ينتصب تمثال الحرية&(statue of liberty في نيويورك وسط&جزيرة&الحرية المواجهة للمدينة.

امرأة&: ينبعث النور&من&تاج يزين&رأسها&يرمز لكل قارات الأرض.. في يدها اليمنى شمعه تضيء عتمة الفضاء... وفي يدها اليسرى كتاب يقرأؤه الناس تحت ضوء&الشمعة.

هدية الثورة الفرنسية.. للحرية الأمريكية...

هدية الأحرار... للأحرار

هدية النور.. للنور

هدية.. الشمس.. للشمس.

قال فولتير للطفل& الحزين قبل انبلاج ثورة فرنسا بعشر سنوات :

ان المسافة&التي تفصل&بين فرنسا اليوم في ظل الطغيان.. وفرنسا الغد في ظل الحرية : هي نفس المسافة بين نافذتين.

وكان فولتير يقصد المسافة التي تفصل بين نافذة الطفل الحزين التي تطل على منظر قبيح حين وجده فولتير يطل منها ويبكي& حزنا على موت قطته وبين& النافذة الأخرى التي& تطل على منظر جميل في نفس البيت... وعندما أخذ فولتير بيد الطفل نحو النافذة الجميلة ذهب حزن الطفل& وابتسم.

أثناء اشتعال& تلك الثورة الفرنسية دعا فولتير في أوج اشتعالها الى التخلص من الاقطاعيين وتجار الدين في وقت واحد بسبب ما اقترفه أولئك الاقطاعيون& الأوغاد وسماسرة الدين المنافقين من جرائم في حق الانسان أخرت الشعوب الأوروبية قرون.

تغير وجه أوروبا وكل الشعوب الحرة التي تأثرت بتلك الثورة الفرنسية التي هبت رياحها لتعم الكثير من البلدان التي تحررت شعوبها من الطغيان وانتصرت للعدالة والمساواة والحرية.... إلا العرب!

ولم تأت ثورة فرنسا لتزيح الاقطاعي وتضع تاجر الدين.. بديلا عنه..؟ كثورات الربيع العربي المخرف... لأنها لو كانت كذلك لفشلت وعاد الاقطاعي من جلباب رجل الدين.

و لمن لا يعرف تاريخ الثورة الفرنسية أقتبس لكم&بعض المعلومات&عنها&من كتاب &:&& & & & & & & & &&&

the&impact of the French revolution&

&&كأحد الكتب المهمة التي تناولت موضوع الثورة الفرنسية الكبرى وقد شارك في تأليف&هذا الكتاب العديد من الباحثين والأساتذة الجامعيين الانجليز وغيرهم. وقد&تناولوا فيه موضوع الثورة الفرنسية الكبرى وتأثيرها على العالم وبخاصة العالم الانغلو ـ ساكسوني&.

يقول المؤلف :

(ان الثورة الفرنسية هي أكبر حدث في تاريخ العصور&الحديثة.... فقد قسمت التاريخ إلى قسمين: ما قبلها وما&بعدها......

فما قبلها كان النظام الملكي الإقطاعي الأصولي القديم. وما بعدها كان النظام الجمهوري البرلماني الديمقراطي&الحديث،&وقد انتشرت أفكارها في كل أنحاء أوروبا عن طريق نابليون وحملاته العسكرية المشهورة. كما وانتشرت في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي عن طريق حملته على مصر&.

ولكنها انتشرت ايضاً بشكل عفوي طبيعي: أي عن طريق قوة الأفكار&نفسها وتعلق الناس بها وبخاصة إنها&كانت تحمل لهم رياح الحرية ونهاية الاستبداد. وقد ابتدأت الثورة عام 1789 مع سقوط الباستيل رغم الطغيان والعهد القديم، وانتهت عملياً عام 1799 مع انقلاب نابليون بونابرت واستلامه للسلطة وزمام الأمور وإيقاف الفوضى الثورية.

ثم يردف الباحث قائلا&:

ويعتبر المؤرخون ان أسبابها المباشرة تعود إلى الأزمة المالية التي شهدتها فرنسا&آنذاك،&وكانت ناتجة عن الحروب المكلفة التي خاضها الملوك في القرن الثامن عشر وعن المصاريف الباهظة للبلاط وقصر فرساي. وهذا ما أدى إلى تجويع الشعب فانتفض وثار...&كما وتعود إلى حقد الشعب على الطبقات العليا التي كانت تتحكم به وتمص دمه وبخاصة: طبقة النبلاء الإقطاعيين، وطبقة الكهنة ورجال الدين...&فقد كانت لهما امتيازات واسعة، وما كانوا يدفعون الضرائب على عكس عامة الشعب.

ومن الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورة الفرنسية أفكار التنوير التي انتشرت طيلة القرن الثامن عشر في الأوساط العليا من المجتمع، أي في أوساط النبلاء والبرجوازية... وكانت تدعو إلى المساواة بين الناس وإلغاء الامتيازات الموروثة أباً عن جد منذ مئات السنين...&كما وكانت تعارض النظام الملكي المطلق والحق الإلهي للملوك والاستبداد الناتج عن ذلك&النظام.

ومعلوم أن الملك الفرنسي كان خاضعاً لحاشيته وللطبقات العليا المستفيدة من النظام والتي تتحكم بالثروات والامتيازات وكل شيء وتترك الشعب جائعاً أو شبه جائع...&يضاف إلى ذلك أن الثورات الإنجليزية التي حصلت في القرن السابع عشر والثورة الأميركية التي حصلت في القرن الثامن عشر وصلت عدواها إلى الفرنسيين وألهمت&النخب الفكرية والسياسية&.

ولا ينبغي أن ننسى المواسم الرديئة لفرنسا عام 1788، فلم تحصد إلا القليل من القمح وسواه بسبب رداءة المحاصيل، وهذا ما أدى إلى زيادة الأسعار بشكل مخيف وتصاعد نقمة الشعب على السلطة بسبب نقص الخبز والمواد الغذائية ذات الضرورة القصوى.

كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى اندلاع الثورة التي أطاحت بالنظام&القديم واكتسحت في طريقها كل&شيء ،&ولكن قبل اندلاعها قبل مثقفو الشعب وممثلوه أن يجتمعوا مع ممثلي النظام في اجتماع عام بقصر&فرساي،&وقد ألقى الملك خطاباً خالياً من المقترحات التي تؤدي إلى إصلاح&الأوضاع ،&ومعلوم أن ممثلي الشعب الفقير الجائع كانوا ينتظرون أن يعرض عليهم الملك مشروعاً للدستور وبعض الإصلاحات الضرائبية والاجتماعية التي تخفّف الحمل عن كاهل الشعب، ولكنهم لم ينالوا شيئاً&.

ولذلك انفصلوا عن ممثلي الطبقات المترفة، أي ممثلي الطبقة الارستقراطية وطبقة الكهنوت المسيحي، وراحوا يشكلون الجمعية الوطنية المستقلة، وهي التي ستصبح البرلمان الفرنسي فيما بعد. ومعلوم أنه لا يزال يحمل الاسم حتى الآن ويحتل مبنى تاريخياً مهيباً على ضفاف نهر&السين )!

&.....

كانت أشعة الشمس تتعانق بعد منتصف النهار مع خيال الأشعة المنبعثة من رأس تمثال الحرية.. ونحن نتجه على القارب ومعنا القادمين من كل القارات.. كل يحمل كامرته ليصور مع التمثال العملاق من كل الزوايا.. يشعر السائح بهيبة المكان وروعة العمل المنجز وعظمة المعنى للهدية التي قدمها شعب ثائر تحرر من ربق الإستعباد الى شعب حر تحرر من قيد الحرب العنصرية.

يقول لك التمثال وكأنه كائن حي يخاطب من لايزال عقله يفكر وقلبه ينبض وروحه تحلق :أن لا أعظم من الحرية...!

الحرية : التي يثور في عالمها العقل على الخرافة... وينتصر الحب على الكراهية.. وتتعانق في فضاءها الأرواح لتعبد الله كيفما تختار طريقها الذي يحقق لها الإطمئنان لا كيف ينسجم مع الآلهه التي تجلس على كرسي الله وتحكم بإسمه.

وكلما اقترب القارب من التمثال : يتعملق التمثال.. وتمتزج أشعة الشمس الحقيقية بأشعة التمثال المتخيلة.. فيخالجك شعور آخر تعتقد أنك ذاتك التمثال&المنتصب.. وعلى رأسك&الشمس الحقيقية ،وترى الناس من حولك شموسا&تدور حول شمسك.

يمر القارب عابرا أمام التمثال وعائدا بإتجاه المدينة.. يعطي ظهره للشمس والتمثال، لترى الأشعة من جديد تنعكس في المباني الشاهقة المكتظة بإنسجام على الشاطيء &كأزهار عباد الشمس.. وتشاهد الجسور المعلقة تربط الجزيرة بالجزيرة.. وما أن يرسوا القارب الى محطته حتى يتناثر الناس من سطحه بإتجاه &المدينة التي لو تخيلتها بعمق لظننت أن المدينة بوجهيها القابع أحدهما فوق الأرض والآخر تحته :هي مدينة ذات نهارين... نهار علوي وآخر سفلي.. وكلاهما : لايدركان الظلام.

وقبل أن أغادر المدينة المجنونة... تذكرت أنه قد عاش فيها ثلاثة عباقرة من عباقرة الأدب العربي : جبران.. وميخائيل نعيمة.. وايليا ابوماضي.

تذكرت ابوماضي وهو يقول : ليس الكفيف الذي أمسى بلا بصر.. إني أرى ذوي الأبصار عميانا.

وتذكرت ميخائيل نعيمة يقول :

كثير هم الذين يدعون معرفة الحد الفاصل مابين الممكن والمستحيل ، أما أنا فأقول أن لا حد بينهما سوى مايقيمه الجهل والقصور.

وتذكرت قول جبران :

إن كان طاغية تودون خلعه عن عرشه فانظروا أولا إن كان عرشه القائم في أعماقكم قد تهدم. لأنه كيف يستطيع طاغية أن يحكم الأحرار المفتخرين مالم يكن الطغيان أساسا لحريتهم والعار قاعدة لكبريائهم ؟

الحق أقول لكم إن جميع الأشياء تتحرك في كيانكم متعانقة على الدوام عناقا نصفيا :كل ماتشتهون وما تخافون وماتتعشقون وما تستكرهون وماتسعون وراءه وماتهربون منه.. جميع هذه الرغبات تتحرك فيكم كالأنوار والظلال ، فإذا اضمحل الظل ولم يبق له من أثر أمسى النور المتلألئ ظلا لنور آخر سواه.

وهكذا الحال في حريتكم إذا حلت قيودها أمست هي نفسها قيدا لحرية أعظم منها !

هكذا... عشت لحظاتي مع تمثال الحرية... تاه بي الخيال وطاف بي فجأة حول شموس عدة... شمس السماء.. وشمس الحرية.. وشموس ايليا وميخائيل وجبران.... وكعادة الأماكن العظيمة: تلهمك الفكرة الخلاقة... وتوحي لك سرا لم يدركه أحد سواك... فيعود كل زائر بسر لايعرفه إلا هو.

هكذا... قلت لكم ما شاهدته.. ولم أخبركم بالسر الذي أستلهمته من هيبة المكان &العظيم!

&

[email protected]

&

&

&