أدانت قمة مسيحية ـ إسلامية استغلال الدين والمصطلحات الدينية لتبرير الأعمال الظالمة باسم الدين وإضفاء الشرعية عليها. وحملت القمة التي عقدت في روما من 2 ـ 4 كانون الأول (ديسمبر) عنوان "المسيحيون والمسلمون: مؤمنون يعيشون في المجتمع".


نصر المجالي: سادت القمة وهي الثالثة من نوعها روح المحبة والأخوة والرغبة الصادقة في العمل من اجل رفع مستوى الإنسجام والتفاهم في المجتمعات الانسانية بين اتباع الديانات.

ومن المتوقع ان تعقد القمة المقبلة في طهران علما بأن القمتين السابقتين عقدتا في كل من واشنطن وبيروت.

وعقدت القمة بدعوة من المجلس البابوي للحوار بين الأديان وتحت رعايته عقدت في الفترة، بحضور الأمير الحسن بن طلال رئيس مجلس امناء المعهد الملكي للدراسات الدينية ورئيس مؤسسة البحوث والحوار بين الديانات والثقافات، والكاردينال جان لوي توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان، وآية الله سيد مصطفى داماد، مدير الدراسات الإسلامية في أكاديمية العلوم الإيرانية، والمطران جون برايسون تشين، المطران الثامن الأنجليكاني في واشنطن، الذين ترأسوا الوفود المشاركة، والتي ضمت خبراء ورجال الدين وأكاديميين مختصين في موضوع الحوار بين اتباع الأديان والمذاهب.

كلمة الحسن بن طلال

وفي كلمة في افتتاح المؤتمر، أكد الأمير الحسن بن طلال على أهمية الحوار بين أتباع الديانات وضرورة احترام التنوع والتعددية وتعزيز ما هو مشترك وتقبل الآخر واحترام الاختلاف بغية الوصول إلى قواسم مشتركة تعظم الجوامع وتحترم الفوارق.

وقال الأمير الهاشمي وهو عم الملك عبدالله الثاني: "كمؤمنين في المجتمع، يمكننا كما ويجب علينا، أن نتواصل مع مجتمعاتنا في تشجيع الحوار فيما بيننا ومع الآخر، ونحتفي بثراء التنوع ومنافع التبادل الثقافي والديني، وأن نعيد تأسيس فضاءاتنا المقدسة ليس كأماكن للانقسام والاختلاف بل كأماكن للتفاهم والتفاعل البناء".

وشدّد الحسن بن طلال على أن هذا اللقاء وبما تضمنه من توافق وروح من الإنسجام حول القضايا التي طرحت يمثل التعددية والأخوة بين أفراد المجتمع الإنساني الواحد و"أشعر بأنه يجب علينا أن نؤكد البعد الأخلاقي" ونطالب بأن تكون العوامل الإنسانية في مقدمة كل الاعتبارات الأخرى.

واستطرد يقول: الأمل كبير في أن نتمكن من تطوير منظومة أمل تشمل المهمشين والمنبوذين عبر العمل المشترك المنسق ، وأننا نناشد الهيئات العليا في المجموعة الدولية أن تعيد تأسيس النظام الإنساني الدولي الذي اقترحته الأردن وتبنته الجمعية العمومية في 1981. حيث إن هذا النظام يساعد في النظرالى الهموم الإنسانية ووضعها في صميم السياسات الوطنية والعالمية. وان يتوسع نطاق القانون الإنساني الدولي بحيث يشمل "قانون السلام" المتعلق بالرفاه الإنساني.

كما أعرب الأمير عن أمله بقادة العالم أن يطوروا ويعززوا آليات ترتكز إلى الإيمان كالزكاة في سبيل إعانة الفقراء حول العالم، بغض النظر عن العرق أو الدين.

وقال إن علينا أن نبين لشبابنا كيف يمكنهم أن يطوروا الإحساس بالرفاه والأخوة من خلال جماعات الإيمان. وخلاف ذلك، فنحن نخاطر بأن يتبنى شبابنا مواقف متطرفة في مسعاهم لإدراك معنى الحياة، والأخوة والانتماء.

أجندة التنمية

وفي إطار تجمع أمم العالم بغية استكمال أجندة التنمية لما بعد عام 2015، دعا الحسن بن طلال قوى الإيمان الضاغطة التي ما زالت قوية على امتداد العالم أن تسعى من أجل ضمان الكرامة البشرية التي هي في مقدمة جميع جهود التنمية.

وختم كلمته بالقول: "يمكننا فقط من خلال عملنا المشترك أن ننجح في إعادة تأكيد كرامتنا الإنسانية المشتركة وبناء نموذج للأمل ذي مصداقية".

وعلى هامش القمة التقى البابا فرانسيس الأول بالمؤتمرين في مقر الفاتيكان في إشارة منه إلى دعمه وتقديره لأهمية هذه القمة، خاصة وأنها تنعقد في طروف استثنائية ارتفع فيها خطاب الكراهية والعنف.

كما ألقى عدد من الأكاديميين ورجال الدين والمفكرين كلمات عززت أهمية الحوار بين أتباع الأديان والمذاهب وأكدت ضرورة اتخاذ خطوات عملية من أجل تهيئة الظروف المناسبة لبناء الثقة والعيش المشترك في المجتمعات.

نداء لمحاربة التطرف

ووقع رؤساء الوفود الأربعة "نداء للعمل" دعوا فيه الى نشرالسلام وإلى محاربة التطرف والتعصب الديني من خلال التعليم والتعاون بين منظمات غير حكومية مسلمة ومسيحية في مناطق الأزمات.

واعلنوا رغبتهم في تطوير تعليم الشباب وتعريفهم بمختلف الاديان والزيارات المشتركة لمناطق النزاعات وانشاء شبكة من التعاون المؤسسي بين منظمات غير حكومية مسلمة ومسيحية.

وخلصت القمة في ختام اعمالها إلى خطة عمل اشتملت على ضرورة مساعدة الشباب وتنمية ثقافة المشاركة والأخلاق الحميدة لديهم وتعزيز التعاون في مجال المساعدة الإنسانية والتنمية من أجل معالجة مشكلات الفقر والمرض وتأمين الاحتياجات الإنسانية وبناء شبكة من التعاون بين مؤسسات العون والتنمية المسيحية والمسلمة.

كما تبنت خطة العمل نداء للسلام في العالم، وبشكل خاص، لسلام عادل وشامل في مدينة القدس والأرض المقدسة كلها، التي تتبنى الديانات الإبراهيمية الثلاث كما تشهد على الوحدة والتنوع وتحمل رسالة الحوار والعيش المشترك والاحترام.

ودعت إلى تسجيل التقدم الذي تم إحرازه في مشاركة المرأة في الحوار بين أتباع الديانات والاعتراف بدورها الأساسي في بناء السلام في المجتمعات وعلى المستويات كافة. كذلك، الاعتراف بأن المرأة أكبر ضحية للعنف والفقر والتمييز والاتجار بالبشر.

ومن الموضوعات التي ناقشتها القمة على مدى يومين التحديات التي نواجهها في التراث الديني وكيفية تعزيز ثقافة قبول الآخر في المجتمعات. كما أكدوا الحاجة إلى العمل معًا من أجل بناء وتعليم ثقافة السلام والانسجام من خلال التعاليم الدينية.