إيلاف من سيدني: يمثل المغنّي والموسيقي عمر مختار (أومارا مكتار بومبينو)، القادم من الصحراء، صوت الشعب التارقي المتمرّد على الإستبداد والظلم، وهو يقدّم بألبومه الجديد التواصل مع موسيقى الريغي وكبار المغنين الذين أحب موسيقاهم وتأثر بهم، مثل تايكن جاه فوكولي، وألفا بلوندي، وبوب مارلي، علماً أن الألبوم يحمل تسمية (أزيل) بلغة التماشق التارقية ولها عدة معانٍ. 

وقعت عينه لأوّل مرة على آلة الغيتار عندما كان في ولاية تمنراست، جنوب الجزائر، في المنطقة الجبلية المعروفة باسم الهقار أو الأهقار، التي فرّ إليها عمر مختار (أومارا مكتار بومبينو) برفقة جدته أثناء تمرّد التوارق في النيجر ومالي. وأوّل غيتار حصل عليه كان من نوع (الأكوستيك)، هدية من عمّ له يعمل رساماً، حيث كان في كل مرة يعود من سفرته من أوروبا يجلب معه آلة موسيقية معينة. وتعلّم بومبينو العزف على الغيتار من خلال أشرطة الفيديو والإستماع إلى أشرطة كاسيت كبار العازفين على آلة الغيتار، أمثال جيمي هندريكس، وكون لي هوكر، وجيمي بيج، وغيرهم.

وكان دان أورباج (The Black kiss) قد إتّخذ على عاتقه إنتاج العمل الغنائي السابق لـ"بومبينو" في ناشفيل، والذي حمل عنوان (Nomad)، وألبومه الأخير"ازيل" الذي أنتجه ديفيد لونسغتريث (Dirty projectors)، وقد تمّ تسجيله في وودستوك، في نيويورك. وأزيل هو اسم القبيلة التي تنتمي إليها زوجته، حيث كان بومبينو يسير مع صديقه في شوارعها منذ أواخر التسعينات. وأثناء حركة تمرد التوارق في 2007، إضطر للبحث عن طريقٍ يقوده إلى المنفى، وهذه المرة كان قد توجّه إلى بوركينا فاسو.

وأما رجال العسكر النيجيريون من أنصار الخط المتشدد فقد كانوا يطاردون الموسيقيين ويصطادونهم واحداً تلو آخر، إذ قاموا بقتل إثنين من عازفي الغيتار من أصدقاء بومبينو. علماً أنه عندما وصل إلى عاصمة بوركينا فاسو، وأغادوغو، لم يكن يحمل قرشاً واحداً، وكان رأسماله الذي يحمله فقط "آلة الغيتار". وهناك إلتقى المنتج رون وايمان، صاحب الفيلم الوثائقي (أغاديز، الموسيقى والتمرد) 2010، الذي قرر إنتاج ألبومه "أغاديز".

انطلاقته
بدأ رحلته الفنية فعلياً مع فرقة "تيناريوين"، التي تُعتبر من أوائل الفرق الموسيقية التي طوّرت "البلوز الأفريقي" مستعملة آلاتٍ عصرية. إذ إنه مع بداية الثمانينات قامت هذه الفرقة، ومن خلال الغيتار الكهربائي، بمزج الموسيقى الخاصة بالمنطقة التي ينتمون إليها مع موسيقى البلوز. حيث كان ألبوم الفرقة "تاسيلي" قد فاز بجائزة "غرامي" في العام 2011، كأفضل ألبوم في العالم. 

مقاومة الشعب التارقي
ومع الصور التي كان بعض الموسيقيين يلتقطونها، وهم يحملون على كتفهم الستراتوكاستر (ماركة مشهورة لنوع من الغيتارات)، والكلاشنكوف، أصبحت فرقة "تيناريوين" رمزاً لمقاومة الشعب التارقي. وانتشرت موسيقى الفرقة المفعمة بروح الثورة وتقرير المصير، من خلال أشرطة الكاسيت، لتنتقل من مخيمات اللاجئين في الجزائر إلى مالي والنيجر. 

واليوم، إلى جانب بومبينو، وكلمات أغانيه التي تنادي بالسلام والتسامح، والتي تقف بوجه المتشددين وقمع بعض الحكومات لشعب التوارق، هناك فرقٍ غنائية وموسيقية مثل (تاميكرست)، و(إيتران فيناتاوا)، و(تيراكافت)، و(إيمارهان)، والتي هي الأخرى تعمل من أجل التعبير عن صوت الشعب التارقي الذي ينادي بالسلام، عبر موسيقاها القادمة من قلب الصحراء.

نبذة
ولد عمر مختار، واسمه باللغة التارقية (أومارا مكتار بومبينو) في 1 يناير في 1980، في تادين في النيجر. وتعتبر موسيقاه مزيجاً من الروك والبلوز والموسيقى العالمية. وهو مغنٍ وعازف على آلة الغيتار، وكاتب أغانٍ ومؤلف موسيقي. ولقد ظهر بالفيلم الوثائقي "أغاديز"(الموسيقى والتمرد) الذي كان من إنتاج روي وايمان.

تعلّم بومبينو العزف على آلة الغيتار بمفرده، ومن ثم تحت إشراف عازف الغيتار التارقي هاجا بيب، حيث دعاه الأخير للإنضمام إلى فرقته، وأطلق عليه لقب "بومبينو"، المشتق من كلمة "بامبينو" الإيطالية، لصغر سنه آنذاك. وبعد أن أمضى مرحلة المراهقة من عمره ما بين الجزائر وليبيا، وعمل في طرابلس، عاد في 1997 إلى أغاديز ليبدأ، من هناك العمل بحقل الموسيقى بصفة فنان محترف.

عاد نجماً
يُذكر أن "بومبينو" قال في إحدى المقابلات التي أجريت معه "أنا لا أرى في الغيتار الذي أحمله سلاحاً، بل مطرقة أبني بواسطتها بيت الشعب التارقي" علماً أنه تمّ قتل زملاء له في الفرقة، بينما إضطر هو للبحث عن منفى!

وفي العام 2010، تمكن بومبينو من العودة إلى أغاديز، وأحيا فيها حفلاً ضخماً بمناسبة توقف النزاعات، حضره عدد كبير من الجمهور، وقدم خلال هذا الحفل مجموعةً من أشهر أغانيه.

أعماله
أصدر مجموعةً من الألبومات الغنائية، أبرزها:
- فرقة بومبينو، غيتارز فروم أغاديز، الجزء الثاني، 2009
- أغامغام 2004، 2010
- أغاديز، 2011
- نوماد، 2013
- أزيل، 2016

يمكنكم مشاهدة إحدى أغنياته الشهيرة على الرابط أدناه: