«إيلاف» من لندن: على الرغم من التوترات الجيو سياسية في الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية، والأعاصير التي اجتاحت تكساس وعاصمة النفط الأميركي هيوستون، فإن اسعار النفط لم تشهد اي ارتفاع يذكر ولم تصعد كما توقع الكثيرون ولم تتأثر بل واصلت الانخفاض. 
تراجعت أسعار النفط الخام بأكثر من 1.5 بالمئة الثلاثاء، في ظل توقف أكثر من 16 بالمئة من طاقة التكرير في الولايات المتحدة بعد أن ضرب إعصار هارفي مدينة هيوستون في تكساس.
سجل خام غرب تكساس الوسيط انخفاضًا بمعدل 1.5 في المئة تقريبًا إلى اقل من 46 دولارًا للبرميل، بينما هبطت عقود مزيج برنت القاسي إلى 51.69 دولارًا للبرميل.

تمديد الإتفاق
من المتوقع أن يعلن معهد البترول الأميركي تراجعًا جديدًا في المخزون من الخام خلال الأسبوع الماضي، مع بدء تفاقم تراجع المخزون اعتبارًا من الأسبوع الحالي بسبب اضطراب عمل مصافي النفط بالقرب من مدينة هيوستون في ولاية تكساس التي ضربها الإعصار. 
بحسب تقارير وكالات الانباء، تسبب هذا الاعصار في فقدان نحو 3 ملايين برميل من الطاقة التكريرية او 16 في المئة من إجمالي طاقة التكرير الأميركية، والتي يقع معظمها في ساحل الولايات المتحدة الجنوبي على خليج المكسيك، حيث تتواجد نصف طاقة التكرير الأميركية.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السعودية وروسيا تسعيان إلى تمديد اتفاق مجموعة من الدول النفطية من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومن غير الأعضاء لخفض إنتاج النفط ثلاثة أشهر إضافية بعد انتهائه بنهاية العام الحالي، لتعزيز أسعار الخام في الأسواق العالمية.
وينتظر المراقبون بيانات وأرقام دائرة معلومات الطاقة الأميركية المتعلقة بالمخزونات، والتي قد تحرك الأسعار إلى الأعلى.

لا تخفيضات إضافية
ما يثير الاهتمام هو البحث الذي اجراه مصرف "بانك أوف أميركا ميريل لينش"، والذي يتوقع أن الأسعار ستبقى في النطاق السعري 40 إلى 60 دولارًا للبرميل عدة سنوات. 
من غير المتوقع أن تقوم منظمة أوبك بالمزيد من التخفيضات في الانتاج لرفع الأسعار على الرغم من احتمال التزام الاتفاق الحالي فترة زمنية أطول.
ولا بد من الاعتراف أن شركات انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة نجحت إلى حد بعيد في خفض التكلفة الانتاجية، حيث تقف نقطة التعادل أي عتبة الربح "نقطة لا مكسب ولا خسارة" على 40 دولارًا للبرميل، ومن المتوقع أن تقل تكلفة انتاج الزيت الصخري مع التقدم التكنولوجي، وهذا يشير إلى إمكانية بقاء الزيت الصخري واستمراره حتى لو حاولت اوبك اخراج منافسيها من منتجي الزيت الصخري من السوق. هذه التنبؤات تستند الى نظرية تقول إن الطلب على النفط سيستمر في النمو وأن اتفاق اوبك لخفض الانتاج سيستمر ايضًا وعدم انقطاع الامدادات لسبب طارئ مفاجئ.

تفاؤل الثيران
تشير معلومات من اسواق النفط للعقود المستقبلية الى أن اسعار النفط قد ترتفع في ظل تراجع العرض بسبب تخفيض اوبك الانتاج، ما يدل على نجاح استراتيجية أوبك لتخفيض الانتاج اليومي بواقع 1.8 مليون برميل يوميًا. 
وكما يبدو، بدأت هذه الاستراتيجية تؤتي بثمارها. ويعتقد "بانك اوف اميركا" انه اذا سارعت اوبك إلى إعادة التوازن إلى السوق العالمية، ستفقد حصصًا لصالح المنتجين الأميركيين. ويتنبأ المصرف أن الأسعار ستتأرجح حول 50 دولارًا للبرميل مدة 18 شهرًا.
يمثل الثور تفاؤل المتعاملين في أسواق النفط والأسهم، والثقة بأن الاقتصاد سيتحسن. توقعات الثيران تستند إلى استمرار ارتفاع الأسعار وأي انقطاع في الامدادات سيدفع الأسعار للأعلى.
العوامل الجيوسياسية في فنزويلا ونيجيريا وليبيا قد تغيّر معادلة الأسعار التي تقف عند عتبة 50 دولارًا للبرميل، لكن توافر المخزونات الأميركية سيقلل من التأثيرات السلبية الناتجة عن أي تعطيل او انقطاع مفاجئ للامدادات.

عليّ وعلى اعدائي
في المقابل، الدب يمثل التشاؤم وبطء الاقتصاد وتوقعات بتراجع الأسعار. لكن اي تراجع في الطلب سينتج عنه صورة معاكسة وستدفع السعر إلى الأسفل باتجاه 40 دولارًا للبرميل. وهذا ما حدث في اعوام 1998 و2001 و2008. في حينه، جاءت أوبك لانقاذ الموقف لتقليص الإنتاج، لكن ماذا سيحدث الآن إذا تكرر السيناريو مرة أخرى؟
في العشرين عاماً الماضية، تدخلت أوبك 4 مرات وبقوة في السوق لتقليص الانتاج من أجل اعادة التوازن للسوق العالمية بخلق ما يسمى ارضية المستوى الأدنى للأسعار واستعادت حصصها في السوق لاحقاً. 
يبقى النفط الصخري الأميركي التحدي الأكبر الذي يواجه أوبك، والذي ينتج أقصى كميات ممكنة ما دام السعر فوق 40 دولارًا للبرميل.
اذا أرادت أوبك أن تقضي على منافسيها من شركات انتاج النفط الصخري، عليها أن تتبنى سياسة "عليّ وعلى اعدائي"، وتباشر بخلق أرضية لمستوى متدنٍ من الأسعار، اقل من 30 دولارًا للبرميل، وهذا الاحتمال يبدو بعيد المنال الآن.​