تُلقي "إيلاف" الضوء على مسيرة الفنان الكبير نور الشريف الذي توفي قبل أيام بعد صراعٍ مع المرض، وتتناول أهم المحطات في حياته عبر حلقات، بالإضافة إلى&المواقف والأعمال المؤثرة فيها وتصريحاته اللافتة على مدى&السنوات.


نور الشريف في شبابه

&&& القاهرة:&عاش الفنان الراحل نور الشريف مسيرةً نضالية حافلة حفظت له مكانةً خاصة في قلب الجمهور عبر 300 عمل تقريباً في كل أنواع الفنون بين السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة بدأها منذ تخرجه من معهد التمثيل بتقدير امتياز عام 1967 واختتمها في يناير(كانون الثاني)&الماضي بفيلم "بتوقيت القاهرة" الذي كان بمثابة الوداع الأخير بينه وبين كاميرا السينما المصرية بعد أكثر من 140 فيلم.

لم&يعش "محمد جابر" وهو الأسم الحقيقي له حياة الرفاهية، فهو من الأشخاص الذين عانوا كثيراً في حياتهم، لكن طموحه وأحلامه كانت تحركه باستمرار، بل أن أهم ما تميّز به هو قدرته على احتواء المحيطين به وبذله كل الجهد من أجل تحقيق ما يرى فيه فائدة سواء لنفسه أو لفنه. فلا يمكن حصر جميع الأعمال التي قدمها ليس فقط لعدم وجود نسخ من بعضها تصلح للعرض أو نسخ لأعمال تم تصويرها تليفزيونياً مثل بعض مسرحياته، إلا أن الحقيقة المؤكدة هي اهتمامه بتقديم كل أنواع الفنون منذ بدايته وحتى قبل أن يصبح نجم شباك التذاكر مع بداية السبعينات، بالإضافة إلى حرصه على التنوع في اختيارات أدواره&لكونه&حاول أن يرضي جميع أذواق الجمهور.

واللافت في مسيرته هو حرصه على التواجد مسرحياً وتليفزيونياً وإذاعياً إلى جانب السينما ورفضه لمقولة أن التليفزيون يحرق الممثل،&لأنه كان يجد فيه وسيلة للإنتشار لا توفرها السينما،&الأمر الذي&ترجمه برفضه طلب المخرج يوسف شاهين خلال تصويره فيلم "حدوتة مصرية" التفرغ للفيلم وعدم تقديم مسلسل تليفزيوني، ما يعني أن قراراته كانت صلبة&ولم يؤثر بها&أو يتصدى لها أو&يعترض عليها أحمد حتى "شاهين" الذي شهدت علاقته به شداً وجذباً باستمرار.

والمؤكد أن المسيرة الفنية للراحل لم تكن وليدة الصدفة، فرغم ظهوره على الساحة في توقيتٍ صعب بعد تخرجه عقب نكسة حرب 1967 والمشاكل التي واجهت الحياة الفنية في تلك الفترة، لم تحمله الظروف إلى اليأس بل حاول التواجد باستمرار، خاصةً وأن أول أدواره السينمائية والتي جاءت في فيلم "قصر الشوق" حصل فيها على جائزة تقدير ليبدأ مسيرته السينمائية حاملاً جائزة لا يحصل عليها الكثير في بداية مشوارهم الفني.

وبالعودة إلى&الماضي، سيخبرنا التاريخ بأنه ولد في حي السيدة. وتوفي والده بعد شهورٍ قليلة من ميلاده. فنشأ في كنف عمه إسماعيل الذي قام بتربيته مثل أولاده لدرجة أنه كان يعتقد أن اسم عائلته "جابر" يُنسَب لعمه وليس والده، حتى اكتشف الأمر في المرحلة الأبتدائية عندما وجد أن الإسم التاني لزملائه هو اسم آبائهم، ووجد أن "اسماعيل" ليس&هو الإسم الذي يُفترض أن يقوم بكتابته أويناديه الاستاذة&به.

لقد ساعدت البيئة التي نشأ فيها نور الشريف في تكوين خلفية سينمائية واجتماعية كبيرة، ليس فقط لاحتكاكه المتكرر بالشارع من خلال التواجد فيه ولكن أيضا من خلال موقع منزل عائلته الذي عاش فيه حيث كان يرى&إحدى دور العرض السينمائية الصغيرة التي كانت منتشرة في مصر خلال تلك الفترة، فكان يشاهد من شرفة المنزل أحدث إنتاجات السينما المصرية والعالمية وهو ما لعب دوراً كبيراً في تكوين شخصيته.

ولم يكن يقتصر تميّزه الفني&في طفولته على الاهتمام بالسينما لكنه كان يهتم أيضا بصناعة العرائس والرسم، بالإضافة إلى اهتمامه بكرة القدم التي أهلته آنذاك ليلعب في نادي الزمالك حيث نجح في اختبارات النادي لينضم إلى فريق الناشئين قبل أن يقرر التركيز في التمثيل بعد الإلتحاق بمعهد التمثيل حيث كان يطمح في التعيين بالمعهد كمعيد لكن حياته تغيرت بعد قراره الابتعاد عن نمطية الحياة والتركيز في التمثيل. فغرامه بالفن دفعه للإستمرار&بالعطاء حتى بعد علمه بإصابته بالمرض الخبيث قبل 7 سنوات تقريباً خلال رحلة علاج مع ابنته سارة في لندن وبدايته لرحلة علاج طويلة بين القاهرة والولايات المتحدة ولندن، إلا أنه ظل متواجداً بأفلام وظهور شبه سنوي بالدراما التليفزيونية فكانت، عبارته الشهيرة بأنه لا يخشى الموت ولكن يخشى المرض الذي يعطله عن العمل والإبداع لأنه كان يملك طاقةً كبيرة حتى آخر أيام حياته التي كان يحضر فيها لمشاريع جديدة&من المؤسف أنها لن&ترى النور بعد رحيله.

والجدير بالذكر هو أن&"الشريف" لم يهتم&يوماً ولم يسأل عن طريقة ومكان وضع اسمه على الأفلام والأعمال التي شارك بها لإدراكه أن هذه الأمور لا تبقى طويلاً&ولا تستحق الإهتمام، بل أن من أهم ما تميّزه به في مسيرته الفنية هو القدرة على التنوع في اختيارات&الأدوار بالإضافة إلى حرصه على تجاوز العقبات التي واجهته&في حياته، فما كان يسمح بعرض عمل غير موفق إلا ويتبعه بعملٍ آخر مميز، بل أن هناك بعض الأعمال السينمائية التي أنتجها وهو يعلم أنها لن تحقق إيرادات ومع ذلك تمسك بها.

والمزيد عن نور الشريف يتبع في&الأجزاء اللاحقة.