فعله ndash; إن أردنا- هو القيام بذلك بطرقٍ أكثر حكمةً وذكاءً، أي عن طريق تقديم الدعم لحركة فتح، والوقوف جانباً وعدم التدخل وإقحام أنفسنا ودس رؤوسنا في هذا الوضع، مع ضرورة عدم إظهار حقيقة مساعدتنا، أي تقديم الدعم لفتح بطرقٍ هادئةٍ جداً، وتقديم الدعم للأوساط المعتدلة داخل قطاع غزة، ودعم عباس ورجالاته.
ورداً على سؤال ما إذا كان هذا الدعم يأتي من خلال تزويدهم بالأسلحة والبنادق والأموال أجاب شكيد في حديث بثته الإذاعة الإسرائيلية الثانية اليوم الأحد: أعطي مثالاً على العديد من الأمور، أولاً هناك دول عدّة في العالم معنيةٌ بتقديم الدعم لفتح مثل أوروبا والولايات المتحدة، ونحن من جانبنا ينبغي علينا عدم عرقلة مثل هذه المساعدات، ثانياً عدم الوقوف والصراخ والإعلان عن كل بندقيةٍ تصل إلى قطاع غزة، ونحول عباس بذلك إلى عميلٍ ومتعاون معنا في نظر الفلسطينيين، وفي حال تقديم الدعم المالي له أيضاً علينا أن نفعل ذلك بطرقٍ هادئة، إلا أننا نعلم جيداً أن قوة حركة حماس في هذا القتال أكبر بكثيرٍ من قوة فتح، ومدربة أكثر وتملك معداتٍ وأسلحةٍ أكثر، بل أن حماس أكثر تصميماً اليوم على صعيد الرغبة في القتال أكثر من الماضي، رغم أن فتح من حيث العدد لديها عناصر أكثر، إلاّ أنها تفتقر إلى الكثير من الأمور اللوجستية والأسلحة، كما تفتقر إلى تدريب أفرادها.
وأختتم حديثه قائلا: ومن جهة أخرى أعتقد أن من يظن أن هذه الحرب سوف تدوم أسبوعاً أو أسبوعين أو ثلاثة بكل بساطة لا يقرأ التاريخ؛ إذ أننا نعلم من خلال التاريخ في نهاية الأمر أن الحروب الأهلية تنتهي بعد عملية سفك دماءٍ جدية، وبعد أن يدرك أحد الأطراف بأنه لا مفرّ من المصالحة مع الطرف الآخر، وهذا ما لا أراه يحدث الآن، فنحن ما زلنا بعدُ في بداية الطريق، وبالتالي على إسرائيل الوقوف جانباً وعدم التدخل، فالطرف الفلسطيني منشغلٌ بنفسه، ويحدونا الأمل ألاّ يصل الأمر إلينا.
التعليقات