إيلاف من جدة: يمثل سرطان البروستاتا ثامن أخطر الأورام السرطانية المسببة للوفاة في السعودية. تشير إحصاءات غير دقيقة إلى ظهور 500 إلى 800 حالة جديدة سنويًا، معظمها في مراحل متقدمة وغير قابلة للشفاء.

وسرطان البروستاتا هو الورم الأكثر شيوعًا عند الرجال الذين تجاوزوا 50 عامًا في الولايات المتحدة وأوروبا والبلاد الاسكندينافية، وأكثر الأورام المسببة للوفاة بعد أورام الرئة والقولون في الولايات المتحدة، يصيب واحدًا من كل 5 رجال، وتصل نسبة الوفيات بسببه إلى 3 في المئة. يصيب هذا السرطان نحو 30 في المئة من الرجال من دون أي أعراض سريرية بعد تجاوزهم 50 عامًا، كما أظهرته عدة اختبارات تشريحية على رجال توفوا بسبب أمراض لا علاقة لها بهذا الورم، وتصل نسبة تشخيصه إلى نحو 80 في المئة بعد 85 عامًا.

المرتبة السادسة

في السعودية، احتل سرطان البروستاتا مراتب متقدمة، بحسب ما أوضحه رئيس مركز الأميرة نورة للأورام في الحرس الوطني الدكتور أحمد الشهري، قائلًا: "بحسب السجل السعودي الوطني للأورام لعام 2010، وصل عدد الحالات التي سجلت في ذلك العام إلى&280 حالة. ويمثل هذا العدد&6 في المئة من إجمالي السرطانات المسجلة في الذكور لذلك العام. واحتل سرطان البروستاتا المرتبة السادسة من حيث عدد الحالات المسجلة في الذكور لذلك العام".

أضاف: "ذكرت دراسة إحصائية وصفية معتمدة على تقارير السجل الوطني للأورام (للأعوام 2001-2008) نُشرت في عام 2014، أشارت إلى أن عدد حالات سرطان البروستاتا المسجلة في خلال تلك السنوات الثماني وصل&1740 حالة. ولوحظت زيادة مضطردة في أعداد الحالات المسجلة في كل عام عن الذي قبله".

وبين أن المنطقة الشرقية أعلى مناطق المملكة تسجيلًا للحالات، ثم الرياض فمكة المكرمة، بحسب ما جاء في الإحصائية.

مرض صامت&

أهم مشكلات هذا الورم أنه صامت لا يكتشفه المريض إلا في حالات متأخرة. قال الشهري لـ"إيلاف": "في الحقيقة، إلى وقت قريب (قبل بضع سنوات)، كان يُوصى بعمل اختبار الدم PSA سنويًا للرجال الذين تجاوزوا الخمسين، لكن سحب معظم المنظمات الصحية المسؤولة عن علاج سرطانات البروستاتا هذه التوصية أخيرًا، نظرًا إلى قلة الفائدة المرجوة من إجراء هذا التحليل. حاليًا، يعتمد التشخيص بشكل كبير على العلامات والأعراض السريرية مثل احتباس البول، وصعوبة وألم في التبول، ووجود دم مع البول، وقصور في وظائف الكلى، واكتشاف تورم في البروستاتا بالفحص السريري أو بالتصوير الشعاعي لمنطقة الحوض لأغراض أخرى لا علاقة لها بالبروستاتا".

من جهته، أوضح الدكتور هشام شمس ماهر، المدير الطبي لمختبرات البرج الطبية في الرياض لـ"إيلاف"، أن 30 في المئة من المرضى لا يشكون أعراضًا وعلامات، ولا يكتشف المرض عندهم إلا في حالات متأخرة، يكون الورم فيها قد ازداد أو انتقل إلى أعضاء أخرى في الجسم، وهناك مرضى آخرون تظهر عندهم أعراض وعلامات مثل وجود دم في البول أو في المني، والحاجة إلى التبول وخصوصًا في أثناء الليل، والألم في أثناء التبول، والألم مستمر في أسفل الظهر وأعلى الفخذين، وهذه علامات ربما تختلط وتتشابه مع أعراض التهابات البروستاتا المزمنة أو تضخم البروستاتا الحميد".

خلل جيني&

ما زالت أسباب الإصابة بسرطان البروستاتا مجهولة، وأكد الشهري أن الاتفاق في جميع أنواع السرطانات عمومًا على أن منشأها ناتج من خلل جيني في الحمض النووي الذي ينذر بنشوء خلية سرطانية تتكاثر وتكون الورم السرطاني، فينتشر بعد ذلك. قال: "هناك عوامل خطورة معلومة مثل التقدم في السن، ووجود تاريخ أسري للإصابة بسرطان البروستاتا، إضافة إلى عوامل خطورة محتملة قيد الدراسة مثل الطعام الغني باللحوم الحمراء والدهون الحيوانية، والذي يفتقر إلى الفاكهة والخضروات".

لا استراتيجيا واضحة للوقاية من سرطان البروستاتا، بحسب الشهري، إلا أن بعض العوامل ربما تساعد في الوقاية من المرض، منها الاهتمام بنوع الغذاء بتقليل استهلاك اللحوم الحمراء والدهون الحيوانية، والتقليل من استهلاك مشتقات الحليب، والإكثار من تناول الخضار والفاكهة. المحافظة على الوزن الطبيعي وتجنب السمنة، وممارسة الرياضة معظم أيام الأسبوع.

مراحل علاجية&

لأن الأورام التي تصيب البروستاتا صامتة ولا تنذر بالمرض، خصوصًا في مراحله المبكرة جدًا، ثمة مراحل متقدمة موضعيًا حين يحصل تضخم كبير للبروستاتا فتحدث الأعراض (صعوبات التبول، واحتباس البول، سلس في البول، وقصور في وظائف الكلى). أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة انتشار السرطان في الأماكن البعيدة كالعظام أو الكبد، لذا يؤكد ماهر ضرورة الفحوصات الدورية للرجال ممن هم في سن الخمسين.

قال: "يوجد برنامج سنوي متعارف عليه عالميًا للفحص المنتظم عند الرجال للكشف المبكر عن سرطان البروستاتا. يتمثل في الفحص الشرجي المنتظم لكل رجل تعدى الخمسين. وعلى الرغم من بساطة هذا الفحص الذي لا يحتاج إلا الى دقائق، فإننا نجد الكثير من كبار السن لا يلتزمون إجراءه".

تعتمد نسب الشفاء، بحسب ما أوضح الشهري، على المرحلة التي يتم اكتشاف المرض فيها. قال: "تصل نسبة الشفاء في&السنوات الخمس&الأولى من التشخيص إلى 100 في المئة في المراحل المبكرة، و30 في المئة‏ في المرحلة الرابعة. وتتراوح طرائق العلاج من المراقبة وعدم التدخل العلاجي في المراحل المبكرة جدًا، إلى استخدام العلاج الإشعاعي، والتدخل الجراحي، والعلاج الهرموني فرادى أو مجتمعة في المراحل المتقدمة موضعيًا. أما في المرحلة الرابعة فيتم استخدام العلاج الهرموني أو الكيماوي أو البيولوجي، أو أدوية تعزيز العظام إذا انتشر الورم في العظام".

تكلفة عالية

يختم الشهري حديثه إلى "إيلاف" قائلًا: "للأسف لا توجد أرقام دقيقة بالمملكة حول تكلفة علاج سرطان البروستاتا، وإن كانت تكلفة علاج السرطانات عمومًا مكلفة للغاية. لكن بحسب التقارير الواردة من الولايات المتحدة، بلغ عدد الحالات التي تم تسجيلها في العام&2014 نحو&233 ألف حالة، بتكلفة علاج إجمالية بلغت&13 مليار دولار (متوسط التكلفة للمريض الواحد&55800 دولار، أي ما يعادل&210 آلاف ريال سعودي)".​