رئيسة هيئة النزاهة في العر اق: هناك من يحمي الفساد من السياسيين
رحيم العكيلي: كبار المسؤولين يحددون رواتبهم بانفسهم
وأضاف العكيلي في حديث خاص بإيلاف أن هناك عددًا من المسؤولين العراقيين من يحمي الفساد. وكشف العكيلي الذي تسلم منصبه العام الماضي عن حالات تزوير في انتخابات مجالس المحافظات العراقية بلغت اكثر من 220 حالة تزوير لشهادات دراسية من قبل مرشحين. وتعهد العكليلي بمطالبة كل فائز في الانتخابات الاخيرة بكشف تاريخيه التعليمي أي تقديم آخر ثلاث شهادات دراسية لديه. وقال رئيس هيئة النزاهة إن التزوير هو جريمة مخلة بالشرف حسب التعريف القانوني له هل نسمح لمن يريد ان يتقلد مسؤولية في البلاد وقد ارتكتب ما يخل بالشرف؟
هنا نص اللقاء مع رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي رحيم العكيلي:
-نبدأ من مأثير حول تزوير شهادات المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات في العراق، هل اكتشفتم تزويرا من قبل مرشحين في شهاداتهم الدراسية؟ وهل تم إبلاغ مفوضية الانتخابات من قبلكم حول وجود تزوير شهادات دراسية من قبل مرشحين؟
منذ أن أعلن عن موعد الانتخابات شكلنا 14 فريقاً في 14 محافظة عراقية ملتها الانتخابات، للتدقيق في شهادات المرشحين ولم تنته مهمة الفرق لحد الآن. وقد عانينا من عدم تعاون او بطء التجاوب مع جهود فرقنا. ووصل لحد الآن عدد الشهادات المزورة الى أكثر من 220 شهادة في بغداد والمحافظات. ونتوقع ان يزيد العدد. والمستغرب أن بعض المرشحين كانت تنتطبق عليه شروط الترشيح التي تنص على ان يكون حاملاً لشهادة الدراسية الاعدادية على الأقل، ولانعرف ماهي الحكمة من تزوير شهادة اخرى من قبلهم.
وبعضهم لديه شهادة من معهد او جامعة لكن حين التدقيق مع مصادر الشهادات تبين أن بعضها مزور بالرغم من تخرج المرشح من نفس الكلية او المعهد. حيث تجيبنا الكلية ان هذا المرشح هو متخرج في كليتنا لكن الشهادة المقدمة للترشح مزورة. وربما ثمة تشابه أسماء في الأمر. وهو قيد التحقيق من قبلنا. ووفق الاجتهاد القضائي أن تعريف التزوير هو تغيير الحقيقة بغرض الغش. وعليه فمن يزور شهادة كلية ما تخرج فيها لايعتبر مزوراً لانه لم يغير الحقيقة وفق التعريف القضائي للتزوير. وقد ابلغنا هيئة النزاهة بأسماء واعداد من ثبت تزويره لشهادته الدراسية من المرشحين. ووعدوا بالتعاون معنا. لكن لم يتم استبعاد اؤلئك المرشحين قبل الانتخابات.
ـ هل تظن أن ضغطاً من الكتل السياسية تعرضت له مفوضية الانتخابات؟
لا ادعي ذلك. وقد يتم الكشف عن المزورين من قبل المفوضية بعد اعلان النتائج.
ـ لكن ذلك لن يضر الكتل السياسية حيث ستنتقل أصوات المرشح المزور شهادته لزميل له وتكون الكتالة استفادت من التزوير.
نعم ممكن ذلك. لكن نحن من جانبنا لن نقف عن متابعة اي مزور لشهادة من المرشحين وسنطالب كل فائز بتاريخه التعليمي بان يقدم آخر ثلاث شهادت دراسية واذا ثبت أن أي واحدة منها مزورة تكون بقية الشهادات الأخرى غير قانونية. ونحن نقوم بهذا العمل لنمنع ماحصل في الانتخابات السابقة حيث عانت المحافظات من تزوير شهادات اعضاء مجالسها.
واود ان اشير بهذا الجانب بأن مايحصل خاصة في الاعلام هو ترويج أو توثيق للاشاعة وتحوليها لتهمة دون ادلة. كما ان المسؤول العراقي في موضع شبهة دائماً بسبب المسؤولية التي يتقلدها والصلاحيات الممنوحة له. فيقوم من يتعرض للنقل او العقوبة من قبل المسؤول إلى الاتهام بدون دليل او الاستناد على واقعة صغيرة وبناء وقائع كبيرة وهمية عليها. ونحن مايهمنا هو التعامل مع الواقعة مع وجود الدليل.
ـ وهل كل اعضاء مجلس النواب العراقي، على سبيل المثال، لديهم شهادات غير مزورة وفق مايعلنون عن انفسهم؟
لا ادعي ذلك. لكن حين يأتينا إخبار عن تورط اي مسؤول في تزوير شهادته سندقق في الامر بشكل قانوني. ومن خلال كل الإخبارات التي وردتنا حول تزوير شهادات مسوؤلين لم يثبت بعد التحقيق والتدقيق سوى حالة واحدة تخص محافظ عراقي قدم شهادة تخرج من أحد المعاهد في إيرانز وقد دخل المحافظ هذه الانتخابات بشهادة الدراسة الاعدادية وليس الايرانية بعد ان عادلتها له وزارة التعليم العراقي حيث ليس لديه شهادة الاعداية العراقية.
ويوجد قانون عراقي يمنع الطعن في الشهادة الصادرة او المعادلة من وزارة التعليم العالي أو التربية. لكن لدينا أكثر من 25 شهادة غير عراقية لم تتم معادلتها بعد تعود لمرشحين في انلاختابات الاخيرة ويجب عليهم معادلتها عراقيا ليكون ترشيحهم وفقا القانون.
هل يتقاطع عملكم مع عمل لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي؟
لا أبداً. بل نحن نتعاون دائما معهم وبشكل مباشر. لكن كان هناك نشاط قوي للجنة النزاهة في البرلمان لكنه قل بشكل واضح مؤخراً. غير ان رئيس اللجنة الشيخ صباح الساعدي لا زال نشيطاً. وعقدت اجتماعات بيننا عديدة. ولم نعرف بعد سبب في تراجع نشاط لجنة النزاهة في البرلمان.
ـ ربما تعرض لضغوط من كتل اخرى كبيرة حاولت لجنة النزاهة كشف فساد أعضائها او تبديهم للمال العام.
ليس لدي علم بذلك. لكن نحن نتعاون مع اعضاء لجنة النزاهة واعضاء آخرين في مجلس النواب. ونحن نتعامل مع الوقائع والادلة لا الآشخاص أنفسهم.
-وهل تحيلون المتهم للمحكمة او تقدمون شكوى ضده مع ادلة؟
نحن لدينا صلاحية العرض على قاضي التحقيق. ونحن كهيئة نزاهة مع قضاة التحقيق تابعون لمجلس القضاء. لكن ليس لدينا قرارات. انما نجمع الوقائع والبراهين ونقدمها للقاضي وهو يكون صاحب القرار في استدعاء المتهم. والقاضي غير ممنوع من احالة المتهم وتوقيفه. لكن لايستطيع ان يحيله إلى محكمة الموضوع.
ـ وماهي محكمة الموضوع؟
ثمة خلط يحصل لدى البعض بين محكمة الموضوع ومحكمة التحقيق. فنحن لدينا مرحلتنان الاولى في وجود محقق يعمل تحت إشراف محكمة التحقيق وهو قاضي التحقيق. وتخص التدقيق بالادلة والوقائع. وليس فيها محاكمة. لكن بعد نهاية هذه المرحلة يقوم قاضي التحقيق بمعالة المتهم إلى محكمة الموضوع التي هي محكمة الجنايات او الجنح. ولا توجه تهمة رسمية للمتهم إلا إذا تجري المحاكمة امامها وربما تعقد اربع او خمس جلسات ولم يزل المتهم مشتبها به. وهي مرحلة متاخرة جداص في الاجراءات القضائية. وعليه نحن في هيئة النزاهة ليس لدينا توجيه تهمة رسمية لكن نستطيع أن نحيل متهمًا، إلى قاضي التحقيق ونتخذ الاجراءات المناطة مسؤوليتها بنا. لكن قاضي التحقيق لايستطيع احالة موظف إلى محكمة الوضوع التي هي محكمة الجنايات أو الجنح الا بموافقة الوزير المختصز وهذه هي المشكلة. حيث يستطيع الوزير ايقاف كل الاجراءات بحق الموظف المتهم.
ـ لكن احيانا يجري اتهام الوزير او الوزارة بشكل عام بالاختلاس او تبديد المال العام، كما حصل مع وزارة الدفاع بشراء أسلحة مستعلمة على انها جديدة.
أنا لا أدعي على الوزير نفسه. لكن هناك اتهامات قد التدقيق والحتقيق لم يثبت للان تورط الوزير نفسه فيها.
ـ وما هي هذه الاتهامات؟
القضية قيد التحقيق تتعلق بشراء أسلحة من وزارة الدفاع الحالية وهناك تهم مختلفة منها شراء اسلحة مستعلة من الجانب الاميركي على انها جديدة. وقد أثبتت تحقيقات اللجنة الفنية وهي اللجنة الاولى على انها فعلاً مستعملة غير ان لجاناً اخرى وجدت انها جديدة ومطابقة للمواصفات. ونحن نقوم بالتحقيق بين تقارير هذه اللجان.
ـ واذا ثبت أنها مستعملة فعلاً هل ستجري احالة الوزير للتحقيق باعتباره من وقع على عقد الشراء؟
أذا ثبت تورط الوزير طبعا سنستدعيه. لكن مسؤولية شراء الاسلحة تكون على عاتق لجنة فنية تقدم تقريرا للوزير حول مدى مطابقتها للموصفات من عدمه وهو يوقع استنادا لتقرير اللجنة في وزارة الدفاع. اما اذا كان تقرير اللجنة عدم مطابقتها للمواصفات ووقع على عقد الشراء سيكون الوزير مسؤولاً عن ذلك ويخضع للتحقيق.
ـ وبالنسبة إلى وزير الدفاع السابق حازم الشعلان هل يستطيع العودة للعراق؟
الوزيرالسابق حازم الشعلان صدرت بحقه احكام قضائية. وهو مطلوب للعدالة في العراق. ولو عاد للعراق سيتم القاء القبض عليه.
ـ وهل عمل هيئة النزاهة داخل العراق فقط، ام يشمل السفارات العراقية في الخارج أيضا؟
طبعا عملنا يشمل السفارات العراقية بالخارج أيضاً.
ـ وهل تم التحقيق في اتهامات تزوير جواز سفر عراقية او منحها لأشخاص غير عراقيين كما ينشر في وسائل إعلام عراقية؟
الحقيقة أن مشكلتنا مع وزارة الخارجية هي مع مكتب المفتش العام في الوزارة، فالمفتش العام في الوزارة أحيل على التقاعد منذ فترة طويلة بأمر من دولة رئيس الوزراء لتجاوزه السن القانونية. لكنه لما يزل يواصل عمله في الوزارة بالرغم من احالته على التقاعد. وهو المسؤول عن التحقيق في الاتهامات التي تخص السفارات العراقية في الخارج. حيث نحيل إليه الإخبارات المتعلقة بمكتبه ليحقق فيها. وللاسف فإن إخبارية أصولية من أحد مع دليل موثق سنرسل فريقاً للدولة التي فيها السفارة لنحقق بالامر. غير أن العبء الواقع على هئية النزاهة مازال كبيراً وعدد المحققين ما زال قليلاً، على الرغم من تعيين 74 محققًا، إذ لدينا اكثر من سبعة آلاف قضية تنتظر التحقيق. ولو تساعد معنا المفتش العام في وزارة الخارجية لخفف علينا الضغط كثيراً في هكذا قضايا تخص وزارة عمل وزارة الخارجية.
ـ لكن هناك من يبيع في أحد الاسواق جوازت سفر عراقية صادرة من دائة الجوازات. وبالتاكيد يتعاون من يبيع الجوازات مع موظفين مرتشين. فهل متابعة هذا العمل من مسؤولية هيئة النزاهة؟
طبعا هذا الامر من اختصاص الاجهزة الامنية بشكل مباشر. وعلمنا يتركز على مراقبة الاجهزة الحكومية وكيفية عملهاز وبالنسبة لتزوير الجوازات فقد نفذنا عمليتين في هذا الجانب والقينا القبض على موظفنين متورطين بتنفيذ التزوير، بعد ان اتفقنا مع شخص هو صلة الوصل معهم وقبضوا رشوة ومنحوا جواز سفر لاسم وهمي اقترحنا على الشخص الذي يتعامل معهم وتم توثيق الوقائع بكاميرات مراقبة دقيقة وأجهزة تنصت من قبل الشعبة الخاصة التي شكلناها مؤخرًا في هيئة النزاهة.
ـ لكن هذه عمليات ضد موظفين صغار.. فهل قامت اللجنة بعلمات ضد موظفين كبار؟
لدينا عملية قيد التنفيذ حول موظف كبير تم زرع اجهزة الرقابة حوله ونتوقع أن تنتهي قريباً.. وان كان الموظف الكبير يتقاضى رشاوى كبيرة حسب حجمه وبما ان بعض عمل اللجنة الخاصة نتحمله من جيبنا الخاص، لذا فإن العمليات ضد موظفين مرتشين كبار تكون محدودة الى أن يتوفر التعاون من بقية اجهزة الدولة مع هيئة النزاهة. لكن عمل اللجنة الخاصة في هيئة النزاهة موفق لحد الان حيث قمنا بتنفيذ خمس علمليات ناجحة عام 2008.
ـ هل تستطيع هيئة النزاهة الضغط باتجاه سن قانون من أين لك هذا في العراق؟ خاصة ان هناك من ظهرت عليه علامات الغنى الفاحش من المسؤولين الكبار بعد تقلده للمنصب.
الحقيقة ان قانون من أين لك هذا مشرع في العراق لكن بشكل جزئي. ونحن لدينا سلطة تجاه كل موظف كبير من مجير عام وما فوق بان يقدم كشفاً بأمواله مع بداية مباشرته بوظيفته. وان يقدم سنويا كشفا بها أيضا ان كان طرا عليها تغيير او تضخم. فندقق بأسباب التضخم المالي لديه مثلا حصل على ارث او اقترض. لكن للاسف القانون العراقي خال من تشريع يتيح التحقيق مع من الموظف الكبير الذي تتضخم أمواله بشكل كبير بما لايتلاءم مع مايمتلكه دون ان يقدم دليلاً قانونيا حولها.
لكن لدينا مشروع قانون هيئة النزاهة الذي لايزال غير مشرع بعد، يفرض على جميع المسؤولين خضوعهم له. وهناك من يقف ضد المشروع. وتوجد فقرة قانونية الان فيه تنص على ايقاف عن العمل من لايقدم كشوفاته المالية من المسؤولين. لكن هل نوقف جميع الوزراء اذا لم يقدم احد منهم كشوفاته؟ وان كان هناك من الوزراء من قدم لنا كشفا بممتلكاته المالية.
ـ وهل قدم اعضاء مجلس النواب كشوفات مالية؟
للاسف لم يقدم أحد منهم للان اي كشوفات مالة برغم تاكيداتنا المتكررة. فهل نوقف جميع اعضاء مجلس النواب عن العمل؟ أو نوقف رئيس الجمهورية او الوزراء اذا لم يقدما كشوفات مالية خاصة بهم؟
وللاسف فإن القانون الحالي يمنح المسؤول الكبير صلاحية تحديد راتبه بنفسه. وهو تشريع غريب. طالب الدستور بتغييره بان يتم تحديد رواتب رئاسة الجمهورةي ومجلس ومجلسي النواب والوزراء بقانون. لكن الذي حاصل الان ان رئيس مجلس الوزراء يحدد راتب الوزير وهكذا رئيس الجمهورية أيضا يحدد رابته ونائبيه. بينما يجب ان يكون ذلك من قبل البرلمان.
كما لاتوجد شفافية في تحديد رواتب المسؤولين الكبار مقارنة بموظفين اخرين اقل منهم درجة وظيفية. فمثلا راتب وزير مال 15 مليون دينار وراتب موظف اخر هو مليونان دينار، وذلك يخلق نظام طبقات في المجتمع.
ـ مايعاب على هيئة النزاهة هو ابتعادها عن الاعلام وعملها يجري بعيدًا عن الاضواء، أو نشر اسماء المتورطين بالفساد.
أنا أرى ذلك ليس عيبًا بل ميزة لهيئة النزاهة. وانا رجل مهني وعملنا مثل عمل مجلس القضاء وديوان الرقابة المالية. وجميع هيئات النزاهة في العالم باستثناء القليل منها جدا يمتاز بتجنبها الاعلام. فمثلا ديوان الرقابة المالية في العراق الذي تاسس منذ سنوات طويلة في العراق لم يظهر رئيسه للاعلام أبدا.
ـ لكن بالامكان توزيع تقرير دوري شهري او فصلي او سنوي على وسائل الإعلام يبين عمل الهيئة.
نعم، وسترى هذا التقرير الذي نعمل عليه قريباً جداً. وسنعلن في مؤتمر صحافي التقرير السنوي لهيئة النزاهة لهام 2008 نورد فيه كل عمل الهيئة.
ـ وكيف هي علاقة الهيئة مع منظمة الشفافقية العالمية؟
لدينا تعامل معهم. لدينا تواصل معهم. وللاسف فان المنظمة كلنت تعتمد على أشخاص في عملها على مؤشر الفساد في العراق ولم يقم اي فرد منها بزيارة العراق لحد الان. واود ان اشير الى ان علم القياس مازال متراجعًا داخل العراق لكي يجري قياس مستوى الفساد في مؤسسة او وزارة.
ـ متى يمكن ان نقول ان العراق بات خال من الفساد او في وضع افضل او ماشبه لدول فيها الفساد قليل جداً؟
طبعا لا توجد دولة بلا فساد مالي او ادراي. لكن مكشلة الفساد في العراق كبيرة. ويكذب من يدعي أن لديه حلول سريعة لمكافحة الفساد. فمعركتنا مع الفساد طويلة وكبيرة. ونحتاج لجوهد كبرى ونايا خالصة وارداة سياسية. وللاسف ما زال عدد الذين لديهم الاردارة والنية لذلك قليل. بل يحمي كثيرًا من السياسيين الفساد اليوم في العراق.
التعليقات