ترجمة عبد الرحمن الماجدي

 

ولد الشاعر أکبر إلبیگي في تربات بإيران عام 1959. أكمل دراسته في معهد التكنولوجيا في مدينة مشهد عام 1981. نشر شعره، ومايزال، في مختلف المجلات الأدبية خارج إيران. صدر له عدد من الكتب الشعرية منها: "مياه المرايا المغصوبة" عام 1994 و"انظر لهذه القصائد كمرايا" عام 1999. يقيم في هولندا منذ عام 1987 حيث ينشر شعره بلغتها مباشرة أو مترجماً. 

هنا ترجمة لعشر قصائد له تنشر أول مرة باللغة العربية:
 
 
قصيدة ميّتة
 
ذاكَ المصباحُ،
هذا الشارعُ،
هولاءِ الناسُ الغرباءُ،
مالذي يفعلونه، حقّاً 
في هذه القصيدة؟
 
امرأةٌ تحتَ المصباحِ،
تبيعُ جواربَ ضيّقة،
رجلٌ سكران يعبرُ،
فتاةٌ ترقصُ
وشابٌّ يضحك.
 
وحدها الفراشاتُ؛
تلكَ التي تدورُ حولَ المصباح،
وقطعةُ الغيمِ؛
تلكَ التي تحملُ قمراً. 
ليسوا مجهولينَ في هذهِ القصيدة.
 
سأذهبُ للبيت،
وعلى كتفيّ قصيدةٌ ميّتة.
***
 
 أنا أكتب المطر
 
أكتبُ المطرَ.
مطر مطر مطر،
حتّى يتدفّقُ البحر،
يغمرُ رؤوسنا،
برجاً
يصلُ القمر.
أكتبُ
الأرضَ دمعةً
تسيلُ على خدّ الله.
***
 
رائحة الموت
 
الحياةُ تغنّي
فوقَ أنفاسي
تحتَ جفنيّ
على كتفيّ،
خلفَ الأخضرِ والأبيضِ والأحمرِ من علم بلادي،
على قصيدتي
خلفَ الألافِ من قصصي غيرِ المكتوبة.
الحياةُ تعرفُ
أنّ في يومي
رائحةً منَ الموت.
***
 
وحدة
 
لا صوت
يصدرُ من جوارحي
سوداءُ حياتي؛
هكذا كما الليل،
إنّما ستشتعلُ شمعة ٌفيّ
لو انتِ أحببتني.
 
أحبّيني،
اجلبي لي مشكاةً،
لأنظرَ، خلالَها، للشمعة المشتعلة فيّ.
***
في المقبرة
 
صامتاً
أقف ُازاءَ قبرك.
إنّهُ الربيعُ،
وشاهدةُ قبركِ، لمّا تزلْ، قاسيةً وصابرة.
 
في عينيّ عصفور يغرّدُ
كأنّهُ ينادي عصفورَ عينيكِ الصامت.
***
 
إنه الخريف
 
في ظلِّ قصيدتي
أحتسي نبيذاً.
إنّهُ الخريف،
تتساقطُ الكلمات.
 
أغنّي:
آه، ثمّة ظلّ، 
كانَ في بلادي.
***
 
قطعة من البحر
 
القطّةُ تدورُ حولَ حوضِ السمك.
السمكةُ تسبحُ بلا همٍّ
في قطعةٍ منَ البحر.
 
أظنُّ أنَ السمكةَ 
نسيتْ حضنَ البحر.
 
في الليلِ،
أسبحُ،
تماماً مثلَ سمكةٍ
في قطعةٍ منَ البحر.
***
 
 فراشة
 
فراشةٌ تدور،
حولَ مصباحِ غرفتي.
 
حينَ أطفئُ المصباح،
تختفي الفراشة،
تبحثُ عنْ مصباحٍ آخر.
 
ترسمُ خيطاً ملوناً
من الرغباتِ
على عينيَّ المتعبتين.
***
 
طيور مغادرة
 
البارحةَ،
في لحظةٍ سعيدة
من نزهتي
جلستُ، على مقعدٍ خشبيّ، اتأمّلُ المارّة،
سألني عجوزٌ: أتقرأ كتباً قديمة؟
أجبته:
لأنّ الكتبَ الشابّةَ تمزّقتْ في بلدي.
قابضاً على قبعته،
نظرَ العجوزُ للسماء
ومن عينيهِ غادرت الطيور.
 ***
 
النهر
 
على كتفِ النهرِ المتدفّقِ
أتذكّرُ ذراعيكِ المفتوحتين
وإصراركِ
أنّ النهرَ يعيق ُ، بتدفقّهِ، ذراعي البحرِ المفتوحتين.
 
في أزقّة الضبابِ،
حيثُ طفولتي،
اتذكّرُ قلبك ِالدافيءَ،
وإصرارَكِ
أنَّ البسمةَ والصداقةَ لا ينموان إلاّ في القلوبِ الدافئة.
 
حينَ أرمي ببصري
صوبَ الطرقاتِ البعيدة
اتذكّرُ حضنكِ الدافيءَ،
وإصرارَكِ
أنَّ حضناً ما
يرقبُ شخصاً ما
في نهاية كلّ طريق.