"إيلاف" من سيدني: وقفت الممثلة البريطانية الشهيرة فانيسا ريدغريف من مواليد غرينتش، 1937، لأول مرة خلف عدسات الكاميرا كمخرجة فيلم وثائقي مؤثر يروي مأساة اللاجئين بعنوان "أسى البحر".
وهي ترى أن شريطها الفيلمي الجديد يدور حول حدثٍ إخباري في بالغ الأهمية، وقع في العالم خلال السنوات الأخيرة، وتؤكد "لهذا السبب أنجزت هذا الفيلم". ولقد تمّ عرض هذا الشريط الوثائقي في مهرجان "كان" الأخير، في مايو الماضي. كما شارك بفعاليات الدورة السابعة لمهرجان "أتلانتيدا فيلم فيستيبال" الذي أقيم الأسبوع الماضي في "بالما دي مايوركا" في إسبانيا. وبعد العرض، تحدثت كل من ريدغريف والسينمائية إيزابيل كويكست عن الفيلم بصورة موجزة. 
ولقد أنتجت "ريدغريف" سابقاً العديد من الأفلام الوثائقية، من إخراج ولدها كارلو نيرو، غير أنها في هذه المرة أرادت أن تخطو خطوة ًجديدة. وخلال مؤتمر صحفي حضره كارلو، قالت الممثلة والناشطة المعروفة لوسائل الإعلام "أنا شديدة الإهتمام بكل ما يتعلق بالإنسان". وأكدت أيضاً على دور السينما والصحافة في كشف الظلم. وأضافت: "بالنسبة للممثلة "أن الحق في حرية التعبير وأخلاقيات مهنة الصحافة" ضرورية جداً لمعرفة ما يجري حولنا في الوقت الراهن. مشيرة إلى أن "مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الصحفيين لنقل ما يحدث في العالم".

وفي السياق ذاته، ذكرت الموقف الإيجابي الذي لعبته الصحافة والتلفزيون في الولايات المتحدة قبل عقود، من أجل الحريات. وفيما يتعلق بهذا الجانب، رددت كلماتٍ خاصة في مديح شبكة "سي بي إس"، والصحفيين التقدميين الذين يعملون فيها.
وتعود ريدغريف لتسلّط المزيد من الضوء على فيلمها الوثائقي الأخير "أسى البحر"، مشيرةً إلى أن الفيلم يتناول كيفية "بحث الناس عن مكانٍ آمن في أوروبا، بسبب تعرضهم للإضطهاد بنتيجة الحرب. لأن أزمة اليوم هي الحرب". 
وفي رأيها، ليس هناك اليوم من يقف إلى جانب اللاجئين، كما حدث في مراتٍ سابقة. وعلى سبيل المثال قبل بدء الحرب العالمية الثانية، مصرّة على "أن هدف الفيلم هو إعانة اللاجئين".

تحية لـ"ميركل"
ووجهت الممثلة، الفائزة بجائزة أوسكار عن دورها في فيلم "جوليا"، نقداً لحكومات اليوم التي "لا تحكمها القوانين" أو لا تعير أهمية للمشاكل الراهنة قائلة: "سنشهد مرحلة يقول الناس فيها كفى". يُذكر أن "ريدغريف" المعروفة بإنتمائها لحزب العمل على مدى عقود، لم تتردد في التأكيد خلال مؤتمرها الصحفي الأخير، على أنها تكن إعجاباً خاصاً للسياسية من الحزب الديمقراطي المسيحي أنجيلا ميركل. حيث قالت عنها "سياسية صادقة جداً. أرفع قبعتي إحتراماً لها ولسياستها في دعم اللاجئين".

وإلى جانب عملها كممثلة، تُعتبر ريدغريف أنها "إنسانة" و"مواطنة في هذا العالم". وتدعو إلى تطبيق حقوق الإنسان عندما تُنتهَك. وتشير إلى "أن واجبي كمواطنة مدنية العمل من أجل ذلك". ورداً على سؤال حول كيفية تأثير محاولات التحريفات التأريخية على الأجيال القادمة، على سبيل المثال الذي ينفي المحرقة، أعربت ريدغريف عن قلقها البالغ إزاء هذه الحقيقة، قائلة "هذا ما يحدث الآن". 
وعلى الرغم من دفاعها عن أهمية الأفلام الوثائقية كأدوات لتفسير الماضي والحاضر، تولي "ريدغريف" أهمية بالغة لبعض الأفلام الخيالية، مثل "قائمة شندلر" من بطولة صهرها ليام نيسون، وإخراج ستيفن سبيلبرغ.

الجدير ذكره هو أن فانيسا ريدغريف عملت مع أفضل المخرجين على مدى السنوات الخمسين الماضية، مثل فريد زينمان، ومايكل أنجلو أنطونيوني، وسيدني لوميت، وجيمس إيفوري، وبرايان دي بالما. وفي هذا الخصوص، تقدّر كثيراً الأفلام الكبيرة التي إشتركت فيها، ولا تنكر الإنتاجات الضخمة التي شاركت فيها أيضاً. ورغم إقرارها بوجود كبار المخرجين اليوم، إلاّ أنها تعتقد أن الأفلام الوثائقية هي السائدة في الوقت حالياً ولها حضورها القوي.