كراكاس: اصيب الفنزويليون بمفاجأة غير سارة لدى توجههم الاربعاء الى المراكز التجارية، اذ وجدوها مقفلة ومظلمة، بسبب تقنين الكهرباء الذي باتت تفرضه الحكومة بسبب الجفاف.

وقالت ناتالي اورتا (48 عاما) امام البوابة المعدنية لمركز "ليدر" في شرق كراكاس، "هذا جنون، هذا ليس الحل، انه تدبير قاس سيتسبب بمزيد من البطالة ويلحق مزيدا من الضرر بالاقتصاد المأزوم".

وفي بلد معتاد على النواقص الحادة للمواد الاساسية، كالبن وحفاضات الاطفال والزيت،& بدأ منذ الاربعاء تقنين الكهرباء مدة ثلاثة اشهر في اكثر من 250 مركزا تجاريا يتعين عليها تأمين ما تحتاج اليه من الطاقة بين الساعة 13،00 و15،00 ثم بين الساعة 19،00 و21،00.

ولأن اعدادا كبيرة من هذه المراكز لا تستطيع انتاج الكهرباء، فضلت اغلاق ابوابها خلال هذه الساعات الاربع.

وقالت ربة المنزل جوليا توريس (34 عاما) "أتيت الى الصيدلية والى السوبرماركت لأرى ما يمكنني شراؤه، وهذا ما وجدته. وتزداد مفاجآتنا يوميا لما يحصل في فنزويلا".

وفيما تعاني فنزويلا من ارتفاع نسبة الجرائم التي تعد الاعلى في العالم (58 لكل 100 الف نسمة)، يدأب الفنزويليون على ارتياد المراكز التجارية التي تضم قاعات سينما ومطاعم ومسارح.

ويؤكد وزير الطاقة الكهربائية لويس موتا ان هذا التدبير موقت للتعويض على الجفاف الحاد الناجم عن ظاهرة ال نينيو المناخية التي تؤثر على محطات انتاج الكهرباء.

وقال الاربعاء ان "الحكومة تتخذ تدابير ملموسة للتقليل من تراجع مستوى سدود الماء".

لكن المعارضة التي باتت الاكثرية في البرلمان، تتهم السلطة التنفيذية خصوصا بأنها لم تستبق الوضع ولم تستثمر مبالغ كافية في الشبكة الكهربائية.

- امر غير مفهوم-

وحتى لا تتعرض لاضرار بالغة، اقترحت الغرفة الفنزويلية للمراكز التجارية المؤلفة من 136 عضوا، تقنين التيار الكهربائي خمس ساعات يوميا، بدلا من اربع، في مقابل تزويدها بالتيار بصورة متواصلة مرتين في اليوم، حتى تتمكن من فتح ابوابها عند الظهر واغلاقها في الساعة 19،00.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت مديرة الغرفة الفنزويلية للمراكز التجارية كلوديا ايترياغو ان "قطع التيار الكهربائي سيؤثر على 2،5 مليون شخص يتوجهون يوميا الى هذه المراكز في فنزويلا"، مشيرة الى انها لم تتلق بعد ردا من الحكومة على اقتراحها.

وشددت ايترياغو على القول ان "المراكز التجارية لا تشكل الا 3% من المنظومة الكهربائية الوطنية"، موضحة ان اعدادا كبيرة منها غير قادرة على توليد ما تحتاج اليه من الكهرباء، وان المراكز القادرة على ذلك لا تغطي إلا 40 الى 60% من الطلب.

ويقول الخبير الاقتصادي لويس فنسنت ليون ان "السماح للمراكز التجارية بتوليد ما تحتاج اليه من الطاقة، من دون السماح لها بالحصول على العملات الصعبة لشراء المعدات اللازمة، في بلد يخضع فيه صرف العملات للمراقبة، امر غير مفهوم".

وتطبق حكومة الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو في الواقع رقابة صارمة على صرف العملات تؤدي الى نقص على صعيد العملات الصعبة، مما يحد كثيرا من استيراد المعدات التي تحتاج اليها المؤسسات.

ويؤكد اسدروبال اوليفيروس، مدير شركة "ايكواناليتيكا" الاستشارية، ان هذا الوضع التعيس يكشف عن الوضع السيء في البلاد التي كانت منتجا كبيرا للنفط، وتتوافر لديها اكبر احتياطات في العالم، لكنها تعاني من تراجع اسعار النفط.

واضاف ان "ذلك يدل على خطورة الازمة البنيوية التي تعيشها فنزويلا على الصعد المؤسسية والاقتصادية والامنية والخدماتية".

&ويتخوف خوسيه رامون بازوس الذي يتولى ادارة مركز "سامبيل" التجاري في شرق كراكاس، من ان يدفع التدبير الجديد بعض المراكز التجارية الى "صرف قسم من موظفيها بسبب خفض ساعات العمل".

وقالت فريديلين باريتو (26 عاما)، الموظفة في محل للملبوسات "هذا يضر بنا على مستوى المبيعات والعمولات". واضافت "بدلا من ثماني ساعات في اليوم، سنعمل من الان فصاعدا اربع ساعات".