الأكثر دموية منذ 8 أعوام موقعة أكثر من 70 فلسطينيًا
أسامة العيسة من القدس: في الثالث من شهر كانون الثاني (يناير) هذا العام، أعلن الاستنفار وسط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بعد سقوط صاروخ، أطلق من قطاع غزة، في مدينة عسقلان على ساحل البحر الأبيض المتوسط التي هجر سكانها العرب عام 1948، ولجأ كثير منهم إلى قطاع غزة، وبعد نحو ستين عاما نجح أحفاد هؤلاء المهجرين بـ quot;العودةquot; إلى هذه المدينة التاريخية المهمة عبر الصواريخ.
غزة تنزف تحت الضربات الجوية الإسرائيلية
واحد أسباب الاستنفار، هو طبيعة الصاروخ الذي قالت المصادر الإسرائيلية انه من نوع غراد عيار 122 مم، وانه من صنع إيراني. ولم يحدث الصاروخ الذي سقط في موقع للبناء شمال عسقلان، إصابات بشرية أو أضرارا ملموسة، ولكن مجرد وصوله إلى المدينة، كان بالنسبة للإسرائيليين، خرقا أمنيا خطيرا.
واحتل موضوع الصاروخ حيزا مهما من النقاش على مستوى الرأي العام وفي الصحافة، لدرجة انه خيل لبعض المتابعين أن في الأمر ثمة مبالغة إسرائيلية، ولكن الدولة العبرية، فيما يخص القضايا الأمنية، ترفض ترك أي شيء للصدفة.
وفي يوم الخميس الماضي، سقط صاروخان من نوع غراد، على مدينة عسقلان، وكانت فعاليتهما واضحة، فأصيبت إسرائيلية بجروح، وأعداد أخرى أصيبوا بالهلع، واستمر في وقت لاحق سقوط خليط من صواريخ قسام محلية الصنع وصواريخ غراد.
ووفقا للمصادر الإسرائيلية، فان صواريخ غراد أصابت مبنى في مستشفى برزيلاي في عسقلان، ودمرت أحد المنازل، وأدت إلى تكوّن حفرة في أحد الشوارع، وأصابت المقبرة المحلية. وجرح عدد من الإسرائيليين بشظايا.
ورغم أن المراقبين يرجحون بان عملية الشتاء الساخن التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة، ليست وليدة اللحظة، أو انها نتيجة قرار إسرائيلي انفعالي، ولكن تم التحضير لها مسبقا، إلا أن استهداف عسقلان بهذا الشكل، ادخل معادلات جديدة في المعركة، مما سرّع من قرار الحكومة الإسرائيلية بشان عملية مؤلمة في غزة كالتي تجري حاليا، وكان يعد لها وفقا للتوقعات لتبدا في الربيع.
ووفقا للخبراء العسكريين، فان صواريخ غراد التي سقطت في عسقلان، لديها القدرة على إصابة أهداف تتجاوز 20 كيلومترًا، مما يعني تطورا مهما على صعيد الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة.
ورأت وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي تتولى تسويق العملية الإسرائيلية في غزة والدفاع عنها أمام العالم، أن إدخال صواريخ غراد في منظومة الصواريخ التي لدى التنظيمات الفلسطينية quot;يجعل حوالي 250,000 من سكان إسرائيل في مرمى صواريخ حماس بشكل دائمquot;.
ولكن من أين وصلت هذه الصواريخ إلى حركة حماس؟، الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تستبعد أن تكون لدى الحركة التي تسيطر على قطاع غزة، قدرة على إنتاجها محليا، وتؤكد انه هربت إلى غزة من إيران عبر شبه جزيرة سيناء، بواسطة أنفاق وعبر الجدار الحدودي الذي تم اختراقه في منطقة رفح.
وقال خبير عسكري لمراسلنا، انه يمكن تفكيك هذا النوع من الصواريخ وحمله في حقيبة، مما يجعل عملية تهريبه ليست صعبة كثيرا، في ظروف مثل تلك السائدة على الحدود المصرية-الفلسطينية.
وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا اليوم، قالت فيه بان وصول صواريخ غراد إلى أيدي حماس، يؤكد ما كانت حذرت منه سابقا الدول المجاورة والمجتمع الدولي quot;من مغبّة تعزيز القوة العسكرية في قطاع غزة الخاضع لسيطرة حماسquot;. واضاف البيان بان تواصل سقوط صواريخ غراد وغيرها من صواريه، يشكّل quot;دليلا مؤسفًا وغير قابل للجدل في آن واحد على صحّة التحذيرات الإسرائيليةquot;.
وخلال جلسة الحكومة الإسرائيلية اليوم الأحد، حاول رئيس الأركان الجنرال غابي اشكنازي أن يبرر نجاح حركة حماس بإطلاق صواريخ غراد على إسرائيل، قائلا بان عناصر هذه الحركة ينفذون ما اسماه عمليات الهاء لنصب الصواريخ من طراز غراد، وانهم يستخدمون مناطق مأهولة لنصب هذه الصواريخ، وتفاخر أمام أعضاء الحكومة بان قوات جيشه تمكنت من إصابة 150 فلسطينيا، منذ يوم الثلاثاء الماضية من بينهم quot;90 مخرباquot; فقط.
أما الجنرال عاموس يادلين، رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، فقال في تقرير قدمه لوزراء إسرائيل، بأنه تم توجيه ضربة قاسية لحماس، خلال عملية اغتيال مجموعة تضم خمسة مقاومين يوم الأربعاء الماضي، لان هذه المجموعة حسب يادلين، كانت تضم عناصر من سوريا ولبنان وإيران لهم خبرة في المواد المتفجرة.
والحديث عن أية إصابات تستهدف أي شيء له علاقة بإيران حتى لو كان أمرا غير مؤكد، هو ما يحب أن يسمعه أعضاء الحكومة الإسرائيلية، وكذلك الجمهور الإسرائيلي، الذي برر له وصول الصواريخ الفلسطينية إلى عسقلان، بأنها من صنع إيراني.
أما حصيلة العمليات العسكرية يوم الأربعاء الماضي، وفقا للمصادر الفلسطينية، فكانت سقوط 12 بينهم ثلاثة أطفال ورضيع وعشرات الجرحى، وذلك في سلسلة غارات جوية استهدفت عدة مناطق في القطاع، ولم يكن من بين الضحايا، حسب المصادر الفلسطينية، التي نشرت الأسماء، أي من جنسيات أخرى غير فلسطينية.
التعليقات