تطرح فنزويلا الاثنين أوراقًا نقدية جديدة لعملتها، شطبت منها خمسة أصفار، في خطوة تشكل مرحلة أولى من خطة إنعاش أطلقها الرئيس نيكولاس مادورو في محاولة لمعالجة أزمة اقتصادية عميقة تدفع ملايين الأشخاص إلى مغادرة البلاد.&

إيلاف: يستعد الفنزويليون الاثنين لتطبيق الخطة الجذرية الجديدة التي طرحها الرئيس نيكولاس مادورو لمواجهة التضخم المفرط الذي أدى إلى اضطرابات في البلد الغني بالنفط لكنه يفتقد السيولة.&

بين القلق والحيرة، بقيت معظم المحال التجارية مغلقة في عطلة نهاية الأسبوع في كراكاس ومدن أخرى. وفي الأيام الأخيرة تشكلت صفوف طويلة من المتسوقين الفنزويليين في المحال التجارية ومحطات الوقود.

وقال مدير شركة "إيكوانالاتيكا" للاستشارات المالية أسدروبال أوليفيروس "سيكون هناك كثير من اللغط في الأيام المقبلة بالنسبة إلى المستهلكين والقطاع الخاص" محذرًا من "سيناريو فوضوي". تتضمن الإجراءات الجديدة التي كشفها مادورو في خطاب ألقاه في وقت متأخر الجمعة رفع الحد الأدنى للأجور للمرة الخامسة خلال هذا العام.&

في الوقت الحالي، لا يكفي الحدّ الأدنى للأجور الذي انهار جراء التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية لشراء كيلوغرام واحد من اللحم. وأكد مادورو الذي كان سائق حافلة وزعيمًا نقابيًا، أن البلاد بحاجة إلى "انضباط مالي" والتوقف عن طباعة النقود بشكل مفرط كما حصل في السنوات الأخيرة.&

محللون: غير واقعي
ويؤكد الرئيس الاشتراكي مادورو أن الأوراق النقدية الجديدة ستكون نقطة الانطلاق إلى "تغيير كبير". وتبلغ قيمة الفئة الأكبر من هذه الأوراق النقدية 500 بوليفار (50 مليون بوليفار حالي أي ما يعادل سبعة دولارات في السوق السوداء التي تعد المرجع حاليًا بحكم الأمر الواقع).

لكن المحللين وخبراء الاقتصاد يرون أن برنامج الحكومة لإصلاح الاقتصاد غير قابل للتطبيق وحتى "غير واقعي". يقضي هذا البرنامج أيضًا بزيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 3500 بالمئة (أي 34 ضعفًا) وتخفيف الرقابة على صرف العملات ووضع نظام جديد لأسعار الوقود.

دعوة إلى التظاهر
كما يحذرون من أن خطة الإصلاح الجذرية هذه ستزيد الأوضاع سوءًا. وفي العاصمة كراكاس، أبدى سكان شكوكًا إزاء جدوى الإجراءات الجديدة. وقال برونو تشوي البالغ من العمر 39 عامًا، ويعمل في كشك لبيع الطعام في الطريق، "سيبقى كل شيء على حاله، وستواصل الأسعار ارتفاعها".&

أما أنغل آرياس، وهو متقاعد يبلغ من العمر 67 عامًا، فوصف العملة الجديدة بأنها "كذبة واضحة!". ورفضت الأحزاب الثلاثة الرئيسة في المعارضة الفنزويلية - "بريميرو خوستيسيا" و"فولونتاد بوبولير" و"كوزا آر" - الخطة الجديدة، داعية إلى تظاهرات الثلاثاء.&

وأعلن مادورو أيضًا أن الدولة ستتحمل "الفارق" في زيادة الحد الأدنى للأجور "لكل الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة"، بدون أن يحدد كيف سيتم ذلك. وتراجع الوضع الاقتصادي بشكل كبير في هذا البلد الذي كان غنيًا ويملك أكبر احتياطات نفطية في العالم.

طرح سيادي
وانخفض إنتاج النفط، الذي يؤمّن 96 بالمئة من عائدات الدولة، بمقدار النصف خلال عشر سنوات، من 3.2 ملايين برميل يوميًا في 2008 إلى 1.4 مليون برميل في يوليو. وتبلغ نسبة العجز عشرين بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي، بينما ارتفع الدين الخارجي إلى 150 مليار دولار. ولا تتجاوز الاحتياطات من النقد التسعة مليارات دولار.

تطرح هذه الأوراق النقدية الجديدة بعد نحو عشرين شهرًا من طرح الحكومة لأوراق من فئة 500، ثم 20 ألف بوليفار، ثم مئة ألف.

سترتبط العملة الجديدة التي أطلق عليها "البوليفار السيادي" للتمييز بينها وبين تلك الحالية - "البوليفار القوي" - بالعملة الافتراضية غير الموثوق بها تمامًا "البترو".&

وسيبلغ سعر كل "بترو" نحو 60 دولارًا بناء على سعر برميل النفط الفنزويلي ما سيساوي بالعملة الجديدة 3600 بوليفار سيادي - ما يؤشر إلى انخفاض كبير في قيمة العملة.&

بدوره، سيتم رفع الحد الأدنى للأجور إلى نصف بترو (أي 1800 بوليفار سيادي). ويساوي هذا المبلغ نحو 28 دولارًا، ما يعني زيادة 34 ضعفًا عن الحد الأدنى السابق الذي يعادل أقل من دولار بحسب معدل السوق السوداء حاليًا.&

وفي 2008، ألغت الدولة الفنزويلية ثلاثة أصفار من عملتها مطلقة "البوليفار القوي". وأطلقت على الأوراق النقدية التي تطرح الاثنين اسم "البوليفار السيادي".

خفض الدعم المخصص للوقود
وأعلن الرئيس الاشتراكي كذلك قيودا على الوقود المدعوم بقوة في محاولة لمنع تهريبه إلى دول أخرى. وبموجب القيود، سيكون الوقود المدعوم متاحًا فقط للمواطنين الذين يسجلون سياراتهم للحصول على "بطاقة أرض الآباء" في إجراء رأت المعارضة أنه يهدف فقط إلى التضييق على المعارضين.&

وبلغت كلفة دعم الوقود في فنزويلا 10 مليارات دولار منذ 2012، وفق المحلل النفطي لويس أوليفيروس. لكن لم يكن باستطاعة معظم الفنزويليين شراء الوقود بدون هذا الدعم. وحذر أوليفيروس من أن قيمة الأوراق النقدية الجديدة ستنهار "في غضون أشهر" ما لم تتم السيطرة على التضخم.&

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة التضخم مليون في المئة خلال هذا العام في فنزويلا الغنية بالنفط التي تعيش عامها الرابع من الركود الاقتصادي، وتشهد نقصًا في الغذاء والدواء وسط توقف الخدمات العامة.
من جهته، دافع وزير الإعلام خورخي رودريغيز عن الخطة قائلًا "لا تستمعوا إلى الرافضين. من خلال إيرادات النفط والضرائب ورفع سعر البنزين (...) سنتمكن من تمويل برنامجنا".&