يساهم إقرار صندوق النقد الدولي اعتماد اليوان كعملة احتياط في تشجيع التداول به خارج الصين، ويعزز موقعه ضمن احتياطات المصارف المركزية، إلا أن انطلاقته ستستغرق وقتًا طويلًا، مع انعدام إمكانية تحويله بحرية، وستبقى مرهونة بالإصلاحات المالية المنتظرة من بكين.


بكين: أكد صندوق النقد الدولي في واشنطن الاثنين ضم اليوان الى سلة العملات الرئيسة، التي تحدد الوحدة الحسابية للمؤسسة المالية، معترفًا به كعملة احتياط الى جانب الدولار الاميركي والجنيه الاسترليني والين الياباني واليورو.

بذلك، تكون بكين حققت انتصارًا رمزيًا كبيرًا، لا سيما انها تواصل الجهود لتعزيز مكانة عملتها الوطنية في العالم، لتوازي مستوى قوتها الاقتصادية. الا أن عددًا من الخبراء يستبعدون ان تجني الصين على الفور فوائد قرار صندوق النقد الدولي، ولو انه سيشجّع حتمًا المصارف المركزية الكبرى على تسريع عملية تنويع احتياطاتها من العملات.

وقال الخبير الاستراتيجي لدى مصرف كريدي أغريكول داريوش كوفالسكي إن "المصارف المركزية غير ملزمة باعتماد تشكيلة حقوق السحب الخاصة، غير انها عمليًا تأخذها في الاعتبار. ومن المفترض ان ينطبق الأمر على اليوان"، نظرًا إلى وزن الصين الاقتصادي كثاني قوة في العالم.

ورأى ان "حصة الرنمينبي (اليوان) في احتياطات هذه المصارف قد ترتفع خلال ست سنوات من 1.4% حاليًا الى ما بين 4.7% و10%"، ما يترجم اقبالًا على شراء اليوان قد يصل الى 110 مليارات دولار في السنة. غير ان الخبير الاقتصادي لدى مجموعة ايه ان زد المصرفية ريموند يونغ يحذر بأن هذا التطور "لن يتم بين ليلة وضحاها"، مشيرًا الى ان الامر يتوقف على مستوى ثقة المؤسسات المالية.

قابلية محدودة للتحويل
يقول اندرو كينينغهام من مكتب كابيتال ايكونوميكس إن "المصارف المركزية على غرار سائر الشركات التي تدير اموالًا، تفضل التعاطي بالعملات القابلة للتحويل بشكل تام، والتي لها اسواق صرف واسواق سندات واسعة" يمكن التداول بها بسهولة. هنا تحديدًا تكمن المشكلة. اذ يوضح الخبير ان "جاذبية اليوان كعملة احتياط ستصطدم بانعدام قابليتها للصرف وبمحدودية +السيولة+" فضلًا عن المخاوف الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد الصيني.

ويحتم اندماج عملة في سلة صندوق النقد الدولي عليها ان تكون "مستخدمة بشكل واسع" و"مستخدمة بشكل حر". ولم يطرح الشرط الاول أي مشكلة على صندوق النقد، اذ كان اليوان في ايلول/سبتمبر خامس عملة للمدفوعات الدولية، وسجل 2.45% من التعاملات ولو أن الفرق يبقى شاسعًا مع الدولار الاميركي (43.3%) واليورو (28.6%)، بحسب شركة سويفت المالية.

اما الشرط الثاني، فأثار جدلاً، اذ ان اليوان يفتقد الى حرية التحويل، وتبقى تقلبات سعره محدودة ضمن هامش يتراوح حول سعر محوري يحدد يوميًا. وحرصًا منها على تفادي هروب الرساميل، تواصل بكين فرض قيود شديدة على حركة الاموال خارج البلاد، وفي دليل على تشدد السلطات في هذا الصدد، قامت أخيرًا بتفكيك شبكات متهمة بتحويل مئات مليارات اليوان بصفة غير شرعية الى الخارج.

ويقول اندرو كولكوهون، المحلل في شركة فيتش ريتينغز، إن "ضم (اليوان) الى حقوق السحب الخاصة لم يعوّض عن الاصلاحات الهيكلية العميقة" التي لا بد منها لفتح النظام المالي الصيني. ويشدد على أن "الصين وعدت برفع الرقابة عن الرساميل بحلول 2020، ما يعني اننا ما زلنا بعيدين عن قابلية التحويل الحر" للعملة الصينية.

استمرار سياسة التدخل
ضاعفت الصين اشارات حسن النية، فباشرت تحرير معدلات فائدتها الاساسية، وسمحت للعديد من المصارف المركزية والصناديق السيادية الاجنبية بالوصول الى سوقها الداخلية لصرف العملات.

واعلن البنك المركزي الصيني في اب/اغسطس عن تخفيض بحوالى 5% في سعر العملة الصينية، موضحًا انه عدل نظام احتساب السعر المرجعي لليوان، ليكون اقرب الى قيمته "الفعلية"، في خطوة لقيت ترحيبًا من صندوق النقد الدولي.

كذلك ابرم البنك المركزي الصيني اتفاقات مع حوالى ثلاثين من المصارف المركزية الكبرى لتبادل عملات. ورحّب البنك المركزي الصيني الثلاثاء بإعلان صندوق النقد الدولي مع تأكيد رغبته في "تسريع الاصلاحات المالية والانفتاح".

&