"إيلاف" من سيدني: منذ أن تبوأت أغنية "ماكارينا" للثنائي الإسباني "لوس ديل ريّو" المركز الأول ضمن قائمة "بيلبورد" الموسيقية في عام 1996، لم تبلغ أغنية إسبانية الشهرة في الولايات المتحدة مثل الأغنية التي انتشرت مؤخراً بعنوان" ديسباسيتو"(Despacito). 
فقد أدخلت "ديسباسيتو" للمغني البورتوريكي لويس فونسي (سان خوان، بويرتوريكو، 1978) الدهشة إلى قلوب الملايين من الناس في جميع أرجاء العالم. واليوم، تعدّ هذه الأغنية الإسبانية الأشهر بعد (ماكارينا)، وإليكم الأسباب:
"باسيتو آ باسيتو، سوابة سوابيسيتو"، هل تبدو هذه الكلمات مألوفة لديك، عزيزي القارئ؟! من دون شك، قد تكون إستمعت إليها، أو حاولت أن تدندنها، أو أن ترقص على إيقاعها، لأنها من ضمن كلمات الأغنية التي صدحت في كل مكان منذ 12 يناير من العام الحالي، ولم تزل!

فونسي
يقول فونسي أن "ديسباسيتو" حلّقت عالياً بشكلٍ غير متوقع. وأنه يكن يتصور يوماً أنها ستنال هذه الشهرة الواسعة النطاق".
أطلق هذه الأغنية التي كتبت كلماتها البنمية إريكا إيندر، المطرب البورتوريكي لويس فونسي بالتعاون مع مغني الراب المعروف، البورتوريكي هو الآخر، دادي يانكي، وإستطاعت هذه الأغنية أن تجعل العالم بأسره يرقص على أنغامها، ويدندن كلماتها رغم جهله باللغة الإسبانية.
ومع إشتراك المغنّي الشهير جاستن بيبر في أدائها بنسخة معدلة (ريمكس)، تمكنت هذه الأغنية الناطقة بالإسبانية بأن تتبوأ المركز الأول ضمن قائمة (بيلبورد هوت 100) في الولايات المتحدة الأميركية، وهو مركز لم تصل إليه سابقاً سوى أغنية الثنائي "لويس ديل ريّو" بأغنية "ماكارينا"، حيث مكثت في المركز الأول لمدة 14 إسبوعاً، وذلك قبل 21 عاماً.
الجدير ذكره أن الأغنية لم تتسلق اللمركز الأول ببطء، بل إنتشرت كالنار بالهشيم حتى بلغ عدد مشاهداتها على موقع الفيديوهات (YouTube) أكثر من ملياري مشاهدة، بينما بلغ عدد المشاهدات على ذات مواقع التواصل الإجتماعي بالنسخة الخاصة بالمغنّي الكندي جاستن بيبر، أكثر من ثلاثمائة مليون مشاهدة. ولا يزال الحبل على الجرّار!

سرّ نجاح الأغنية
ويمكن اعتبار هذه الأغنية بمثابة المزيج لعدة إيقاعاتٍ لاتينية راقصة، من بينها (كومبيا، بوب لاتيني، ريغيتون). وتتميّز كلماتها بأنها مثيرة، لكن دون ابتذال. وهي أيضاً مكررة ويسهل حفظها. ولقد ساهم بصنعها مغني ريغيتون الشهير "دادي يانكي". بالإضافة إلى النجم الأنغلوسكسوني "جاستن بيبر"، الذي رفعها بدوره إلى مستوىً عالٍ جداً. 
ورغم أن الجميع يعمل من أجل أن نحب هذه الأغنية، يبقى هناك ثلاثة أسباب تجعل منها حاضرة ولا تغيب عن بالنا. فوفقاً لدراسةٍ أجراها قسم علم النفس في جامعة "ويسترن واشنطن" في الولايات المتحدة، هناك ثلاثة عناصر تساهم في إطلاق شهرة أغنية ما.
أولاً أن ينطق المغني الكلمات مقطعاً بعد آخر (ديس- با- سي- تو). ثانياً أن تتضمن الكلمات مزيجٍاً من الأصوات الناعمة والحادة، وأيضاً السريعة والبطيئة. وثالثاً هو صوت المغني الحاد الذي يبعث الطاقة في ثناياها.
ويقول لويس فونسي أن رغبته كانت في "خلق أغنية مفعمة بالفرح والحيوية والإثارة، بحيث عندما يستمع الناس إليها، لا يكون لديهم خياراً آخر غير الرقص والغناء".
وقد إستطاع المغني البورتوريكي أن يحقق ذلك من خلال (ديسباسيتو)، التي كانت قد إحتفظت لخمسة أسابيع بالمركز الأول ضمن قائمة (بيلبورد)، وإستمرت تحتفظ بذات المركز لمدة 10 أسابيع أخرى، لتزيح أغنية (ماكارينا) التي كانت إحتلت المركز المذكور منذ عام 1996، كأفضل أغنية إسبانية مسموعة في السوق الأنغلوسكسوني.
لكن، هل بمقدور (ديسباسيتو) أن تنافس أغنية (لوس ديل الريّو) التي إستمرت تصدح في كل مكان لمدة 21 عاماً؟!

مواقع التواصل الإجتماعي
يكتب منتج إذاعي على حسابه في إحدى شبكات التواصل الإجتماعي أن هذه الأغنية تم إنتاجها بشكلٍ جيد لتناسب جميع الأذواق "لكن لاتطرح أي شيء جديد مقارنة بالشهرة التي نالتها". ووفقأً لما كتبه، أنها موجودة هناك، حيث شاركت المواقع الإجتماعية في نسخها بأعداد لا نهاية لها، الأمر الذي ساهم أيضاً في إنتشارها.
وتشير إذاعية من (راديو ديزني)، إلى أن الشبكات الإجتماعية تلعب دوراً كبيراً في إطلاق شهرة أغنية ما، لأنها تساعد على وصولها إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور.

إصدارات مختلفة
منذ أن ظهرت (ديسباسيتو)، للمطرب لويس فونسي، تم إصدار وطرح الأغنية بلغاتٍ مختلفة من قبل مشاهير وهواة. حيث يمكنك الإستماع إلى الأغنية التي تمّ عزفها على آلة الماريمبا والكمان والبيانو والفرقة الموسيقية العسكرية والفلوت والناي، وآلاتٍ أخرى. وأدى جاستن بيبر هذه الأغنية أيضاً في نسخة معدلة (ريمكس).
وكذلك هناك نُسخٍ ساخرة للأغنية كالتي قام بأدائها ثلاثة إيطاليين، نشروا في "YouTube" أكثر من فيديو يعربون من خلالهم إستيائهم من الأغنية. ولقد نالوا شهرة واسعة بسببها.

ولادة الأغنية
قبل نحو عام واحد إلتقى كل من دادي يانكي ولويس فونسي ومؤلفة الأغاني إيريكا إندير في صالة بمكان إقامة فونسي. وبرفقة آلة غيتار فقط، ورغبة جامحة، وطاقة غير محدودة، تمكن الثلاثي البورتوريكي من وضع مزيجٍ من موسيقى البوب وإيقاعات الموسيقى الحضرية (أوربان)، وكلمات سلسة تتخطى حواجز اللغة وتدعو للرقص كل من يستمع إليها.
وفي غضون أيامٍ قليلة من إطلاقها في يناير الماضي، تصدّرت الأغنية قائمة أكثر الأغاني شعبية على موقع "I-Tunes" في 16 بلداً، وإحتل الفيديو كليب الخاص بها المركز رقم 1 ضمن القائمة العامة للموقع المذكور، متجاوزاً بذلك فيديوهات أشهر المغنين، أمثال برونو مارس وآريانا غراندي وكيث أوربن. واليوم بلغ عدد مشاهدات فيديو الأغنية على موقع YouTube أكثر من ملياري مشاهدة.

شهرة غير متوقعة
يؤكد لويس فونسي أن تعاون دادي يانكي كان حاسماً في إنطلاق شهرة أغنيته كالصاروخ "الأغنية كانت بحاجة إلى إطلالة نجمٍ غنائي، وحيوية، وخيال، وكلمات دادي يانكي، أحد أبرز رموز الأغنية الحضرية (أوربان) في أيامنا هذه". ويضيف فونسي "كنا نعرف أننا بحاجة إلى هذا المزيج من الموسيقى اللاتينية والبوب، وكان أن خطر ببالي الإتصال به، لأنه صديق قديم لي وقد عملنا سوية في السابق. إستمع دادي يانكي إلى الأغنية، وقرر أن ينضم إلينا، وعندما وضع لمساته السحرية عليها تحولت إلى شيءٍ آخر. أنني ممتن جداً من ثقته بي".
لكن ما لم يكن يتوقعه لويس فونسي أن تنتشر الأغنية بهذه السرعة الفائقة، ومن ثمّ تتبوأ المراكز الأولى في قوائم أفضل الأغنيات في شتى أنحاء العالم، وأن تكون كلماتها على كل لسان، وليرقص على إيقاعها الصغير والكبير.

(ريمكس) مثير للجدل
حتى الآن كل شيء كان يسير على ما يرام. حسناً، متى بدأت الأمور تأخذ مساراً آخر؟!
مما لا شك فيه أن ظهور المغني الكندي جاستن بيبر في نسخة جديدة (ريمكس) من الأغنية كان الشرارة الأولى التي أوقدت نار الخلاف بين "بيبر" وأصحاب الأغنية الأصليين. ورغم أن مشاركة النجم الكندي في (ريمكس) الأغنية قد عجّل من إنتشارها، إلاّ أن ما أقدم عليه بعد ذلك أثار غضب لويس فونسي الذي إستغرب من ما كتبه جاستن بيبر على حسابه في الموقع الإجتماعي (تويتر) قائلاٍ "(ديسباسيتو) رقم واحد في جميع أنحاء العالم، شكراً"، من دون أن يشير في رسالته، لا من قريب ولا من بعيد، إلى المغني الأصلي لويس فونسي، الذي لم ينتظر كثيراً، هو الآخر، لإعادة الكرة إلى مرمى المغني الكندي. وكان أن إستعان البورتوريكي بحسابه على (الإنستغرام) لينشر صورة تظهر إستمرار الأغنية في إعتلاء المركز الأول ضمن قائمة (البيلبورد) كأفضل أغنية. 
ويبدو في الصورة تعاون جاستن بيبر في الأغنية التي تصدرت القائمة، وهي ذات الصورة التي نشرها بيبر على حسابه في (تويتر)، لكن لويس فونسي لم يرغب في أن يشير إليه في الإعلان، لذلك إكتفى بذكر إسم رفيقه دادي يانكي، الذي يرتبط بعلاقة متينة به، ويود أن يتقاسم الشهرة التي حققتها (ديسباسيتو) معه. ووفقاً لما قاله لويس فونسي لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية أن المغني الكندي، وعقب إختتام حفلٍ غنائي في كولومبيا، كان قد خرج لقضاء سهرة في أحد النوادي الليلية، وإستمع إلى الأغنية لأول مرة. 
وإستنادا إلى كلام البورتوريكي، أن المغني الكندي اندهش من رد فعل الجمهور، ومن حينها بدأت محاولاته للمشاركة في (ريمكس) جديد للأغنية، والذي رأى النور في نهاية المطاف.

فيديو كليب الأغنية 
إضطلع بمهمة إخراج فيديو كليب الأغنية كارلوس بيريز، الحاصل على جائزة (المخرج المبدع) التي تقوم بمنحها مؤسسة (إيلاستك بيبل) في ميامي. وتمت عملية تصويره في شهر ديسمبر من العام الماضي، في أماكن مختلفة من بويرتوريكو، بمشاركة المغني دادي يانكي، والممثلة وملكة جمال الكون لعام 2006 زليخة ريفيرا. 
وقد تمّ نشر الأغنية على YouTube في 12 يناير 2017، وبلغ عدد مشاهدات الفيديو في أبريل الماضي أكثر من مليار مشاهدة، في مدة قصيرة جداً لم تتجاوز الأربعة أشهر، مقارنة بفيديوهات لاتينية سابقة.
*لمشاهدة فيديو كليب الأصلي للأغنية بمشاركة لويس فونسي ودادي يانكي:

*لمشاهدة (ريمكس) الأغنية للمغني الكندي جاستن بيبر، إنقر على الرابط أدناه: