«إيلاف» من لندن: تستقر أسعار النفط في نطاق سعري 55 – 56 دولارًا للبرميل منذ بداية العام تحت وطأة ارتفاع المخزون الأميركي وانتعاش انتاج الزيت الصخري، وقد ذكر التقرير الشهري لإدارة معلومات الطاقة الأميركية أنها تتوقع الآن نمو إنتاج الخام الأميركي في 2017 بواقع 330 ألف برميل يوميًا، وهو أكثر من التقديرات السابقة، وتباطؤ الطلب الآسيوي. 

والعنصر الآخر هو ارتفاع المخزون الأميركي، وسط مخاوف من تراكم تخمة المعروض، رغم تخفيضات منظمة أوبك اوائل هذا العام، حيث بلغت زيادة مخزونات النفط الخام الأميركية 11.6 مليون برميل اوائل شهر مارس الحالي، حسب بيانات معهد البترول الأميركي. ومن الجدير بالذكر أنه في نهاية يناير وبداية فبراير 2017 سجلت مخزونات الخام الأميركية ارتفاعًا يزيد عن 14 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم الثالث من فبراير، لتصل إلى 503.6 ملايين برميل، مقابل توقعات محللين استطلعت رويترز آراءهم بزيادة 2.5 مليون برميل.

وحتى اللحظة لا تزال الأسعار تتأرجح بين 52 و 56 دولارًا للبرميل، وفشلت في كسر حاجز 60 دولارًا، حيث انخفضت اسعار مزيج برنت الى 55.63 دولارًا للبرميل الاربعاء، وانخفض مزيج غرب تكساس الأميركي الوسيط الى 52.74 دولارًا للبرميل. ومن جهة أخرى، هذا التطور سيعيق جهود اوبك الرامية لتخفيض الانتاج الفائض الذي أدّى الى انهيار الأسعار من 115 دولارًا للبرميل اواسط 2014 الى اقل من 30 دولارًا اوائل عام 2016. ومما لا شك فيه أن الزيادة في الإمدادات الأميركية تعرقل وتخرب على اتفاق أوبك لخفض الإنتاج ودعم الأسعار، غير أن أوبك لا تشعر بقلق بالغ إزاء الزيادة الأميركية، وذلك في الوقت الراهن على الأقل. 

ومن العناصر التي لعبت دوراً في بقاء الأسعار وسط الخمسينات، هو تراجع نمو الطلب الصيني على النفط إلى 2.5 بالمئة في 2016 من 3.1 بالمئة في 2015 و3.8 بالمئة في 2014 بحسب بيانات «رويترز»، ساهمت في هبوط حاد في استهلاك الديزل وتراجع استخدام البنزين.
وجاء هذا التباطؤ مع نمو الإقتصاد نحو 6.7 بالمئة فقط في 2016 مسجلاً أقل وتيرة له في 26 عامًا، ومن شأن أي تباطؤ في الطلب الصيني أن يلقي بظلاله على أسواق النفط. 

وثمة سبب آخر يحول دون ارتفاع الأسعار باتجاه 60 دولارًا للبرميل، حسب بعض المحللين، أن الأسواق استطاعت التكيّف خلال فترة وجيزة مع تخفيضات الانتاج من قبل اوبك وخارجها، حيث شهدت الأسواق قفزة في الأسعار من اواسط الأربعينات الى اواسط الخمسينات، بعد الاعلان عن صفقة تخفيض الانتاج في نهاية عام 2016.

ولا تزال الأسواق تشعر بتفاؤل حذر من أن اوبك، وشركاءها خارج اوبك، ستتمكن من تنقيص الانتاج لإعادة التوازن في السوق في ظل ارتفاع انتاج الزيت الصخري الأميركي، يبدو ان اتفاق تخفيض الانتاج كان ناجحًا حتى اللحظة في اعادة التوازن للسوق حتى لو جزئيًا.

 الزيت الصخري يبقى العائق الأكبر امام صعود الأسعار لمستويات فوق 60 دولارًا

ولكن مصدر القلق الأكبر هو ارتفاع وتيرة انتاج الزيت الصخري، حيث ارتفع عدد الحفارات 7% الاسبوع الماضي، ليصل عدد الحفارات العاملة الى 609، وهذا اعلى عدد منذ اكتوبر 2015.

كما تنبأت «إيلاف» سابقًا، فقد تباطأت أسعار النفط في الصعود كنتيجة مباشرة لارتفاع انتاج الزيت الصخري الأميركي، وقالت "إيلاف" قبل عدة اسابيع إن انتعاش انتاج الزيت الصخري الأميركي قد يؤخر سرعة تصاعد الأسعار، حيث سعت صناعة الزيت الصخري الى ابتكار اساليب وتقنيات تمكنها أن تعمل حتى بربح بسيط اذا بقيت الأسعار فوق 40 دولارًا للبرميل. كما أن الانباء تشير الى أن وزارة الطاقة الأميركية تخطط لاستثمار أكثر من مليار دولار في مجالات الأبحاث المختصة بالوقود الأحفوري، مما أنتج وفرة في التقنيات النفطية في استخراج الزيت الصخري، وأدى هذا الى انخفاض ملحوظ في كلفة انتاج البرميل النفطي من 60 دولارًا للبرميل إلى 40 دولارًا للبرميل.

ومن المتوقع أن يستمر تزايد الانتاج الأميركي في الأسابيع المقبلة ملغيًا بذلك التخفيضات التي تنفذها اوبك وروسيا، حسب اتفاق ديسمبر 2016 الذي ينص على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا في النصف الأول من 2017 للقضاء على التخمة في السوق. لكن من غير المتوقع أن يؤدي الاتفاق الى ارتفاع كبير في الأسعار على الأقل لمدة سنة لسببين، الأول أن الشركات والحكومات استغلت فترة النفط الرخيص منذ اواسط 2014 لبناء مخزونات نفطية ضخمة، حيث بلغت المخزونات الاستراتيجية الاضافية اكثر من 500 مليون برميل فوق معدلاتها العادية، والسبب الثاني هو أن أي انتعاش في الأسعار سيرفع من انتاج شركات النفط الصخري الأميركية ليصل انتاجها الى 4.5 ملايين برميل يوميًا. حيث تمكنت هذه الشركات في السنوات الأخيرة من ابتكار اساليب وتقنيات تقلل من تكاليف الانتاج. لذلك اذا بقي السعر قريبًا من الستين دولاراً للبرميل، سنرى المزيد من الزيت الصخري.

ماذا قال خالد الفالح وزير الطاقة السعودي في هيوستون؟

تراقب الأسواق بعناية لما قاله خالد الفالح، وزير الطاقة السعودي، في مؤتمر أسبوع سيرا للطاقة في هيوستون. وفي هذا السياق، وحسب وكالات الانباء قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الثلاثاء 7 مارس، خلال مؤتمر الطاقة "أسبوع سيرا" المنعقد حاليًا في مدينة هيوستون تكساس «ينبغي ألا نسبق السوق». مضيفًا "أن العوامل الأساسية لسوق النفط تتحسن، وأن اتفاق الحد من المعروض بين منظمة «أوبك» والمنتجين غير الأعضاء يحدث أثرًا".
وأضاف ان السعودية خفضت بأكثر مما تعهدت به في الاتفاق، ونزلت بإنتاجها لما دون العشرة ملايين برميل يوميًا".
لكنه حذر من أن الاستجابة السريعة لقطاع النفط الصخري الأميركي قد تثني عن استثمارات ضرورية في مشاريع طويلة الأجل في مصادر أخرى للمعروض النفطي خارج القطاع الصخري. ومن المتوقع أن تجتمع منظمة البلدان المصدرة للبترول مجددا في مايو لدراسة امكانية تمديد اتفاق تقييد الإنتاج. وقال الفالح إن السعودية لا تريد من أوبك التدخل في سوق النفط لمعالجة التحولات الهيكلية طويلة الأجل، لكنها ستدعم إجراءات معالجة «الانحرافات قصيرة الأجل». وأضاف أن اتفاق خفض الإنتاج يستهدف «صالح الجميع وينبغي أن يتولاه الجميع».
وقال وزير النفط السعودي إن الطرح العام الأولي لشركة «أرامكو السعودية» يمضي قدمًا، وفقًا للمسار الموضوع، وأضاف «نتوقع أن يجري في 2018».
وتفيد تقديرات المحللين أن الطرح الأولي قد يسفر عن تقييم شركة الطاقة العملاقة بما بين تريليون و 1.55 تريليون دولار.